الصحافة المصرية

السيارات الكهربائية في مصر ..من التعطيل إلى التوطين

الجانب البيئي، وتوطين تكنولوجيا الصناعات المختلفة أصبح قاسما مشتركا ورئيسيا في استراتيجية مشروعات الدولة، وكان أخرها توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة إنشاء مركز إقليمي لصناعة السيارات الكهربائية في مصر وفتح مجال التصدير إلى دول المنطقة.

تغير الأوضاع البيئية والصناعية

قد يكون صادم للكثيرين، معرفة أن أول سيارة كهربائية بالتاريخ تم تصنيعها عام 1947م وأطلق عليها اسم هيني كيلوات Henney Kilowatt.، وتوقف انتاجها تمامًا في عام 1961 نظرا لارتفاع تكلفة إنتاجها بالمقارنة مع تكلفة إنتاج السيارات التقليدية في ذلك الوقت.

لكن عاد التفكير فيها مجددًا بعد أزمة البترول العالمية عام 1973، وبالفعل في بداية التسعينيات كانت ولاية كاليفورنيا الأمريكية أولى المدن العالمية التي فرضت قوانين تجبر شركات صناعة السيارات على إنتاج السيارات الكهربائية بكمية لا تقل عن 10% من مجموع الإنتاج الكلي. لكن ارتفاع تكلفة تصنيعها وضعف الاقبال الشرائي عليها، دفع صانعي السيارات إلى العمل على تطوير كفاءة السيارة.

لكن مع تنوع وتطور صناعة السيارات الكهربائية، فضلا عن التوجه الدولي للحفاظ على البيئة والتوسع في استخدام الطاقة النظيفة على عكس الحال مع السيارات التقليدية، وبالفعل أصبحت أمريكا والصين وألمانيا من أكبر الدول المصنعة للسيارات الكهربائية، فيوجد حاليًا نحو مليون سيارة كهربائية في ألمانيا، بينما تمتلك الصين خططًا وطنية لتتحول إلى أكثر الدول اعتمادًا على السيارات الكهربائية.

تتجه الحكومات المختلفة تباعًا نحو التحول إلى السيارات الكهربائية دون غيرها، فقد وضعت بريطانيا خطة لحظر بيع السيارات التي تعمل بالديزل والبنزين بحلول عام 2040، وذلك بهدف الحد من 60% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2050،.وهو ما ينبئ برواج ومستقبل واعد لصناعة السيارات الكهربائية.

 مستقبل واعد.. ودعم حكومي

وعلى خطى الدول الكبرى، قررت مصر خوض غمار صناعة السيارات الكهربائية، وذلك وفقًا لتوجيهات الرئيس السيسي لتوطين صناعة وسائل النقل ومكوناتها بشكل عام في مصر، مع التركيز على مستقبل صناعة السيارات والأتوبيسات الكهربائية بشكل خاص، لما لها من بُعد اجتماعي واقتصادي وبيئي لتخفيف الأعباء عن المواطنين، من خلال انخفاض تكلفة انتاجها، واستخدام الغاز الطبيعي أو الكهرباء للسيارات كوقود متوفر محلياً واقتصادي ونظيف.

وتنفيذًا للتوجيهات وضعت الحكومة استراتيجية لصناعة السيارات، أهم محاورها دعم الشركات المصنعة للسيارات والصناعات المُغذية، بمزيد من الحوافز بالتعاون مع وزارة المالية، فضلا عن التوجه لتحويل السيارات التي تعمل بالسولار والبنزين إلى الغاز الطبيعي.

، وأكد الدكتور محمد العصار، وزير الإنتاج الحربي، أن لهذه الاستراتيجية مردودا واسعا على الاقتصاد القومي، من خلال جذب الاستثمار الأجنبي وتوفير الوظائف بخاصة بالصناعات المُغذية كثيفة العمالة. ومن المتوقع أن تدعم الدولة أيضًا مشتري السيارات الكهربائية ببعض المزايا النسبية، لدعم التحول التدريجي للسيارات الكهربائية.

وبدأت مصر بتدشين أول 12 محطة شحن للسيارات الكهربائية، بالتعاون مع محطات وطنية للوقود، التابعة للقوات المسلحة، ضمن مرحلة كبرى تشمل نشر 65 نقطة شحن على مستوى 7 محافظات، بهدف تشجيع العملاء على اقتناء السيارات الكهربائية.

فيما أزاحت وزارة الإنتاج الحربي، نوفمبر الماضي، الستار عن السيارات الكهربائية التي يتم تصنيعها في مصر بالتعاون مع شركة فوتون الصينية تحت مسمى “E -MOTION”، وهي مخصصة للسير بالنوادي والفنادق والقرى السياحية. فيما عقدت وزارة الإنتاج الحربي اتفاقية مع إحدى الشركات العالمية لإقامة مصنع لتصنيع السيارة الكهربائية بالكامل في مصر. تناسب الجمهور العادي وبحجم السيارات المتعارف عليها، تسير لمسافة 400 كيلو متر، بها كل الكماليات، ويمكنها السفر.

وسيكون لعملية التحول التدريجي لاستخدام السيارات الكهربائية مردود قوي على فاتورة دعم الطاقة بالدولة، فوفقًا لدراسة لوزارة المالية، أكدت أن عدد السيارات الملاكى الموجودة في مصر 4.7 مليون سيارة وتم افتراض عدة تصورات تتضمن أنه في حالة استبدال 25 % من السيارات العادية إلى سيارات كهرباء فستتمكن الخزانة العامة من توفير دعم وقود يصل إلى 4 مليار جنيه سنويا أما إذا تم استبدال 50 % فسيصل التوفير إلى 6 مليار جنيه أما إذا حدث واستطعنا استبدال 100 % من السيارات فسيتم توفير 13 مليار جنيها سنويا. ويعد انخفاض قيمة شحن السيارات الكهربائية، هو العوض الذي قد يدفع إلى مزيد من زيادة الاقبال الشرائية لها، وهو ما سيؤدي إلى موازنة ارتفاع السعر السوقي لها بالمقارنة بالسيارات التقليدية.

النقل الجماعي الكهربي

 ولم يكن التحول على نطاق السيارات الشخصية (الملاكي) فقط، لكن شملت الاستراتيجية وسائل النقل الجماعي، فقد دشنت وزارة الإنتاج الحربي المصرية نهاية أكتوبر الماضي، مشروع توطين تصنيع الحافلات الكهربائية لخدمة قطاع النقل والمواصلات، بالتعاون مع شركة (فوتون) الصينية. في اتفاقية تتضمن تصنيع 2000 حافلة على مدى أربع سنوات، وبنسبة تصنيع محلي تصل إلى 45%.

ويتم تصنيع أول 50 حافلة في الصين، على أن يتم تدريجيًا نقل الخبرات الصينية إلى مصنع 200 الحربي. بحيث يتم تجميع ٤٥٠ أتوبيس كهربائي خلال العام ٢٠٢٠ بمصر محليا. لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فكان لانتشار فيروس كورونا أثر سلبي في تعطيل استراتيجية الدولة الخاصة بإنتاج السيارات الكهربائية ومحطات الشحن الكهربائي، وذلك وفقًا لتصريحات وزير قطاع الأعمال المصري.

ويأمل وزير قطاع الأعمال العام هشام توفيق، في إحلال وتجديد 10 آلاف سيارة تاكسي سنويا، وقال إن مصر لديها خطة لإنتاج 25 ألف سيارة كهربائية سنويًا. فمن المُخطط تحويل 5 آلاف سيارة حكومية للعمل بالكهرباء في المستقبل القريب مع الانتهاء من البنية التحتية اللازمة. وإعداد أطقم للتدريب على الصيانة.

وقد دخلت الفكرة حيز التجريب ولاقت نجاحًا كبيرًا، فقد تم تشغيل أول أتوبيس يعمل بالكهرباء على خطوط هيئة النقل العام بالقاهرة بشكل تجريبي، منذ شهرين تقريبا، ومن المقرر أن تستمر التجربة لمدة 3 شهور منذ بداية التشغيل، وقد لاقى الاتوبيس إقبالا كبيرا وإشادة واسعة من الركاب. وحددت له خط سير يبدأ من ميدان التحرير وينتهي بالجامعة الأمريكية فى التجمع الخامس، بسعر تذكرة 10 جنيهات.

+ posts

باحث أول بالمرصد المصري

هبة زين

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى