الصحافة الدولية

خطاب “حالة الإتحاد”…بوابة الفوز في انتخابات 2020

ظهر خطاب “حالة الإتحاد” في عام 1790 استنادًا إلى الدستور الأمريكي (الفقرة الأولى من القسم الثالث من المادة الثانية) تحت مسمى “الرسالة السنوية”، ثم اتخذ اسم “حالة الإتحاد” منذ عام 1945. تكمن أهميته في كونه كاشف عن حقيقة الأوضاع على الأرض وحجم الإنجازات المحققة خلال العام الماضي وكذا السياسات التي سيتم تبنيها خلال العام الجاري. ويُمكن إعتباره حدث مميز– بخلاف مراسم تنصيب الرؤساء والجنازات الرسمية – حيث يتواجد فيها جميع فروع الحكومة الفيدرالية في ذات القاعة. ويمثل الرئيس السلطة التنفيذية، ويمثل أعضاء مجلسي النواب والشيوخ السلطة التشريعية، ويمثل قضاة المحكمة العليا السلطة القضائية.

أما بالنسبة لخطاب “حالة الإتحاد” الذي ألقاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فهو حالة استثنائية حيث ألقاه ترامب بعد يوم من إنطلاق الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي بآيوا، وقبل يوم من تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي على عملية الإدانة والعزل بحقه. وفي أعقاب إلقائه، اتجهت أغلب التحليلات إلى اعتباره خطاب ايجابي ساهم في رفع شعبية الرئيس ترامب وسط صفوف الشعب الأمريكي، وأدى كذلك إلى اتساع أرضية دعم سياساته. الأمر الذي آثار التساؤلات حول مدى قوة وإيجابية هذا الخطاب، وكذا قدرة الرئيس ترامب على قلب الأمور لصالحه و تعزيز فرص فوزه في انتخابات 2020، بالرغم من عملية الإدانة والعزل، التي من المفترض لها أن تنال من شعبية الرئيس حتى وإن أوقفها مجلس الشيوخ.

الملامح الإيجابية

قبل البدء في تناول الخطاب وتفكيك أركانه، تجدر الإشارة إلى وجود ملامح إيجابية ارتبطت بأجواء الخطاب بشكل عام، ويمكن بلورة أبرزها على النحو التالي:

  • حالة الثقة: تميز الرئيس ترامب خلال إلقاء خطاب “حالة الإتحاد” بدرجة عالية من الثقة من حيث نبرة الصوت، والأداء، واللغة الجسدية. وذلك على العكس من المتوقع، حيث أن أى رئيس يواجه عملية إدانة وعزل قد يبدو أكثر ارتباكًا وتوترًا وقلقلًأ، وبالأخص مع إلقاء خطاب على هذا القدر من الأهمية. 
  • خطاب الاعتزاز الوطني: تعمد الرئيس ترامب أن يتبنى خطاب قومي يسعى لإبراز أهم الانجازات ليس بوصفها إنجازًا لفصيل سياسي ضد الآخر، ولكن بوصفها انجازًا أمريكيًا خالصًا. وفي هذا الإطار، تجنب الرئيس ترامب الاعتماد على حالة اللوم ضد خصومه الذين ساهموا في تمرير وتضخيم عملية الإدانة والعزل. الأمر الذي وضع خطابه في إطار وطني عام بعيدًا عن تصفية الحسابات والنيل من الخصوم. ودعا ترامب إلى عهد جديد من التعاون بين الحزبين (الجمهوري والديمقراطي) لكسر عقود الجمود السياسي.
  • خطاب شعبي: يمكن القول بشكل عام، أن هذا الخطاب يعتبر بحق خطاب شعبي عام، أو خطاب لكل الأمريكيين، وليس خطاب موجه للكتلة التي يعتمد عليها الرئيس ترامب أو يستهدفها في الإنتخابات. بعبارة أخرى، لم يكن خطاب “حالة الإتحاد” موجهًا إلى كتلة “البيض المحافظين”، وإنما استهدف الوصول لكل شرائح الشعب الأمريكي توجه بالخطاب إلى ذوو الأصول الأفريقية والآسيوية واللاتينية، واشتبك مع قضياهم. كما ذكر “نعتز بمواطنينا من كل عرق ولون وديانة وأصول عرقية”.
  • الملمح الإنساني في اختيار الحضور: اتجه الرئيس ترامب إلى دعوة بعض الحضور طبقًا لما يُمكن اعتباره أبعاد إنسانية. الأمر الذي ساهم بشكل كبير في التأثير في المواطن الأمريكي. ومن بين أبرز الحاضرين: 
  • الطفلة “إليورا كيمبرليا” ووالدتها، التي ولدت قبل ميعادها بوزن يقل عن نصف كيلو.
  • الطيار الأمريكي “تشارلز ماكجي”، يبلغ من العمر مائة عام، قام بأكثر من 180 مهمة قتالية.
  • حضور والدي الفتاة الأمريكية “كايلا” التي اختطفها تنظيم “داعش”، وقتلها بعد أكثر من 500 يوم من أسرها، وعمرها لم يتعد 26 عامًا.
  • “إيلي هاكس” وابنها “جيج”، زوجة “كريستوفر هاكس” من هيئة أركان الجيش الذي خدم في العراق، قتل هو وثلاثة جنود في انفجار قنبلة.
  • حضور إيمي ويليامز – زوجة أحد الظباط المقاتلين في أفغانستان – مع أطفالها، وفاجأها الرئيس ترامب بعودة زوجها وحضوره الحدث. 
  • منح وسام الحرية الرئاسي للإذاعي “راش ليمبو”، وذلك بعد يوم واحد من الكشف عن إصابته بسرطان الرئة.

الملفات البارزة

تعمد الرئيس ترامب أثناء إلقاء خطاب “حالة الإتحاد”، بالإستناد إلى شعار “العودة الكبرى لأمريكا”، التأكيد على وفائه بالوعود التي قطعها على نفسه خلال حملته الأولى،”خلال ثلاثة أعوام قصيرة قمنا بتحطيم عقلية الانحدار الأمريكي ورفضنا تقليص مستقبل ومصير أمريكا”. كما بلور إنجازاته وعددها من خلال طرح أبرز ملفات الناحجة على أكثر من صعيد، على النحو التالي: 

  • الصعيد الداخلي:-

يمكن القول بشكل عام أن الملفات الداخلية تقع ضمن دائرة الاهتمام الأولى للمواطن الأمريكي، وبالأخص الاقتصاد. 

  • ركز الرئيس ترامب في مستهل حديثه على قضية البطالة، وكيفية قيامه بانجاز تاريخي لم تستطع الإدارات المتعاقبة تحقيقه. أشار ترامب إلى خفض معدل البطالة لدى أغلب فئات الشعب الأمريكي لأدنى مستوى منذ أكثر من نصف قرن، بما فيها المنحدرين من أصول إفريقية وآسيوية ولاتينية، وكذا المحاربين القدامى وذوي الاحتياجات الخاصة “قمنا بتوفير سبعة ملايين وظيفة”. كما لفت إلى أن الفقر وصل بين الأمريكيين من أصول إفريقية إلى أدنى مستوياته، إضافة إلى زيادة الأجور”معدل دخل الأسر وصل إلى أعلى مستوى له في تاريخ هذه البلاد”. وشدد ترامب “منذ اللحظة قمت بعمل تخفيضات ضريبية وكافحت من أجل اتفاقيات تجارية منصفة وتبادلية”. 
  • ومن بين الأمور التي تشغل بال المواطن الأمريكي هى الرعاية الصحية، ذلك الملف الذي لطالما استغله الحزب الديمقراطي لتعزيز شعبيته وضرب شعبية الجمهوريين. لذلك استضاف ترامب بالحديث عن الرعاية الصحية، مشيرًا إلى أن “الحياة الطيبة للأسرة تتطلب نظام رعاية صحية جيد”، موضحًا أنه استطاع أن يخفض تكاليف الرعاية الصحية لأكثر من 60%. مؤكدًا على كفالة الرعاية الصحية للمسنين والأطفال، وذوو الأمراض المستعصية، مع العمل على خفض أسعار الأدوية. ودعا في هذا الإطار الكونجرس إلى إصدار تشريعات تمنع توفير الرعاية الصحية للمهاجرين غير الشرعيين.
  • أما فيما يتعلق بالهجرة، أكد ترامب أن السياسة التي إتبعها بشأن ملف الهجرة غير الشرعية واللجوء ساهمت في عمليات ضبط المخدرات، وكذا ضبط المجرمين، بجانب خفض معدلات الإجرام والإتجار بالبشر والعبور غير القانوني. ودعا ترامب إلى “تشريعات تؤطر نظام هجرة جديد مبني على الاستحقاق”، مؤكدًا الترحيب بمن يلتزمون بالقانون ويدعمون أنفسهم ماليًا ويحترمون القيم الأمريكية.
  • بالرغم من أن موقف الرئيس ترامب من قضايا المناخ كان موضع جدل كبير بسبب تخلي الولايات المتحدة عن إلتزاماتها في هذا الصدد، لم يقم ترامب بتجاهل الحديث عنه، وإنما دفعه في اتجاه آخر يُظهره بمظهر المهتم والمدافع عنه. حيث تجنب الحديث عن انسحاب الولايات المتحدة من إتفاقية باريس للمناخ، وتحدث عن انضمام الولايات المتحدة لمبادرات بيئية جديدة كمبادرة “تريليون شجرة”، لزرع أشجار جديدة في أمريكا وفي كل أنحاء العالم.
  • فيما يتعلق بملف التعليم، الذي يشغل بال أغلب الشباب الأمريكي، الذي اتجهت بعض التحليلات إلى إعتباره بات أكثر مليًا لما يُمكن وصفه بــــــ”دولة الرفاه” على شاكلة دول الاتحاد الأوروبي. اتجه الرئيس ترامب إلى تبني سياسة ترفع من أسهمه بين الشباب الأمريكي، حيث قام بدعوة أحد الأطفال التي تنتظر على قوائم الانتظار للحصول على منحة دراسية لحضور الخطاب، وأبلغها بتوفير منحة خاصة بها.  ودعا ترامب الكونجرس لاعتماد تشريعات خاصة بفرص التعليم وقال “لا يجب على والد أن يرسل ابنه أو ابنته إلى مدرسة حكومية فاشلة”. وأضاف “لتوسيع الفرص المتكافئة، يسرني أن أقول إننا حققنا سجلًا في مجال تمويل الكليات والجامعات للطلاب السود”.
  • السياسة الخارجية والدفاع:

لطالما اتخذت الأمور المرتبطة بالسياسة الخارجية والدفاع مكانة متقدمة لدى الشارع الأمريكي، وبالأخص مع تزايد تأثيراتها على الساحة الداخلية منذ أحداث 11 سبتمبر. 

  • دافع ترامب عن سياسته الخارجية، ولم يغب الإرهاب عن خطابه، وقال إن إدارته “تدافع بقوة عن أمننا القومي وتحارب الإرهاب الإسلامي المتشدد”. مشيرًا إلى انحصار دولة خلافة تنظيم داعش ومقتل زعيمه أبو بكر البغدادي بعملية اعتبرت انتقامًا لللفتاة الأمريكية كايلا. ووجه ترامب رسالة للإرهابيين “لن تهربوا أبدًا من العدالة الأمريكية، إذا هاجمتم مواطنينا فأنتم تعرضون حياتكم للخطر”.
  • أما فيما يتعلق بالقضية الإيرانية التي برزت لفترة طويلة كدليل على إخفاق السياسة الخارجية لترامب، استطاع ترامب أن يحرز تقدم معقول على هذا الصعيد، دافعًا إيران إلى التهدئة في أعقاب مقتل قائد فيلق القدس “قاسم سليماني” الذي ساهم في قتل العديد من الأمريكيين، معتبرًا إياه الإرهابي رقم واحد في العالم. 
  • وعن علاقات الولايات المتحدة مع الصين، التي لطالما تسببت في خلق بعض أصوات المعارضة الداخلية بسبب تأثيراتها على الأوضاع الاقتصادية، حاول ترامب أن يبرز نجاحه في هذا الصدد متمثلًا بوضع أطر جديدة للتعاون التجاري بين الولايات المتحدة والصين. حيث قال “لقد نجحت استراتيجيتنا”، متحدثًا عن اتفاقاته التجارية الأخيرة مع الصين، وكذا كندا والمكسيك، مضيفًا “لدينا أفضل علاقة مع الصين”، التي يمكن اعتبارها رسالة طمأنة للداخل بأن الحرب الاقتصادية لن تتجدد.
  • وفيما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط، تطرق ترامب إلى خطة السلام، المعروفة بـــــ”صفقة القرن”، بطريقة عابرة دون تفاصيل، كونها تسببت في حالة انقسام داخلية في أعقاب الإعلان عنها. موضحًا أن” كل المحاولات السابقة فشلت، يجب أن نعمل على مستقبل المنطقة ومنح الملايين هناك مستقبلًا أفضل”.
  • وبدافع من معاناة الشعب الأمريكي من الحروب التي تودي بحياة مئات الأمريكيين وتفكيك مئات الأسر، أكد الرئيس ترامب على إنهاء هذه المعاناة. قائلًا “نعمل على إنهاء الحروب الأمريكية في الشرق الأوسط وأفغانستان”. وأضاف “نحن نعمل كي ننهي أطول حروب أمريكا وأن نعيد قواتنا إلى بلادنا”.
  • وعن ملف كوريا الشمالية، الذي لا يزال ملف عالق لم يحقق فيه ترامب الإنجاز المطلوب بعد. حاول ترامب أن يوضح أى إنجاز بشأنها، حيث قال ترامب إنه سيقابل زعيم كوريا الشمالية في فيتنام في 27 من الشهر الجاري. مضيفًا “عاد الرهائن الأمريكيون إلى وطنهم، توقفت التجارب النووية، ولم يطلق صاروخ واحد منذ 15 شهرًا”،  لافتًا إلى “لو لم اُنتخب رئيسًا، لكنا نخوض حربًا هائلة ضد كوريا الشمالية”.
  • وفيما يتعلق بالأزمة الفنزويلية التي لم تنتهي بعد، تعمد الرئيس ترامب دعوة المعارض الفنزويلي خوان جوايدو للتأكيد على أن اهتمامه بهذه القضية لم ينتهي ولن يسمح باستمرار الأنظمة الإشتراكية، وكذا لتجاوز التعليقات التي تربط بين الرئيس ترامب ودعم الأنظمة الديكتاتورية. قال ترامب أن “مادورو زعيم غير شرعي، طاغية يُعامل شعبه بوحشية”، مشددًا على أن “قبضة” مادورو “سيتمّ تحطيمها وتدميرها”.
  • أما عن قيادة الولايات المتحدة للعالم، أكد ترامب على أن هدفه يكمن في استعادة قيادة الولايات المتحدة للعالم. ولفت إلى “أن أعداء أمريكا” باتوا “يهربون وحظوظ أمريكا تزداد ومستقبلها مشرق جدًا”. أكد ترامب “اقتصادنا في أفضل وضع، وجيشنا أعيد بناؤه كلية وقوته لا تضاهيها أي قوة في العالم”، مضيفًا “أقول لشعب بلادنا العظيم ولأعضاء الكونجرس حالة اتحادنا أقوى من أي وقت مضى”. واختتم خطابه بأن “الولايات المتحدة ستكون أول دولة ترفع العلم على سطح المريخ”.

الملفات المسكوت عنها

بالرغم من تعدد الملفات التي تناولها الرئيس ترامب في خطابه الذي تجاوزت مدته الساعة، إلا أنه يبدو أنه رغب في تجاهل ملفات بعينها، ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى 3 ملفات رئيسة:

  • قضية الإدانة والعزل: اتجهت بعض التحليلات إلى اعتبار تجاهل ترامب للحديث عن قضية الإدانة والعزل تجاهل مقصود، والغرض منه إرسال رسالة مفادها أن هذا الملف محدود الأهمية والتأثير ولا يشغله على الإطلاق. بعبارة أخرى، ظهر ترامب كمشغول وحريص على عرض انجازاته باعتبارها الملف الأهم، مع تجاهل ملف الإدانة والعزل باعتباره ملف عديم الأهمية ونتيجته محسومة مسبقًا. لكنه حاول الخوض في مسألة الإتهامات بطريقة غير مباشرة، حيث اتهم ما وصفه بـ “التحقيقات الحزبية السخيفة” بالتأثير سلبًا على المكاسب الاقتصادية، في إشارة منه للتحقيقات التي تُجرى بشأن مزاعم تعاون حملة ترامب مع روسيا لتغيير نتائج الإنتخابات الأمريكية.
  • الجيل الخامس والذكاء الإصطناعي: يمكن اعتبار ملف الجيل الخامس والذكاء الإصطناعي ملف عالق، لم يحرز فيه ترامب التقدم المطلوب بعد. لم يشر ترامب خلال خطابه إلى البدائل التي سيقدمها بعد حظر شركة “هواوي”، كما لم يوضح السياسة الأمريكية بشأن الذكاء الإصطناعي، سواء من حيث تطوير السياسة التعليمية أو ما يتعلق بمستقبل سوق العمل.
  • السلطة القضائية: أحرز الرئيس ترامب نجاحات كبيرة تتوافق مع الوعود التي قطعها على نفسه خلال حملته الإنتخابية في ملف القضاء. حيث تعهد ترامب للناخبين المحافظين بتسمية قضاة تتوافق مواقفهم مع قيمهم، كما تعهد بتفويض عملية الاختيار القضائي إلى الجمعية الفيدرالية The Federalist Society. وهو ما قام به بالفعل، حيث قام بتعيين187 قاضيًا أغلبهم من الرجال البيض. خلال الخطاب ذكر ترامب فقط القاضيين اللذين تم تعيينهما في المحكمة العليا فقط، متجنبًا الحديث عن تعيين أكبر عدد من القضاه المحافظين. وقد يرجع السبب في ذلك إلى اعتبار هذا الملف مثيرًا للجدل والانتقاد بالرغم من كونه انجازًا له ووفاءًا بالوعود الإنتخابية. 

تزايد فرص الفوز

أشارت أغلب التحليلات وإستطلاعات الرأي إلى تزايد شعبية الرئيس ترامب في أعقاب خطاب “حالة الإتحاد”، واعتباره سبب رئيسي في تمهيد الطريق لترامب للفوز في الإنتخابات القادمة 2020. إلا أنه لا يمكن النظر إلى نجاح الخطاب بانفصام عن الظروف المحيطة والواقع الأمريكي. ذلك أن نجاح الخطاب لم يأتي فقط من قدرة ترامب على استخدام لغة وأسلوب مؤثرين، وإنما من وجود محفزات واقعية أيضًا، يمكن إجمال أبرزها على النحو التالي:

  • خطاب مقترن بحقائق: خطاب ترامب ليس مجرد خطاب فارغ من الحقائق، وإنما خطاب حقيقي استند في أغلبه على وقائع وإنجازات تمت على أرض الواقع، وشعر بها المواطن الأمريكي. هذه الإنجازات الواقعية أضعفت خطاب المعارضة، وقللت قدرته على التأثير. 
  • الاستهداف الشخصي: شهدت الساحة الأمريكية حالة واسعة من الشخصنة، اعتمدت دومًا على الاستهداف المباشر لشخص الرئيس، وليست معارضة للسياسات أو التحركات السياسية. الأمر الذي استغله ترامب، واستطاع من خلاله قلب الأمور لصالحه من خلال استخدام خطاب يؤكد على استهدافه، واعتباره محاولات للانقلاب، وتجاهل لتصويت المواطن الأمريكي، بل وتهديد الديمقراطية الأمريكية في جوهرها. الأمر الذي أدى إلى اتساع شعبيته وتزايد التعاطف معه.
  • فشل البديل الديمقراطي: أدى خطاب ترامب إلى تزايد شعبيه لعدم وجود بديل على نفس القدر من الثقة والكاريزما. يعاني الحزب الديمقراطي مما يُمكن وصفه بـــــ”حالة انقسام داخلي”، فضلًا عن تواضع أداء المرشحين الديمقراطي، واهتزاز الخطاب الديمقراطي. بعبارة أخرى، فشل الحزب الديمقراطي في إيجاد البديل المناسب لترامب، سواء على مستوى الخطاب أو المرشح المناسب في انتخابات 2020. وحتى مشهد تمزيق نانسي بيلوسي – رئيسة مجلس النواب الأمريكي – لخطاب الرئيس ترامب، ساهم في خفض أسهم الديمقراطيين مقابل تصاعد أسهم ترامب. 
+ posts

رئيس وحدة الدراسات الأمريكية

د. مها علام

رئيس وحدة الدراسات الأمريكية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى