
نون النسوة في “مبادرات الرئاسة الصحية” …ملامح وايجابيات

من أجل تحقيق استراتيجية المرأة 2030 وما تحمله من رؤية في أن تصبح المرأة المصرية فاعلة رئيسية في تحقيق التنمية المستدامة باعتبار صحتها استثمارا في خطة التنمية نظرًا لأن سلامة صحة المرأة، خاصة السيدات في سن الانجاب تؤثر على الحالة الصحية لأطفالها وعلى أحوالهم المعيشية بشكل عام؛ لذا طرحت القيادة السياسية سلسلة مبادرات للارتقاء بالصحة العامة ومن بينها مبادرة “صحة السيدات الحوامل” المُنطلقة خلال شهر يناير الجاري ، وذلك لكشف وعلاج الأمراض لدى الأم ومنع انتقالها إلى الجنين، وفقًا لأعلى المعايير المتطورة للكشف والعلاج بما يراعي صحة وسلامة الأم والجنين.
مبادرة «صحة السيدات الحوامل»
تأتي مبادرة «صحة السيدات الحوامل» ضمن «100 مليون صحة»، واستعدادا لإطلاق هذه المبادرة سيتم وضع خلال الفترة المقبلة آليات فحص الحوامل من الأمراض المتنقلة من الأم للجنين مثل «الزهري، وفيروس بي» وذلك على أساس علمي، كما يعتمد على قاعدة بيانات الخاصة بها.
ومن المتوقع استمرار المبادرة بشكل دائم على غرار «صحة المرأة»، وسيتم بالمحافظات مقدمة الفحص والعلاج بالمجان لحماية السيدات الحوامل وأطفالهم في المستقبل.
وتهدف توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي لإطلاق مبادرة لـ«صحة السيدات الحوامل»، إلى القضاء على جميع الامراض الوراثية من منبعه أي الأم، لمعالجة الأمراض من بدايتها، مما يوفر أموالا كثيرة على الدولة مستقبلا، وذلك من أجل أن يخرج جيل صحي وسوي، خاصة وأن هناك أمراضا وراثية مثل أمراض النخاع، وتجنبا للآثار الجانبية خلال فترة الحمل ومنعا للانتقال الامراض للجنين؛ فمثل تلك المبادرات تسعى للقضاء على مثل هذه الأمراض.
وطبقا لما تكشفه دراسة بعنوان “مساهمات الأم في نمو وصحة الطفل” التي أصدرتها “جمعية العيوب الخلقية” ضمن دوريتها الشهيرة “بيرث ديفيكتس ريسيرش جورنال” (Birth Defects Research Journal ) تناولت خلاله عديدا من الأبحاث المتعلقة بـ”تشوهات الولادة”، تبين أن الأم تنقل لجنينها أثناء الحمل كثيرا من الجزيئات والميكروبات والخلايا، ما يؤثر بدرجة كبيرة على نمو مخ الجنين وقلبه وجهازه المناعي، فضلًا عن أن أي خلل في عملية انتقال هذه الجزيئات والميكروبات والخلايا قد يزيد مخاطر الإصابة بالتشوهات والأمراض عند الولادة، بداية من إصابة الطفل بحساسية الطعام وانتهاء بإصابته بمرض انفصام الشخصية (شيزوفرنيا).
ويقول “باتريك جاي” -أستاذ طب الأطفال بجامعة واشنطن في كلية طب “سانت لويس”، : “إن “العلاقة الوثيقة بين الأم وجنينها قد تؤدي إلى مشكلات كبيرة للجنين؛ فعلى سبيل المثال، نجد أن إصابة الأم بالبول السكري تؤثر بشكل مؤقت خلال فترة الحمل، وينعكس ذلك على بعض الأوعية الدموية التي تغذي المشيمة، وبالتالي تغذي الطفل، ما قد يترك أثرًا على خلايا المخ أو نمو الطفل أو بعض أعضائه أحيانًا، ولهذا فإن التحكم في البول السكري للأم في أثناء الحمل في غاية الأهمية لحماية الجنين”.
وتعد التفاعلات بين بيئة رحم الأم وجينات الأجنة معقدة جدّا، ولكن دراستها تتيح فرصًا هائلة لتجنُّب الأمراض التي يصعب علاجها بعد الولادة”، لذا فإن الدولة لجأت إلى تلك المبادرات التي تهتم بصحة المرأة، خاصة مبادرة «صحة السيدات الحوامل» التي تتعامل حول التأثيرات التي تُلحِقها الأمهات بأجنتها داخل الرحم.

عنصر الوحدة المتنقلة
من أجل تمكين المرأة المصرية من استحقاقاتها في شتى ميادين العمل، وتوفير الرعاية الصحية لها، تستضيف وزارة المالية، «وحدة متنقلة» للمبادرة الرئاسية لصحة المرأة، بالتنسيق مع وزارة الصحة خلال الفترة من 24 ديسمبر2019 إلى 6 يناير الجاري تيسيرا على الموظفات فيما يسهم في توفير الرعاية الصحية لهن، وتشجعيهن على الإسراع بإجراء الفحوصات الطبية اللازمة للاطمئنان على حالاتهن الصحية. فيما جذبت «الوحدة المتنقلة» للمبادرة الرئاسية لصحة المرأة إقبالًا كبيرًا من «الموظفات» على إجراء الفحوصات الطبية لما توفره من وقت وجهد وهذا ما يعود بمردود إيجابي على إنهاء قوائم الانتظار في الكشف عن الأمراض غير السارية، وكذلك الجراحات الحرجة.
وعقدت وحدة «تكافؤ الفرص» بوزارة المالية، عددا من الندوات التثقفية التي تستهدف توعية الموظفات بأهمية المشاركة الإيجابية في المبادرة الرئاسية لصحة المرأة المصرية، التي تعد أحد مسارات توفير الرعاية الصحية المتكاملة للمواطنين.
جهود الدولة المصرية
تبذل الدولة المصرية بتوجيهات الرئيس السيسي جهودا ملموسة لتوفير الرعاية الصحية المتكاملة لكل المصريين، خاصة الاهتمام بصحة المرأة من خلال إطلاق نظام التأمين الصحي الشامل، وعدد من المبادرات الرئاسية التاريخية، ونتناول أهم المبادرات التي اهتمت بقضايا المرأة؛ فيما يلي.

- مبادرة «صحة المرأة».. انطلقت في يوليو الماضي، رافعة شعار «الست المصرية هي صحة_مصر» وتعتبر من ضمن فاعليات مبادرة «100 مليون صحة» التي تستهدف الكشف المبكر عن أورام الثدي للسيدات وإجراء الفحص الذاتي والدوري، والكشف عن أمراض الضغط والسكر والسمنة وتقديم التوعية بالمجان لما يقرب من 28 مليون امرأة بالجمهورية. ويتم من خلال هذه المبادرة توفير العلاج وفق أعلى البرتوكولات العلاجية المعمول بها فى علاج الأورام مع الكشف عن الضغط والسكر والسمنة وتنظيم الأسرة.
بالإضافة إلى الكشف عن الأمراض غير السارية (السكر والضغط والسمنة)، وأمراض القلب وهشاشة العظام. وتم تنفيذها خلال ثلاثة مراحل للكشف على «فيرس سي»، وذلك بالتنسيق بين المستشفيات الحكومية والجامعية والخاصة بمختلف المحافظات. استهدفت المرحلة الأولى من المبادرة 8 ملايين سيدة فوق سن 35 عامًا، وسيكون للسيدات فحص دوري كل عام، لذا عملت الوزارة على إعداد برامج تدريبية للأطقم الطبية من العاملين في المبادرة بالمحافظات التسعة بتلك المرحلة وذلك بالتنسيق مع مستشفى معهد ناصر، ومستشفى قصر العيني. كما تم الإعلان عن تصميم تطبيق إلكتروني على الهواتف المحمولة لسرعة وسهولة التواصل مع المرضى ومن خلال التطبيق سيتم إعداد ملف خاص بالتاريخ المرضي وإرسال نصائح توعوية.
- مبادرة «100 مليون صحة».. انطلقت في 30 سبتمبر من عام 2018، على ثلاث مراحل شملت كافة أنحاء محافظات الجمهورية؛ وذلك من أحل القضاء على «فيروس سي»، حيث تم استهداف حوالي أكثر من 50 مليون مواطن من خلال تكليف كافة قطاعات الدولة بالمشاركة وفى مقدمتها وزارة الصحة والسكان، وذلك بتقديم الدعم الكامل لتلك المبادرة.
- مبادرة «دعم صحة المرأة».. استهدفت هذه المبادرة النساء من سن 18 سنة ودون حد أعلى؛ للكشف المبكر عن سرطان الثدي والكشف المبكر عن أمراض السكر والضغط وعلاجها، والتقييم والعلاج من خلال مراكز علاج الأورام، علاوة على الاهتمام بالصحة الإنجابية للسيدات في عمر الإنجاب. وتم تنفيذها عبر 3 مراحل في نوفمبر 2019، وخلالها تم تجهيز 190 مركز طب أسرة في ربوع القاهرة مجهزة بأجهزة الكشف والأشعة المتطورة وفريق كامل من الأطباء والتمريض لاستقبال جميع السيدات داخل محافظة القاهرة.
- مبادرة «أنتِ الأساس».. للكشف المبكر على سرطان الثدي وعن أورام الثدي في تسع محافظات، تشمل كل من (جنوب سيناء ودمياط وبورسعيد والإسكندرية ومطروح والبحيرة والفيوم وأسيوط والقليوبية)، وتؤدى جميع الخدمات للسيدات بالمجان. وتقدم الخدمات الخاصة بالمبادرة فى الوحدات الصحية المنتشرة في أرجاء المحافظات التسعة. كما تستهدف الحملة العلاج والتوعية الكاملة بمسببات المرض وآليات الفحص الذاتي للمنتفعات من سن 18 عاما.
ويستفيد من المبادرة ما يقرب من 28 مليون سيدة بالجمهورية، ويشارك فى المرحلة الأولى 1030 فريق طبى من السيدات، ولن يكون بينهم أي أطباء رجال مطلقا بمعنى أن الفرق التي ستتولى الفحص للكشف المبكر عن سرطان الثدي جمعها من السيدات على مستوى الأطباء والتمريض والفنيين.
وإضافة إلى ذلك أطلق عدد من مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص والجمعية المصرية لتنظيم الأسرة، وجمعية «صبايا مصرية» للتنمية والتوعية والتنوير بالتعاون مع مؤسسة «دي كيه تي»، حملة «أمان» لدعم وتوعية الأمهات بأهمية التخطيط لحياتهن وخاصة بالنسبة للإنجاب، ومحاولة توضيح تأثير الإنجاب دون تخطيط على صحة المرأة واستقرار الأسرة، والتعريف بالوسائل الحديثة لتنظيم النسل، وكيفية تفادى فشل الوسائل الطبية في ذلك.
ومن أهم أهدف حملة «أمان» هو محاربة المفاهيم الخاطئة لدى النساء عن طرق استخدام وسائل منع الحمل والعوامل المؤثرة على كفاءتها؛ فهناك العديد من الوسائل قد تكون غير مناسبة للبعض ولها آثار جانبية. فضلًا عن تكثيف وإعداد حملات توعية بجميع وسائل الإعلام، للإعلان عن الخدمات الصحية التي تقدمها المبادرة.
وفي إطار الاهتمام بصحة الإنسان، أطلقت القيادة السياسية عديد من المبادرات والتي منها:
- مبادرة «عنيك في عنينا».. انطلقت هذه المبادرة لمكافحة مسببات العمي، التي تنفذها إحدى شركات الدواء المصرية، بالتعاون مع مؤسسة “صناع الخير” للتنمية، في توقيع الكشف وفحص عيون 2204 مواطنين في أربع محافظات تشمل نطاقات الجمهورية المختلفة، وتحويل 582 حالة لعمل نظارات طبية، خلال شهر يونيو بالعام الماضي وذلك من خلال قوافلها التي نظمتها في شمال مصر بمحافظة البحيرة وأقصى جنوب مصر بأسوان وفي محافظة الدقهلية بالوجهة البحري والفيوم شمال الصعيد.
- مبادرة «نور الحياة».. تهدف المبادرة إلى المكافحة والعلاج المبكر لأمراض ضعف وفقدان الإبصار وفقًا لقرر الرئيس عبد الفتاح السيسي تخصيص مبلغ مليار جنيه من صندوق “تحيا مصر” في خلال 3 أعوام لتنفيذ المبادرة في جميع محافظات الجمهورية.
- مبادرة «إنهاء قوائم انتظار الجراحات الحرجة والعاجلة».. في إطار توجيهات السيد رئيس الجمهورية بسرعة إنهاء قوائم انتظار مرضى الجراحات والتدخلات الطبية الحرجة، خلال فترة زمنية 6 أشهر ومجاناً، مع مراعاة الحالات الحرجة، وقد تصل التكلفة إلى أكثر من مليار جنيه، وتستمر خلال ثلاث سنوات من وقت انطلاقها. وتشمل المبادرة علاجات كـ (جراحة القلب، القسطرة القلبية، وزراعة القوقعة، والعظام، وزراعة الكبد، وجراحات المخ، وجراحات الرمد).
- مبادرة «تنمية الطفولة المبكرة».. إدراكاً من وزارة التضامن الاجتماعي بأهمية مرحلة الطفولة المبكرة وتشجيعاً للمرأة المصرية لنزول سوق العمل، للتعامل مع حقوق واحتياجات الطفل في الفئة العمرية من 0 – 4 سنوات وهي فترة ما قبل الالتحاق بالتعليم الأساسي.
- مبادرة «اثنين كفاية».. يعمل البرنامج على الحد من الزيادة السكانية بين الأسر المستفيدة من برنامج تكافل، ويأتي ضمن التدخلات الرئيسية التي تتخذها وزارة التضامُن الاجتماعي من أجل تحقيق رؤيتها في تحقيق التنمية الاجتماعية الشاملة لهذه الأسر. ويهدف إلى رفع وعي السيدات بمفهوم الأسرة الصغيرة وتطوير عيادات تنظيم الأسرة التابعة للجمعيات الأهلية، إلى جانب بناء قدرات الكوادر العاملة في مجال تنظيم الأسرة على مستوى المحافظات المستهدفة وتنفيذ حملات توعية محلية وقومية للتوعية بالقضية السكانية. ويستهدف المشروع القيام بـ 342 ألف زيارة “طرق أبواب” لعمل التوعية المباشرة بإجمالي 4 ملايين زيارة خلال مدة تنفيذ المشروع.
- مبادرة «الكشف عن الأنيميا والتقزم والسمنة لطلاب المدارس».. في فبراير بالعام الماضي، انطلق المبادرة من قبل وزارتي التربية والصحة، مبادرة المسح القومي لأمراض الانيميا والسمنة والتقزم بين طلاب المدارس الابتدائية الحكومية الرسمية والرسمية المتميزة والخاصة. وتهدف المبادرة إلى نحو 11 ونصف مليون طالب وطالبة، خاصة أنها تستهدف طلاب المرحلة الابتدائية في ما يزيد على 22 ألف مدرسة في 27 محافظة.
- مبادرة «علاج ومكافحة فيروس سي».. أطلق رئيس الجمهورية هذه المبادرة للقضاء على فيروس “سي” من خلال منظومة مصرية تحقق لمصر القضاء على الفيروس وآثاره السلبية على حياة الإنسان وإنتاجيته وحقه في الحياة الكريمة وتظهر أهمية برنامج مكافحة وعلاج فيروس سي من خلال حجم الوضع الوبائي للفيروسات الكبدية B وC في مصر. وقد وصلت تكلفة المبادرة إلى 200 مليون جنيه وذلك من أجل تحقيق ما تهدف إليه الوصول إلى النسب العالمية للإصابة بفيروس سي، وإنشاء نموذج متميز لوسائل العلاج يمكن تصديره على مستوى القارة.