الصحافة الدولية

الحزب الديمقراطي..هل من فرص لهزيمة “ترامب” في معركة 2020؟

يستعد الحزب الديمقراطي الأمريكي ويتأهب للمنافسة في السباق الرئاسي القادم 2020 من خلال البحث عن مرشح لديه شعبية وشخصية كاريزمية تمكنه من مواجهة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب. بدأت الحملات الإنتخابية داخل الحزب الديمقراطي في عام 2018 بطرح ما يقرب من 26 مرشحًا، ثم توالت الانسحابات حتى وصل عدد المرشحين إلى ما يقرب من 15 مرشحًا، مع إمكانية انضمام مرشحين آخرين إلى المعركة الانتخابية خلال هذه المرحلة المتأخرة. وارتباطًا بذلك، يُخيم على الحزب الديمقراطي ملمحين رئيسيين، الأول: يتعلق بحالة التزاحم الشديدة للمرشحين بساحة الحزب الديمقراطي، والثاني: ما يُمكن وصفه بـــ”الانقسام العميق” بشأن أبرز القضايا والملفات. الأمر الذي يطرح تساؤلات عديدة حول قدرة الحزب الحقيقية على الانتصار خلال السباق الرئاسي القادم 2020.

إشكاليات الحزب الديمقراطي

تتجه بعض التحليلات من خلال قرائتها الأولية إلى تواضع أداء الحزب الديمقراطي، ومن ثم ضعف فرص فوز مرشح ينتمي إليه خلال الانتخابات الرئاسية 2020. لذلك كان لزامًا النظر في إشكاليات الحزب الديمقراطي التي تسببت في تراجع أدائه وإضعاف فرصه. وفيما يلي أبرز هذه الإشكاليات:-

  • يتسم الحزب الديمقراطي بإتساع أرضيته الفكرية، الأمر الذي يعني في جزءٍ منه عدم تجانس الرؤى وتباين الأفكار والأطروحات بين أعضاء الحزب.  في مقابل الرئيس ترامب الذي يتبنى خط سياسي واضح يستهدف من خلاله “البيض المحافظين”.
  • عدم الاتساق بين فلسفة السياسات التي يتبناها الحزب وبين تأثيراتها على أرض الواقع، بمعني أنه يتبنى سياسات تبدو في فلسفاتها أنها تتجه للقواعد الشعبية في حين أن تأثيراتها تخدم الشركات والمؤسسات المالية الكبرى. على عكس الرئيس ترامب الذي يتبنى سياسات تبدو أنها لا تقع في مصلحة القواعد الشعبية، إلا أنها تصب بشكل مباشر في صالحها مثل سياسته المرتبطة بالهجرة التي ساهمت في خفض نسب البطالة وبالأخص لدى المواطنين محدودي المهارات. 
  • لا يُجيد الحزب القدرة على التحفيز المستمر للقطاعات التي يُعول عليها ويستند إليها في الإنتخابات كالسود والملونين- وبالأخص خلال السباق الجاري، باعتبار أنها قطاعات ذات أصوات مضمونة. في مقابل الرئيس ترامب الذي يجيد توظيف الخطابات المحفزة بشكل مستمر للقطاع الذي يستهدفه “البيض المحافظين”.
  • الدفع بعدد ضخم من المرشحين يدلل بقوة على حالة الانقسام العميقة التي تضرب أروقة الحزب وتضر صورته على الساحة السياسية. في مقابل توافق الحزب الجمهوري بشأن الرئيس ترامب حتى في ظل قيام ثلاثة من الحزب الجمهوري بترشيح أنفسهم في مواجهة ترامب.
  • تتمثل إحدى الأزمات الكبرى في أن نسب التأييد المرتفعة تذهب إلى من يتخطون السبعين عام، حيث يبلغ جو بايدن 76 عامًا، وبيرني ساندرز 77 عامًا، وإليزابيث وارين 70 عامًا، في حين تقل نسب التأييد لأصحاب الأعمار المتوسطة ممن تقل أعمارهم عن الخمسين مثل بيتو أروروك 46 عامًا، أو كوري بووكر 49 عامًا.
  • وبالنظر إلى الأزمة الأوكرانية، فإنها لم تضر بصورة الرئيس ترامب فقط، وإنما أضرت أيضًا بالمرشح الديمقراطي جو بايدن صاحب الحظ الأوسع في المنافسة في الإنتخابات الرئاسية 2020.
  • وفيما يتعلق بملف الإدانة والعزل الذي استطاع الحزب الديمقراطي أن يمرر التصويت عليه بمجلس النواب، فقد يساهم هذا الأمر في تراجع شعبية الحزب الديمقراطي بوصفه يسعى ويتآمر للإطاحة بالرئيس الجمهوري أكثر من اهتمامه بتقديم أطروحات وأفكار تمس المواطن الأمريكي، وما يدلل على ذلك هو تصويت 3 مندوبين ديمقراطيين بالرفض. في مقابل قدرة ترامب على استخدام خطاب جذاب يصور الأمر كمؤامرة وإنقلاب على الديمقراطية الأمريكية.
  • وأخيرًا، اعتاد مرشحو الحزب الديمقراطي على انتقاد سياسة الرئيس ترامب الخارجية دون تقديم بدائل واضحة قابلة للتطبيق. حيث تحول موقف مرشحو الحزب إلى ما هو أشبه بالشعارات دون طرح سياسات واقعية. 

فرص الإنتصار

في ظل تعدد الإشكاليات التي تواجه الحزب الديمقراطي يبدو تضاءل فرصه للانتصار في المعركة الإنتخابية 2020، وذلك على الرغم من تركيز الحزب الشديد على تسويق الاخفاقات التي تسببت فيها إدارة ترامب داخليًا وخارجيًا، بجانب العمل على تسريع وتيرة عملية الإدانة والعزل لتقليل فرص فوزه في الإنتخابات القادمة. إلا أنه لازالت هناك فرص لتغيير المعادلة القائمة وزيادة فرص فوز مرشح عن الحزب الديمقراطي خلال الإنتخابات القادمة.

قد يساهم الترشح الفعلي للملياردير مايكل بلومبرج في تعزيز فرص الحزب الديمقراطي بالاستناد إلى قدرته على توظيف أدواته المالية والإعلامية لتعزيز فرصه، بجانب تاريخه الإيجابي كعمدة لنيويورك، ودوره الواسع في الأعمال الخيرية. إلا أن هناك بعض نقاط الضعف التي قد تُضعف فرصه كـــــــ(تغير موقفه من الترشح، تأرجح انتماءاته الحزبية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، إصدار تصريحات تم اعتبارها كعنصرية ضد السود حينما كان عمدة نيويورك).  

كما قد يساعد تكوين تكتلات جديدة – بين مرشحين الأربعة الأوفر حظًا وفقًا لاستطلاعات الرأي – على إعادة صياغة المشهد، بحيث يتحد كلُ من بيرني ساندرز وإليزابيث وارين بحكم أن سياستهما تميل باتجاه اليسار. فضلًا عن تحالف جو بايدن وبيت بوتيجيج بحكم أن سياستهما أكثر ليبرالية.الأمر الذي قد يُساهم في جمع أكبر عدد من الأصوات باتجاه المرشح الديمقراطي.

وأخيرًا، قد يتجه الحزب الديمقراطي – في اللحظات الآخيرة – إلى الدفع بمرشح جديد يكون له القدرة على منافسة الرئيس ترامب. وسيكون من شأن هذه الخطوة تجنب النقاط السلبية المرتبطة بالمرشحين الآخرين كالأزمة الأوكرانية التي طالت سمعة جو بايدن ونجله، وتجنب الخطاب الإصلاحي اليساري الذي قد يكون غير مناسب للمواطن الأمريكي والذي يطرحه كل من وارين وساندرز.

+ posts

رئيس وحدة الدراسات الأمريكية

د. مها علام

رئيس وحدة الدراسات الأمريكية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى