مكافحة الإرهاب

وثائق الاستخبارات الإيرانية.. طهران تدعم العنف الطائفي بالعراق مع بداية الغزو الأمريكي (الحلقة الثانية)

تم ارسال ما يقرب من 700 صفحة من التقارير التي تم تسريبها بشكل مجهول إلى موقع “ذا انترسبت” الأمريكي، الذي ترجمها من الفارسية إلى الإنجليزية ومشاركتها مع صحيفة “ذا نيويورك تايمز” وفي هذه الرسائل المجهولة، قال مصدرها إنه يريد “إعلام العالم بما تفعله إيران في بلده العراق”.

وتكشف هذه الحلقة عن الوثائق علاقات طهران برئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي، واستغلالها للمعلومات التي كانت تصلها من مصادرها في مواقع الحكم المختلفة بكل السبل الممكنة التي تتعدى الجانب السياسي.

إيران دعمت أعمال عنف بعد الغزو الأمريكي

تظهر الوثائق المُسرّبة من وزارة الاستخبارات الإيرانية إن أعمال العنف الطائفية التي بدأت مع الغزو الأمريكي كانت مدعومة من إيران، وأنها لم تنته؛ ففي أواخر عام 2014، كانت وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية توثق عمليات التطهير العرقي للسنة من المناطق المحيطة ببغداد على أيدي الميليشيات العراقية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.

ووصفت الوثائق، الجماعات السنية التي قررت الحرب ضد حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي في 2013، بأنهم بعثيون، في إشارة إلى الجماعات المسلحة التي قادها ضباط عراقيون سابقون، وتظهر الوثائق أن الإيرانيين عملوا إما على تدميرهم أو دفعهم للقتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية، ووجد بعض البعثيين السابقين أنفسهم يقاتلون في صفوف داعش.

العبادي لا يعارض التعاون مع الاستخبارات الإيرانية

رغم شك إيران في ولاءات رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي، إلا أن تقريرًا كُتب بعد أشهر من وصوله إلى رئاسة الوزراء، يشير إلى أنه كان على استعداد تام لإقامة علاقة سرية مع المخابرات الإيرانية، إذ كشفت وثيقة مُسرّبة صدرت في يناير 2015 عن لقاء خاص جمع العبادي وضابط بوزارة الاستخبارات الإيرانية يُدعى بروجردي عقد في مكتب رئيس الوزراء، وكان هدف اللقاء هو استقراء مشاعر العبادي حيال القضية الأكثر حساسية في السياسة العراقية وهي الانقسام السني – الشيعي.

وقال بروجردي خلال اللقاء إن “السنة مشرّدون ومدنهم مدمرة وينتظرهم مستقبل غير واضح، في حين أن الشيعة يستطيعون استعادة ثقتهم بأنفسهم، وهم عند نقطة تحول تاريخية، ويمكن للحكومة العراقية وإيران الاستفادة من هذا الوضع”. أما رئيس الوزراء السابق رفض التعليق وعبر عن موافقته الكاملة. وهو الأمر الذي وصفته الوثيقة بأنه موافقة منه على التعاون مع الاستخبارات الإيرانية.

طهران تعزز نفوذها في جنوب العراق

استغلالًا للمذهب المشترك والانتماءات القبلية الممتدة عبر الحدود بين إيران وأهالي المحافظات العراقية الجنوبية، عزّزت طهران وجودها في الجنوب العراقي، بعد الغزو الأمريكي وسقوط نظام الرئيس الأسبق صدام حسين، وهي الفترة التي اتسمت بالفوضوية ونقص الخدمات الأساسية.

وفي سبيل الاستفادة من هذه الفوضى، فتحت إيران مكاتب دينية في المدن المقدسة في العراق، ونشرت لافتات للمرشد الأعلى روح الله الخميني في شوارعها، إضافة إلى دعم أقوى الأحزاب السياسية في الجنوب، وإرسال الطلاب الإيرانيين للدراسة في الحلقات الدراسية العراقية، وإرسال عمال البناء الإيرانيين لبناء الفنادق وتجديد الأضرحة العراقية.

وظل هذا النفوذ الإيراني متغلغلًا في جنوب العراق لفترات طويلة، وخاصة بعد الانسحاب الأمريكي من العراق في 2011، ولكنّها الآن تواجه رفضًا شعبيًا عارمًا من العراقيين كافة، وخاصة المسلمين الشيعة الذين يخرجون في مظاهرات شعبية منذ مطلع شهر أكتوبر الماضي للتنديد بهيمنة طهران ونفوذها داخل بغداد، رافعين شعارات ضد المرشد الإيراني السابق والحالي، وقائد فيلق القدس قاسم سليماني الذي أوضحت الوثائق المسربة من وزارة الاستخبارات والأمن القومي الإيرانية أنه كان المتحكم الأوحد في السياسة العراقية. وكان اقتحام المتظاهرون للقنصلية الإيرانية في كربلاء دليلًا واضحًا على هذا الرفض الشعبي لطهران.

المعلومات الواردة من العراق قد تفيد طهران تجاريًا

اشتملت الوثائق الاستخبارية الإيرانية على وثيقة من المصدر 134832 الذي كان أحد كبار المستشارين السياسيين لرئيس مجلس النواب العراقي السابق سليم الجبوري، كشف فيها المصدر أن الولايات المتحدة متهمة بالوصول إلى حقل غني للغاز الطبيعي في عكاز بالقرب من الحدود العراقية مع سوريا، موضحًا أن الأمريكيين قد يحاولون في نهاية المطاف تصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا، وهو سوق رئيس للغاز الطبيعي الروسي. وفي هذ الإطار أوصى المصدر طهران بأن يتم استخدام هذه المعلومات المذكورة في تبادل مع الروس وسوريا.

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى