مقالات رأي

ألا يكفي غزة كل هذه الدماء لوقف الحرب؟

رغم أن الرقم تجاوز حاجز المائة ألف شهيد ومفقود ومصاب بالفعل، إلا أنه مازال مرشحًا للزيادة، فربما تكون تلك الأرقام الحالية والمرشحة غير كافية طبقا لشهوة القتل المدعمة بالفتاوى الإسرائيلية المتشددة والمتطرفة، وطبقا للتواطؤ والدعم والفيتو الأمريكي المخجل والمتكرر أمام مجلس الأمن بواسطة مندوبة الولايات المتحدة ليندا جرينفيلد حيث تقول فى تبرير هذا الفيتو بوقاحة عن وقف إطلاق النار فى غزة وإيقاف آلة القتل (إن وقت وقف إطلاق النار فى غزة مازال غير مناسب، أو أن الوقت المناسب لم يَحِنْ بعد).

لقد آن للشهر السادس أن ينتهى منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى الآن، وما زالت آلة القتل فى احتياج لمزيد من الوقت للقتل والجرح والتشريد والتدمير والتجويع وزيادة الأمراض والأوبئة وزيادة جثامين الشهداء الحبيسة تحت الأنقاض وفى المقابر الجماعية، ومعظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن الذين لم يستطيعوا الفكاك أو الفرار، وحتى وإن أوقف القتال بعد ذلك وبعد هذا المدى الزمنى الطويل فسيظل يحمل العار لكل من أججه واستباح ضحاياه سواء من الإسرائيليين أو القيادات الأمريكية التى قدمت نداءات منحازة أو رخوة او شبيهة بالعدل وهى أبعد ما تكون عنه.

إن ترجمة تلك الخسائر الغزاوية الى أرقام تقريبية تبدو مفزعة، فلدينا أكثر من ثلثي إجمالى تلك الخسائر من الأطفال والنساء والمسنين، أى اكثر من 20 ألف شهيد، منهم نسبة ليست بالقليلة قد دفنت تحت الأنقاض فى ظروف إنسانية قاسية. وكذلك أكثر من 75 ألف جريح ومصاب بإصابات مختلفة أغلبها خطير وحرج خاصة مع عدم تناسب أعداد المصابين مع أعداد الكوادر الطبية. وزاد من خطورتها قصور أو انعدام الإمكانيات الطبية التدخلية أو الدوائية مما أدى إلى خروج أغلب مستشفيات قطاع غزة من الخدمة الطبية تباعًا، فمن بين 36 مستشفى لم يعد يعمل منها جزئيًا سوى 9 مستشفيات.

ألا يكفى استبعاد إسرائيل وبعض الدول الغربية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا والسويد، العديد من العاملين (بالأونروا) ووقف تمويلها؟ وهى وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين فى الشرق الأدنى، والبالغ عددهم 6.5 ملايين نسمة اعتبارا من عام 2019 فى كل من (غزة والضفة الغربية ولبنان والأردن وسوريا) بل وصل الإجرام إلى حد استهداف العديد منهم بالقتل بواسطة إسرائيل بدعوى تعاونهم مع حماس، حيث وصل عدد القتلى منهم حتى أول مارس 2024 الى 162 قتيلًا وهو عدد غير مسبوق فى تاريخ الأمم المتحدة كما أعلنته المنظمة الدولية، بالمقارنة بمحدودية القطاع المساحية والبشرية.

ألا يكفى مهادنة بايدن لنتنياهو، أليست دعوة غير مباشرة للقتل، (فأين المربعات السكنية الآمنة مع عدم وجود شبكة اتصالات أو GPS ومطالبته بعدم إفراط المستوطنين فى العنف، الذى وصل إلى حد قتل الفلسطينيين فى الضفة الغربية، والتهديد بعدم تمويل بعض صفقات الأسلحة الإسرائيلية (إذا حدث وهو مستبعد) فسوف تظهر مؤشرات ذلك بعد عدة أشهر. وكذلك الرفض اللين لأى عمل عسكرى ضد رفح دون وجود خطة موثوقة لإجلاء المدنيين. فى إطار المطالبة على استحياء باستبعاد المدنيين أولًا. ومعروف أن المخطط الإسرائيلى ضد رفح لا يحتوى على إبعاد المدنيين، وما موقف بايدن إلا ذرًا للرماد فى العيون.

ألا تكفى تصريحات نتنياهو ومن فى شاكلته مثل وزير تراثه الذى دعا أكثر من مرة وما زال الى استخدام السلاح النووى ضد غزة؟ ولو أن الضفة الغربية خالية من المستوطنين لشملها التهديد النووى أيضًا. والأخطر هو إشارة نتنياهو التى أرادها أن تبدو عابرة، إلى الأحقية العقائدية فى قتل الرجال والنساء والأطفال والرضع من (العماليق) فى إشارة إلى أحفاد الفلسطينيين الأولين بالإضافة الى قتل دوابهم النافعة من (بقر وغنم حمير وجمال وكما فى آية 19: وحاربهم حتى يفنوا) كما جاء على لسانه نصًا من سفر التثنية أول الإصحاح الخامس عشر، وأوامر صموئيل النبى إلى قائد جيش إسرائيل الملك شاؤول؟.

من كل ما سبق وهو قليل من كثير مما ترتكبه إسرائيل فى حق غزة ثم الضفة الغربية، لا يبدو المجتمع الدولى بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص منزعجًا ومصدومًا بما يكفى. اللهم متنفس لمظاهرات متفرقة هنا أو هناك. أفلا تكفى كل هذه الأرواح والدماء لوقف دائم للقتال لإخلاء القتلى والمصابين وإنقاذ الجوعى والمرضى والمشردين؟ إنه عار فى حق الإنسانية وفى قلبه غزة..

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى