القضية الفلسطينية

آلاف الضحايا من الأطفال والنساء في غزة على مرأى ومسمع العالم

لا تزال الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين مشتعلة لليوم الحادي عشر على التوالي، وسط تفاقم الوضع الإنساني في قطاع غزة وتواصل القصف الإسرائيلي الغاشم. وقد زادت أعداد القتلى والمصابين المدنيين إلى 3478 شهيدًا و12065 جريحًا بإصابات مختلفة، بالإضافة إلى ذلك سقط 62 شهيدًا وأكثر من 1300 جريح في الضفة الغربية المحتلة حسب بيان وزارة الصحة الفلسطينية. ذلك الأمر ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة حدثت وتحدث من الجانب الإسرائيلي في حق الفلسطينيين على مرأى ومسمع من العالم الغربي، ولا حراك يذكر لوقف الهجمات الإسرائيلية على غزة التي كان آخرها قصف المستشفى الأهلي المعمداني بما أسفر عن استشهاد وإصابة المئات من المدنيين والأطقم الطبية. 

جرائم غير مسبوقة

في ظل استمرار القصف الجوي الذي تنفذه إسرائيل على أهداف مدنية في قطاع غزة فيما أطلقت عليه حربها مع حركة حماس، والتي استدعت من أجلها أكثر من 300 ألف من جنود الاحتياط؛ كثفت إسرائيل هجماتها على القطاع واستهدفت تدمير عدد كبير من البنايات السكنية والخدمية والبنية التحتية، وتوقفت محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع عن العمل بعد نفاد الوقود بسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل التي منعت إمدادات المياه أيضًا وأعلنت أن قطاع غزة لن يتم تزويده بالماء والكهرباء والوقود إلا بعد تحرير الأسرى الذين تحتجزهم الفصائل الفلسطينية.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه استهدف أكثر من 1000 هدف داخل القطاع ، حتى بدأت حشود من السكان المقيمين في مناطق شمال غزة بالنزوح باتجاه الجنوب بعد التحذير الإسرائيلي الذي منحهم مهلة 24 ساعة فقط، وأكد لهم فيه إنه لن يستهدفهم ولكنه في الحقيقة ضاعف جرائمه وهاجمهم أثناء انتقالهم مما أدى إلى استشهاد العشرات. وواصل الجيش الإسرائيلي قصفه لأهداف في غزة، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع حصيلة الضحايا في القطاع خلال الأسبوع الأول إلى أكثر من 1900 شهيد وأكثر من 7,696 جريحًا، بحسب بيانات وزارة الصحة الفلسطينية. ودعت حماس سكان المناطق الشمالية من غزة والذين يبلغ تعدادهم حوالي 1.1 مليون إلى عدم مغادرة منازلهم وعدم الوثوق بالوعود الإسرائيلية.

وواصلت الاشتباكات الإسرائيلية والقصف على القطاع حتى بدأت في استهداف سيارات الإسعاف والدفاع المدني والمدارس التي يلجأ إليها النازحون الفلسطينيون. ولم تسلم المستشفيات من هذا العدوان في حادثة مروعة لا يقبلها الضمير الإنساني بأي شكل من الأشكال تم خلالها قصف المستشفى الأهلي المعمداني وقتل مئات الفلسطينيين، في انتهاك صارخ لجميع القوانين والأعراف الدولية والإنسانية.

أطفال ونساء غزة تحت القصف

ارتفع عدد الشهداء من الأطفال نتيجة هجمات إسرائيل المستمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر إلى 940  طفلًا  ومن النساء إلى 1032 امرأة. وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن هناك ما يزيد على 84 ألف امرأة حامل معرضة للخطر في غزة، فضلًا عن توقف العديد من المستشفيات عن العمل بسبب الأضرار المادية نتيجة القصف الذي وقع على أكثر من 40 مستشفى حتى الآن، مما سيؤثر على المرضى في العناية المركزة ذات الحالات الحرجة والذين يعتمدون على أجهزة دعم الحياة، والأطفال حديثي الولادة في الحضانات، والنساء اللاتي يعانين من مضاعفات الحمل.

وأعلنت الأمم المتحدة ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” عن نزوح ما يزيد على مليون مواطن فلسطيني من منازلهم بعد الهجمات الإسرائيلية التي دمرت أكثر من 4500 مبنى سكنيًا كليًا يضم 12 ألف وحدة سكنية، فيما تضررت نحو 113,300 ألف وحدة سكنية بشكل جزئي منها 8190 وحدة سكنية أصبحت غير صالحة للسكن. وحذر برنامج الغذاء العالمي من أن قطاع غزة على وشك مجاعة كبيرة وسط نقص إمدادات الغذاء والمياه والمساعدات الطبية أيضًا.

إنذار بكارثة إنسانية أخرى في غزة

هناك تحذيرات متعددة من منظمة الصحة العالمية وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة “الأونروا” وغيرها من المنظمات الدولية من كارثة إنسانية حقيقية قد يشهدها قطاع غزة في حال لم يتم إدخال المساعدات وإيصال المياه والكهرباء والوقود للقطاع خلال الأربع والعشرين ساعة القادمة، خاصة على المستشفيات والمؤسسات الصحية. 

وحذرت الأمم المتحدة كذلك من أن حياة آلاف المرضى الفلسطينيين في قطاع غزة أصبحت في خطر مع نفاد احتياطيات الوقود وإمدادات الطاقة والأدوية في جميع المستشفيات خلال الـساعات الأربع والعشرين القادمة. وتصف الأمم المتحدة الوضع في منطقة الشرق الأوسط بأنه “على حافة الهاوية”. فضلًا عن الإعلانات المستمرة من إسرائيل بالإجلاء القسري لآلاف المرضى والجرحى الفلسطينيين في أكثر من 22 مستشفى يواجهون جميعًا تدهورًا وشيكًا في حالتهم الصحية أو الموت إذا أجبروا على التحرك وانقطعوا عن الرعاية الطبية المنقذة للحياة أثناء إجلائهم حسب تحذيرات منظمة الصحة العالمية.  

ومع إعلان إسرائيل استمرار فرض حصار كامل على قطاع غزة، وحظر دخول الغذاء والوقود والكهرباء وإمدادات المياه، فإن الشعب الفلسطيني في القطاع على وشك التعرض لعملية إبادة جماعية بكل المفاهيم، الأمر الذي يجب أن تعمل كافة الدول على منع إسرائيل من تحقيقه ومن الاستمرار فيه؛ حفاظًا على أرواح الشعب الفلسطيني.

دعم مصري دائم للفلسطينيين

يظل الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية ثابتًا، حيث أكدت الدولة المصرية -متمثلة في الرئيس السيسي ووزارة الخارجية- في أكثر من موقف على حقوق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه وعدم الرضوخ لمحاولات التهجير القسري الذي تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي عليه. وهي كذلك مستمرة في محاولات الضغط والمفاوضات لإنفاذ المساعدات الطبية والإنسانية للقطاع عبر معبر رفح. 

في غضون ذلك، أدانت مصر قصف المستشفى المعمداني مؤكدة أنه يعد انتهاكاً خطيرًا لأحكام القانون الدولي والإنساني، ولأبسط قيم الإنسانية، مطالبة إسرائيل بالوقف الفوري لسياسات العقاب الجماعي ضد أهالي قطاع غزة. و قرر  الرئيس السيسي إعلان حالة الحداد العام في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية لمدة ثلاثة أيام، حدادًا على أرواح الضحايا الأبرياء في جريمة قصف المستشفى الأهلي المعمداني بقطاع غزة، وعلى جميع الشهداء من أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق. وكذلك أكدت مصر اليوم من خلال كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في المؤتمر الصحفي مع المستشار الألماني أن مصر ترفض تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم.

+ posts

باحثة ببرنامج السياسات العامة

أمل اسماعيل

باحثة ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى