
إنقاذ الهجوم المضاد.. القنابل العنقودية والبحث عن دور في الميدان الأوكراني
أعلنت واشنطن مؤخرًا عن الحزمة الثانية والأربعين من المساعدات العسكرية المقدمة لأوكرانيا بقيمة تتجاوز 800 مليون دولار، تتضمن تشكيلة متنوعة من القدرات الهجومية، بما في ذلك: صواريخ إضافية من نوع “هيمارس”، وعشرات من عربات القتال المدرعة “برادلي”، وناقلات الجند المدرعة “سترايكر”، بجانب صواريخ للدفاع الجوي، ونحو 30 مدفع هاوتزر ذاتي الحركة.
وعلى الرغم من أنه كان بديهيًا أن تحتوي هذه الحزمة على قذائف مدفعية، سواء خاصة بالمدفعية ذاتية الحركة من عيار 155 ملم أو مدفعية الميدان المقطورة من عيار 105، إلا أنه كان لافتًا أن قسمًا من قذائف المدفعية عيار 155 ملم ينتمى إلى عائلة الذخائر التقليدية المحسنة ثنائية الغرض، المعروفة باسم (DPICM)، وهي أحد أنواع من الذخائر العنقودية، وبالتالي مثّل هذا استجابة أمريكية لطلب أوكراني تكرر مرارًا خلال الأشهر الماضية.
أهمية الاستجابة الأمريكية للإلحاح الأوكراني لا تكمن فقط في أنها تعد تراجعًا أمريكيًا عن موقف سابق رفضت فيه واشنطن بشكل واضح إرسال ذخائر عنقودية إلى أوكرانيا، بل أيضًا تعزى إلى الارتباطات الميدانية والتكتيكية لهذا القرار، سواء ما يتعلق بتطورات الهجوم الأوكراني المضاد في الجبهة الجنوبية -الذي بات واضحًا أنه يُنفذ بوتيرة أبطأ بكثير مما كان متوقعًا- أو ما يرتبط بالجبهة الأوروبية التي بدأت تتشكل لرفض القرار الأمريكي بشأن هذه الذخائر، وهو ما ينبئ بتصدع جديد في الجبهة المؤيدة لأوكرانيا يضاف إلى تصدعات سابقة كان أحدثها ما أسفرت عنه المبادرة الألمانية “درع السماء“.
لكن قبل تناول كافة البنود السابقة، يبدو من الضروري الإشارة بشكل أكثر تفصيلًا لتاريخ القنابل العنقودية، والاتفاقيات الدولية المرتبطة بها، خاصة الذخائر التقليدية المحسنة ثنائية الغرض، بجانب تاريخ استخدام هذا النوع من القنابل في الميدان الأوكراني، فقد استخدم كلا الطرفين – لروسي والأوكراني- بشكل مكثف عدة أنواع من القنابل العنقودية المضادة للدبابات والأفراد، منذ اندلاع القتال بينهما في إقليم الدونباس شرقي أوكرانيا عام 2014 وحتى الآن.
ماهية الذخائر العنقودية وتاريخها
يمكن تعريف الذخائر العنقودية بأنها ذخيرة تقليدية صُممت لتنشر أو تطلق مقذوفات مصغرة أو “قنيبلات” تزن كل منها أقل من 20 كيلو جرامًا. وتدخل ضمن هذا التصنيف كافة المنظومات القتالية التي يمكن من خلالها النشر المساحي لهذه المقذوفات والحاويات الحاملة لها، سواء كانت هذه المنظومات مدفعية أرضية او مقاتلات جوية، ففي كلتا الحالتين تكون آلية نشر هذه القنيبلات شبه موحدة، حيث تنفتح حاويات هذه القنيبلات العنقودية بعد أن تقترب لمسافة معينة من سطح الأرض، وتقوم بنشرها على مساحات واسعة، بحيث تنفجر بمجرد اصطدامها بالأرض، أو تنفجر بعد مدة زمنية محددة عبر آلية تفجير إلكترونية أو تقاربية.
بشكل عام، انقسمت القنابل العنقودية في شكلها التقليدي -المسمى (ICM)- إلى نوعين رئيسين: النوع الأول يتضمن قنيبلات مزودة بحشوة جوفاء من متفجرات “تي إن تي” مضادة للأهداف المدرعة، أما النوع الثاني فإنه يتضمن قنيبلات مضادة للأفراد تتألف من شحنة متفجرة تحيط بها عشرات الكرات المعدنية الصغيرة.
خطورة هذه الذخائر تكمن بشكل أساسي في تحول القنيبلات التي تحملها إلى ما يشبه “عبوات ناسفة كامنة”، فهذه القنيبلات تكون مزودة في العادة بآلية للتفجير الأساسي والثانوي، لكن في أغلب الأحيان تتعطل آلية التفجير الأساسية، وتظل هذه الذخائر نشطة وحساسة للغاية ومنتشرة على مساحات واسعة من الأرض، لتنفجر بمجرد إمساكها من جانب أي شخص، وهو ما يؤدي إلى تأثيرات ممتدة ومدمرة على السكان والحياة المدنية والأنشطة الاقتصادية.
الجيل الثاني من الذخائر العنقودية، وهو الذخائر التقليدية المحسنة ثنائية الغرض (DPICM)، التي تم إنتاجها بشكل أساسي بين سبعينيات وتسعينيات القرن الماضي. ويتميز هذا الجيل بسمة أساسية وهو أنه “مزدوج الهدف”، حيث يعده الجيش الأمريكي بمثابة “قنابل يدوية”، مصممة لتكون فعالة إلى حد ما ضد المركبات المدرعة ، فضلًا عن استهدفها قوات المشاة والمركبات غير المدرعة. وعلى الرغم من وجود أنواع متعددة من ذخائر (DPICM)، فإنها تعمل بنفس الآلية، حيث تتضمن القنيبلات التي تحتويها على شحنة متفجرة مشكلة مضادة للدروع، محاطة بكرات معدنية تنتشر على نطاق واسع فور انفجار هذه الشحنة، لتصيب الأفراد الموجودين في محيط الانفجار.
تشمل قائمة الذخائر التقليدية المحسنة ثنائية الغرض في الترسانة الأمريكية: قذائف مدفعية الميدان من عيارات 105 و155 و205 ملم، بالإضافة إلى صواريخ المدفعية الصاروخية من عيار 227 الخاصة براجمات “M270″ و”M142”. تشمل هذه القائمة أيضًا ذخائر جوية، منها القنبلة الجوية “Rockeye II MK-20″، التي تحتوي على 247 قنيبلة صغيرة، والقنبلة CBU-89/B GATOR، التي تحتوي على خليط من القنيبلات المضادة للدروع “BLU-91/B” والقنيبلات المضادة للأفراد “BLU-92B”. وتعد القنبلة “ICSB-1” أحدث القنابل العنقودية الأمريكية، وهي مختصة بعمليات القصف المساحي، حيث تحتوي على 160 قنيبلة.
على المستوى الدولي، أنتجت نحو 34 دولة نحو 200 نوع من الذخائر العنقودية، وحاليًا تمتلك 87 دولة مخزونات من الذخائر العنقودية أو كانت حتى وقت قريب تمتلك كميات منها. ويقدّر التحالف ضد الأسلحة الانشطارية المخزون العالمي من القنابل العنقودية بأكثر من مليار قنبلة. استخدمت ستة عشر دولة هذه الذخائر في نزاعات عسكرية مسلحة، بداية من الحرب العالمية الثانية التي استخدمت فيها كل من: ألمانيا، والاتحاد السوفيتي، والولايات المتحدة الأمريكية الذخائر العنقودية، مرورًا باستخدام الجيش الأمريكي الذخائر العنقودية في لاوس وكمبوديا وفيتنام خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
واستخدام الجيش الإسرائيلي هذه الذخائر في لبنان، واستخدم الجيش السوفيتي لعدة أنواع من الذخائر العنقودية في أفغانستان في الثمانينيات، وكذا استخدم الجيش الفرنسي هذه الذخائر في تشاد، واستخدم الجيش البريطاني ذخائر عنقودية مضادة للأفراد ضد الجيش الأرجنتيني خلال حرب جزر الفوكلاند، وصولًا إلى استخدام هذه الذخائر في البوسنة والعراق وناجورنو قره باغ والشيشان، ومؤخرًا في أوكرانيا.
فيما يتعلق بالاتفاقيات الدولية الخاصة بحظر هذه الذخائر تعد اتفاقية الذخائر العنقودية (CCM) -التي أُبرمت عام 2008 ودخلت حيز التنفيذ عام 2010- هي الاتفاقية الأساسية التي تحظر هذا النوع من الذخائر، حيث تحظر على الدول الموقعين عليها تطوير أو إنتاج أو حيازة أو استخدام أو نقل أو تخزين الذخائر العنقودية.
في المجمل وقعت 123 دولة على هذه الاتفاقية، بما في ذلك 22 دولة من دول حلف الناتو، مثل المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا، في حين لم توقع عليها الولايات المتحدة الأمريكية وأوكرانيا وروسيا والصين وإسرائيل وإيران، وقد دمرت 37 دولة، بموجب هذه الاتفاقية، الذخائر العنقودية التي تمتلكها، بما مجموعه 1.5 مليون ذخيرة عنقودية، تحتوي على 178 مليون قنيبلة.
على مستوى الخصائص الأساسية، يمكن إجمال أبرز سمات القنابل العنقودية فيما يلي:
● التأثيرات العشوائية: الذخائر العنقودية هي أسلحة مساحية، بمعنى أنها تنثر القنيبلات الصغيرة على مساحة واسعة، وهذا يجعل من الصعب حصر آثارها على أهداف عسكرية محددة، ويزيد من المخاطر المحتملة على المدنيين.
● الذخائر غير المنفجرة: تتمتع الذخائر العنقودية بمعدل فشل مرتفع ، مع عدم انفجار عدد كبير من القنيبلات، ويمكن أن تظل هذه القنيبلات غير المنفجرة نشطة لفترات طويلة، وتتحول فعليًا إلى ألغام أرضية، ما يشكل تهديدًا مستمرًا.
● الأثر الإنساني: أدى استخدام الذخائر العنقودية إلى وقوع إصابات كبيرة في صفوف المدنيين، والأطفال معرضون بشكل خاص لمخاطر الذخائر الصغيرة غير المنفجرة، بسبب فضولهم ووعيهم المحدود بالمخاطر، وبالتالي تسهم هذه المخاطر في إعاقة العودة الآمنة للنازحين والأنشطة الاقتصادية بعد انتهاء الصراعات.
● الضرر الذي يلحق بالبنية التحتية: يمكن أن تسبب الذخائر العنقودية أضرارًا جسيمة للبنية التحتية ، مثل المباني والطرق والمرافق؛ نظرًا لنمط انتشارها الواسع وقوتها المتفجرة.
من المفارقات المهمة فيما يتعلق بالميدان الأوكراني حقيقة أن كلًا من الجيشين الروسي والأوكراني قد استخدما الذخائر العنقودية بشكل متكرر منذ عام 2014، وذلك عبر عدة وسائط صاروخية، بما في ذلك راجمات المدفعية الصاروخية من عيار 122 ملم “تورنادو-جي” التي تحتوي على القنيبلات المضادة للدبابات “3B30”. ذلك بالإضافة إلى صواريخ “أوراغان” من عيار 220 ملم، وصواريخ “سميرتش” من عيار 300 ملم، اللذين تحتوى النسخ العنقودية منهما على قنيبلات “9N 210″ و”9N 235” المضادة للأفراد.
يضاف إلى ذلك الصواريخ الباليستية التكتيكية قصيرة المدى، “توشكا” و”إسكندر-إم”، التي تحتوى النسخ العنقودية منها على قنيبلات “9N 123″ و”9N 235” وكذلك القنابل الجوية “RBK-500” التي تحتوي على القنيبلات المضادة للدبابات “PTAB-1M”. استمر استخدام الجيش الروسي لهذه الذخائر بعد بدء العمليات العسكرية في أوكرانيا في فبراير 2022، حيث تكثف هذا الاستخدام خلال الفترة بين فبراير ويونيو 2022، وشمل هذا مدن “شيرنيهيف”، و”سومي”، و”خاركيف”، و”لوهانسك”، و”دونيتسك”، و”زابوريجيا”، و”دنيبروبيتروفسك”، و”خيرسون”، و”ميكولايف”، و”أوديسا”، و”ايزيوم”.
مقاربة أمريكية “مرتبكة” لملف القنابل العنقودية
بالعودة إلى المقاربة الأمريكية السابقة والحالية للقنابل العنقودية بشكل عام، وملف تزويد كييف بهذه القنابل بشكل خاص، يمكن القول إن هذه المقاربة كانت مرتبكة ومشوشة؛ فعلى المستوى العام، أحجمت واشنطن عن التوقيع على اتفاقية الذخائر العنقودية، لكنها في نفس الوقت أعلنت عام 2008 عن بنود سياسة لتقليل مخزوناتها من القنابل العنقودية القديمة بشكل تدريجي، على أن تبدأ هذه العملية عام 2018.
وقد بدا ان قد سارت على هذا المسار خلال السنوات اللاحقة، فقامت عام 2009، بإصدار قانون يمنع تصدير الذخائر العنقودية التي تزيد معدلات عدم انفجار القنيبلات الخاصة بها عن واحد في المائة، في حين أعلنت مجموعة “تيكسترون”، آخر مصنّع أمريكي للقنابل العنقودية، عام 2016، أنها قررت وقف تصنيع هذه القنابل، وبدأت في تصنيع بدائل لها، مثل الرأس الحربي البديل “M30A1″، الذي يحتوي على 180.000 قطعة صغيرة من فولاذ التنجستن، تتناثر عند الاصطدام ولا تترك ذخائر غير منفجرة على الأرض.
إلا أن نائب وزير الدفاع الأمريكي، باتريك شاناهان، أعلن في نوفمبر 2017 أن الجيش الأمريكي لن يفي بالموعد النهائي لعام 2018 للتخلص التدريجي من الذخائر العنقودية القديمة، مؤكدًا أن هذه الذخائر هي أسلحة مشروعة ذات فائدة عسكرية واضحة، وهو ما مثل تراجعًا امريكيًا عن المسار الذي اتخذته سابقًا فيما يتعلق بـ مخزونها من القنابل العنقودية.
أما فيما يتعلق بتوريد هذه الذخائر إلى أوكرانيا، فقد قاومت واشنطن، التي تمتلك حاليًا نحو 4.7 ملايين قذيفة وصواريخ وقنابل عنقودية، تحتوي على أكثر من نصف مليون قنيبلة، كافة المطالبات الأوكرانية والداخلية السابقة، لتزويد الجيش الأوكراني بهذه الذخائر، حيث دعت كييف عدة مرات واشنطن تزويدها بذخائر صاروخية عنقودية، لإطلاقها من على متن راجمات “هيمارس”، وكذلك تزويدها بقنابل “Mk-20” الجوية العنقودية، وراجمات “ATACMS” الصاروخية.
الارتباك الأمريكي في الصدد ظهر بشكل واضح من خلال تراجعها عن مقاومتها السابقة للطلبات الأوكرانية الخاصة بالقنابل العنقودية، رغم أنها قد انتقدت سابقًا، وتحديدًا في فبراير 2022، استخدام الجيش الروسي للقذائف العنقودية في أوكرانيا. هذا التراجع تكرر سابقًا فيما يتعلق بمقاتلات “إف-16” وكذلك الألغام الأرضية.
المفارقة هنا أن هذا التراجع يتعارض بشكل حاد مع جهود واشنطن لإزالة الألغام الأرضية في اوكرانيا، حيث خصصت مؤخرًا نحو 89 مليون دولار، لمساعدة كييف في إزالة الألغام الأرضية الروسية التي تنتشر الآن في مساحات شاسعة من البلاد، وبطبيعة الحال سوف تضاف الذخائر العنقودية إلى هذه الألغام، كأجسام متفجرة تحتاج إلى أموال وجهود لإزالتها من الأراضي الأوكرانية. يضاف إلى هذا الارتباك، نشوء جبهة أوروبية رافضة لتزويد أوكرانيا بهذه الذخائر، تتزعمها كل من كندا وبريطانيا وإسبانيا وألمانيا.
تقنيًا، سترسل واشنطن إلى كييف قذائف المدفعية العنقودية من عيار 155 ملم “M864″، والتي تحتوي كل قذيفة منها على 72 قنيبلة. بدأ إنتاج هذا النوع من القذائف عام 1987، ويمكن تزويده بنوعين من أنواع المقنبلات ثنائية الاستخدام، هما “24 M46″و “48 M42″، ويصل المدى الأقصى لهذه القذائف إلى 29 كيلو مترًا، ويمكن إطلاقها من منظومات مدفعية الميدان والمدفعية ذاتية الحركة الأمريكية والغربية. يحتمل أن تتزود أوكرانيا أيضًا بنوع آخر من قذائف المدفعية العنقودية من عيار 155 ملم، وهو “M483”.
على المستوى العملياتي، وبالنظر إلى تباطؤ الهجوم الأوكراني المضاد، وتزايد حاجة الوحدات الأوكرانية للدعم المدفعي؛ يمكن أن يكون الهدف الأمريكي الأول من إرسال الذخائر العنقودية إلى كييف هو خلق “أرض حرام” في الجبهة الجنوبية تسمح للقوات الأوكرانية بالاختراق السريع للخطوط الروسية، حيث يتوقع أن تلجأ كييف إلى استخدام الذخائر العنقودية لقصف الخطوط الروسية التي تقع على الخطين الأول والثاني للمواجهة، والقضاء على الوجود الروسي في الخطين الأول والثاني للمواجهة، دون استخدام اعداد كبيرة من الصواريخ وقذائف المدفعية، التي تعاني كييف وأوروبا معًا من تناقص أعدادها بسبب الزخم الهجومي الحالي.
لكن أثارت اوساط دولية عدة مسألة مدى كفاءة الذخائر التي سيتم إرسالها إلى اوكرانيا، فقد صرحت وزارة الدفاع الأمريكي أنها لن ترسل إلى اوكرانيا الذخائر العنقودية القديمة، التي تزيد معدلات عدم انفجار قنيبلاتها عن 2.35 بالمائة.
المعضلة هنا أن تقديرات اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تشير إلى أن ما يصل إلى 40 في المائة من القنيبلات الملحقة بالقنابل العنقودية لم تنفجر في بعض الصراعات الأخيرة، ناهيك عن أن بعض هذه الذخائر يتجاوز عمره 20 عامًا، وبالتالي تتزايد احتمالات عدم انفجار قنيبلاته. لكن إذا ما وضعنا النسب السابقة جانبًا، يمكن القول إن النسب المئوية لعدم انفجار قنيبلات القنابل العنقودية، تتراوح بين 5 و40 في المائة، مما يعني أن أربعة على الأقل من كل عشرة قنيبلات ستبقى غير منفجرة عبر منطقة تبلغ مساحتها حوالي 22500 متر مربع، أي تقريبًا بحجم 4 ملاعب كرة قدم.
خلاصة القول، إن إدخال الذخائر العنقودية -الضيف القديم في الميدان الأوكراني- لا يعدو كونه أداة جديدة لـ “إدارة الصراع” وليس حسمه أو حله؛ فهذه الذخائر -رغم خطورتها- لا تمثل إضافة نوعية يمكن أن تتسبب في تعديل موازين القوى، ناهيك عن أن تأثيراتها الخطيرة ستتزايد بشكل أكبر خلال السنوات المقبلة، وستطال حتى الجانب الأوكراني. لكن على الجانب الآخر، فتحت هذه الخطوة باب الجدل مرة أخرى حول لجوء هذا الطرف أو ذاك إلى استخدام أسلحة محرمة دوليًا ثبت بالدليل القاطع في فيتنام ولاوس ولبنان وسوريا مدى خطورتها وامتداد تأثيرها لأجيال عدة.
باحث أول بالمرصد المصري