
من بينها “التضخم” ،”الغلاء” و”انخفاض الاستثمارات” .. صحيفة إثيوبية تسلط الضوء على أوضاع “أديس أبابا” الاقتصادية المتدهورة
عرض – محمد هيكل
تناولت صحيفة ” إثيوبيان هيرالد” الإثيوبية الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي تعيشها البلاد حاليا من تضخم وارتفاع في أسعار السلع والغذاء ومواصلات النقل العامة والانخفاض الملحوظ في الاستثمارات.
وذكر الكاتب تكليبريهان جبريميشيل، في تقرير له تحت عنوان ” التضخم الوفير الزائد” ، قائلا :”ليس شرطا أن تكون خبيرا اقتصاديا أو دارسا له للشعور بحالة عدم الارتياح الحالية للاقتصاد الإثيوبي”.
ونقل الكاتب تجربته بأحد المطاعم في أديس أبابا حيث وجد أن طبقه المفضل في المطعم وصل سعره إلى 400 بر إثيوبي بعد أن كان سعره لا يتجاوز الثمانين في الماضي وهو ما يعد، وفقا للكاتب، دليلا على حجم التضخم الذي تشهده إثيوبيا.
وأفادت الصحيفة بأنه على الرغم من أن التضخم المتفشي هو أحد الخصائص البارزة للاقتصاد الإثيوبي الحالي، إلا أن هذا الأمر ليس الأخبار الاقتصادية السيئة الوحيدة، فهناك فيضان من الأخبار الاقتصادية السيئة التي ألمت بالاقتصاد الإثيوبي ومنها إغلاق سبعة مصانع في أديس أبابا، يزيد متوسط القوة العاملة بها عن 100 موظف.
وأضافت أن هناك 20 مصنعا آخرين على وشك الإغلاق بسبب نقص المدخلات والطاقة الشحيحة ومشاكل توفر العملات الأجنبية فضلا عن أن 30 بالمائة من المصانع الحاصلة على تراخيص مزاولة الأعمال التجارية أو التوسعات في الأعمال هي التي قامت بمباشرة الأعمال الفعلية.
وبحسب الصحيفة، لا تقتصر المشاكل الاقتصادية على التضخم وإغلاق المصانع فقط، فهناك أيضا مشكلة الزيادة السكانية، وحتى الآن لم تتمكن مؤسسة الإسكان الفيدرالية في إثيوبيا إلا من بناء حوالي 171 ألف وحدة سكنية فقط في 18 عاما لقائمة انتظار تحتوي على أكثر من مليون مواطن مسجل ضمن القائمة.
أما على صعيد التصنيف الائتماني، فأشارت الصحيفة الإثيوبية إلى أن وكالة التصنيف الائتماني العالمية “فيتش” خفضت تصنيف إثيوبيا من B إلى CCC بسبب ضعفها الوشيك تجاه التأثر بالتخلف عن سداد ديونها الخارجية، حيث أنه من المتوقع أن تضطر إثيوبيا إلى دفع 5 مليارات دولار أمريكي على ديونها الخارجية المستحقة التي تبلغ حوالي 30 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2022 مقابل 3 مليارات دولار أمريكي من الاحتياطيات الأجنبية في النظام المصرفي، وخاصة في البنك المركزي الإثيوبي.
ونبهت الصحيفة إلى أنه فوق كل ذلك، استمر الفساد المنهجي المعتاد بلا هوادة في كل مؤسسة حكومية عمليا.
وتطرقت “إثيوبيان هيرالد” إلى الصورة الخاصة بالاقتصاد الكلي في إثيوبيا، قائلة إنه سيكون من السذاجة بمكان توقع صورة متفائلة بشأن الاقتصادي الكلي، لاسيما في ظل تدفق الأخبار السيئة المتعلقة بالاقتصاد الجزئي في إثيوبيا والمذكور معظمها آنفا، وأشارت في هذا الإطار إلى محاولة إحدى المؤسسات الحكومية المكلفة بإيجاد فرص العمل القيام بذلك، لكن لا مصداقية تذكر في سد العجز الحاصل بشأن الوظائف.
ووفقا للصحيفة، فقد ادعت المؤسسة أنها ساعدت في إيجاد 1.6 مليون وظيفة في الأشهر الستة الأولى من العام المالي 20/21، لكنها تقدم معلوماتها الواردة في تقاريرها بناء على المعدلات الإجمالية أو على الأسس الصافية، وما يحدث فعليا أنه يتم فقدان عشرات الآلاف من الوظائف في الوقت نفسه بسبب تداعيات فيروس كورونا، وإغلاق المصانع بسبب القيود المفروضة على مدخلات العملات الأجنبية، وغيرها من الأسباب آنفة الذكر.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد كانت توقعات صندوق النقد الدولي لنمو الناتج المحلي الإجمالي الإثيوبي أكثر قتامة بكثير من توقعات الحكومة بهامش واسع (توقع الصندوق نمو الناتج المحلي ما بين 1.9 إلى 0% مقابل 6 إلى 7% من قبل الحكومة)، كما أنه من الواضح أن العملة الإثيوبية (البر) في حالة سقوط حر في السوق السوداء، حيث انخفضت إلى ما يصل إلى 55 بر لكل دولار أمريكي في الأسابيع الأخيرة، وفقا للصحيفة.
ولفتت إلى اقتراب متوسط معدل التضخم السنوي من الوصول لنسبة تتراوح ما بين 25 إلى 30%، واتجاه منحنى الاستثمار المحلي والأجنبي المباشر نحو الانخفاض، فضلا عن التوقعات بتضاؤل الاحتياطيات الأجنبية في الأسابيع والأشهر المقبلة.
وبالمثل، كما تقول “إثيوبيان هيرالد”، من المحتم أن تزداد حدة الضائقة المالية مع زيادة محفوفة بالمخاطر في عمليات تمويل العجز المصرفي (بشكل رئيسي البنك المركزي الإثيوبي)، وعلى عكس موقف الحكومة المتفائل للغاية، فإن البطالة آخذة في الارتفاع بسبب الزيادة في عدد المحتمل دخولهم لسوق العمل من ناحية ومعدلات خلق فرص العمل البطيئة من ناحية أخرى.
ووفقا للصحيفة اليومية، يظل “وحش التضخم” هو المشكلة الأكثر إلحاحا اليوم من وجهة نظر عامة الناس، فقد أضحى يحتل المرتبة الثانية لدى الجماهير بعد الوضع السياسي الرهيب هناك، ففي الوقت الحالي لا توجد سلعة أو خدمة أساسية لم يرتفع سعرها إلى ما هو أبعد من المعدل الطبيعي والمتوقع للتضخم.
وأضاف الكاتب أنه خلال الأيام الماضية ارتفع سعر لتر الوقود من 22 بر إلى 26 بر وهو ما أدى بالتبعية لارتفاع أسعار وسائل المواصلات بين المدن حيث ارتفع سعر تعريفة النقل بين مدينة رياكبو في إقليم أمهرة إلى أديس ابابا ليصل إلى 600 بر وهو ضعف ما كانت عليه قبل ارتفاع أسعار الوقود.
يضيف الكاتب أن الأمر تجاوز ذلك وضرب التضخم حتى أبسط الحاجيات الأساسية فقد ارتفع سعر رغيف الخبز بمقدار 50% حيث أصبح سعره 3 بر بعد أن كان سعره 2 فقط.
وأشار الكاتب إلى المأساة السكانية التي يعيشها الإثيوبيون وإلى فشل الحكومة الفيدرالية على مدار 18 عاماً في سد حاجيات السكن حيث قامت الحكومة الإثيوبية ببناء مليون و710 ألف وحدة سكنية فقط خلال ال18 عاماً الماضية.
ووصف الكاتب الوضع بدقة قائلا :”في الوقت الحالي لا توجد سلعة أساسية لم يرتفع سعرها إلى ما هو أبعد من المعدل الطبيعي والمتوقع للتضخم”.
وعرض الكاتب قائمة بأسعار بعض المواد الأساسية لتدليل على حجم التضخم الذي لا يستطيع المواطن الأثيوبي مواكبته .
أما عن أسباب التضخم في إثيوبيا يقول الكاتب أن لذلك عدة أسباب رئيسية وهي :-
• عامل العرض والطلب : يقول الكاتب أن النمو السكاني الغير منظم يزيد الطلب على الغذاء مما يؤدي لزيادة الأسعار
• بيع الأراضي للحصول على الثراء النقدي السريع هو أحد مسببات التضخم كذلك حيث أن الأموال لا تدور ولا تستثمر.
• الإنفاق الحكومي على الرواتب وعلى القطاع الخاص دون إنتاج حقيقي
• ارتفاع أسعار المواد الخام والعمالة
• ارتفاع الضرائب وارتفاع أسعار الأراضي وإجراءات الشراء
• ارتفاع الأسعار العالمية.
وفي نهاية مقاله يقول الكاتب والخبير الاقتصادي تكليبريهان جبريميشيل أنه لا يوجد طريقة لتخفيف التضخم الحالي على المدى القصير.
ويجادل بأن هذا التضخم مستمر ونتج بشكل أساسي عن الاقتراض غير المسؤول من الحكومة المركزية ووكالاتها التنموية.
باحث ببرنامج السياسات العامة



