إيران

“عام بدون سليماني”.. مقتل قائد فيلق القدس يضعف النظام الإيراني برمته

عرض – علي عاطف

في 3 يناير 2020، قُتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني السابق التابع للحرس الثوري، المصنف على قوائم الإرهاب في الولايات المتحدة الأمريكية، في غارة جوية بالقرب من مطار بغداد الدولي في العراق.

كان فيلق القدس وسليماني يمثلان الذرع العسكرية الإيرانية الطولى في منطقة الشرق الأوسط.

 وبعد عامٍ من مقتله، شهدت إيران بعض التطورات على الساحة العسكرية تتعلق بنفوذها داخل الجماعات الموالية لها في المنطقة وبالتالي نشاطاتها في بعض دول هذه المنطقة.

وفي هذا الصدد، تطرق موقع “إيران إنترناشيونال،” في نسخته الفارسية يوم 2 يناير الجاري في تقرير تحت عنوان “إيران أضعف: عامٌ بدون سليماني“، إلى نتائج مقتل سليماني على التحركات والنفوذ الإيراني في المنطقة خلال العام الماضي.

 وفيما يلي نستعرض ما جاء في تقرير “إيران إنترناشيونال”:

 لقد كان لمقتل قاسم سليماني تأثيرٌ ملحوظ على كلً من النظام الإيراني، المرشد الإيراني علي خامنئي، الحرس الثوري، فيلق القدس، الجماعات التي تعمل بالوكالة لصالح إيران، والبيئة السياسية- العسكرية والأمنية في الشرق الأوسط.  

ويمكن القول إن استهدافه أضعف النظام الإيراني برمته.

مقتل القائد العام للجمات الموالية لإيران

كان سليماني بمثابة القائد العام للجماعات الموالية لإيران في الشرق الأوسط. فقد كان سليماني يقود بشكل مباشر جماعات “الحشد الشعبي” وما ينبثق عنه في العراق، “حزب الله” في لبنان، “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في قطاع غزة، “الحوثيين” في اليمن، لواء “فاطميون” الأفغاني، ولواء “زينبيين” الباكستاني.

 وتُعد هذه الجماعات بمثابة الأذرع العسكرية لإيران وأدوات نفوذها في مختلف البلدان والمناطق. ولم يقد سليماني فقط هذه الجماعات، بل إنه أسس بعضها مثل الحشد الشعبي، فاطميون، وزينبيون.

 وعمل سليماني على ربط هذه الجماعات لاستخدامها كشبكة في إطار إستراتيجيات إيران في المنطقة.

 وبعد مقتل سليماني، لم يستطع القائد الجديد لفيلق القدس، إسماعيل قاآني، من لعب دور سليماني كقائد لهذه الجماعات واستخدامها كشبكة.

سليماني، أبرز لاعب لإيران في الشرق الأوسط

 كان دور سليماني يتخطى وزارة الخارجية الإيرانية في الشرق الأوسط. وقد استحوذ على هذا الدور من خلال ثقة المرشد الإيراني، علي خامنئي، الخاصة به. وبعد مقتله، لم يتمكن قاآني من لعب هذا الدور في المنطقة.

وعلى سبيل المثال، أظهر تولّي مصطفى الكاظمي (الذي يتمتع باستقلالية أكثر عن إيران مقارنة بنظرائه السابقين في العراق) رئاسة الوزراء في العراق اختلاف النفوذ بين سليماني وقاآني في العراق.

 حيث أعرب الكاظمي مراراً عن تصميمه على احتواء الحشد الشعبي كقوة تخضع للنفوذ الإيراني في بلاده، كما تضاءل مجال نفوذ هذا الحشد خلال رئاسة الكاظمي وقيادة قاآني للفيلق، برغم استمرار دوره كلاعب مهم في المعادلة الأمنية السياسية في العراق، خاصة فيما يتعلق بالتوترات بين طهران وواشنطن.

وعلى الجانب الآخر، تُظهر المؤشرات أن حركة فيلق القدس في العراق، سوريا، قطاع غزة، واليمن قد تراجعت حيث لا يملك قاآني نفس تأثير سليماني بين قادة الجماعات الموالية لإيران.

وأدى استهداف سليماني إلى أن يحد قاآني من حركته وحضوره العام والميداني.

تطوير الإستراتيجية الأمريكية فيما يتعلق بفيلق القدس والجماعات الإيرانية العاملة بالوكالة

يقول الموقع إن الإستراتيجية الأمريكية باتت أكثر إقداماً على اتخاذ خطوات هجومية أكثر ضد إيران والحرس الثوري وفيلق القدس مما كانت عليه.

وأدى ذلك إلى تضييق مجال تحركات فيلق القدس وقادته خلال العام الماضي بعد مقتل سليماني.

  وكانت طريقة إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في التعامل مع التوترات الناشئة بين السفن الأمريكية والقوارب السريعة التابعة للحرس الثوري مختلفاً عن نهج إدارة الرئيس باراك أوباما.

وعلى الرغم من أن طهران حاولت إبداء رغبتها في عدم التراجع والاستعداد للمواجهة، إلا أن الحقيقة تقول إن الهجوم المعلن عنه مسبقاً على قاعدة “عين الأسد” الجوية في العراق لم يكن له نفس حجم مقتل سليماني الذي وصف بأنه أهم لاعب لإيران في الشرق الأوسط.

عدم قدرة إيران على إيجاد بديل لسليماني

 كان دور سليماني يتخطى دور القائد العام للحرس الثوري. وهو ما أشار إليه النائب السابق لقائد الحرس الثوري الإيراني “باقر ذو القدر” في مقابلة تلفزيونية مؤخراً حين قال إن الحرس الثوري لم يكن له دور سوى تقديم الدعم واللوجستيات لفيلق القدس وكانت القيادة العملياتية للفيلق في الواقع مع علي خامنئي.

وكان لسليماني علاقة شخصية مع المرشد خامنئي لم تكن لدى أي شخض من قادة الحرس الثوري ومسؤولي النظام الإيراني، ومن بينهم إسماعيل قاآني.

ومن الواضح أن سليماني كان لديه نفوذ أكبر من باقي قادة الحرس الثوري، حتى أنه جرى تداول اسمه كمرشح لرئاسة الجمهورية في إيران. وهذا النفوذ لا يملكه قاآني حتى بين الحرس الثوري.

إيران بعد عام من مقتل سليماني

 إن النظام الإيراني حدد أساس مواجهته مع خصومه على أساس المجموعات الموالية له في المنطقة، وكذلك برنامجه الصاروخي. وكان سليماني قائد أحد هذين الشقين ولذا فإن مقتله شكل ضربة كبيرة لإحدى هاتين الأداتين الرئيسيتين اللتين يستخدمهما النظام الإيراني في معادلاته الإقليمية.

ويرى العديد من مؤيدي النظام الإيراني في الداخل والخارج أن طهران فشلت في الرد بشكل مناسب على مقتل سليماني. ويُعد التهديد بالانتقام في الواقع شكلاً من أشكال الدعاية لتبرير موقف مؤيدي النظام.

ويعرِف خامنئي أكثر من أي فردٍ آخرَ في النظام الإيراني أن أي صراع عسكري بين بلاده والولايات المتحدة الأمريكية قد يتحول لحرب شاملة وأن النظام الإيراني، الذي يعاني من اضطرابات اقتصادية واحتجاجات شعبية، قد لا يقدر على تحمل الضغوط المضاعفة لحرب جديدة فينهار ويسقط. ولهذا السبب، يفضل قادة النظام الإيراني والحرس الثوري تحويل مسألة الانتقام لمقتل سليماني إلى موضوع أبعدَ ومستقبل غير مؤكد عن طريق ترديد رغبتهم في خروج القوات الأمريكية من منطقة الشرق الأوسط، إلا أنه هدف بعيد المنال بسبب بنية المعادلات في المنطقة والعلاقات الواسعة لكثيرٍ من جيران إيران في الغرب والشرق والجنوب مع الولايات المتحدة.

+ posts

باحث بالمرصد المصري

علي عاطف

باحث بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى