
أثار القرار الصادر عن البرلمان الأوروبي بشأن حقوق الإنسان في مصر موجة من ردود الفعل الغاضبة من سياسيين وحقوقيين وعدد من الأحزاب السياسية ومؤسسات الدولة، إذ استند التقرير إلى مزاعم غير حقيقية ومعلومات مغلوطة وغير موثقة مصدرها منظمات حقوقية خارجية تعمل ضد مصر.
وساق التقرير العديد من النقاط التي سبق وأن أوضحتها مصر بشكل مباشر في أكثر من مناسبة ومحفل دولي، وتجاهل الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة على مدار السنوات الماضية التي تهدف إلى تحسين حياة المواطن المصري وحصوله على حقوقه الإنسانية بشكل أفضل، وذلك وسط محيط إقليمي بالغ التعقيد يشهد الكثير من التحديات والتهديدات وفي مقدمتها التحديات الأمنية.
مفهوم حقوق الإنسان
تشير الأمم المتحدة استنادًا إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إلى أن حقوق الإنسان هي حقوق متأصلة في جميع البشر مهما كانت جنسيتهم أو مكان إقامتهم أو نوع جنسهم أو أصلهم الوطني أو العرقي، أو لونهم أو دينهم أو لغتهم أو أي وضع آخر، ولجميع البشر الحق في الحصول على الحقوق الإنسانية على قدم المساواة وبدون تمييز، وجميع هذه الحقوق مترابطة ومتآزرة وغير قابلة للتجزئة.
وعرفت الأمم المتحدة حقوق الإنسان السياسية والمدنية على أنها تتضمن حرية التنقل؛ والمساواة أمام القانون؛ والحق في محاكمة عادلة وافتراض البراءة؛ حرية الفكر والوجدان والدين؛ وحرية الرأي والتعبير، والتجمع السلمي؛ وحرية المشاركة؛ والمشاركة في الشؤون العامة والانتخابات؛ وحماية حقوق الأقليات؛ ويحظر الحرمان التعسفي من الحياة؛ والتعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والعبودية والسخرة؛ والاعتقال التعسفي أو الاحتجاز؛ والتدخل التعسفي في الحياة الخاصة؛ والدعاية الحربية؛ والتمييز؛ والدعوة إلى الكراهية العنصرية أو الدينية.
وفيما يخص حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أكدت المنظمة على انها تتضمن الحق في العمل في ظروف عادلة ومرضية، الحق في الحماية الاجتماعية، ومستوى معيشي لائق والحق في أعلى مستوى يمكن بلوغه من الرفاه الجسدي والعقلي، الحق في التعليم والتمتع بفوائد الحرية الثقافية والتقدم العلمي.
مصر ودعم حقوق الإنسان على المستوى الدولي والإقليمي
ترى مصر أن احترام حقوق الإنسان وتعزيزها هي الطريق الطبيعي لتحقيق الأمن والسلم على المستوى الدولي والإقليمي وما يتبعه من تجنب الكثير من المشكلات، وانطلاقًا من ذلك قامت مصر بالانضمام إلى عدد من الاتفاقيات الدولية والإقليمية تحت مظلة الأمم المتحدة لما لها من قواعد قانونية ملزمة وأصدرت قرارات جمهورية بشأن التصديق على تلك المعاهدات والاتفاقيات، نذكر منها ما يلي:
الاتفاقيات الدولية
1- اتفاقية الرق الموقع عليها بجنيف عام 1926 وصدقت عليها مصر في عام 1955.
2- اتفاقية مكافحة إبادة الجنس البشري الموقع عليها عام 1948 وتم التصديق عليها 1952.
3- اتفاقية العمل الدولية وانضمت مصر إليها عام 1955.
4- الاتفاقية التكميلية لإبطال الرق وتجارة الرقيق والأعراف والممارسات المشابهة للرق وصدقت مصر عليها عام 1958.
5- اتفاقية العمل الدولية رقم 105 الخاصة بتحريم عمل السخرة وانضمت مصر إليها عام 1959.
6- الاتفاقية الدولية لمكافحة الاتجار في الأشخاص واستغلال دعارة الغير وصدقت مصر عليها عام 1959.
7- الاتفاقية الدولية الخاصة بالقضاء على التفرقة العنصرية بكافة أشكالها وصورها وانضمت إليها عام 1967.
8- الاتفاقية الدولية لتحريم جريمة الفصل العنصري وتم التصديق عليها عام 1977.
9- الاتفاقية الدولية الخاصة بوضع اللاجئين عام 1980، مع تحفظ مصر على بعض المواد.
10- بروتوكول تعديل الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين عام 1980، ووافقت مصر عليه بشكل كامل.
11- الاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق السياسية للمرأة، وانضمت مصر إليها عام 1981.
12- اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، وتم الانضمام إليها عام 1981 مع تحفظ مصر على بعض المواد.
13- الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية عام 1981.
14- الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ووقعت مصر عليها عام 1967 وعمل بها اعتبارًا من عام 1982.
15- اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من دروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وانضمت مصر إليها عام 1986.
16- اتفاقية حقوق الطفل عام 1990.
17- الاتفاقية الدولية لمناهضة الفصل العنصري في الألعاب الرياضية 1991.
18- الاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، وانضمت مصر لها عام 1993.
19- اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 138 لسنة 1973 بشأن الحد الأدنى لسن الاستخدام، وعمل بها اعتبارًا من عام 2000.
20- اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 لسنة 1999 بشأن حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال، وعمل بها في 2002.
21- البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلالهم في البغاء في عام 2002.
22- البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشـتراك الأطفال فى النزاعات المسلحة، عام 2002.
23- البروتوكول الملحق بالاتفاقية الدولية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والخاص بالاتجار بالأطفال والنساء عام 2004.
الاتفاقيات الإقليمية
1- اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية المتعلقة بمشاكل اللاجئين في أفريقيا عام 1982.
2- الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب 1986.
3- الميثاق العربي لحقوق الطفل 1994.
4- الميثاق الأفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته 2001.
ويتأكد مما سبق حرص مصر من سنوات طويلة على تعزيز الجهود الدولية والإقليمية ودعم نشاطها في ترسيخ حقوق الإنسان وإنشاء الآليات الحامية لها.
خطوات ملموسة بشأن حقوق الإنسان في مصر
القرار الصادر من البرلمان الأوروبي لا يتسم بالموضوعية أو الشفافية ويهدف لجعل حقوق الإنسان ذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية المصرية ومحاولات فرض الوصاية عليها، وأغفل التقرير الجهود التي بذلتها مصر خلال السنوات القليلة الماضية بشأن حقوق الإنسان والتي حازت على تقدير عدد من الجهات الدولية، وكان آخرها في مارس الماضي حين اعتمد مجلس حقوق الإنسان الدولي في جنيف تقرير المراجعة الدورية الشاملة لمصر في مجال حقوق الإنسان، وتأكيد السفير علاء يوسف مندوب مصر الدائم بالأمم المتحدة على قبول مصر 87.37% من التوصيات التي قدمت خلال جلسة المراجعة في 13 نوفمبر2019 وذلك بعد التشاور مع المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر.
إن حقوق الإنسان بمختلف أشكالها السياسية والصحية والاجتماعية وغيرها تعد أمرًا في غاية الأهمية للدولة المصرية وتحتل مركزًا متقدمًا في قائمة أولوياتها، فقد عمدت الدولة إلى دعم الشباب وتمكينهم في عدة مجالات وفي مقدمتها المجال السياسي، إذ اشترط المشرع المصري في قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية على وجود 6 شباب في القوائم الانتخابية، هذا بجانب تمكين 25 من الكوادر الشبابية خلال حركة المحافظين الجدد ونوابهم عام 2019، بالإضافة إلى تنظيم المؤتمرات الوطنية للشباب منذ عام 2016 ليكون حلقة نقاش مباشرة بين قيادات الدولة وشبابها، وتنظيم منتدى شباب العالم بنسخته الأولى عام 2017 ليكون ساحة للتفاعل بين شباب مصر والعالم مما يخلق مساحات أكبر لتطوير الشباب بهدف تمكينهم مستقبلاً.
كما بذلت مصر جهودًا كبيرة في دعم حقوق المرأة على مدار السنوات الماضية وتمكينها من العمل السياسي وتوليها المناصب الوزارية والبرلمانية، بالإضافة إلى دعمها على المستوى الاجتماعي والإنساني حتى في ظل أزمة كورونا التي أطاحت بتلك الجهود في عدد كبير من دول العالم، إذ أشار التقرير الصادر عن الأمم المتحدة للمرأة في 28 سبتمبر الماضي حول استجابة الحكومات في شمال أفريقيا وغرب آسيا للجائحة، إلى احتلال مصر المركز الأول في قائمة الدول التي اتخذت تدابير شاملة لحماية المرأة من أضرار الجائحة.
وفي نفس السياق قامت مصر بتحديث شامل في المنظومة الصحية كأحد الحقوق الأصيلة للإنسان المصري، وأنشأت عدد من المستشفيات الجديدة تتضمن أحدث المعدات والأجهزة الطبية وتطوير وتحديث عدد من المستشفيات الموجودة بالخدمة حاليًا، هذا بجانب إطلاق عدة مبادرات صحية مثال حملة 100 مليون صحة وفحص الحالة الصحية وصرف الأدوية اللازمة لأكثر من 50 مليون مواطن وغيرها من المبادرات التي لا يتسع المجال لذكرها، هذا بالإضافة لمشروعات الإسكان الاجتماعي لمحدودي الدخل وتطوير المناطق العشوائية غير الآمنة.
ولم تقتصر جهود مصر في مراعاة حقوق الإنسان على المواطن المصري فقط وإنما امتد إلى غير المصريين، إذ تستضيف الأراضي المصرية ملايين اللاجئين من حوالي 60 جنسية مختلفة ويتم استيعابهم بين صفوف المجتمع مع تمتعهم بأغلب حقوق المواطن المصري، إذ تتبنى مصر موقفًا ثابتُا يقوم على عدم إقامة معسكرات خاصة بهم وعزلهم عن الشعب، وذلك على عكس موقف دول الاتحاد الأوروبي الذي يقوم على إنشاء معسكرات ومخيمات خاصة بهم وتعرضهم للمعاملة العنصرية والحياة في ظروف معيشية شديدة القسوة، وهو الأمر الذي لم يتطرق له البرلمان الأوروبي في أي من قراراته على الإطلاق.
كما حققت مصر تحسينات كبيرة في أوضاع السجون وأماكن الاحتجاز وقيام النيابة العامة المنوط بها حق زيارة السجون والتفتيش عليها بعدد من الزيارات التفتيشية ومعالجة أوجه القصور أول بأول، وذلك بالتزامن مع اختفاء حالات القبض أو الاحتجاز خارج إطار القانون والتعذيب داخل السجون أو الأقسام، وتأكيدات مصر على عدم وجود معتقلين سياسيون وإنما هناك متهمون يحاكمون أمام القضاء بتهم قضائية والتأكيد على أن القضاء المصري هو صاحب القول الفصل فيها.
باحث أول بالمرصد المصري