
تكرار الأخطاء … المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ما بعد “السابع من أكتوبر”
خضعت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية – بطبيعة الحال – للجانب الأكبر من الضغوط والانتقادات الداخلية في إسرائيل، بسبب الهجوم “المباغت” لفصائل المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر 2023. هذه الضغوط ربما لم ترتقي إلى مستويات شديدة الوطأة، بسبب انخراط الجيش الإسرائيلي في عمليات قتالية في قطاع غزة وعلى الجبهة الشمالية مع لبنان، لكنها في نفس الوقت كانت معبرة عن صدمة الشارع الإسرائيلي في أداء قواته العسكرية والأمنية، خاصة أن تأثيرات هجوم أكتوبر قد طالت – تكتيكياً واستراتيجياً – كافة مفاصل المؤسسة العسكرية التي كانت تروج دائما أنها “الأٌقوى في الشرق الأوسط”.
تنوعت هذه التأثيرات بين ما طال التسلسل القيادي في الجيش الإسرائيلي، وبين ما أصاب في مقتل موازين الردع والتكتيكات العسكرية الأساسية في المنظومة القتالية الإسرائيلية، وهو ما أسفر في المجمل عن تداعيات سلبية شديدة الوطأة على الجيش الإسرائيلي، الذي وجد نفسه مضطراً إلى التعامل مع جملة من التحديات على مختلف الجبهات لا تتوائم مع القدرات التي يمتلكها.
التحقيقات الداخلية في الجيش الإسرائيلي تنطلق
فداحة التقصير وكم الأخطاء التي تم ارتكابها من جانب وحدات الجيش الإسرائيلي قبل وأثناء وبعد السابع من أكتوبر، أطلقت سلسلة من التحقيقات الداخلية في كافة الوحدات العسكرية الإسرائيلية ذات الصلة بالعمليات في الجبهة الجنوبية وغلاف غزة. هذه التحقيقات تستند في آليات تنفيذها، على بروتوكولات تم تقديمها إلى كبار القادة العسكريين في الفرق والألوية ذات الصلة، تتضمن إرشادات وتعليمات حول كيفية قيام وحداتهم بإجراء تحقيقات داخلية، بشأن الإخفاقات وأوجه القصور التي تم ارتكابها في الفترة التي سبقت هجوم السابع من أكتوبر. وحقيقة الأمر أن هذه التحقيقات لا تتعلق بالتحقيقات الخارجية المخطط القيام بها بشأن أداء الجيش الإسرائيلي في الفترة التي سبقت 7 أكتوبر، والتي تم تعليقها نظراً لاستمرار العمليات العسكرية، بل ترتبط بشكل رئيسي، بالتدقيق في أحداث إطار زمني يبدأ من اشتباكات غلاف غزة في مارس 2018، وصولاً إلى العاشر من أكتوبر الماضي، وهي النقطة التي أعادت فيها القوات الإسرائيلية السيطرة على غلاف غزة.
من المتوقع أن يقدم القادة العسكريين النتائج إلى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بحلول بداية يونيو، علماً أن هذه البروتوكولات قد تضمنت بجانب فحص أداء منظومة تعبئة جنود الاحتياط، ومدة فعالية وحدات الدعم اللوجيستي ومدى كفاية مخزونات الذخائر وقطع الغيار، التحقيق في الموضوعات التالية على مستوى رئاسة الأركان العامة:
- فحص تطور وعي الجيش الإسرائيلي فيما يتعلق بمستوى التهديدات التي تمثلها فصائل غزة، وسيشمل هذا الفحص أيضًا نظرة على التصور الدفاعي للجيش وخططه العملياتية ضد هذه التهديدات.
- فحص التقييمات الاستخباراتية لقدرات حركة حماس منذ عام 2018 وحتى أكتوبر الماضي، وسينظر هذا الفحص في سيناريوهات التهديد العسكري، وتطور قدرات الجيش الإسرائيلي على جمع المعلومات الاستخبارية، بما في ذلك أنشطة ما يسمى بوحدة “محامي الشيطان”، المكلفة بالتشكيك في تقييمات الجيش الإسرائيلي، والتحليلات التي يتم تقديمها للمعلومات الاستخباراتية.
- فحص العمليات الاستخبارية وآلية اتخاذ القرار عشية 7 أكتوبر والأيام التي سبقته، بما في ذلك آليات اتخاذ القرار التي اتبعها الضباط الإسرائيليون من كافة الرتب.
- فحص الفترة ما بين 7 و10 أكتوبر، وهي الفترة التي قامت القوات الإسرائيلية خلالها، باستعادة السيطرة على كافة التجمعات السكنية وقواعد الجيش في غلاف غزة. ويتضمن هذا الفحص تحليل المعارك التي تمت في هذا النطاق، والنظر في أداء منظومة القيادة والسيطرة لكل وحدة عسكرية.
التحقيقات الداخلية في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية لا تقتصر فقط على هيئة الأركان العامة، حيث تشمل أيضاً القيادة العسكرية الرئيسية المنوط بها إدارة عمليات غزة، ألا وهي القيادة الجنوبية. قسمت هذه القيادة – التي تعتبر وحداتها جزء أساسي من المجهود العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة – النطاق الزمني لعمليات التحقيق الداخلية التي ستجريها، إلى ثلاث فترات رئيسية:
- الأولى: هي مرحلة ما قبل السادس من أكتوبر.
- الثانية: هي يوم السادس من أكتوبر وصبيحة السابع من أكتوبر.
- الثالثة: هي عملية إعادة السيطرة على غلاف غزة، في الفترة التي تلت السابع من أكتوبر.
وقد قامت القيادة الجنوبية بتعيين العديد من الضباط برتبة عقيد ومقدم، من أجل التحقيق مع قائد كل فرقة شاركت في القتال في محيط غلاف غزة، بشأن الأوامر التي قام بإصدارها، والتحقيق كذلك في أحداث ونتائج كل معركة أو حادثة كبرى حدثت في الأسبوع الذي تلى السابع من أكتوبر.
وقد ركزت هذه التحقيقات على التحدث إلى سكان مستوطنات غلاف غزة، الذين وقعوا ضحايا الهجوم من أجل الحصول على وجهات نظر حول المعارك التي تمت في هذا النطاق. يضاف إلى ذلك، تولي قائدي اللواءين الجنوبي والشمالي في فرقة غزة، التحقيق في المعارك التي دارت في المواقع العسكرية الخمس على حدود قطاع غزة، بهدف استخلاص استنتاجات للعمليات المستقبلية التي ستقوم بها وحدات الفرق الستة التي شاركت في العملية البرية داخل قطاع غزة، وهي الفرق 99، 36، 162، 98، و252، وفرقة غزة.
من جانبها، قسمت شعبة المخابرات العسكرية تحقيقاتها إلى فترات زمنية مختلفة، وهي فترة العقد الذي سبق السابع من أكتوبر، بدءا من نهاية حرب غزة عام 2014، وصولاً إلى أواخر سبتمبر 2023، وفترة الأيام القليلة التي سبقت هجوم السابع من أكتوبر، مع التركيز على الـ 36 ساعة التي سبقت الهجوم؛ بجانب الفترة التي دارت فيها العمليات القتالية يوم السابع من أكتوبر. بموجب ذلك يقوم كل قائد وحدة في الاستخبارات العسكرية، بالتحقيق في أفعاله وأوامره، بناءً على أسئلة تحددها هيئة الأركان العامة. كذلك تنفذ قيادة الجبهة الداخلية عمليات فحص لتقييماتها الدفاعية، والمعارك التي شاركت فيها خلال هجوم السابع من أكتوبر، ومدى قدرتها على التحول من الأنشطة الروتينية إلى عمليات حالة الطوارئ، والتي تضمنت إخلاء مستوطنات غلاف غزة، وإخلاء القتلى والجرحى.
يشارك سلاح الجو الإسرائيلي كذلك في عمليات التحقيق الداخلية، حيث يركز تحقيقاته على التوصل إلى استنتاجات من شأنها مساعدته على تحسين الاستعداد المستقبلي. وقد قسمت القوات الجوية الإسرائيلية تحقيقاتها إلى فترتين رئيسيتين:
- الأولى: هي يوم السابع من أكتوبر والأيام القليلة التي تلته.
- الثانية: هي مرحلة العمليات العسكرية داخل قطاع غزة
ويقود التحقيق في جميع أنشطة سلاح الجو الإسرائيلي، ضابط برتبة عميد لم يكن في منصب عملياتي خلال الفترة الماضية، خلال الهجوم.
أما على مستوى سلاح البحرية، فتقوم قيادة السلاح بالتحقيق في المعارك التي شاركت فيها القوات البحرية يوم السابع من أكتوبر وبعده، وكذلك في التقييمات الاستخباراتية الخاصة بها قبيل هجوم هذا اليوم، سواء حول القدرات البحرية لفصائل المقاومة الفلسطينية، أو للوضع العام في قطاع غزة، بجانب التحقيق في أدائها العملياتي خلال العمليات الجارية حالياً داخل القطاع.
ما بين “زاعيرا” و”هاليفا” … استقالات ما بعد الإخفاق
تلقت شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية “أمان”، اللوم الأكبر في وقوع القيادة العسكرية الإسرائيلية ضحية عنصر “المفاجأة”، خلال عملية السابع من أكتوبر 2023، ومن هذه الزاوية لم يكن مستغرباً أن تكون أولى الاستقالات التي تشهدها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، على خلفية عملية السابع من أكتوبر، صادرة عن هذه الشعبة، وتحديداً لواء الأبحاث فيها، حيث كان أول المستقيلين ضابط برتبة لواء، قدم استقالته في فبراير الماضي، لمسؤوليته المباشرة عن التقدير الاستخباري الذي لم يضع في الحسبان إمكانية تنفيذ الفصائل الفلسطينية في السابع من أكتوبر، عملية هجومية على غلاف غزة.
تبع هذا الضابط في هذه الاستقالة بعد ذلك، رئيس لواء الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية، العميد عميت ساعار، الذي كان يتولى رئاسة هذا القسم الهام من أقسام الشعبة، ويختص بتحديد نوايا الأطراف المعادية. وعلى الرغم من أن ساعار، علل استقالته بأسباب صحية – نظراً لتشخيصه بمرض السرطان – إلا أن استقالته كانت متوقعة في كل الأحوال، بالنظر إلى ما ترتب على هجوم السابع من أكتوبر.
بالإضافة إلى هذين الضابطين، استقال خلال شهر فبراير الماضي، مسؤولين كبار في وحدة الناطق العسكري باسم الجيش، دانيال هاغاري، منهم الرجل الثاني في الوحدة، شلوميت بوتبول، ورئيسة دائرة الاتصالات، موران كاتس، والمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي لشؤون الإعلام الأجنبي، ريتشارد هاكت. كذلك شهد نفس الشهر “فبراير”، إعلان كل من رئيس الأركان، هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الشاباك، رونين بار، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، أهارون هاليفا، عزمهم التقدم باستقالتهم خلال الفترة القادمة، مع نيتهم البقاء في مناصبهم حتى انتهاء العمليات القتالية الحالية في قطاع غزة.
اللافت أن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، أهارون هاليفا، بادر خلال الأيام الماضية، بالاستقالة من منصبه – رغم أن العمليات العسكرية مازالت مستمرة في قطاع غزة – ليخالف عرف كان معمول به في الجيش الإسرائيلي، مفاده أن استقالة القادة العسكريين على خلفية أحداث مرتبطة بمعارك كبرى أو حروب أساسية، تتم بعد وقف إطلاق النار، أو على خلفية التحقيقات الخارجية التي تقوم بها المؤسسة التنفيذية في تل أبيب، وهو العرف الذي التزم به قادة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، خاصة اللواء إيلي زاعيرا، الذي تولى رئاسة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية خلال حرب أكتوبر 1973، وبادر بالاستقالات بعد نحو عام من الحرب، تحسباً لتحميله المتوقع مسئولية الفشل المعلوماتي المتعلق بتحليل نوايا الجيشين المصري والسوري، وهي نفس المسؤولية التي تحملها هاليفا، فيما يتعلق بعملية السابع من أكتوبر.
أبعاد استقالة “هاليفا”
تعتبر استقالة هاليفا – الذي يخدم في الجيش الإسرائيلي منذ 38 عاماً، ويعتبر أول مسؤول عسكري رفيع المستوى يستقيل من منصبه – مؤشراً هاماً على وجود قناعة داخلية في الجيش الإسرائيلي، أن حجم الإخفاق الذي شاب أداء الوحدات الميدانية والقيادية خلال عملية السابع من أكتوبر وما تلاها، كان ضخماً لدرجة أوجبت بدء استقالات القادة العسكريين الرئيسيين حتى قبل أن تنتهي العمليات القتالية الحالية في قطاع غزة. وقد حملت هذه الإستقالة في طياتها عدة مفارقات تاريخية، فقد تمت في شهر أبريل، وهو نفس الشهر الذي أعلن فيه رئيس الاستخبارات العسكرية خلال حرب أكتوبر 1973، إيلي زاعيرا، استقالته من منصبه بشكل رسمي، عام 1974. يضاف إلى ذلك التشابه الكبير في الأداء والذهنية بين كلا الشخصيتين، حيث تجاهل كليهما كافة الدلائل المتوفرة حول إمكانية تنفيذ الطرف الأخر لعمليات عسكرية ناجحة.
كانت خدمة هاليفا الأساسية في بداية تواجده بالجيش الإسرائيلي، هي في قوات المظلات، ثم تم نقله إلى وحدات المشاة، وشارك في العملية العسكرية الخاطفة، التي نفذها الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان عام 1988، ضد قواعد منظمة التحرير الفلسطينية التي تبقت في هذا النطاق. بعد ذلك تولى مناصب قيادية رفيعة، في هيئة العمليات والفرقة المظلية 98، ثم تم تعيينه في أكتوبر 2021، رئيساً لشبعة الاستخبارات العسكرية، والمفارقة الإضافية في هذا التعيين، انه ترافق مع حديث إعلامي إسرائيلي عن أن توليه هذا المنصب، يعتبر في حد ذاته رسالة لإيران، نظراً لأنه كان يتولى سابقاً رئاسة هيئة العمليات، وهي الهيئة المسؤولة عن الإشراف على استعداد الجيش الإسرائيلي للحرب.
و بغض النظر عن دوافع هاليفا في إعلانه الاستقالة – والتي ربما ترتبط بأسباب شخصية أكثر منها بالأسباب المؤسسية – إلا أنه – رغم تقاسم شعبة الاستخبارات العسكرية مع جهاز الأمن الداخلي “الشاباك”، مسئولية الفشل في تحليل النوايا الفلسطينية – قد اعترف بشكل واضح في السابع عشر من أكتوبر الماضي، بمسؤوليته الكاملة عن الإخفاق الاستخباراتي الذي أدى إلى نجاح عملية السابع من أكتوبر، وهو إخفاق لم يقتصر فقط على عدم التحليل الصحيح للمعلومات التي تراكمت لدى الأجهزة المعلوماتية الإسرائيلية منذ سنوات، حول التدريبات الدولية التي تقوم بها فصائل المقاومة الفلسطينية، على عمليات اقتحام المواقع العسكرية الإسرائيلية، وعلى طرق التعامل مع الآليات المدرعة، بل تعداه ليشمل حتى ردود الفعل التي أبداها هاليفا خلال الساعات الأخيرة قبيل بدء عملية السابع من أكتوبر.
فقد تحدثت الصحافة الإسرائيلية عن وصول معلومات مبدئية من قطاع غزة إلى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، في الثالثة من فجر السابع من أكتوبر، تشير إلى وجود تحركات غير معتادة على الأرض، لكن هاليفا – الذي كان في إجازة بمدينة إيلات – لم يطلع على هذه المعلومات أو يشارك في تحليلها، والأكثر غرابة هنا أنه صرح لبعض المحيطين به، أنه حتى لو كان قد اطلع على هذه المعلومات حينها، لكان قد خلص إلى أن الفصائل الفلسطينية تستعد لإجراء تدريبات! يضاف إلى ذلك ما نشرته الصحافة الإسرائيلية، عن عقد شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، في يوليو 2023، سلسلة اجتماعات لمناقشة المؤشرات المحتملة لتنفيذ الفصائل الفلسطينية عملية هجومية من قطاع غزة، وخلصت هذه المناقشات حينها إلى عدم إمكانية تحديد احتمالات واضحة لحدوث ذلك من عدمه، وأصدر الضباط الكبار في الشعبة توصيات باتخاذ القادة الميدانيين الاحتياطات اللازمة في مواقع تمركز وحداتهم في غلاف غزة، وهو ما أكد عليه هاليفا، الذي طلب حينها زيادة عمليات استخلاص المعلومات من قطاع غزة حول هذا الأمر.
المرجح أن تمثل استقالة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، والتي تلاها إعلان قائد القيادة المركزية في الجيش الإسرائيلي، يهودا فوكس، نيته التقاعد من منصبه في أغسطس المقبل، نقطة بدء موجة من الاستقالات المتتالية في الصف الأول والثاني للقيادة العسكرية الإسرائيلية، خاصة أن بعض الضباط الكبار قد أعلنوا بالفعل نيتهم الاستقالة في مراحل لاحقة. الاستقالات المتوقعة تشمل وزير الدفاع، يوآف جالانت، ورئيس الأركان العامة، هرتسي هاليفي، ونائبه أمير برعام، وقائد المنطقة الجنوبية، يارون فينكلمان، وقائد فرقة غزة، أفي روزينفلد، وقائد شعبة الاستراتيجية وإيران، إليعازر طوليدانو، ورئيس دائرة العمليات، عوديد بسيوك، وقائد سلاح الجو، تومير بار، وقائد سلاح البحرية، ديفيد سالامي، وربما في مرحلة لاحقة تشمل موجة الاستقالات رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، وعشرات من كبار ضباط الجيش ومن المسؤولين في الأجهزة الاستخباراتية والمعلوماتية المختلفة.
النقطة الأكثر أهمية فيما يتعلق بهذا الوضع، ترتبط بأن موجة الاستقالات المتوقعة هذه، قد تطلق في داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، العنان بشكل أكبر لنمو اتجاهات أكثر “تهوراً” على المستوى الميداني والقتالي، بدافع الخشية من تكرار سيناريوهات أكتوبر، وهذا يمكن ملاحظته بشكل محدد في إعلان بعض الضباط الكبار، عن نيتهم الاستقالة، رغم عدم وجود صلة مباشرة بينهم وبين الفشل الذي شاب الأداء العسكري في مرحلة السابع من أكتوبر وما بعدها، مثل قائد القيادة المركزية في الجيش الإسرائيلي، يهودا فوكس.
حالة “التمرد” في الجيش الإسرائيلي تنتقل إلى مراحل جديدة
عانت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، خلال المرحلة السابقة لهجوم السابع من أكتوبر، من تنامي لافت لحالة “التمرد” في صفوف وحداتها الميدانية والقتالية المختلفة، على خلفية ملف قانون التعديلات القضائية، حيث عمت هذه الحالة قسم مهم من طياري سلاح الجو، بجانب عناصر قوات الاحتياط في فروع عدة داخل الجيش، وفي بعض الوحدات الخاصة مثل الوحدة البحرية الخاصة “شايطيت-13″، وهي حالة كان لها انعكاس سلبي للغاية على جاهزية الجيش الإسرائيلي، وارتبطت بتراجع ملحوظ في حالة “الردع العسكرية” للجيش الإسرائيلي خلال الفترات الأخيرة.
ورغم تجميد ملف التعديلات القضائية، وانشغال كافة المستويات السياسية والعسكرية في إسرائيل بتداعيات ما بعد السابع من أكتوبر، إلا أن المستويات القيادية الميدانية في الجيش الإسرائيلي، أظهرت خلال العمليات العسكرية في قطاع غزة، قدراً لافتاً من “التمرد” وتجاهل البروتوكولات العسكرية، ومن الأمثلة على ذلك، قائد الفرقة 98، العميد دان جولدفوس، الذي وجه انتقادات لافتة للقيادة السياسية الإسرائيلية، خلال مؤتمر صحفي عقده على حدود قطاع غزة، وهو ما أدى إلى تلقيه توبيخًا شديدًا من قبل رئيس الأركان هرتسي هاليفي.
فعل مماثل قام به قائد الكتيبة 82 في اللواء المدرع السابع، أوفير كاسبي، حيث أدلى بتصريحات حول بناء مستوطنات في قطاع غزة، وقد تعرض أيضاً للتوبيخ، وكذلك تعرض قائد الفرقة 99، العميد باراك حيرام، للتوبيخ بسبب قيامه بشكل منفرد، بإصدار أوامر بتفجير مبنى جامعة الإسراء في مدينة غزة. هنا لابد من أن نذكر، بعض التصرفات الميدانية التي صدرت عن الجنود الإسرائيليين خلال العمليات داخل قطاع غزة، مثل الكتابات التي رسمها بعضهم على جدران المنازل والمدارس، وكذا تصوير عمليات تفجير المباني، والتسجيلات المصورة التي نشرها بعض جنود الوحدات المقاتلة، لمجريات العمليات العسكرية، بما يخالف أبسط قواعد الأمن الميداني.
عمليات التوبيخ التي تعرض لها القادة الميدانيين الإسرائيليين بسبب الأخطاء التكتيكية القاتلة وعدم مراعاة البروتوكولات العسكرية، شملت أيضاً توجيه اللوم حول حوادث كبيرة أدت إلى أضرار بالغة لصورة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية على المستوى الدولي، مثل الغارة التي أدت إلى مقتل سبعة عمال إغاثة تابعين لمنظمة “المطبخ المركزي العالمي” وسط قطاع غزة، حيث خلصت هيئة التحقيق المستقلة التابعة لهيئة الأركان العامة، إلى وجود إهمال جسيم من جانب أحد اهم ألوية المشاة في الجيش الإسرائيلي، وهو لواء “ناحال”، التابع للفرقة 162، والذي كان مسؤولاً عن توجيه الغارات الجوية التي قتلت عمال الإغاثة، ومن ثم أمر رئيس الأركان بإقالة العقيد نوتشي مندل، رئيس أركان لواء ناحال، بجانب ضابط آخر برتبة رائد، كما وجه توبيخاً لكل من قائد القيادة الجنوبية، يارون فينكلمان، وقائد الفرقة 162، إيتسيك كوهين، وقائد لواء ناحال، يائير زوكرمان.
وقد تزايدت حدة الانتقادات العلنية التي يوجهها ضباط حاليين وسابقين بالجيش الإسرائيلي، للقيادات العسكرية والسياسية، منهم اللواء احتياط، إسحاق بريك، الذي هاجم في مقال بصحيفة “معاريف”، رئيس الأركان على خلفية رغبته في تعيين مجموعة جديدة من الضباط، ناهيك عن انضمام عدد من ضباط الجيش للتظاهرات المناهضة للحكومة الإسرائيلية، والمطالبة بإنهاء القتال في قطاع غزة وإعادة الأسرى، مثل رئيسي أركان الجيش الإسرائيلي الأسبقين، يائير غولان وموشيه يعلون.
و رغم حاجة الجيش الإسرائيلي الحالية لزيادة عديد قواته في الخدمة العاملة والاحتياطية، بدأت مخاوف القيادة العسكرية الإسرائيلية، من استمرار منحى المغادرة الطوعية للمجندين العاملين في الخدمة العاملة، في التزايد، خاصة في ظل استمرار العمليات العسكرية منذ أكتوبر الماضي وحتى الآن، وكذا تفاقم أزمة تجنيد المتدينين “الحريديم”، بعد تهديد الحاخام الأكبر بترك إسرائيل إذا أُجبر المتدينون على التجنيد في الجيش الإسرائيلي، عبر تشريع خاص يستهدف زيادة أعداد اليهود المتشددين دينيًا في صفوف الجيش وفي الخدمة المدنية، وهو ما ظل الحريديم يرفضوه على مدار العقود الماضية.
الجيش الإسرائيلي وعتبة “حظر للتسلح”
من أبرز السمات التي يمكن رصدها بالنسبة للجيش الإسرائيلي في مرحلة ما بعد “طوفان الأقصى”، بروز مخاوف إسرائيلية جدية، من إمكانية تشكل “تيار دولي”، يدفع نحو خضوع تل أبيب في المدى المنظور، لحظر رسمي أو غير رسمي لتصدير الأسلحة إليها، نتيجة لنهج الجيش الإسرائيلي الرامي لاستهداف كل من له علاقة بتنظيم الوضع الإنساني في قطاع غزة، سواء قادة الشرطة أو لجان التنسيق المحلية، أو حتى المخاتير ومسئولي العشائر، بجانب المستشفيات والمرافق الخدمية، وهو ما أسفر عن وقوف إسرائيل للمرة الأولى، أمام محكمة العدل الدولية، وتعرضها لإحراج دولي كبير، بعد إصدار المحكمة أواخر يناير الماضي، قراراً بإلزام إسرائيل اتخاذ إجراءات مؤقتة لمنع أعمال الإبادة الجماعية، والسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وقد كان هذا القرار بمثابة الخطوة الأولى التي بدأ من خلالها، طرح فرضية “فرض حظر لتوريد الأسلحة” إلى إسرائيل.
وقد بدأت بالفعل عدة دول، في اتخاذ إجراءات جزئية أو كلية، حيال عمليات توريد الأسلحة إلى إسرائيل، وكانت البداية من إيطاليا، ففي يناير الماضي، أعلن وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاجاني، أن بلاده أوقفت جميع الصادرات العسكرية إلى إسرائيل، منذ بدء العمليات العسكرية في أكتوبر الماضي. وفي بلجيكا، أعلنت حكومتان من أصل ست حكومات إقليمية في بلجيكا مطلع فبراير الماضي، إيقاف عمليات تصدير الأسلحة إلى “إسرائيل”، إذ علقت حكومة إقليم “والونيا” في جنوب البلاد، تراخيص تصدير البارود إلى إسرائيل، كما أعلنت الحكومة البلجيكية توسيع الحظر الذي كان مفروضاً منذ عام 2006 على تصدير وعبور البضائع العسكرية إلى إسرائيل، ليشمل البضائع ذات الاستخدام المزدوج، أي التي قد تستخدم لأغراض مدنية وعسكرية.
كما أعلنت شركة “إيتوتشو” اليابانية، أنها ستنهي تعاونها الاستراتيجي في مجال تقاسم التكنولوجيا وقدرات التصنيع، مع شركة “البيت سيستمز” الإسرائيلية للصناعات العسكرية، والذي تم الاتفاق عليه في مارس 2023، استجابة لحكم محكمة العدل الدولية بسبب الإبادة الجماعية في قطاع غزة. وفي إسبانيا، أعلن وزير خارجيتها، خوسيه مانويل ألباريس، في الشهر نفسه أيضاً، أن بلاده أوقفت منذ السابع من أكتوبر الماضي، جميع تراخيص تصدير السلاح إلى إسرائيل، وأنها فرضت حالياً حظراً على مبيعات الأسلحة إلى تل أبيب، وقد تمثلت بداية تطبيق هذا الحظر بشكل فعلي، في إيقاف عملية تصدير شحنة من الذخائر إلى إسرائيل في نوفمبر الماضي، بلغت قيمتها 1.1 مليون دولار.
في هولندا، أمرت محكمة الاستئناف، الحكومة الهولندية بمنع جميع صادرات قطع غيار الطائرات المقاتلة من نوع “أف-35” إلى إسرائيل، حيث تستضيف هولندا واحداً من عدة مستودعات إقليمية لقطع غيار هذا النوع من الطائرات، والتي تستخدم في توزيع قطع الغيار على الدول التي تطلبها ومن بينها إسرائيل، وقامت كندا بخطوة مماثلة في مارس الماضي، حين أعلنت وزيرة الخارجية الكندية، ميلاني جولي، أن بلادها ستعلق تصدير الأسلحة إلى إسرائيل. يضاف إلى ما سبق، تزايد الحملات الداخلية في دول أوروبية عدة، والتي تدعو إلى حظر تصدير الأسلحة إلى “إسرائيل”.
وعلى الرغم من مقاومة الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا حتى الآن للدعوات القانونية والشعبية لمراجعة مبيعاتها من الأسلحة لـ إسرائيل، فإن إشارات مهمة بدأت تظهر حالياً هذا الأمر ربما تشي بإمكانية تطبيق هذه الدول أشكالاً مختلفة من حظر الأسلحة على إسرائيل، فالحكومة البريطانية ألمحت الشهر الماضي إلى أنها قد تفكر في تعليق تراخيص تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، إذا نفذ هجوماً على مدينة رفح، ويحتمل أن تلجأ ألمانيا – العضو في معاهدة الأمم المتحدة لتجارة الأسلحة – إلى حظر بيع أسلحة معينة لتل أبيب، إذا كان هناك خطر من إمكانية استخدامها لانتهاك القانون الإنساني الدولي.
موقف إسرائيلي متراجع على المستوى التكتيكي والاستراتيجي
من أهم النتائج التي ترتبت على عملية طوفان الأقصى، ومجريات أكثر من 200 يوم من العمليات العسكرية، إظهار مدى المعضلات التي طرأت على المرتكزات الرئيسية في الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، والتي بدا أنها لا تتواكب مع الدروس المستقاة من المواجهات العسكرية الكبرى السابقة، مثل حرب أكتوبر 1973، والهجوم على لبنان عامي 1982 و2006، والمواجهات المتتالية مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة. هذا ظهر بوضوح من خلال ضعف استجابة الوحدات العسكرية الإسرائيلية – على المستوى الميداني والقيادي – لهجوم السابع من أكتوبر، وقد كان عنصر المباغتة في هذا الهجوم لافتاً بشكل يدعو للتعجب، بالنظر إلى حقيقة أن الحدود الفاصلة بين قطاع غزة والمستوطنات الإسرائيلية المحاذية له، تقبع تحت نظام مراقبة وتأمين صارم وشامل، يشمل مئات كاميرات المراقبة، وعشرات مواقع الحراسة والتأمين، بجانب المراقبة الجوية المستمرة سواء عبر مناطيد المراقبة أو عبر الطلعات الروتينية لطائرات الاستطلاع بدون طيار، وبالتالي كانت طريقة تنفيذ هذا الهجوم، وما بدا أنه “ذهول” أصاب وحدات الحراسة الإسرائيلية المرابطة على حدود القطاع، من أهم مفاجآت هذه العملية.
كما ساهم غياب خطة دفاعية جاهزة لدى الجيش الإسرائيلي حيال أية عمليات محتملة من داخل القطاع، في تأخر رد الفعل العسكري الإسرائيلي، كما فاقمت عطلة عيد العرش اليهودية أيضا من حالة تراجع الاستعداد، وقد أظهرت التحقيقات الإسرائيلية أن المناوبة القتالية في غلاف غزة عشية بدء هجوم السابع من أكتوبر، كانت تتألف من ثلاث كتائب مشاة وكتيبة دبابات، لكن كانت العناصر المتواجدة بالفعل على طول الغلاف لحظة بدء الهجوم، لا تزيد في أفضل الأحوال عن 500 أو 600 جندي فقط. تأخر رد الفعل العسكري، ساهم في ترك وحدات الشرطة والجيش في مسرح العمليات دون دعم جوي أو تعزيزات، وهو ما أدى إلى وقوع أعداد كبيرة من الأسرى والقتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي، واستمرت حالة الارتباك هذه حتى مع بدء تحرك الوحدات الإسرائيلية نحو غلاف غزة، حيث شابت عملية تجنيد الاحتياط مشاكل عدة، وساهم ضعف التنسيق في حدوث أخطاء قاتلة خاصة على مستوى العمليات الجوية، ومن أمثلة ذلك إطلاق مروحية تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، النار على سيارة كان بداخلها عدد من المقاتلين الفلسطينيين، تبين لاحقا، استنادا إلى شهود عيان ولقطات كاميرات المراقبة، أن السيارة كان بداخلها أيضا رهائن إسرائيليين، وقد قتلوا جميعاً.
مع بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، اتسم أسلوب تحرك القوات الإسرائيلية، بملامح تكتيكية كلاسيكية، تم اتباعها مراراً خلال العمليات البرية الإسرائيلية، سواء في حرب أكتوبر 1973، أو في اجتياح العاصمة اللبنانية عام 1982، ويعتمد بشكل رئيسي على القصف الجوي الكثيف، لتحقيق أكبر قدر من التدمير في البيئة الحضرية، ومن ثم تتقدم القوات المدرعة الإسرائيلية على الأرض، مدعومة بالجرافات الثقيلة، وهو تكتيك لم يراعي – كما اتضح لاحقاً – تطور الأساليب الفلسطينية في التعامل مع القوات المدرعة، سواء على مستوى التسليح، أو مستوى طرق الهجوم.
فقد دخلت عناصر الفصائل الفلسطينية في المعارك التلاحمية مع الدبابات والمدرعات الإسرائيلية في شمال غزة، بوعي كامل لنقاط القوة والضعف الخاصة بكل نوع من أنواع الدبابات والمدرعات التي تم إدخالها في الميدان، وبفهم واضح من جانب عناصر المقاومة الفلسطينية، لآلية عمل منظومات القتل الصعب والسهل التي تتزود بها بعض أنواع الدبابات الإسرائيلية، والتي من خلالها يتم توفير الحماية للآليات المدرعة من مخاطر المقذوفات المضادة للدبابات، وهو ما قلص بشكل حاد، من الميزة التفضيلية للقوة المدرعة، وهذا للمفارقة نفس ما حدث في أكتوبر 1973.
يضاف إلى ما سبق، فشل القوات الإسرائيلية المقاتلة في قطاع غزة خلال الفترة الماضية، في تحقيق “نتائج واضحة”، حيث مازال الأسرى متواجدين في قطاع غزة، ولم يتم تطهير أية منطقة في القطاع تطهيراً شاملاً، واستمر ظهور المقاتلين الفلسطينيين في كافة مناطق القطاع، بما في ذلك أقصى شمال القطاع، واستمرت كذلك عمليات إطلاق الصواريخ نحو غلاف غزة، رغم تراجع مستواها بشكل كبير..
على المستوى الاستراتيجي، أصيبت عدة مرتكزات أساسية في الذهنية الدفاعية الإسرائيلية، بأضرار بالغة نتيجة تداعيات هجوم السابع من أكتوبر، وما تلاها من معارك على الجبهات المختلفة، منها مبدأ “الحرب الاستباقية”، الذي كانت تل أبيب من خلاله تنقل المواجهة الميدانية – إستباقياً – إلى أراضي الطرف المعادي، وهو المبدأ الذي بات طي النسيان، بعد أن وجدت القوات الإسرائيلية نفسها تقاتل في مستوطنات غلاف غزة، وتتعرض للقصف المسير والصاروخي من لبنان واليمن وسوريا وإيران، بجانب تصاعد العمليات الفلسطينية في الضفة الغربية، وتطورها على المستوى النوعي، وهو ما ألحق في المجمل معضلات جدية تتعلق بقدرات الردع الإسرائيلية، حيث فقدت تل أبيب على سبيل المثال، جانب كبير من الهيمنة على المجال الجوي اللبناني، بعد أن تم إسقاط خمسة مسيرات من جانب الدفاعات الجوية لحزب الله، وهو معدل كبير في هذه المدة المحدودة.
يضاف إلى ذلك حقيقة أن الجيش الإسرائيلي بات عملياً يقاتل في جبهات عدة، وهو ما يفرض عليها حالة “مرهقة” من الاستنفار العسكري والمالي والسياسي الدائم، وهذا يمكن فهمه من خلال مطالعة الوضع الحالي في مستوطنات الجليل الأعلى وغلاف غزة، وحالة الشلل الاقتصادي التي أصيبت بها هذه المستوطنات، التي تحولت إلى مدن أشباح. ناهيك عن أن الوحدات الإسرائيلية المقاتلة قد وجدت نفسها خلال الفترة الأخيرة، تعاني من صعوبات كبيرة فيما يتعلق بقدرتها على الإيفاء بحاجاتها من الذخائر والأسلحة، وتعارض الرغبات الأمريكية بشكل متكرر، مع الرؤية الحالية للقيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل، بشكل يضع العلاقة بين الجانبين في خانة من التوتر الذي ينعكس بالتأكيد على الأداء العسكري الإسرائيلي ميدانياً.
الأكيد أن المؤسسة العسكرية في إسرائيل مقبلة على مرحلة “أكثر تشدداً”، تستحوذ فيها المخاوف من تكرار “فشل أكتوبر” للمرة الثالثة، على ذهنية القيادة العسكرية في تل أبيب، التي ستخضع قريباً جداً لتغيرات جذرية على مستوى المناصب والقيادات، وكذا على مستوى الثوابت الدفاعية والمرتكزات الاستراتيجية، التي بالقطع تغيرت تماماً بعد السابع من أكتوبر.
باحث أول بالمرصد المصري