إيران

دور وكلاء إيران في عملية “الوعد الصادق” ضد إسرائيل

أطلقت إيران مساء السبت 13 أبريل 2024 أكبر عملية عسكرية خارجية لها في تاريخها العسكري منذ انتهاء حرب الثماني سنوات مع العراق في عام 1988. بل وكانت العملية التي عُرفت باسم “الوعد الصادق” أول هجوم إيراني مباشر ينطلق من الأراضي الإيرانية ضد أهداف في إسرائيل، ما خالف حالة “الحرب غير المباشرة” بينهما وأنهى “حالة اللا سلم واللا حرب” التي اتسم بها صراع الجانبين منذ 1979.

واستخدمت إيران في هذا الهجوم 170 طائرة مسيرة متنوعة كان أكثرها من نوع “شاهد – 136” و”شاهد – 131″، إلى جانب 36 صاروخ كروز، وأكثر من 120 صاروخًا باليستيًا. وقد تم اعتراض 99% من جميع هذه المسيرات والصواريخ حسبما أعلن الجيش الإسرائيلي، كما كبدت هذه العملية الدفاعية وحدها إسرائيل حوالي 1.3 مليار دولار أمريكي ( ما بين 4 – 5 مليارات شيكل إسرائيلي).

وعلى الرغم من الاعتقاد بأن إيران، عن طريق القوات المسلحة والحرس الثوري، هي وحدها منفردة التي قامت بهذه العملية، فإن الوكلاء الإيرانيين في لبنان واليمن والعراق وسوريا قد شاركوا بشكل واضح في هذا الهجوم.

دور “حزب الله” اللبناني في عملية “الوعد الصادق”

بالتزامن مع إطلاق إيران من أراضيها مساء السبت وفجر الأحد 13 و 14 أبريل 2024 مئات المسيرات والصواريخ باتجاه أهداف في إسرائيل، قام “حزب الله” اللبناني بتنفيذ عدد من العمليات ضد مواقع للجيش الإسرائيلي على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وكانت على النحو التالي:

– استهدفت الجماعة في الساعة الثانية عشرة و35 دقيقة صباح الأحد 14 أبريل الجاري، أي في نفس وقت إطلاق عمليات “الوعد الصادق”، مقر الدفاع الجوي والصاروخي في قاعدة “كيلع” الإسرائيلية الواقعة في مرتفعات الجولان السورية بعشرات من صواريخ “الكاتيوشا”.

– في الساعة الرابعة ونصف فجر ذلك اليوم، شن “حزب الله” غارات صاروخية على مواقع إسرائيلية في “نفح” و”يردن” و”كيلع” بمرتفعات الجولان السورية أيضًا، وذلك عن طريق صواريخ الكاتيوشا أيضًا. وقد أصابت هذه الصواريخ أيضًا منطقة الجليل جنوب الحدود اللبنانية.

وبسبب هذه العمليات التي قامت بها الجماعة، طالب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، سكان مناطق شمال الجولان ومدينتي ديمونة وإيلات بالبقاء في مكان آمن حتى إشعار آخر. وقال “أدرعي” في تغريدة على منصة “أكس”: “طبقًا لتقييم الوضع، يُطلب من سكان شمال هضية الجولان ومنطقة نفاتيم في النقب ومدينتي ديمونة وإيلات البقاء حتى إشعار أخر قرب مكان آمن يمكن الوصول إليه في الوقت المطلوب”.

“الحوثيون” ينضمون لعملية “الوعد الصادق” الإيرانية ضد إسرائيل

خلال سريان عملية “الوعد الصادق” الإيرانية ضد إسرائيل، شنت حركة “الحوثي” اليمنية عددًا من الهجمات باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة انطلاقًا من اليمن باتجاه إسرائيل عبر البحر الأحمر، وهي نفس الأدوات العسكرية التي استخدمتها إيران في هجومها ضد إسرائيل.

وانطلقت هذه الصواريخ والمسيرات من محافظتي البيضاء والجوف اليمنيتين، وشنت الجماعة أيضًا هجمات أخرى انطلاقًا من “جبل ذي ملاح” غرب اليمن في الجوف. وقد أعلنت شركة “أمبري” البريطانية لأمن الملاحة البحرية مساء يوم إطلاق إيران لعملياتها ضد إسرائيل أن “الحوثيين أطلقوا عدة طائرات مسيرة انتحارية على أهداف في إسرائيل”. وقد أوردت إذاعة إسرائيل الرسمية مساء اليوم نفسه قائلة “أنباء عن قصف ومسيرات من اليمن نحو إيلات وأجواء البحر الأحمر”.

وقد أعلنت القيادة المركزية الأمريكية أنها استطاعت بشكل متزامن تدمير مقذوفات قادمة من إيران واليمن بهدف ضرب إسرائيل، موضحة بشكل دقيق أنها تمكنت من تدمير صاروخ باليستي كان معدًا للإطلاق إلى جانب 7 طائرات مسيرة من دون طيار في المناطق التي يسيطر عليها “الحوثيون” في اليمن قبيل إطلاقها من قواعدها.

وعلى الرغم من أن هذه المسيرات والصواريخ “الحوثية” لم تكن ذات تأثير حقيقي يُذكر ضد أهداف إسرائيلية فإنها مثلت مشاركة متزامنة منها مع إيران في عملية “الوعد الصادق”.

العراق ساحة مرور وانطلاق

مثّل العراق رقمًا مهمًا في معادلة الهجمات الإيرانية التي وُجهت ضد إسرائيل مساء يوم 13 أبريل 2024. فقد عبرت أغلب المسيرات الإيرانية الأراضي العراقية في محافظات نيسان والبصرة والناصرية والسليمانية وحتى الأنبار الواقعة في أقصى العراق على الحدود مع الأردن حتى تمكنت من الوصول في النهاية إلى إسرائيل. وقد شوهدت هذه المقذوفات لمدة 50 دقيقة في الأراضي العراقية، ما دفع السلطات المركزية في بغداد، والأردن ولبنان كذلك، إلى إلغاء جميع الرحلات الجوية في ذلك الوقت وحتى صباح اليوم التالي.

وإلى جانب مرور المسيرات من الأجواء العراقية، فقد شاركت بعض الجماعات العراقية الموالية لإيران في عملية “الوعد الصادق” عن طريق إطلاق هجمات بالمسيرات من مناطق عراقية في مدينتي “عكاشات” و”الرطبة” على وجه الخصوص والواقعتين في محافظة الأنبار غربي العراق.

صواريخ سورية على مرتفعات شمال الجولان

بالتزامن مع الهجمات التي شنها “حزب الله” و”الحوثيون” من لبنان واليمن، قامت جماعات موالية لطهران في سوريا مساء اليوم نفسه (13 أبريل 2024) بإطلاق عدد كبير من الصواريخ من جنوب سوريا على مرتفعات شمال الجولان السورية، وصل عددها حسب مختلف التقارير إلى 28 صاروخًا. وقد تمكنت إسرائيل من إسقاط بعض من هذه الصواريخ، ولم يتسبب البعض الآخر في إحداث أضرار واضحة تُذكر.

لماذا أرادت إيران –من دون وكلائها- أن تلعب الدور الأكبر في عملية “الوعد الصادق” ؟

لم تكن إيران وحدها التي نفّذت عملية “الوعد الصادق” ضد إسرائيل مساء يوم 13 أبريل 2024، على الرغم من الاعتقاد الشائع حول ذلك. فقد شاركت مختلف الجماعات اللبنانية والسورية واليمنية والعراقية الموالية لطهران في هذه العمليات.

ومع ذلك، فإن مشاركة هذه الجماعات الوكيلة يمكن وصفه بأنه رمزي أو غير رئيس في هذه العمليات عند النظر إلى حجم المقذوفات التي أطلقتها إيران والذي تخطي 300 مقذوف ما بين مسيرات متنوعة وصواريخ.

وكانت مثل هذه المشاركة متوقعة من جانب وكلاء إيران، وكانت محدوديتها أيضًا مرغوبًا فيها إيرانيًا؛ ذلك لأن طهران أرادت أن تصور أنها هي صاحبة الدور الرئيس في هذه العملية لاعتبارات سياسية واستراتيجية وأمنية عدة كان أبرزها ما اسمته مفاهيم النظام السياسي في طهران “مبدأ الردع الإيراني” الذي يعني أنه “من الضروري أن تهاجم إيران بنفسها إسرائيل بعد الاعتداء على التراب الإيراني في سوريا ممثلًا في قنصلية دمشق”. كما أرادت طهران كذلك “حفظ ماء الوجه” أمام عملية إسرائيل في سوريا والتي أسمتها “اعتداءً على التراب الإيراني”.

+ posts

باحث بالمرصد المصري

علي عاطف

باحث بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى