مصر

نص كلمة الرئيس السيسي خلال حفل تخرج الأكاديمية والكليات العسكرية

ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي كلمة مهمة خلال حفل تخرج الأكاديمية والكليات العسكرية، ارتبطت بالتطورات الجارية على حدود مصر الشرقية، والتصعيد الجاري في قطاع غزة. دعا خلالها كافة الأطراف إلى إعلاء لغة العقل والحكمة والالتزام بأقصى درجات الضبط النفس وإخراج المدنيين والأطفال والنساء من دائرة الانتقام الغاشم، والعودة فورًا للمسار التفاوضي تجنبًا لحرائق ستشتعل فلن تترك قاصيًا أو دانيًا إلا وأحرقته.

وفيما يلي نص الكلمة:

بسم الله الرحمن الرحيم

شعب مصر العظيم،

أبنائي وبناتي من خريجي الكليات العسكرية،

رجال جيش مصر الأبطال،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تبلغ سعادتي مداها، ونحن نحتفل اليوم معًا، بتخريج جيل جديد من أبناء مصر الذين تعلموا في مدرسة العسكرية المصرية، تعلموا مبادئ الوطنية والبطولة، وقيم الكرامة والعزة وعاهدوا الله واهبين أنفسهم للوطن، محافظيـن علـى أرضه ومقدرات شعبه، اختاروا أن يكونوا درع الوطن وسيفه، تسلحوا بالإيمان والعلم والوطنية في هذه الأكاديمية العسكرية العريقة.

أوجه لكم تهنئة ممزوجة بكل الأمنيات القلبية الطيبة، بانضمامكم إلى صفوف القوات المسلحة المصرية لتنضموا إلى خير أجناد الأرض.

كما يطيب لي أن أعرب عن عظيم التهاني لأسركم الكريمة الذين يحصدون اليوم، ثمار ما زرعوه في نفوسكم ووجدانكم من قيم ومبادئ، وأقدم لهم التحية الواجبة.

وأود كذلك أن أغتنم هذه الفرصة مع هذا الجمع الكريم، لتوجيه تحية تقدير وإجلال لشهداء مصر الأبرار الذين قدموا أرواحهم؛ ليظل هذا الوطن باقيًا، وتظل كرامته مصونة، ورايته عالية خفاقة بين الأمم.

شعب مصر العظيم،

أوجه حديثي إليكم، وإلى كل شعوب الأرض بكلمات واضحة، وعبارات لا تحتمل تأويلًا.. إن حكم التاريخ وقواعد الجغرافيا قد صاغوا ميثاق الشرف العربي في وجدان الضمير المصري ما جعل مصر دائمًا وأبدًا في صدارة الدفاع عن الأمة العربية مقدمة الدماء والتضحيات، باذلة كل ما تملك من أجـل الحــق العربي المشــروع حين كانت الحرب فكنا مقاتلين وكان السلام فكنا له مبادرين لم نخذل أمتنا العربية، ولن نخذلها أبدًا واليوم ونحن في قلب تطورات شديدة الخطورة، وسعي دؤوب من أطراف متعددة للحيد بالقضية الفلسطينية عن مسارها الساعي لإقرار السلام القائم على العدل وعلى مبادئ “أوسلو”، والمبادرة العربية للسـلام، ومقـررات الشـرعية الدوليـة.. إلى تصعيد ينحرف عن هذا المسار، وإلى صراعات صفرية لا منتصر فيها ولا مهزوم، صراعات تخل بمبادئ القانون الدولي والإنساني، وتخالف مبادئ الأديان والأخلاق.

وإدراكًا مني، ويقينًا بأن كل صراع لا يؤول إلى السلام، هو عبث لا يعول عليه؛ فإنني أدعو كافة الأطراف إلى إعلاء لغة العقل والحكمة، والالتزام بأقصى درجات ضبط النفس، وإخراج المدنيين والأطفال والنساء، من دائرة الانتقام الغاشم، والعودة فورًا للمسار التفاوضي، تجنبًا لحرائق ستشتعل فلـن تتـرك قاصـيًا أو دانيًا إلا وأحرقته مع استعداد مصر أن تسخر كل قدراتها وجهودها للوساطة، وبالتنسيق مع كافة الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة دون قيد أو شرط.

وأؤكد بشكل واضح أن سعي مصر للسلام، واعتباره خيارها الاستراتيجي يحتم عليها ألا تترك الأشقاء في فلسطين الغالية، وأن نحافظ على مقدرات الشعب الفلسطيني الشقيق، وتأمين حصوله على حقوقـه الشـرعية فهذا هو موقفنا الثابت والراسخ، وليس بقرار نتخذه بل هو عقيدة كامنة في نفوسنا وضمائرنا آملين بأن تعلو أصوات السلام، لتكف صرخات الأطفال، وبكاء الأرامل ونحيب الأمهات ولن يتأتى ذلك، إلا بتوفير أقصى حماية للمدنيين من الجانبين فورًا، والعمل على منع تدهور الأحوال الإنسانية، وتجنب سياسات العقاب الجماعي، والحصار والتجويع والتهجير.

وأؤكد ضرورة عدم تحمل الأبرياء تبعات الصراع العسكري، وهو ما يستوجب تسهيل وصول المساعدات الإنسانية، لأبناء الشعب الفلسطيني، بشكل عاجل ويجب على المجتمع الدولي اليوم أن يتحمل مسؤولياته في هذا الصدد؛ فمن أجل السلام فليعمل العاملون.

السيدات والسادة.. الحضـور الكريم،

إن مصر بجيشها وشعبها، يصيغون على مدار عقد كامل، صيغة للمستقبل منذ أن انحاز الجيش لإرادة المصريين، وواجهوا معًا قوى الشر والظلام التي أرادت أن تطفئ نور الوطن، وكانت إرادة الله أن يظل نور مصر باقيًا، ليفيض على العالم بالسلام والمحبة واجهنا الإرهاب والترويع استعدنا بناء المؤسسات، واجهنا التحديات بالتنمية والبناء وسنظل نواجه كل التحديات بإصرار وعزيمة، وباصطفافنا الوطني عاقدين العزم أن تظل مصرنا العزيزة في صدارة الأمم، وأن ينعم شعبها بحياة كريمة تليق به.

وبجيش مصر وشعبها وبالله من قبل ومن بعد: ستحيا مصـر.. تحيـا مصـر.. تحيـا مصـر.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

واستطرد الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد ذلك قائلًا إن المرحلة الحالية مرحلة صعبة، ونبذل جهدًا كبيرًا للغاية لاحتواء التصعيد والاقتتال القائم، ونحاول الوصول لوقف الاقتتال والتخفيف عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، واتصالاتنا لا تنتهي مع القادة والمسؤولين، الكل مهتم ونحن حريصون على أن تصل المساعدات سواء طبية أو إنسانية إلى القطاع.

في الفترة الحالية يتردد كلام كثير وهناك شائعات من مغرضين، فوددت التأكيد على أن مصر لا تألو جهدًا وتتحرك مع أشقائها من قادة الدول العربية وأصدقائنا وحلفائنا لإيجاد حل لهذا الأمر. بالطبع نحن متعاطفون، ولكن أثناء التعاطف نتعامل بعقولنا لكي نصل إلى السلام بشكل لا يكلفنا الكثير، ونحن لم نسبب مشكلة لأحد، بل نتحدث ولدينا تسعة ملايين ضيف من دول كثيرة أتوا إلى مصر من أجل الأمن والأمان والسلم والسلام.

خطورة الأوضاع في قطاع غزة كبيرة لأنها تعني تصفية القضية الفلسطينية. فمن المهم أن نكون منتبهين لذلك فهذه القضية هي قضية العرب كلهم ومن المهم أن يظل شعبها صامدًا ومستمرًا على أرضه، وسنبذل أقصى جهد للتخفيف عنهم. ومصر مستعدة أن تسخر كل قدراتها وجهودها للوساطة والتنسيق مع كافة الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة دون قيد أو شرط.

أقول للمصريين، أعرف أن التحديات صعبة منذ 2011 وننتقل من أزمة إلى أزمة، ولكن عزاءنا أن الله سبحانه وتعالى يسلم البلاد من كل سوء، وإذا كان الأمر مرتبطًا بالحياة وتكلفتها، ولكن هناك فارق كبير جدًا بين تكاليف حياة وإهدار حياة وخراب دول.

ومصر ستظل بفضل الله باقية صامدة قادرة بالمصريين، ولن يستطيع أحد المساس بمصر إلا من خلال المصريين. ولكن قدرة مصر على تأمين نفسها وحماية نفسها كافية. ولكن الشعب كذلك مسؤول عن حفظ مصر وأمنها. احذروا من أن يزين لكم أحد أو يفتنكم، فكفى ما يحدث بالدول الأخرى من خراب.

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى