مقالات رأي

الحفاظ على البنى التحتية لمصلحة الوطن والمواطن

تعد البنى التحتية أو الأساسية للوطن بمثابة الجهازين الدوري بشرايينه وأوردته، والعصبي لجسم الإنسان كما أنها تخدم وتهيئ أنسب الظروف للارتقاء ودعم مجالات الأمن القومي الشامل خاصة الاقتصادية والمجتمعية وجزئيا للمجال العسكري. وهو ما تركز عليه مصر بقيادة الرئيس السيسي وتسابق الزمن لقرابة عقد من الزمان، حيث توقف ذلك في تاريخ مصر الحديث منذ نجاح النصف الأول لحكم أسرة محمد على، والنصف الأول لحكم الرئيس جمال عبدالناصر، حيث تراوحت باقي المدد بين احتلال بريطاني وحروب وبعض القرارات غير المدروسة، والخلط بين مفهوم الاستقرار ومفهوم السكون واللا حركة، وهو ما يصعب من سرعة البناء والإصلاح، خاصة مع الزيادة السكانية المطردة، وسوء الحظ جراء جائحة كورونا، ثم الآثار السلبية للحرب الروسية الأوكرانية، خاصة سلاسل الغذاء والأزمة الاقتصادية والمالية العالمية.

وحتى لا يكون الحديث مرسلًا عن أهمية البنى التحتية. فسنستعرض مثالين، أحدهما دولي والآخر إقليمي؛ فالولايات المتحدة تشكلت بعد الحرب الأهلية المريرة بين شمالها وجنوبها، ولكي ترسي أركان دولة أصبحت عظمى لاحقًا، أرست البنية الدستورية التي تفتخر بِقِلة التعديلات خلال عدة قرون. ثم البنية العسكرية الوطنية لحماية الأمن القومي للدولة خارجيًا وداخليًا فلا تنمية وتطور دون أمن. ثم شبكة الطرق والكباري والسكك الحديدية وكذلك بنية الموانئ الجوية والبحرية وما حولهما من مناطق اقتصادية، مع البنية التعليمية والصحية. وهكذا بدأت الولايات المتحدة لتتبوأ لاحقا صدارة العالم اقتصاديا وعسكريا وعلميًا.

وعلى المستوى الإقليمي نُدلل بالمملكة العربية السعودية والبنى التحتية في جميع المجالات خاصة مناسك الحج والعمرة من طرق وسكك حديدية وأنفاق وخلافه، ويسهٍل ذلك ان المملكة دولة بترولية غنية وتستقدم أفضل بيوت الخبرة، كما أن قوتها البشرية موزعة على مساحة كبيرة بكثافات قليلة مما يُسهٍل التخطيط والتنفيذ الجديد دون عوائق من إصلاح القديم، عكس مصر التي ترسي البنى التحتية الجديدة خارج الكتل السكانية القديمة وإنشاء مجتمعات جديدة متكاملة من جهة، ومن جهة أخرى تقوم بالإصلاح والتطوير داخل الكتلة السكانية القديمة من شوارع وكباري وأنفاق وكل ما فوق سطح الأرض وما في باطنها الذي لم يمسه إحلال أو تطوير لقرابة 80 عامًا دون مبالغة. وهنا لا نعطي مثالًا بمصر الجديدة ولكن مثالًا بباب الشعرية وشارع الجيش حيث القِدَم وضيق الشوارع والكثافة السكانية العالية.

والآن ومع اقتراب الدولة من إنجاز معظم البنى التحتية العملاقة التي تكلفت المليارات. كيف نحافظ عليها ونصونها ونمد في عمرها الافتراضي بكفاءة وأمان لمصلحة الوطن وأمن المواطن؟ حيث يرتبطان ويتكاملان. فواجب الدولة من خلال هيئاتها المعنية تجاه الطرق: هو الصيانة والإضاءة وتعميمها طبقا لأولوياتها وكثافة التحرك عليها، وكذلك العواكس الفسفورية للحارات ونهايات أجناب الطرق، خاصة في المناطق المظلمة. مع تجديد دهانات أسهم الدورانات و(الكيرفات) والمطبات الصناعية وخطوط الإنذار السابقة لها مع تصميم وتنفيذ المطبات الصناعية بمقاييس هندسية سليمة في العرض والارتفاع والميول قياسًا على أقل ارتفاع لأسفل عربات الركوب بحمولتها الكاملة. ولا يسمح لكل من ليس له صفة بإقامة مطبات صناعية مع تجرًيم من يقوم بذلك.

مع إمكانية استبدال وتصنيع لوحات التوجيه القصيرة للدورانات والمطالع والمنازل، من البلاستيك القوي بديلًا للمعادن التي تتم سرقتها بواسطة ضعاف النفوس، حيث نجحت التجربة مع أغطية بلاعات الصرف الصحي السابق صنعها من الحديد الزهر. وأيضًا إقامة بعض الأسيجة على أجناب بعض الطرق الرئيسة غير المأهولة لمنع عبور الحيوانات البرية ليلًا لمنع الحوادث. أما دور المواطن فهو المحافظة على الطريق من حيث: سلامة سيارته، والالتزام بقوانين المرور، ونظافة الطريق بعدم إلقاء مخلفات ورصدها بكاميرات المراقبة. كما أن ذلك من الإيمان (بإماطة الأذى من الطريق).

وأما الكباري، فعلى الجهات المعنية زيادة تحقيق سلامة السيارات بصيانة الأجناب المعدنية المرتفعة التي تسقط نتيجة اصطدام بعض السيارات بها، مع استعادة الشكل الحضاري (كوبري محور الفريق الشاذلي كمثال) وكذلك صيانة (بَنَارات) أعلام الجمهورية لرمزيتها لكيان الدولة او إزالتها من بعض أجناب الكباري، وأيضا تجديد وصيانة أحرف الآيات والشعارات الوطنية عليها. أما المواطن فعليه الحفاظ على النظافة وعدم الكتابة ووضع الملصقات وإلقاء المخلفات. مع الحفاظ على الشكل الحضاري للإسكان بديل العشوائيات. وبقي أن نعرف من التجارب السابقة أن كل دولار يصرف في البنية الأساسية يعود إلى الدولة ببضعة دولارات خلال بضع سنين.. فمعًا نبني مصرنا الجديدة بإذن الله.

نقلًا عن جريدة الأهرام

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى