القضية الفلسطينية

الأمين العام لجامعة الدول العربية: لا يمكن تغيير الوضع التاريخي للقدس باستعراضات تهدف إلى مكاسب سياسية في حكومة يمينية متطرفة

أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد أحمد أبو الغيط خلال كلمته الافتتاحية لمؤتمر دعم القدس الذي عُقد اليوم بجامعة الدول العربية أن القدس مدينة تحت الاحتلال بواقع القانون الدولي، لا مجال لجدل في هذا، ولا يمكن تغيير وضعها التاريخي أو مركزها القانوني بإجراءات أحادية أو باستعراضات سياسية لا هدف لها إلا مكاسب سياسية يسعى لها أعضاء في حكومة يمينية متطرفة يهدفون لتسجيل النقاط مع ناخبيهم. 

وفيما يلي نص الكلمة:

بسم الله الرحمن الرحيم

أعلن على بركة الله افتتاح مؤتمر القدس، وأرحب بفخامة الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين، كما أرحب بصاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية صاحب الوصاية الهاشمة على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، وأرحب بفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية دولة الضيافة، كما أرحب بالسادة وزراء الخارجية والسادة رؤساء منظمات الدولية والإقليمية والضيوف في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة.

اسمحوا لي أن ألقي كلمتي الافتتاحية لهذا المؤتمر الهام

فخامة الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين، فخامة الملك عبد الله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية، فخامة الرئيس عد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية.

السادة أصحاب المعالي

 الضيوف الكرام

السيدات والسادة 

اسمحوا لي أن أرحب بحضراتكم جميعًا في الجامعة العربية بيت العرب، العرب الذين جمعتهم قضية فلسطين والقس مثلما لم تجمعهم قضية أخرى، القدس الحاضرة في الوجدان العربي والإسلامي حتى وهي تحت الاحتلال فقد شهد التاريخ احتلالها من قبل، ثم ما لبث وجهها التعددي والحضاري المتسامح أن عاد مجددًا ناصعًا جليًا وشاهدًا على ما تمثله هذه البوابة بين الأرض والسماء من مكانة خاصة لدى أتباع الديانات السماوية جميعًا.

ولكن القدس اليوم تئن تحت وطأة ثقيلة لاحتلال غاشم لا يكتفي بالاستيلاء على الأرض وانما يسعى أيضا لتبديل الهوية وسرقة الذاكرة وطمس التاريخ. إن هذا المؤتمر يعقد تنفيذًا لقرار اتخذته القمة العربية بالجزائر في نوفمبر الماضي بدعم صمود أهل المدنية المقدسة أهلنا المرابطين في القدس والصامدين بكرامة في مواجهة  سياسات وإجراءات إسرائيلية بالغة التطرف تهدف إلى القضاء على الهوية الفلسطينية وطمس الوجه التعددي للمدينة وتهويدها بشرًا وحجرًا وإفراغها من سكانها الفلسطينيين عبر القمع وتضييق الخناق وهدم المنازل وغير ذلك من الإجراءات المنافية للقانون الدولي الإنساني.

أقول إن هدفنا تعزيز صمود المقدسيين على أرضهم لأنهم أصحاب هذه الأرض، تلك بيوتهم التي يراد إخراجهم منها على مرأى من العالم كله، وهذا تاريخهم الذي يراد محوه، تاريخهم وتاريخنا نحن جميعا نحن العرب مسلمين ومسيحيين الذين نتطلع إلى المدنية المقدسة بخشوع بالغ ومحبة راسخة في القلوب لأنها جزء من ذاتنا وهويتنا الحضارية والدينية والقومية. 

إننا من خلال هذا المؤتمر نخاطب العالم كله ونسمعه صوتنا، القدس مدينة تحت الاحتلال بواقع القانون الدولي، لا مجال لجدل في هذا، ولا يمكن تغيير وضعها التاريخي أو مركزها القانوني بإجراءات أحادية أو باستعراضات سياسية لا هدف لها إلا مكاسب سياسية يسعى لها أعضاء في حكومة يمينية متطرفة يهدفون لتسجيل النقاط مع ناخبيهم. نريد من العالم أن يرى الواقع على حقيقته المخجلة والمفزعة، وأن يدرك خطورة ما يسعى الاحتلال إلى تكريسه في القدس الشرقية وفي البلدة القديمة وفي الأقصى المبارك.

وهنا أقول إن التطرف لا يولد إلا تطرفًا مضادًا، والسعي الى تقسيم الأقصى وطمس وجهه الإسلامي والعربي لن يقود إلا إلى إذكاء الاضطرابات والعنف بلا نهاية. إننا نخاطب العالم كله من خلال هذا المؤتمر بمحاوره الثلاثة السياسي والقانوني والتنموي، لكي نسمعه صوت الفلسطينيين الخاضعين للاحتلال، والعرب الذين يدعمون صمودهم النبيل، ونقول إن تعزيز هذا الصمود هو واجب ومسؤولية على كل العرب، بل هو واجب عل محبي السلام وداعمي التسامح والانفتاح في العالم على اتساعه، فالقدس جزء عزيز من تراث الإنسانية وإرثها الحضاري وضمان استمرار الوضع التاريخي والقانوني فيها دون تغيير إلى حين التوصل إلى سلام دائم  ونهائي  هو صمام الأمن للاستقرار الإقليمي والعالمي.

إن هذا الحضور الكثيف اليوم وتلك المشاركة على أعلى مستوى من القيادات العربية وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية لا بد أن يوصل رسالة إلى العالم أجمع بأن القدس بأهلها وتراثها ومقدساتها تتعرض للخطر وأن استمرار الأوضاع الحالية والسياسات القمعية التي يتبعها الاحتلال ستفضي إلى مزيد من التوتر والعنف والكراهية.

إن حل الدولتين وهو البديل العقلاني الوحيد لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يتعرض لتقويض ممنهج مستمر على يد الاحتلال الإسرائيلي. ومن دون أفق لإنهاء الصراع وتحقيق السلام الدائم والشامل في المنطقة فإننا لا نترك للفلسطينيين سوى الإحباط واليأس. وعلى محبي السلام في العالم السعي والعمل بجدية من أجل إنقاذ حل الدولتين من أيدي المتطرفين وكارهي السلام.

شكرًا لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى