
“تسريب جورجيا”.. هل يكون الضربة القاضية “لأمل ترامب الضئيل” في قلب نتيجة الانتخابات؟
عرض- محمد هيكل
كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية مساء أمس السبت تسريبا صوتيا لمكالمة هاتفية جمعت كلا من الرئيس دونالد ترامب وكبير الموظفين بالبيت الأبيض مارك ميدوز، وكل من وزير خارجية ولاية جورجيا براد رافسنبرجر ونائبه جوردان فاواشيس والمستشارة الاقتصادية للولاية ريان جرمني.
وخلال المكالمة، طالب ترامب مسؤولي ولاية جورجيا بضرورة إعادة فرز الأصوات بالولاية واضافة أصوات لصالحه.
ونشرت الصحيفة التسجيل الصوتي للمحادثة على موقعها ومنصة ” يوتيوب”، مما أدى لتناول الصحف الأمريكية والدولية ” نص المكالمة” صباح اليوم حيث كان موضوع المحادثة المسربة هو العنوان الرئيسي لكثير منها.
وتحت عنوان ” في مكالمة استثنائية لمدة ساعة، الرئيس ترامب على وزير خارجية ولاية جورجيا لإعادة فرز الأصوات” نشرت الصحيفة الأمريكية تسجيل المكالمة ومقالا حول أبرز ما جاء فيها.
وكان أبرز ما جاء في المكالمة هو ما طالب به الرئيس ترامب بإعادة الفرز وكلماته ذات المعنى الواضح بالضغط على مسؤولي ولاية جورجيا لقلب المعطيات لصالحه مما يجعله يفوز بالانتخابات.
الرئيس ترامب قال في المكالمة “سكان جورجيا غاضبون، أنتم تعلمون أننا فزنا بالولاية وهو ما يغضب سكان الولاية، لا عيب بالاعتراف بالحاجة لإعادة عد الأصوات”.
لكن براد رافيسنبرجر وزير خارجية الولاية رد على ترامب بالقول ” سيادة الرئيس المعلومات التي تعتمد عليها خاطئة” ليعود الطرفان للجدال مجدداً بعد أن سأل الرئيس ترامب براد رافيسنبرجر حول ما إذا كان يظن أنه “تم تمزيق بعض الأصوات عبر البريد في مقاطعة فولتون كاونتي بولاية جورجيا، أو أنه تم نقل آلات فرز الأصوات خارج المقاطعة؟ ” لأن الشائعات تقول ذلك، وهو أمر غير قانوني” قبل أن يرد المستشار العام والمساعد الاقتصادي المفوض في الولاية راين جيرماني، بنفي أن يكون هناك أي تغيير أو نقل للألأت الخاصة بالأصوات داخل المقاطعة، ليقاطعه ترامب بسؤال ” لكن هل تم نقل أو تغيير بعض الأجزاء الداخلية لهذه الآلات وتغييرها بأجزاء داخلية أخرى؟ ” ليجاوبه راين جرماني ” لا لم يحدث ذلك” ليرد عليه ترامب بنبرة تهكمية ” هل أنت متأكد من ذلك راين؟ ” ليرد راين ” نعم أنا متأكد”.
في جزء أخر من المكالمة يقول ترامب موجهاً كلامه لبراد رافسينبرجر بنبرة غلب عليها الطابع الهجومي ” من المفترض أنك ترغب في انتخابات نزيه ودقيقة كما أنك جمهوري” ليرد براد ” نحن نؤمن بأن انتخاباتنا كانت دقيقة ونزيهة” ليرد ترامب ” لا لا أعتقد ذلك، لم تكن حتى قريبة من أن تكون نزيهة، لديك مئات الألاف من الأصوات غير موجودة”.
ليذهب الرئيس ترامب بعد ذلك لفرض الضغط على وزير خارجية الولاية براد رافسنبرجر، موجهاً الحديث له قائلاً ” انت تعلم ماذا فعلوا ولم تبلغ عنه، هذه جريمة ولا يمكنك ترك ذلك يحدث هذه مخاطرة كبيرة لك ولمستشاريك ولمحاميك، وفقاً لما سمعته فهم يمزقون الأصوات البريدية وينقلون آلات التصويت بكل ما يمكنهم من سرعة ولا يمكن أن يحدث ذلك، لا يمكنك ترك ذلك ليحدث، أنا أبلغك الان أنك تدع ذلك يحدث، لذا أرغب في أن أجد 11780 صوتا وهو أكثر مما سجلناه بالولاية لأننا فزنا بالولاية “.
وأضاف ترامب ” براد اود أن أعرف ماذا ستفعل الأن؟ نحن فزنا بالانتخابات ولا يمكنهم أخذها منا بهذا الشكل، كما سيكون هذا الأمر ذو ثمن باهظ بعدة طرق، أعتقد أنه يتوجب عليك القول بأنك ستعيد الفرز والفحص لكن ستقوم بذلك مع أشخاص يريدون الوصول للأجوبة ليس أشخاصا لا يريدون إيجاد أجوبة ” ليجيبه براد رافسبرجر بالقول ” سيادة الرئيس لديك من يعطيك المعلومات ولدينا من يعطينا المعلومات علينا تقديمها للمحكمة للنظر والفصل في الأمر، نحن نؤمن بأن أرقامنا صحيحة وندعم ذلك “.
لكن الرئيس ترامب عاد ليقول ” وفقاً للقانون أنك تعرف أنه لا يمكنك اعطاء نتائج انتخابات خاطئة، غير مسموح لك بفعل ذلك وهو ما فعلته ، هذه نتاج انتخابات خاطئة ” قبل أن بدأ الرئيس بالضغط على براد رافيسبرجر بالقول ” عليك تصحيح الأمر بسرعة ، عليك عمل اجتماع لحل ذلك غداً ، لا تنسى أن لديك انتخابات كبيرة قادمة قريباً ، حيث يعرف سكان جورجيا أن ما يحدث هو خدعة واحتيال ، وبسبب ما تقوم به ضد الرئيس العديد من أهالي جورجيا سيرفضون التصويت والكثير من الجمهوريون سيصوتون سلبياً لأنهم يكرهون ما قمت به لرئيسهم ولن يذهبوا للتصويت ” قبل أن يضيف ترامب ” سوف تكون أكثر احتراما وسيتم احترامك وتقديرك بشكل أفضل إذا ما صححت الامر قبل انتخابات الولاية الكبيرة القادمة يوم الثلاثاء القادم”
تضيف الصحيفة أنه وبعد قيامها بنشر المكالمة قررت لجنة الانتخابات بولاية جوروجيا فتح تحقيق حول مكالمة ترامب وسعيه لوضع ضغط على مسؤولي الولاية لتغير نتيجة التصويت.
ومن خلال نص المكالمة تضح محاولات ترامب المستميتة لقلب نتيجة الانتخابات سواء بالضغط على مسؤولي الولايات المنتمين للحزب الجمهوري وهو ما يضر بالصورة الديمقراطية للولايات المتحدة كما بالحزب في الداخل الأمريكي، يبقى الأمر الأكثر حاجة للنظر وللتدقيق هو توقيت ظهور التسريب ، المكالمة وفقاً لواشنطن بوست تمت يوم الثاني من يناير وتم تسريبها بعد ذلك بأقل من يومين تحديداً في وقت متأخر من مساء السبت الثالث من يناير ، ومع انتشارها كالنار في الهشيم وتوالي التحليلات ومقالات الرأي التي تنتقد ما قام به ترامب خلال المكالمة من ممارسة ” ضغط اليد العليا” على المسؤولين للخروج عن النهج الديمقراطي الأمريكي.
وتشكل هذه المكالمة المسربة ” الضربة القاضية” لأي أمل لدى ترامب في البقاء كرئيس للولايات المتحدة ، فكان أمله الأخير لقلب النتيجة هو أن يقوم عضو من مجلس الشيوخ وأخر من مجلس النواب بتقديم طلب إعادة التحقق من فرز الأصوات أمام الكونجرس في يوم 6 يناير المقبل قبل اعتماد النتيجة النهائية ، الأمر الذي وإن حدث يلزم الكونجرس بغرفتيه إلى الاجتماع كل غرفة على حدى لمدة ساعتين لتحديد ما إذا كانت نتيجة الانتخابات ستعتمد أو سيتم أتخاذ إجراءات قانونية أو تحقيقات أخرى وتأجيل اعتماد النتيجة حال إجماع الغرفتين على وجوب ذلك، لكن ومع التسريب الأخير يبدو أن حتى هذا الأمل الضئيل اختفى.
باحث ببرنامج السياسات العامة