آسيا

رئيس أرمينيا: تركيا تدعي أن صراع ناجورنو قره باغ ديني مثلما تدعي أنها دولة ديمقراطية

أجرت صحيفة الأهرام ويكلي حوارًا مع الرئيس الأرميني أرمين سركسيان صباح اليوم عن أوضاع القتال الشديد الدائر في منطقة القوقاز بين بلاده وجمهورية أذربيجان على إقليم ناجورنو قره باغ المتنازع عليه. وذلك قبل توجهه إلى بروكسل للمباحثات مع أمين عام حلف الناتو ومسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي وكذلك رئيس المجلس الأوروبي.

فقد دخلت الحرب بين أرمينيا وأذربيجان حول إقليم ناجورنو قره باغ أسبوعها الرابع، ولا يزال سكان المنطقة المتنازع عليها يعيشون معاناة شديدة. فقد أدت الأزمة الأخيرة في القوقاز إلى خسائر فادحة في صفوف العسكريين والمدنيين، فضلاً عن تدمير البنية التحتية في منطقة قره باغ، والتي تسببت في كارثة إنسانية بالمنطقة. ووفقا لوكالات أنباء أرمنية تم نزوح أكثر من نصف سكان الاقليم، معظمهم نساء وأطفال، إلى أرمينيا خوفا على أرواحهم. ووفقًا لتصريحات أمين حقوق الإنسان في ناجورنو قره باغ، تم إغلاق 217 مدرسة و60 روضة أطفال، وحُرم أكثر من 24000 تلميذ من الحق في التعليم، وأُجبر أكثر من 4700 موظف بالهيئة التعليمية، بما في ذلك المعلمين، على البقاء في منازلهم.

وحسب الأرقام المعلنة بتاريخ 16 أكتوبر، قُتل 36 مدنياً في النزاع داخل الاقليم وجُرح 115. أما بالنسبة للأرقام المتاحة بوزارة الدفاع الأرمنية وبتاريخ 21 أكتوبر، فقد تجاوز عدد القتلى العسكريين من الصفوف الأرمنية 800 جنديا، وذلك منذ اندلاع القتال في 27 سبتمبر. 

وفي حديثه للأهرام ويكلي، أكد الرئيس الأرمني دعم روسيا لبلاد قائلًا: “الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان واضحا بأن روسيا ستحترم أي اتفاقية بينها وبين أرمينيا، أعتقد هذه رسالة واضحة تمامًا. والأمر يهم روسيا وسياساتها في منطقة القوقاز عامة، وفي جنوب القوقاز على وجه الأخص، فهي بوابة لتركيا وإيران والشرق الأوسط وآسيا الوسطى”، مشددًا على أن روسيا ستقف إلى جانب أرمينيا كحليف استراتيجي إذا وقع هجوم على جمهورية أرمينيا نفسها. 

وأوضح سركيسيان أن العلاقات بين أرمينيا وروسيا كانت، ولا تزال، “وأنا مقتنع بأنها ستكون” أعمق بكثير من الأحداث السياسية على السطح الراهن، مضيفًا: “لقد بنينا صداقتنا وشراكتنا على أسس قوية ذو ثقة بين البلدين تعود إلى عدة قرون. وأرمينيا هي الضامن الأمني لناجورنو قره باغ”. مشيرًا إلى أنه في سياق نزاع ناجورنو قره باغ تعتبر روسيا وسيطًا موثوقًا به ونشطًا بين الأطراف المتصارعة، “فتلعب روسيا دورًا حاسمًا هنا، وقد أظهرت التزامها بإيجاد حل سلمي بالتدخل في الاتفاقية الأولى لوقف إطلاق النار تحت رعايتها وفي حضور وزير خارجيتها سيرجي لافروف يوم 10 أكتوبر والتي سرعان ما تم اختراقها من قبل الأذريين”.

وأشاد رئيس أرمينيا أيضا بوساطة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الاتفاقية الثانية لوقف إطلاق النار بين البلدين والتي جاءت بعد أسبوع فقط من الأولى، مضيفًا “هذا أيضًا تم اختراقه بعد دقائق من تفعيله”.

وفي سؤال حول الدول الأخرى الداعمة لأرمينيا أكد الرئيس سركيسيان أن الأمر لا علاقة له بحسابات رياضية، “فهناك دول كثيرة داعمة لأرمينيا وبطرق مختلفة، فنحن لدينا جيش من ملايين الأصدقاء حول العالم يدعموننا في حربنا ضد الإرهاب الدولي التي تدعمه الدولة التركية بكل ما لديها من أسلحة… هذا عار، فالعدوان العسكري والتدخل السياسي المباشر والسلوك المدمر لتركيا، الداعمة الأكبر لأذربيجان، والتي سعت إلى تشكيل “شبكة شريرة” ضد الأرمن بإرسال مرتزقة وجهاديين من سوريا وليبيا حقيقة مثبتة لا جدال فيه، فوجود هؤلاء يؤدي إلى اشعال النار في المنطقة بأكملها وما وراءها.”

وأكد الرئيس الأرمني أن التدخل التركي يؤدي أيضا إلى ارتفاع عدد الضحايا من المدنيين، مناشدًا المجتمع الدولي بالرد الفوري ودعم إقامة اتفاقية سلام طويلة الأمد في هذه المنطقة من خلال ترويض الطموحات الخبيثة لتركيا التي تحث أو تؤثر سلبا على سلوك دولة أذربيجان كذلك. 

وفي سؤال عن مدى نجاح عملية تبادل الأسرى وجثث الجنود بين الطرفين في ظل الهدنة الإنسانية، أكد الرئيس سركيسيان بأن ذلك لم يتم لأنه تم اختراق الاتفاقيتين وقد صعب ذلك مهمة منظمة الصليب الأحمر الدولي؛ إذ إن معظم جثث الجانب الأذري هي من الجهاديين المرتزقة التي جلبتهم تركيا للدعم في القتال، “ولذلك من مصلحة العدو فشل عملية وقف إطلاق النار وبالتالي فشل تبادل جثث الجنود للتغطية على إفصاح أو فضح هوية هؤلاء المرتزقة أمام المنظمة الدولية”، مشيرًا إلى أن الهدف الأساسي لهذا العدوان هو التطهير العرقي، فهي السياسة التي اتبعتها الدولة العثمانية ضد الأرمن أوائل القرن العشرين.

 وفي سياق مختلف عن مدى صحة تكهنات الدولة التركية بأن الصراع الدائر حاليا له طابع دينى، أنكر رئيس أرمينيا ذلك بشدة وقال إن تركيا تدعي حتى بأنها دولة ديمقراطية وأنها ليست موطنًا لآلاف السجناء السياسيين، قائلًا “إنها تدعي أنها لا تتدخل في شؤون سوريا أو ليبيا أو العراق أو أي دولة أخرى، فهي جزء لا يتجزأ من العالم المتحضر! من ذا الذي يهتم بما تدعيه تركيا؟ هل الادعاءات كافية لإصدار أحكام سليمة؟ الأفعال تتحدث عن نفسها، والادعاء يجب أن يكون مبنيًا على دليل، والقول بأن هناك بعدًا دينيًا في هذا الصراع يشبه قول اللا شىء! لم يظهر الأرمن أبدًا أي استياء أو تعصب تجاه الأديان الأخرى. لقد تم استبعاد البعد الديني من هذا الصراع منذ بدايته”.

وأضاف “لدى أرمينيا والأرمن الاحترام الكامل لجميع الأديان والمعتقدات، وقد أظهرنا بوضوح ارتباطنا بالقيم الإنسانية، بما في ذلك التسامح واحترام الأديان والثقافات والأعراق الأخرى، وما إلى ذلك. لا أعلم، ولم أرى أي مواطن أرمني يكره ممثلي ورجال دين من الديانات الأخرى المختلفة. لماذا ينبغي لنا أن نكرههم؟ فعلى مدى ألفي عام، شهدت الأمة الأرمنية حروبًا وصراعات ونزوحًا وحتى إبادة جماعية، لكنها لم تكن أبدًا متعصبة دينيا، بالرغم من أننا نرى تلك الظاهرة الآن على ساحة القتال تجاهنا. لكنك ستجد دائمًا من يريد إشعال الكراهية وتأجيج التصعيد الحالي، مثلما تفعل تركيا الآن، فهذا الادعاء هراء وخال تماما من الصحة.” 

وحول الحلول المقترحة لإيقاف الحرب في القوقاز قال الرئيس سركيسيان إن الحل الفوري لوقف الحرب هو الالتزام بنظام وقف إطلاق النار وتحقيقه بجدية من قبل الوسطاء والأطراف، ويمكن التحقق من ذلك عن طريق وضع فريق لمراقبة الدولة التي تخترق الاتفاقية. “وفي هذا الصدد، من الحلول المقترحة أيضا اعتراف المجتمع الدولي بناجورنو قره باغ كجمهورية، فهذا حل أمثل لوقف القتال الدامي الذي تدعمه تركيا بشدة،” أكد سركيسيان للويكلى.

وأكد الرئيس الأرمني أن الجاليات الأرمنية في معظم بلدان العالم تعمل على لفت انتباه شعوب البلدان التي يعيشون بها بتنظيم حشود ومظاهرات سلمية لتعريفهم بحقيقة القضية والنزاع الدائر هناك، “كما يقدمون مساعدات إنسانية ومادية”.

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى