سياسة

مؤسسة كلينتون.. ضابط الاتصال بين شباب الإخوان والخارجية الأمريكية

أظهرت وثائق الخارجية الأمريكية المنشورة بقرار رئاسي من دونالد ترامب والمعروفة إعلاميًا بـ “إيميلات هيلاري” أن وزيرة الخارجية الأمريكية اعتمدت على منظمة كلينتون التي تديرها مع زوجها وابنتها في أغلب تفاصيل منصبها الحكومي، ما يعد شبهة جديدة باستغلال النفوذ وهي التهمة التي لاحقت هيلاري كلينتون طيلة فترة توليها الخارجية الأمريكية ما بين يناير 2009 وفبراير 2013.

ومؤسسة كلينتون تأسست عام 1997 على يد الرئيس بيل كلينتون بينما الأخير لا يزال في البيت الأبيض في حدث نادر أن يؤسس رئيس أمريكي مؤسسة خاصة بينما لا يزال في السلطة، عكس أغلب رؤساء أمريكا ذوي النشاط الخيري عقب الخروج من البيت الأبيض وتأسيسهم مكتبة خاصة ذات طابع أرشيفي وبحثي لتوثيق سنوات وجودهم في البيت الأبيض ولاحقًا تشارك المكتبة الرئاسية في أعمال سياسية وبحثية وخيرية ولكن كل ذلك تحت اشراف رئيس “سابق” وليس رئيس “حالي” كما جرى وقتذاك.

ومنذ صيف 2016 تخضع مؤسسة كلينتون لسلسلة تحقيقات من وزارة العدل الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالية FBI حول نشاط المؤسسة داخل وزارة الخارجية الأمريكية في زمن السيدة كلينتون، خصوصًا وقد سبق لموقع ويكيليكس أن نشر صيف 2016 سلسلة تسريبات من البريد الخاص لهيلاري حول تلقيها أموالًا مقابل حضور مناسبات سياسية خارج الولايات المتحدة قبل وبعد توليها المنصب.

وفى عام 2015 جرى تحقيق مستقل دون الإفصاح عن نتائجه للرأي العام حول تربح وزيرة الخارجية الأمريكية من حكومات أجنبية حينما كانت في منصبها، وأن الوسيط في تلقى تلك الأموال كان صندوق الأعمال الخيرية في مؤسسة كلينتون، بالإضافة إلى تلقى تبرعات من ملياردير كندى يعمل في مجال التعدين بلغت أكثر من 31 مليون دولار بعد أن نجح في إبرام صفقة للحصول على منجم لليورانيوم في كازاخستان عام 2005 بدعم من الرئيس الأمريكي الأسبق كلينتون، والتي أدت الى تمكُن إحدى الشركات الروسية من الوصول إلى بعض مناجم اليورانيوم في الولايات المتحدة، وامتنعت وزارة العدل عن نشر نتائج التحقيقات عام 2015 بتوصية من الرئيس باراك أوباما الذى اختار هيلاري لمنصبها في ولاياته الأولى.

وتوضح وثائق الخارجية الأمريكية المنشورة في أكتوبر 2020 التعاون الصريح بين الخارجية الأمريكية ومؤسسة كلينتون، عبر دمج كافة أنشطة المؤسسة في أعمال الخارجية الأمريكية وتخصيص فريق عمل من داخل الوزارة لمتابعة هذا التنسيق وأعمال المؤسسة، بل وتشكيل فريق ثانٍ من المكتب الإعلامي للوزارة من أجل متابعة كل ما يكتب عن المؤسسة في الصحافة الأمريكية والرد عليه عبر مؤسسة كلينتون وليس عبر وزارة الخارجية الأمريكية.

ومن بين الوثائق منشورة هنالك 300 وثيقة حول نشاط الرئيس الأسبق بيل كلينتون ومؤسسته، والأدوار التي قام بها حول العالم باسم مؤسسة كلينتون ولم يتضح أنها كانت تحت إشراف الخارجية الأمريكية.

ويتضح من الوثائق الثلاثمائة مدي اعتماد الولايات المتحدة على مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات التي تدعي الاستقلالية عن الحكومة الأمريكية في أعمال تخدم الأجندة الأمريكية والمصالح الحكومية الأمريكية.

ولعل أكثر وثيقة توضح التضارب الصارخ في عمل هيلاري كلينتون في الخارجية الأمريكية ومؤسسة كلنتون هي الوثيقة رقم C05783643 التابعة لحقيبة الوثائق رقم F-2014-20439 بعنوان:

Chelsea Clinton to Report for NBC

U.S. Department of State Case No. F-2014-20439 Doc No. C05783643

توضح الوثيقة تدخل الوزيرة كلينتون والخارجية الأمريكية في تعيين ابنتها تشيلسي كلينتون كـ “إعلامية” في شبكة NBC التلفزيونية الأمريكية، ويشير كاتب الوثيقة صراحة إلى أن تعيين تشيلسي كلينتون مراسلة في الشبكة يأتي من أجل أن تنضم إلى “نادى أبناء الساسة والرؤساء في NBC” مثل جينا ابنة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن وميجان ابنة السيناتور جون ماكين!

مؤسسة كلينتون داخل الولايات المتحدة الأمريكية تحتضن كافة شباب تنظيم الإخوان مزدوجي الجنسية، مصريين أو غير ذلك، طالما حمل الجنسية الأمريكية يحق له العمل في مؤسسة كلينتون.

وقد التحق بها المئات من شباب الإخوان مزدوجي الجنسية والذين تربوا في الولايات المتحدة الأمريكية قبل أن ترسلهم واشنطن إلى مصر قبل يناير 2011 أو بعدها في فترات زمنية لم تزد عن 60 يومًا.

ومن أبرز القياديين المصريين في مؤسسة كلينتون المهندس الأمريكي من أصول مصرية جهاد الحداد وهو من تنظيم الإخوان الفرع المصري أو ما يعرف إعلاميا بـ”إخوان مصر”، وهو المسؤول الأول وصاحب فكرة “مشروع النهضة” الذى وعد به الرئيس الأسبق محمد مرسي ناخبيه يوم تم انتخابه في يونيو 2012 خلال ولاية كلينتون بالخارجية الأمريكية، واتضح عقب توليه المنصب أنه لا يوجد شيء بهذا الاسم!

أما والد جهاد الحداد فهو عصام الحداد عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين ومساعد الرئيس الأسبق مرسي للشؤون الخارجية وكان يحمل الجنسية البريطانية، وكان على اتصال مع البيت الأبيض طيلة فترة توليه منصبه برئاسة الجمهورية ما بين يونيو 2012 ويوليو 2013.

وخلال ثورة 30 يونيو 2013 أرسل عصام الحداد رسائل استغاثة للدول الاستعمارية الكبرى في الغرب يطلب منهم التدخل العسكري ضد الشعب المصري بدعوى أن البلاد تتعرض لتمرد عسكري ضد الحكم الديمقراطي، وهو ما أثار حفيظة الرأي العام المصري ضد مساعد مرسي الذي طلب من دول أجنبية غزو مصر للتصدي للثورة الشعبية!

وقد شارك أبناء مرسي حاملي الجنسية الأمريكية والناشط محمد سلطان في بعض أنشطة مؤسسة كلينتون دون الانتماء إلى عضويتها، كما أن هوما عابدين مستشارة كلينتون قد انتسبت إلى عضوية المؤسسة وكانت ضابط الاتصال بين مؤسسة كلينتون والتنظيم الدولي للإخوان طيلة فترة وجود الرئيس كلينتون في البيت الأبيض ولاحقًا وجود السيدة كلينتون في الخارجية الأمريكية.

ويُنظر إلى شباب مؤسسة كلينتون باعتبارهم التنظيم السري للخارجية الأمريكية الذي شارك في ثورات ما يسمى بالربيع العربي مؤسسًا ظاهرة أطلق عليها إعلاميا “شباب الثورة”، وأن مؤسسة كلينتون كانت ضابط الاتصال بين الخارجية الأمريكية وشباب تنظيم الإخوان المشاركين في اضطرابات مصر وليبيا وسوريا واليمن والسعودية على وجه التحديد.

وعقب ترأس بيل وهيلاري مؤسسة كلينتون في فترات متقطعة، حاليًا تولت ابنتهم تشيلسي إدارة أغلب أعمال المؤسسة منذ عام 2015 على أمل الدفع بها الى العمل السياسي في انتخابات نوفمبر 2022 على إحدى مقاعد مجلس النواب عن ولاية نيويورك.

+ posts

باحث سياسي

إيهاب عمر

باحث سياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى