الصحافة الإسرائيلية

معهد إسرائيلي: العولمة الاقتصادية أبرز ضحايا فيروس “كورونا”

اعتبر معهد بحوث إسرائيلي أن العولمة الاقتصادية، أحد أبرز سمات النظام الليبرالي في السياسة الدولية بعد نهاية الحرب الباردة، قد تكون ضحية فيروس “كورونا”.

وذكر معهد بحوث الامن القومي أن  الليبرالية ترى  أن التهديدات التي تتقاسمها البشرية جمعاء مثل تغير المناخ والأوبئة هي التهديدات الحقيقية وليست التهديدات الأمنية الوطنية التقليدية بين الدول بشأن قضايا القوة والهيمنة والحدود والسيطرة على الأراضي والمواد الخام.  

وأضاف المعهد في هذا السياق قائلا:” لذلك يجب أن يكون هناك تعاون دولي مكثف بين البلدان وإنشاء مؤسسات دولية قوية مثل منظمة الصحة العالمية. كما يجب أن تسود سلطة هذه المؤسسات العالمية تجاه الدول”.

وذكر أن الليبرالية فسرت تفشي فيروس كورونا لسببين هما  طبيعة المؤسسات العالمية وضعفها أمام الدول الكبرى مثل ما حدث في الصين فان مرض كورونا ينتشر في مدينة صينية يعبر بسرعة الحدود الدولية ويصل إلى إيطاليا، ثم بقية العالم وتتفاقم المشكلة لأن منظمة الصحة العالمية عاجزة ولا تجرؤ على مواجهة الصين.

والسبب الثاني، وفقا للمعهد الإسرائيلي، وهو أن دولة مثل الصين تحجب علامات الإنذار المبكر للوباء وتعاقب الذين يحذرون من الكارثة الطبية الوشيكة في حين انه لا ينبغي أن يحدث منع ولا حجب مثل هذا النوع من المعلومات في الديمقراطيات الليبرالية.

وذكر معهد بحوث الأمن القومي الإسرائيلي أنه قد تكون الضحية الليبرالية الأولى هي العولمة الاقتصادية، التي أصبحت سمة بارزة في السياسة العالمية بعد نهاية الحرب الباردة.

وأشار إلى أن أزمة كورونا توضح أنه قد تكون هناك حالات حرجة تتطلب من الدول الحفاظ على مستوى عال من الاستقلال الاقتصادي مثل توفير الإمدادات الطبية والغذاء. وقد لا ترغب البلدان في الاعتماد على الآخرين في وضع يمكن أن يحدث فيه إغلاق شبه عالمي للحدود وانخفاض كبير في عدد الرحلات الدولية مثل ما حدث مع أزمة كورونا.

وأضاف المعهد أن إغلاق الحدود بكل معاني الكلمة يتعارض مع الروح الليبرالية للحدود المفتوحة (لحركة السلع والخدمات والاستثمار والأشخاص والأفكار).

وعرج المعهد الإسرائيلي على اشتداد التوترات بين أقوى بلدين الولايات المتحدة والصين منذ بداية الأزمة، مع اتهامات متبادلة بصوت عال بأن الصين مسؤولة عن انتشار الوباء فيما عبر المتحدثون الرسميون الصينيون عن نظرية مؤامرة خاصة بهم مفادها أن الجيش الأمريكي هو من خلق المرض.

واستشهد المعهد بأكثر الأمثلة الأكثر دراماتيكية على عدم التعاون خلال الوباء العالمي وهي دولة إيطاليا والاتحاد الأوروبي. فان الاتحاد الأوروبي هو أبرز مثال على التعاون الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، بروح ليبرالية من الحدود المفتوحة والامتيازات التي قدمتها الدول الأعضاء بشأن عناصر معينة من سيادتها الوطنية. ولكن عندما ضربت أزمة كورونا إيطاليا، أغلقت الدول الأعضاء الأخرى حدودها وركزت على مشاكلها. ومن جاء لمساعدة الإيطاليين؟ الصين!

وذكر معهد بحوث الامن القومي الإسرائيلي أن الصين جمعت قدرًا كبيرًا من المعرفة والموارد الطبية كجزء من علاجها الناجح للوباء قبل بلدان أخرى وجاء ذلك باستخدام تدابير قسرية مشددة.

وأشار إلى اتباع الصين مسارين استراتيجيين بعد نجاحها في معالجة الوباء هما المسار المعتدل، الذي يمكن تسميته بالقوة الناعمة: من الواضح أن قوة سيطرة الصين الاجتماعية على مواطنيها هي نموذج يحتذى به. هذا على النقيض من ضعف الديمقراطيات الغربية، التي تبدو ملتزمة بالحرية الفردية وتجد صعوبة في فرض إغلاق كامل على جميع مواطنيها، حتى عندما تكون هناك حاجة لمحاربة الوباء.

بينما يعتمد المسار الثاني إلى حد كبير على الدبلوماسية القسرية. تعمل الصين على تكثيف تأثيرها على الدول الأخرى، وخاصة الدول الأضعف، من خلال الاستفادة من تقديم المساعدة المتعلقة بالوباء، بهدف زيادة اعتماد هذه الدول حاليا وفيما بعد على الصين.

وذكر المعهد الإسرائيلي إن الفكرة القائمة بأن الديمقراطية الليبرالية يمكن أن تشكل عقبة أمام الوباء قد دفعت بالفعل العديد من الدول إلى اعتماد قوانين أو تدابير مختلفة تحد من حقوق الأفراد وتحد من الحرية السياسية.

وأشار إلى أن هذه التدابير، تتعارض مع حرية التعبير والتقارب، وتسمح باحتجاز المدنيين لفترة زمنية غير محدودة وتوسع المراقبة من قبل الدولة.

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى