المراكز الأمريكيةإيران

المجلس الأطلسي.. هل تستكمل “زينب” ابنة “قاسم سليماني” نهج أبيها؟

عرض – رحمة حسن

في موسم الأعياد الإيرانية وسط الاحتفالات الافتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي نشرت “زينب سليماني” ابنة “قاسم سليماني”، قائد فيلق القدس الإيراني الراحل عقب اغتياله على يد الطائرة  الأمريكية المسيرة في يناير الماضي، منشوراً على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي “انستغرام” في احتفالها بعيد “النيروز الإيراني”، وهو عيد رأس السنة الفارسية، سيطرت عليه لهجة كئيبة في ظل معاناة إيران باعتبارها من أكثر الدول المتضررة من جائحة فيروس كورونا، واكتسبت ابنة سليماني شهرة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي عقب اغتيال والدها إثر عبارات التهديد بالانتقام من قتلة أبيها، ومع عملية الظهور الجديد لابنة سليماني تناول “المجلس الأطلسي Atlantic “Council الأمريكي تقريراً بعنوان “هل ستكمل زينب سليماني مسيرة والدها!”.  

زينب سليماني القوى الناعمة لحشد الرأي العام الإيراني للانتقام من مقتل أبيها

تناول التقرير كيف أصبحت الفتاة الشابة في أواخر العشرينات من عمرها ذائعة الصيت المتزايد بصورة غير متوقعة في إيران وخارجها، والتي ظهرت في أول مرة على الساحات الإعلامية عقب اغتيال والدها أثناء إلقاء كلمتها أثناء مراسم الحداد التي أقامها المرشد الأعلى في طهران، فلم تكن معروفة كشخصية عامة قبل يناير 2020، وهي الابنة الصغرى لقاسم سليماني، ولكنها كانت الأبرز على الساحات بعد مقتل والدها في هجوم الطائرة الأميركية على مطار بغداد الدولي في 3 يناير الماضي.

شاركت زينب سليماني عبر صفحتها على موقع “انستغرام”، منصة التواصل الاجتماعي الرئيسية الوحيدة في إيران، في احتفالها بعيد “النيروز” صورة لقلادة عسكرية قدمها سليماني لابنته، في محاولة لنشر ذكرى والدها، والذي غالباً ما كانت تقارنه بالشخصيات التاريخية الإسلامية الشهيرة كالإمام الحسين، شهيد معركة كربلاء التاريخية، وغالباً ما تنعته باسم الشهيد، وأضافت بجانب الصورة في احتفالها بعطلة النيروز أن هذه القلادة التي أهداها إليها والدها عندما كانت صغيرة خلال زيارتهما إلى سوريا حتى يسهل التعرف عليها بأنه ابنته، وتناولت حديثاً قصيراً دار بينهما عن كم سعادته إذا ما رزقوا الشهادة سوياً، إلا أنها استكملت بأنه تركها وحيدة، وربما لأنها كانت أجنحتها صغيرة لا تستطيع الطيران، واختتمت كلماتها بتهنئة الشعب الإيراني بالعيد، وبوسم باللغة العربية #يقينا_كله_خير. 

جعلت هذه القصص من زينب اسماً مألوفاً في وسائل الإعلام، بدءاً من القنوات الناطقة باللغة العربية متمثلة في قناة “الجزيرة” التي تناولت كلمة زينب سليماني عند رثاء أبيها معلنة تهديد الولايات المتحدة وإسرائيل بأن عملية اغتيال أبيها سيجلب لهم أياماً مظلمة ستدمر شبكاتهم وترفع اليقظة في مستوى المقاومة، ونعتت ترامب بـ “المجنون المقامر” آنذاك، وهي الكلمة التي كان يستخدمها والدها كذلك، فأصبحت أيقونة إعلامية كذلك للإعلام الغربي متمثلاُ في صحيفة “الديلي ميل“، ووصفها مركز “بيجين سادات” الإسرائيلي للدراسات الاستراتيجية “بوجه الجهاد ضد إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية”، وذلك من خلال قيامها بحشد الإرهابين بحسب المركز للانتقام من قتلة أبيها، ووصف المركز أن خامنئي الذي بكى بعد مقتل سليماني واصفاً إياه بأنه كأبيه الروحي، لن يستطيع الرد على قتلة سليماني لعدم الانجرار في الحرب الشاملة، فظهرت زينب من أجل خدمة هذا الغرض. 

كيف ترعرعت زينب متشبعة بأفكار أبيها

كانت تخضع حياة سليماني للحراسة المشددة خوفاً من تعرض حياته للخطر، وبالتالي شابة حياته الكثير من الغموض بسبب تلك المخاوف الأمنية، للحد الذي لم يعلم أحداً اسم زوجته، وأولاده الأربعة وابنه الراحل الذي فقده بسبب المرض منذ سنوات عديدة، حتى خرجت القصص الإعلامية عن ابنته الصغرى “زينب”.

لم يكن يعلم أحد عن حياة سليماني إلا في الدوائر القريبة منهم، وكانت زينب معروفة قبل ذلك منذ فترة طويلة بأنها من أكبر المتحمسين لوالدها الذي غالباً ما رافقته في رحلاته العديدة إلى العالم العربي، بما في ذلك العراق ولبنان وسوريا.

وفي عام 2016، عند زيارته لعائلة جندي إيراني قتل في حلب، تحدث سليماني بإيجاز عن ابنته، وقال لهم بحسب الرواية التي نشروها لاحقًا إنه لديه “ابنة تتمتع بمهارات حرب العصابات”، إلى جانب وصف أحد الميلشيات الشيعية لحضورها بجانب أبيها “بالمدهش” حتى خلال زياراته المكثفة في ساحة المعركة في العراق.

وجاءت روايات أخرى لتصفها بأنها “كانت مشرقة للغاية، إلى جانب ثقافتها وتحدثها العربية والإنجليزية بشكل جيد، وكان من الواضح أنها المفضلة لدى والدها”، وأعلنوا عن “تعجبهم من عدد المرات التي كانت ترافقه في رحلاته.”

ويصفها “نصر الله جهانشاهي”، عضو الحرس الثوري الإيراني والسائق الشخصي لسليماني منذ الثمانينيات أن زينب هي الشبيهة الأكبر لوالدها، والذي تشبهه حتى في سلوكه” 

كيف أصبحت زينب قوة رمزية في إيران؟

على الرغم من ظهور شقيقا زينب الأكبر محمد رضا وحُسين على شاشة التليفزيون الحكومي عقب الدعوات العلانية التي أطلقها النظام الإيراني للانتقام من قتلة قاسم سليماني في يناير 2020، إلا أن زينب أصبحت الوجه العام لعائلة سليماني نظراً لما تتمتع به من قدرات خطابية، استطاعت من خلالها أن تلقي خطاباً هز مشاعر الإيرانيين لمدة 10 دقائق عند تشييع والدها في طهران في 6 يناير.

وأوضح التقرير أنه كان قرارًا محسوبًا من قبل القيادة الإيرانية، وذلك ليس فقط لمواهبها الخطابية ولكن أيضاً لحضورها الرمزي، حيث سميت ابنة سليماني على اسم زينب بنت علي، أخت الإمام الحسين باعتبارها شخصية رئيسية في التاريخ الشيعي ففي عام 680 ميلادياً عقب استشهاد الحسين في معركة كربلاء، قادت زينب قافلة من الناجين عندما تم أخذهم كأسرى حرب، واعتبرت الحركات السياسية الشيعية زينب رمزًا للمقاومة والبلاغة لسنوات، ولا يزال ضريحها خارج دمشق محط اهتمام المسلمين الشيعة. 

وهو الأمر الذي حاولت القيادة الإيرانية إبرازه في زينب ابنه سليماني على خطى السيدة “زينب” حفيدة النبي، والتي ظهرت في إلقاءها خطاباً بليغاً استشهدت فيه بنصوص قرآنية وانتهت بدعوتها للانتقام من قتلة والدها، وهو ما قام الإعلام الإيراني بتصويره، كما سلط عليها دائرة الضوء منذ بداية ظهورها مع الرئيس الإيراني حسن روحاني وطلبت منه الانتقام لموت والدها، وكررت الأمر في مقابلة مع قناة المنار اللبنانية التابعة لحزب الله الشيعي ولكن جاء طلب الانتقام هذه المرة من “حسن نصر الله” الأمين العام لحزب الله.

وفي الخطاب الناري في نصب طهران التذكاري، خاطبت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالعبارات نفسها التي كان يستخدمها والدها مثل “ترامب المقامر”، وقالت إن الرئيس الصهيوني “يلاعبه الصهاينة”، وحذرت عائلات الجنود الأمريكيين في المنطقة من أنهم “يجب أن يقضوا أيامهم في انتظار خبر وفاة أبناءهم”، واختتمت بإدراج أسماء خمسة رجال يمكن أن يساعدوا في “تدمير” ترامب الآن بعد وفاة والدها، وهم زعيم حماس “إسماعيل هنية” وزعيم الجهاد الإسلامي الفلسطيني “زياد نخله” والرئيس السوري بشار الأسد والزعيم الشيعي العراقي “أبو حسن العامري” و”عبد المالك الحوثي” زعيم المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن. وأعقب هذا الخطاب عدد قليل من الخطابات في صلاة الجمعة في كرمان، وهي مدينة في جنوب إيران حيث دفن والدها، تلاها خطاب تذكاري آخر في بيروت، باللغة العربية التي تحدثتها بطلاقة بالرغم من لكنتها الفارسية. 

كيف سيكون مستقبل زينب؟

يكافح “اسماعيل قاآني”، خليفة سليماني كزعيم لقوة القدس، لملء الفراغ الذي أحدثه سقوط قاسم سليماني، بعد أن فشل في التنسيق بين القوات الموالية لإيران في العراق ولبنان وسوريا بالطريقة السريعة التي فعلها سليماني، إلى جانب افتقاره إلى الشخصية الكاريزمية، واختتم التقرير بتساؤل: هل يمكن للشابة زينب المساعدة في مواصلة طريق والدها من خلال الظهور كقائدة كاريزمية في المنطقة؟! 

والذي أجاب عنه بأنه من غير المعلوم بعد مدى تمكنها من جذب العديد من الإيرانيين إثر خطاباتها المتعصبة التي قد تصد العديدين بالرغم من شخصيتها الكاريزمية الجذابة على موقع التواصل الاجتماعي، فكان التدخل الأول للفتاة مواليد عام 1991 على “انستغرام” خلال انتقادها الحاد وهجومها على الممثلة الايرانية الشهيرة، “سابا كمالي”، بسبب دعمها للفتاة الإيرانية التي اضرمت النار بنفسها بسبب تشجيعها لكرة القدم، حيث أغضبت الممثلة الإيرانية جموع المحافظين عقب مقارنة الإمام الحسين بسحر الخضاري، والمعروفة أيضًا باسم “الفتاة الزرقاء”، وهي شابة تبلغ من العمر 29 عامًا توفيت إثر التضحية بالنفس في احتجاج على حظر دخول النساء إلى الملاعب الإيرانية. وكتبت زينب مخاطبة كمالي: “أنصحك بالتزام الصمت والاحتفاظ بمعتقداتك الفارغة في عقلك المحدود”، هذا إلى جانب محاولاتها جذب العديد من الجمهور الإيراني بشكل أوسع، فقامت بتناول منشورات عن المطرب الإيراني “سالار عقيلي”، مغني موسيقى تراثية إيرانية، والذي تسبب في إحداث غضب عبي إيراني عام 2017 من خلال مقابلة أجراها مع أحد القنوات المحظورة في ستوديوهات لندن، وبالتالي ستتمكن زينب قاسم سليماني من أن تحظى بشعبية حال تخليها عن القضايا التي تحدث انفجارات داخلية متعلقة بالقضايا الداخلية الحساسة، وبالتالي يتعين على زينب صياغة رسالة دقيقة إذا أرادت أن ترث شعبية والدها.

+ posts

باحثة بالمرصد المصري

رحمة حسن

باحثة بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى