
خياران لا ثالث لهما أمام بلدان العالم في ظل انتشار كورونا
نشر موقع “ميديام كورونا فيروس“، تقريرًا تحت عنوان “فيروس كورونا: المطرقة والرقصة“، لكاتبه توماس بويو، الذي استهل موضوعه بطرح تساؤل حول كيف من المفترض أن تبدو الـ18 أشهر المقبلة، في حالة أن اشترى لنا القادة الوقت. أشار من خلاله إلى ما جرى في غضون أسبوع حول العالم، حيث انتقلت البلدان في جميع انحاء العالم من مرحلة الاستخفاف بالفيروس إلى حد إعلان حالة الطوارئ، ومع ذلك لاتزال هناك الكثير من الدول التي لا تفعل الكثير من الإجراءات حيال المرض. وعن هذه المرحلة يتساءل الكاتب عن الأسباب، ويرد بأن كل بلد يواصل طرح نفس السؤال حول الطريقة المثلى للتصدي للفيروس، ولايزال حتى هذه اللحظة الجواب غير واضح.
ويَخلُص الكاتب إلى أنه لا يبقى أمام كل بلدان العالم إلا خياران، إما أن تقاوم المرض بشدة، أو أنها سوف تعاني من وباء واسع النطاق. وفي حالة اختيارها المعاناة من الوباء، فهذا يعني أن مئات الآلاف سوف يفقدون حيواتهم، بل أن تعداد الوفيات قد يبلغ في بعض البلدان حد الملايين. ويؤكد أننا إذا قاتلنا بضراوة الآن فهذا يعني أننا سوف ننجح في الحد من الوفيات. كما أننا سوف ننجح في تحقيق مكاسب أخرى مثل تعزيز قدرات الأنظمة الصحية لدينا، بالإضافة الى اكتساب وتعلم المزيد من المهارات عن الأوبئة، وكل هذا سيحدث بمجرد أن نختار القتال وعنصر شراء المزيد من الوقت. وهذا الأمر سيتحقق عندما نبقى في الاحتجاز لمدة أسابيع متتالية، التي حتما سوف يعقبها استعادة دورة الحياة الطبيعية في نهاية المطاف. ويتناول الكاتب في تقريره إجابات عن عدة أسئلة محورية بشأن الفيروس، وهي:
آخر تطورات الموقف
ردًا على هذا السؤال يقول الكاتب إن عدد الحالات قد انفجر فجأة في عشرات البلدان، يأتي في مقدمتهم إيطاليا واسبانيا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة، ولكن لا تزال هناك 16 دولة أخرى لديها اليوم تعداد حالات أكثر من مقاطعة هوبي بالصين، وهذه البلدان هي اليابان وماليزيا وكندا والبرتغال وأستراليا وتشيكيا والبرازيل وقطر، إذ أن تعداد مصابيهم يتجاوز حالات مقاطعة هوبي ولكنه لايزال دون الـ 1000 حالة. أما عن سويسرا والسويد والنرويج والنمسا وبلجيكا وهولندا والدنمارك، فهذه البلدان لديها أكثر من 1000 حالة.
وعن هذه الإحصائيات والملاحظات الخاصة بخارطة تفشي المرض حول العالم، يطرح الكاتب تساؤلات ويقول، هل تلاحظ شيئًا غريبًا في متابعة قائمة أسماء هذه البلدان؟ ويرد لافتًا إلى أن كل بلد من البلدان سالفة الذكر هي من بين الدول الأكثر ثراءً حول العالم. ويرى الكاتب أن السبب وراء تفشي الوباء في الدول الثرية بشكل أكبر، يرجع إلى أن البلدان الفقيرة لا تمتلك ذات التقنيات التي لدى الدول الثرية، والتي من شأنها أن تساعدها على اجراء فحوصات دقيقة حول المرض. وأنه على الرغم من الطقس الدافئ والرطب الذي تتمتع به الدول الفقيرة، إلا أن هذا الطقس لا يمكن أن يحول دون تفشي المرض بها، وإلا لم تكن دول مثل سنغافورة أو ماليزيا أو البرازيل عانت من تفشي المرض. والتفسير الأكثر ترجيحًا – من وجهة نظر الكاتب- في هذه الحالة يتركز في أن الفيروس إما استغرق وقتًا أطول للوصول إلى هذه البلدان لأنها تتمتع بحيز أكبر من العزلة الدولية، أو أن المرض بالفعل موجود ومتفشٍ بكثافة لدى هذه الدول ولكنها لم تنجح بعد في اجراء الفحوصات اللازمة للتقصي حول الأمر. ويخلُص الكاتب من استنتاجاته الى أن هذه الحقائق تقودنا إلى التسليم بأنه لا يوجد دولة في العالم ستسلم من تفشي المرض بها، والأمر فقط لا يخرج عن كونه مسألة وقت.
الإجراءات الواجب اتخاذها لمواجهة انتشار الفيروس
أشار الكاتب الى تدابير على غرار إعلان حالة الطوارئ وفرض حظر التجوال بحيث يمنع أي شخص من مغادرة منزله الا في حالة رغبته بالحصول على المواد الغذائية أو الأدوية أو حتى الذهاب للمشفى أو التوجه الى البنوك. بالإضافة الى منع الأطفال وكبار السن من الخروج لأي سبب من الأسباب، وإغلاق جميع المطاعم، ومنع العمل بها إلا لخدمة توصيل الطلبات للمنازل.
ثم ينتقل الكاتب بعد ذلك، حتى يحدثنا عن تداعيات تفشي الفيروس بشكل كبير وأثره على ارتفاع معدلات الوفيات، على الرغم من أن الفيروس لا يقتل جميع المصابين به. ويقول إنه في حالة تفشي المرض بشكل كبير، فإن النظام الصحي بالكامل سوف ينهار، مما يعني أنه سوف يؤدي حتمًا إلى وفاة آخرين. ويضرب مثلًا بأنه في حالة تعرض أحدهم لنوبة قلبية، وطلبه لسيارة الإسعاف، فإن السيارة في هذه الحالة سوف تتأخر وقد لا تحضر في الكثير من الأحيان؛ وذلك لأن مرضى مصابين بفيروس كورونا قد قاموا بشغلها، ولهذا السبب سوف يتسبب الفيروس بالوفاة لأصحاب الأمراض الأخرى، ولهذا السبب يرتبط تفشي الفيروس بانهيار النظام الصحي للدولة وما يعقب ذلك من انتشار الموت الجماعي.
وفي شرحه لما يُسمى بمناعة القطيع وطريقة تحور الفيروس، قال الكاتب إنه يرى أن جميع المتعافين من الفيروس يحصلون على هذه المناعة، كما أنه بعد وفاة الملايين فإن البقية سوف يحصلون بالتبعية على مناعة من الفيروس. ولكن في نفس الوقت، يقول الكاتب أن الفيروس قابل للتحور.
ويستطرد الكاتب شارحًا السبب وراء تردد بعض الحكومات في اتخاذ الإجراءات اللازمة لأجل مكافحة انتشار الفيروس، ويقول إنهم يخشون أن تستمر حالة العزلة والانغلاق لأشهر، وهو ما سيؤدي في النهاية الى انهيار الاقتصاد. كما أنه لن يحل المشكلة، إنه فقط يعمل على تأجيل وتباطؤ انتشارها. ويوصى بضرورة العمل على اكتساب المزيد من الوقت وصولًا إلى لحظة إنتاج اللقاح المناسب، ويقول سوف نحتاج إلى عاملين صحيين، ولأجل الحصول عليهم يجب علينا أن نعمل على تدريب المزيد من الأشخاص لمساعدة الممرضات، كما يجب إعادة العاملين في المجال الصحي من التقاعد، وإشراكهم في العمل، وهو أمر بدأت الكثير من البلدان في اتباعه بالفعل.
كما يرى الكاتب، أن مما يزيد من مخاطر الفيروس هو أن الناس لم تتوقف حتى هذه اللحظة عن التصافح باليد، كما أنهم ما زالوا يتعانقون، ولا يوجد شخص يبادر إلى فتح الأبواب بكوعه، ولا يقومون كذلك بغسل إياديهم بعد لمس المقابض، حتى الطاولات لا يقوموا كذلك بتطهيرها.
ويقول إن نقص الإجراءات الصحية المتخذة في الولايات المتحدة وإنجلترا يزيد مع الأيام، وأن هذه البلدان لا زالت لا تفعل ما ساعد سنغافورة أو كوريا الجنوبية وتايوان على احتواء المرض، مشيرًا إلى أنها مسألة وقت تفصل ما بين انتقالهم الى مواجهة الوباء الواسع النطاق، أو إدراك اخطائهم والتحرك نحو احتوائه. إلا أنه لا يزال هناك وقت، ولايزال بإمكانهم السيطرة على تفشي المرض على غرار نموذج كوريا الجنوبية، التي نجحت في السيطرة عليه بغضون أسابيع ومن دون الحاجة الى تطبيق قيود اجتماعية واسعة النطاق، وعليه فإن الدول التي تطبق بالفعل إجراءات تشتيت اجتماعية صارمة، يمكنها بالتأكيد التحكم في تفشي المرض في غضون أسابيع، إنها مسألة انضباط ليس أكثر.
الإبقاء على الفيروس في حالة احتواء
أوضح الكاتب أنه بمجرد أن يتم التحكم في تفشي المرض، حينها تبدأ المرحلة الثانية وهي الرقصة، والتي تعني من وجهة نظره بذل ما يمكن من جهد طويل الأمد للإبقاء على هذا الفيروس في حالة احتواء حتى تحين لحظة إنتاج لقاح. ويخلص الكاتب في تقريره إلى أنه يجب أن تستمر إجراءات مكافحة الفيروس لبضعة أسابيع على الأقل، بحيث يتم وقف حدوث ذروة تفشيه في الوقت الذي لا يتكبد فيه المجتمع سوى تكلفة معقولة، مما يساهم في إنقاذ حياة ملايين الأرواح على طول الطريق. مشيرًا إلى أنه في حالة التقاعس عن اتخاذ هذه الإجراءات سوف يصاب عشرات الملايين من البشر بالفيروس، مما يؤدي إلى وفاة الكثيرين، وسترتبط هذه الوفيات بالفيروس حتمًا بوقوع وفيات مرتبطة بأمراض أخرى لم تنجح بفعل انتشار المصابين وانهيار النظم الصحية في العثور على مكان لهم في المستشفيات.
باحث أول بالمرصد المصري



