الصحافة المصرية

حركة المحافظين.. لماذا البرنامج الرئاسي وشباب الأحزاب؟

شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، الأربعاء (27 نوفمبر 2019)، أداء عدد من المحافظين ونوابهم الجدد، اليمين الدستورية بحركة المحافظين الجدد، شملت عددا كبيرا من الشباب من مختلف الأطياف، جاء عددهم 25 قيادة، منها اثنين من المحافظين، و23 نائبا للمحافظين (جميعهم من فئة الشباب). هذا العدد هو من أصل 39 قيادة جديدة بين محافظ ونائب محافظ، أي يعني ذلك أن فئة الشباب تحتل 60% من الحركة. 

وبالنظر إلى الخلفية الأكاديمية لهؤلاء الشباب، يتبين أن الحركة ضمت 9 قيادات (8 نواب محافظين، ومحافظ واحد) هم من خريجي “البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة” يحملون عدة شهادات في مجالات مختلفة، وينتمون لدفعات دراسية مختلفة من البرنامج سواء الأولى أو الثانية أو الثالثة.

أما بالنظر إلى الخلفية السياسية لعدد من الشباب، يتبين أن من ضمنهم ينتمي إلى أحزاب أو منضمين إلى تنسيقية شباب الأحزاب، التي أعلنت الأخيرة في بيان رسمي عن فخرها منح الثقة لـ 5 من أعضائها. 

وهو ما يستدعي السؤال حول ماهية الأسباب التي تدفع الإدارة المصرية إلى اختيار أعضاء من البرنامج الرئاسي، واختيار آخرون من الأحزاب في مناصب تنفيذية؟

المستهدفات من الحركة 

تعد حركة المحافظين الذي يجوز عَدُها أيضا حركة شابة، كون 60% من التعيينات تأتي ضمن فئة الشباب، هي الأكبر في تاريخ حركة المحافظين في مصر، ويحتل الشباب فيها المساحة الأكبر، وبالتالي فإن “تمكين الشباب” لم يعد مستهدف نظري تبحث عنه الدولة، بل أصبح واقعا حاضرا ضمن واحدة من أهم دوائر اتخاذ القرار، والسلطة التنفيذية، وهو مستوى المحافظات. 

يتسق ذلك مع الإصلاح الإداري الذي تستهدفه مصر، إذ تشير الحركة إلى وجود نواب محافظين في جميع محافظات مصر، بخلاف إن هناك محافظات تحمل نائبين أو أكثر، 90% من هؤلاء هم فئة الشباب، إما من البرنامج الرئاسي، أو شباب أحزاب، أو من خلفيات أخرى سواء أكاديمية أو مهنية، مثل النائب محمد محمود إبراهيم (نائب محافظ المنيا)، الذي قدّم نفسه كخبير تصميم للأقمار الصناعية في مؤتمر مصر تستطيع (2019).

وعودة إلى البرنامج الرئاسي الذي قدّم 8 نواب محافظين كدفعة ثانية (سبقها 6 نواب عام 2018)، أي قدم البرنامج فيما مجموعة 14 قياديا (إذ تأهل محمد هانئ من نائب محافظ إلى محافظ لـ “بني سويف”). ويبدو أن الإدارة المصرية تزيد من منحها الثقة في هؤلاء، ويعود ذلك إلى عدة أسباب، هي:

 1- التأهيل للقيادة: انطلق “البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة” في 2016 كقناة رسمية تسعى من خلالها الدولة تأهيل الشباب بهدف تمكينهم بواسطة تقديم علوم إنسانية وإدارية تقدم لهم الخبرات التأهيلية، ثم استكملها الرئيس بـ “مأسسة” هذا البرنامج من خلال تدشين مؤسسة “الأكاديمية الوطنية لتدريب الشباب” الذي صرّح في منتدى شباب العالم 2018 أن مصر تعتزم من خلال الأكاديمية تأهيل الشباب قبل تمكينهم في المناصب العليا “للحيلولة دون فشل الشباب أو فشل التمكين”. يشمل هذا التأهيل بناء منظومة وعي متكاملة يمكن من خلالها عضو البرنامج تقييم الظروف والأحداث، واتخاذ القرارات بشكل مدروس.

2- التنوع الجغرافي: حرص البرنامج الرئاسي في اختيار أعضاؤه حسب التنوع الجغرافي داخل مصر، الذي شمل كافة محافظات مصر، وبذلك يضمن البرنامج تلقي الأعضاء المناهج النظرية في التأهيل بمحاذاة التأثر من طبيعته الجغرافية والوصول إلى المشكلات الجوهرية التي تمس المواطن المصري في بيئته.

3- تنوع الخلفيات: بالنظر إلى الخلفيات الأكاديمية والمهنية بين أعضاء البرنامج الرئاسي، نلاحظ تنوعا كبيرا ضم تقريبا كافة المهن والخلفيات الأكاديمية، وهو ما انعكس بالضرورة في خلفيات المعينين في حركة المحافظين الأخيرة.

أما على مستوى الأحزاب، فيمكن الخروج بعدد من الملاحظات، وهي:

 1- تنوع الأحزاب: ظهرت مجموعة من الأحزاب المتباينة في تياراتها إما ليبرالية أو محافظة، مؤيدة أو معارضة (على سبيل المثال محمد موسى المعارض عن حزب العدل). إذ ضمت عشرة من شباب الأحزاب “لأول مرة”.

2- تعدد مسارات التشاركية: اقتصر مفهوم التشاركية على المستوى السياسي بين الثنائية التي تجمع الأحزاب والسلطة في ثنائية (السلطتين التنفيذية والتشريعية)، فقد فتح باب مشاركة الأحزاب في الحياة السياسية المصرية من قبل المجالس النيابية فقط، أما من خلال حركة المحافظين فيمكن القول إن المسار مفتوح أمام الأحزاب لانضمامهم للعمل الحكومي والمحليات بغض النظر عن الانتماءات.

يتيح هذا التعدد في المسارات، مجموعة أخرى من المستهدفات وهي إمكانية خلق كوادر حزبية لها من الاحتكاك المباشر والواقعي مع ظروف المواطنين، مما يؤهلهم للإعلان عن برامج حزبية أكثر واقعية ومعقولية، تتحدث بلسان الشعب، مما يعزز بدوره ثقة الشعب في الأحزاب في وقت عانت فيه الأحزاب من اضمحلال دورها وتضخم وزنها دون فائدة.

3- تباين توجهات الأحزاب: إذ تضم الحركة مجموعة من الأحزاب المعارضة، مما يتيح لها الفرصة في تصحيح أوضاع أو مسارات السياسات التي كانت تعارضها.

في الختام، يمكن التأكيد على بعض النقاط، هي:

  1. دور البرنامج الرئاسي في تأهيل الكوادر “الشبابية” لتقلد المناصب العليا، التي بدأت كمرحلة أولية في تقلد منصب نائب محافظ، ثم الترقي تباعا وهو ما يستدل عليه في ترقي محمد هاني درجة كاملة (من نائب محافظ إلى محافظ).
  2. حيوية المسار الجديد الذي يمكن للأحزاب الانخراط فيه وهو السلك التنفيذي الذي يتقاطع مع أهم المستويات تقريبا وهو مستوى المحليات (المحافظات).
  3.  وأخيرا، تتبع سياسات الدولة في ملف تمكين الشباب وتأهليهم بما يتناسب مع مناصبهم العليا.
+ posts

باحث ببرنامج العلاقات الدولية

شادي محسن

باحث ببرنامج العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى