إيران

ما تبعات قرار إخراج إيران من هيئة الأمم المتحدة لحقوق المرأة ؟

أقدم المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة نهاية الأسبوع الماضي على طرد إيران من هيئة حقوق المرأة الدولية، بتصويت أيّده 29 عضوًا ورفضته 8 دول وامتنعت عنه 16 دولة أخرى. وقد جاء ذلك القرار بعد مضي 9 أشهر فقط من موافقة 43 عضوًا في المجلس الاقتصادي الأممي في شهر مارس الماضي على ضم إيران لعضوية الهيئة لمدة 4 سنوات كان من المقرر أن تنتهي في عام 2026.  

ويُكسب التوقيت قرار المجلس الأممي أهمية خاصة؛ حيث صدر بعد مضي 3 أشهر من اندلاع تظاهرات حاشدة تتقدمها النساء في مختلف المدن الإيرانية؛ تنديدًا بمقتل الفتاة الكردية “مهسا أميني” على يد وحدة الشرطة السابقة المعروفة باسم “شرطة الأخلاق” في شهر سبتمبر الماضي، واعتراضًا أيضًا من المواطنين الإيرانيين على أوضاع حقوق المرأة والمساواة في المجتمع الإيراني. كما يتزامن القرار مع تنديد دولي موازٍ بحقوق الإنسان في إيران ودعمًا لحركة المرأة في ذلك البلد.

ويحمل هذا القرار الأممي في طياته تبعاتٍ أخرى مستقبلية تتمحور حول حقوق المرأة في إيران نبرزها فيما يلي، ولكن قبل التطرق إليها سنعرج على دلالات القرار أولًا.

أولًا: دلالات القرار:

  1. عدم اقتناع المجتمع الدولي بخطوة حل “شرطة الأخلاق” في إيران:

يؤكد قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة بطرد إيران من هيئة حقوق المرأة، أن المجتمع الدولي لا يرى في الخطوة التي أقدمت عليها إيران أوائل ديسمبر الجاري بحل وحدة “شرطة الأخلاق”، التي كانت معنية بضمان إلزام النساء في إيران بارتداء “الزي الإسلامي”، دليلًا ملموسًا على إحراز تقدم في ملف حقوق المرأة. إذ، لو كانت هذه الخطوة فعّالة وذات أثر وصدى دولي لما وافقت 29 دولة على تنفيذ القرار أو لما طرحته الولايات المتحدة منذ البداية. ويشير التطور الأخير، إلى أن المؤسسات المعنية الدولية لا تزال غير مقتنعة بالإجراءات الكلية التي اتخذتها إيران حيال ملف المرأة، خاصة بعد انطلاق احتجاجات سبتمبر 2022. 

  1. دور نشط للمنظمات الإيرانية المعارضة:

يمثل قرار الأمم المتحدة بإخراج إيران من هيئة المرأة الدولية “انتصارًا” ولو رمزيًا للمنظمات الإيرانية المتعددة المعارضة في الخارج للنظام في البلاد. فقبل طرح الفكرة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، دعت العديد من منظمات حقوق الإنسان الإيرانية في الخارج إلى إخراج طهران من تلك الهيئة الأممية، وبلغ عدد هذه الجماعات 13 منظمة من بينها “مركز حقوق الإنسان الوثائقي الإيراني” و”منظمة سيامك بورزند” و”هيئة عبد الرحمن برومند” و “منظمة حقوق الإنسان الكردية” و”حملة النشطاء البلوش”. 

حيث اتفقت هذه المنظمات وغيرها قبل أيام على كتابة عريضة مشتركة طالبت فيها بـ “إلغاء عضوية إيران في لجنة المرأة بالأمم المتحدة”. وقد دفع هذا البيان منظمة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة (هيومن رايتس واتش) لاحقًا إلى تبني الدعوة نفسها. بل أثار البيان اهتمامًا من جانب بعض السياسيات الأمريكيات ودعون إلى الأمر نفسه وكان من بينهن: وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، وزوجة الرئيس الأمريكي الأسبق ميشيل أوباما، و”لورا بوش” زوجة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن. 

ثانيًا: تبعات القرار: 

تنقسم التبعات المتوقعة إزاء إخراج إيران من هيئة حقوق المرأة التابعة للأمم المتحدة، وهي أعلى سلطة دولية ذات صلة، إلى نتائج على الصعيد الدولي وأخرى داخل المشهد المحلي في إيران.

  1. التبعات الدولية:

يشير قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة الصادر الأسبوع الماضي إلى أن المجتمع الدولي قد يتخذ المزيد من الإجراءات العقابية ضد إيران خلال الفترة المقبلة، ليس فقط فيما يتعلق بحقوق المرأة في البلاد ولكن ما يخص إجمالًا الاحتجاجات الجارية في إيران منذ أشهر.

ولا تأتي تحت إطار “المجتمع الدولي” الهيئاتُ الأممية فقط، بل تجيء أيضًا مختلفُ الدول حول العالم. حيث تندرج خطوة الأمم المتحدة الأخيرة بالأساس ضمن إطار دولي عام أكبر يشمل فرض عقوبات على إيران بسبب طريقة تعاملها مع الاحتجاجات الجارية في البلاد منذ حوالي 90 يومًا. وهي عقوبات آخذة في النمو منذ يوم 16 سبتمبر 2022. فقد قامت الولايات المتحدة والدول الأوروبية خلال الأشهر القليلة الماضية بفرض حزم عقوبات متتالية ومختلفة ضد إيران، كان سببها الرئيس نهج تعامل السلطات مع الاحتجاجات الجارية في البلاد. وعلى المنوال نفسه، كانت واشنطن الداعية للقرار الأممي الذي انتهى بطرد إيران من هيئة المرأة الأممية يوم 14 ديسمبر الجاري. 

وبشكل خاص، قد يفتح القرار المشار إليه الباب واسعًا خلال الفترة المقبلة لفرض المزيد من العقوبات على إيران فيما يتعلق بحقوق المرأة على وجه التحديد، حيث إنه سوف يمثل الأساس الذي قد تستند إليه بعض الدول والمنظمات الأخرى حول العالم لإدانة إيران فيما يخص حقوق المرأة في البلاد، وهو ما سيتبعه بالتالي دعمًا للاحتجاجات الجارية هناك؛ لأن المرأة تمثل عاملًا أساسيًا بها وقد انطلقت منذ البداية دعمًا لحقوقها في الداخل.

  1. التبعات المحلية:

لا شك في أن هذا القرار الأممي سوف يعسّر، ولو بدرجات متفاوتة، من إمكانية اتخاذ السلطات في طهران خطوات من شأنها إثارة ملف حقوق المرأة مرة أخرى في الوقت الراهن على الأقل، حيث لا تزال البلاد تشهد موجة تظاهرات كبرى كان دافعها الأولي الدفاع عن حقوق المرأة. وستنظر الحكومة في طهران أكثر من مرة في قرارات على هذه الشاكلة. ولعل هذا قد يقود بشكل غير مباشر إلى تهدئة الأوضاع في البلاد.

أما على الجانب الآخر، فإن الإعلان الأممي سوف يضفي المزيد من الشرعية على التظاهرات الجارية في إيران، خاصة فيما يخص حقوق المرأة، وسيمنح بالتالي المتظاهرون الإيرانيون المزيد من الثقة في مواصلة احتجاجاتهم؛ حيث إنهم سيرون دعمًا دوليًا موازيًا في هذه الحالة، مما سيشجعهم على الاستمرار في ذلك.

+ posts

باحث بالمرصد المصري

علي عاطف

باحث بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى