مقالات رأي

الدور الشعبي في نصر أكتوبر

يذكرنا شهر أكتوبر بانتصارات شعب وجيش مصر في هذه الحقبة المهمة من تاريخها الحديث. ويطالعنا العديد من الخبراء الذين عاصر بعضهم تلك الحقبة ومنهم الكاتب، ويكون معظم الحديث عن دور القوات المسلحة المصرية وهذا حقها وفخارها الذي سنوجزه قبل الانتقال لدور شعب مصر العظيم قبل وأثناء وبعد الحرب.

ويتلخص الدور العسكري في مهارة التخطيط والتنظيم والتدريب والخداع وجسارة التنفيذ، حيث لم يبخل الرجال بالأرواح الطاهرة والدماء الزكية ثمنًا لهذا النصر المؤزر، بل واستقبل الشهداء منهم وجه ربهم صائمين مما أضاف بعدًا روحيًا أشعل حماسهم وزاد من شجاعتهم فهزموا أكبر وأصعب مانع مائي في التاريخ، وهزموا خط بارليف أقوى الخطوط الدفاعية المحصنة في التاريخ حتى الآن والذي احتوى على الحصون المدفونة تحت الأرض وما بها من قوات وأسلحة وركام وأسلاك وألغام ونابالم لإحراق سطح القناة وقواتنا العابرة. مع التصدي لاحتياطيات العدو المدرعة والمتدرجة في العمق وتدمير معظمها وأسر بعضها سليمة وأسر العديد من القوات الإسرائيلية وعلى رأسهم العقيد عساف ياجورى، مع منع طيران العدو من الاقتراب من قناة السويس؛ تفاديًا لجحيم الدفاع الجوي المصري على حد قول قادتهم.

وكذا تم كسر غرور العدو الذي كان بين قتيل وأسير أو هارب ترك دباباته التي غنمتها قواتنا ومحركاتها دائرة كما تم بموقع قيادة بتبة الشجرة (معرض الآن). واستسلمت قوات بعض نقاط بارليف للقوات المصرية مثل لسان بور توفيق بعد خمسة أيام من الحصار، في المقابل لم يستسلم موقع كبريت المصري بعد حصار إسرائيلي دام أكثر من 100 يوم، بما يعكس عقيدة القتال وصلابة المقاتل المصري.

وإذا انتقلنا إلى بطولات وتضحيات الشعب المصري العظيم. فسنعرض منه الآتي على سبيل المثال: رفض الشعب هزيمة يونيو 1967 التي كانت هزيمة بلا حرب، ورفض تنحي الرئيس جمال عبد الناصر في التاسع من ذات الشهر كرمز لرفض الهزيمة، ودعم القائد والقوات المسلحة وصولًا إلى النصر وتحرير الأرض. وقد تحمل الشعب الكثير لتوفير مطالب الجيش اقتطاعًا من قوته في صبر وجلد.

كان من أصعب القرارات قرار تهجير أهالي مدن القناة الثلاث بور سعيد والإسماعيلية والسويس إلى محافظات شرق ووسط الدلتا؛ وذلك لإعطاء الحرية للقوات المسلحة للرد بعنف على قوات العدو الذي كان يلجأ قبل التهجير إلى قصف تلك المدن خاصة ليلا لتنهار العقارات على من فيها، وهو ما كان يغل يد الجيش. ولنا أن نتخيل معاناة مليون ونصف مليون من المهجرين، ومعاناة من استضافوهم في المنازل والمدارس لقرابة 6 سنوات إلى أن عادوا بعد النصر لمجابهة إعادة الإعمار.

هذا يضاف إلى تعبئة الطاقات المدنية من وسائل نقل ومياه وغذاء.. إلخ، وتجنيد خريجي الجامعات الذين أسهموا في استيعاب الأسلحة ومعدات القتال المتطورة وتضييق الفجوة المعرفية بين القائد والجندي، وتحمل الأسرة المصرية خاصة الزوجات والأمهات غياب أرباب الأسر من الضباط والجنود لسنين طويلة أو فقدهم باستشهادهم كن فيها الأم والأب لرعاية الأسرة.

ذلك علاوة على مساهمة بعض الشركات المدنية مع مهندسي القوات المسلحة في بناء حائط صواريخ الدفاع الجوي ورفع الساتر الترابي غرب القناة لتمكين مدفعيتنا من فوقه من القصف المباشر لخط بارليف قبل وأثناء العبور، وكذلك هيئة قناة السويس قبل وأثناء العبور ولاحقا لتطهير القناة. وأيضًا تعبئة المستشفيات المدنية للصالح العسكري والمدني. 

تبع النصر العسكري نصر سياسي قاده الرئيس السادات لاستكمال تحرير سيناء وكان فصله الأخير تحرير بقعة طابا (4 ونص كم مربع ضمن 61 ألفا هي مساحة سيناء) بواسطة التحكيم الدولي لقرابة ثماني سنوات! قاده فريق مصري من رجال القانون والخارجية والجغرافيا والتاريخ والمساحة والقوات المسلحة، لتبرهن مصر عمليًا على معنى تراب الوطن المقدس مهما تقل مساحته وأنه غير قابل للمساومة.

تلك ملامح مختصرة عن دور شعب مصر في نصر أكتوبر المؤزر منذ رفض هزيمة 67، حيث كان شعار تلك المرحلة كما أطلقه الزعيم جمال عبدالناصر أنه لا صوت يعلو على صوت المعركة، وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة وهو ما كان.. وهو ما يفعله شعب مصر الآن بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، لدعم قوات جيشه وأمنه لاستكمال هزيمة الإرهاب الأسود لاستكمال بناء وتنمية مصر الحديثة. فتحية واجبة لشعب مصر العظيم وقواته المسلحة في عيدهم الأغر..

نقلًا عن جريدة الأهرام

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى