
بايدن في إسرائيل.. ملفات مهمة مُعلّقة
بدأ الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأربعاء، زيارة مهمة إلى الشرق الأوسط تشمل إسرائيل والضفة الغربية والمملكة العربية السعودية التي يطير إليها يوم الجمعة المقبل حيث تُعقد قمة عربية بمشاركة قادة وزعماء عرب في توقيت تشهد فيه ساحة المنطقة عددًا من القضايا الساخنة.
واستهل الرئيس الأمريكي زيارته التي يجريها حاملًا العديد من الملفات، بإسرائيل التي تشهد اضطرابا سياسيًا كبيرًا في الآونة الأخيرة بعد سقوط الحكومة، وتنظيم انتخابات خامسة في 3 أعوام تقريبًا، وهو الأمر الذي يضفي بظلاله على نتائج تلك الزيارة.
أهم ملفات زيارة بايدن لإسرائيل
الملف النووي الإيراني
في مستهل الجلسة الأسبوعية للحكومة الإسرائيلية، تحدث رئيس الحكومة الإسرائيلي يائير لابيد عن أهم الملفات التي سيناقشها الرئيس الأمريكي خلال زيارته، قائلًا: “نحن في بداية أسبوع تاريخي، يوم الأربعاء، يصل الرئيس جو بايدن إلى هنا، وهو أحد أقرب الأصدقاء الذين عرفتهم إسرائيل على الإطلاق في السياسة الأمريكية، والذي قال ذات مرة عن نفسه: ليس عليك أن تكون يهوديًا حتى تكون صهيونيًا.. أنا صهيوني، موضحًا: “ستتناول هذه الزيارة كلاً من التحديات والفرص ومناقشة التحديات، وسوف تركز أولا وقبل كل شيء على قضية إيران”.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك: “تم الكشف يوم السبت عن قيام إيران بتخصيب اليورانيوم بأجهزة طرد مركزي متطورة في مخالفة تامة للاتفاقيات التي وقعتها، يجب أن تكون الاستجابة الدولية حاسمة.. العودة إلى مجلس الأمن الدولي وتفعيل آلية العقوبات بكامل قوتها”، مشيرًا إلى أن إسرائيل تحتفظ لنفسها بحرية كاملة في العمل، دبلوماسيًا وعمليًا، في الحرب ضد البرنامج النووي الإيراني.
وأضاف: “لن تقف إسرائيل مكتوفة الأيدي بينما تحاول إيران مهاجمتنا.. تعرف خدمات الأمن لدينا كيفية الوصول إلى أي شخص في أي مكان، وسيقومون بذلك بالضبط.. سنناقش مع الرئيس وفريقه توسيع التعاون الأمني ضد جميع التهديدات”. وصرح لابيد قائلًا: “سنبحث ضرورة إعادة تشكيل حلف عالمي قوي كفيل بوقف البرنامج النووي الإيراني”.
حل الدولتين
على الرغم من أن الرئيس الأمريكي الحالي بايدن وعد بمشروع بديل لما سُمي بـ«صفقة القرن» للرئيس السابق دونالد ترامب، إلا أنه وبعد عامين من توليه لم تظهر أي معالم لمشروع أمريكي جديد لتسوية القضية الفلسطينية.
ولكن في مستهل زيارته، الأربعاء، تحدث بايدن عن تأييده لحل الدولتين، وقال: إن “علاقتنا مع إسرائيل أقوى وأعمق من أي وقت مضى، وسنعمق تعاوننا ودمج إسرائيل في المنطقة في المجالات الاقتصادية والتكنولوجيا”، مشيرًا إلى أن “استقرارًا أكثر وتواصلًا أكثر هو مهم للكل في المنطقة”.
وبشأن تسوية القضية تحدث بايدن قائلًا: “لا أزال أرى أن حل الدولتين هو السبيل الأمثل، ولهذا السبب سنبحث دعمي المتواصل لحل الدولتين رغم أنني أعلم أنه ليس ضمن مصطلحاتكم لكنه لا يزال بنظري الحل الأفضل لمستقبل متكافئ المعايير للسلام والديمقراطية والازدهار للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي”.
وتوجه رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى بايدن قائلا: “قد وصفت نفسك سابقًا بأنك صهيوني.. وقلت إنه لا ضرورة لأن تكون يهوديًا لكي تكون صهيونيًا، ولك الحق فيما قلته علمًا بأنك تشكل شخصية صهيونية مرموقة وأحد خير أصدقاء إسرائيل عبر تاريخها».
تحالف أمني
دار الحديث في الآونة الأخيرة عن سعي الولايات المتحدة الأمريكية إلى تشكيل محور بالتعاون مع إسرائيل وبعض الدول العربية للوقوف أمام التهديدات الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي من المتوقع مناقشته خلال الزيارة الحالية على الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تمتلك القرار لأنها مُجرد حكومة مؤقتة.
وهو الأمر الذي أكده لابيد في إطار حديثه، الأربعاء، حيث قال إن زيارة الرئيس الأمريكي تشمل إجراء محادثات حول ضرورة إعادة تشكيل تحالف عالمي قوي يتصدى لطموحات إيران النووية، مضيفًا أن المحادثات ستتناول مسائل الأمن القومي والسبل الكفيلة ببناء هيكلية أمنية واقتصادية جديدة مع الشعوب الموقعة على اتفاقات إبراهيم، وفقًا لما ذكرته هيئة البث الإسرائيلية الرسمية.
إعلان القدس
ذكرت هيئة البث الإسرائيلية «كان» الصادرة باللغة العبرية، أن بايدن سيوقّع خلال الزيارة بيانًا مشتركًا باسم “إعلان القدس”، وهو وثيقة من أربع صفحات.
ويشير مسؤول إسرائيلي إلى أن الحديث يدور عن بيان تاريخي يعبر عن الالتزام الأمريكي بأمن إسرائيل وازدهارها والعلاقات بين الطرفين.
وتشمل النقاط الرئيسة في “إعلان القدس”، وفقًا لهيئة البث الإسرائيلية “رسالة موحدة ضد إيران وبرنامجها النووي وأنشطتها الإقليمية، والالتزام بعدم السماح لها بامتلاك أسلحة نووية، وكذلك السماح لإسرائيل بالدفاع عن نفسها بنفسها”.
وحسب الهيئة سيشمل البيان “إشارة إلى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”، وسيتضمن كذلك “الإشارة إلى تعزيز التطبيع وتوسيع دول السلام” على حد تعبيرها.
وأضافت الهيئة الإسرائيلية أن الوثيقة “ستؤكد أهمية الولايات المتحدة كمرساة للاستقرار في المنطقة، وستوسع البرامج المشتركة بين الدول في مجالات التكنولوجيا”.
فوضى سياسية
تعيش إسرائيل حالة من الفوضى السياسية بسبب عدم استطاعة أي من الأحزاب تشكيل حكومة أغلبية قوية منذ 3 سنوات، أُجريت خلالها 4 انتخابات انتهت بتشكيل حكومة بالتقاسم بين رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت والحالي يائير لابيد ولكنها لم تستمر سوى عام واحد ويقرر بينيت اعتزال الحياة السياسية ويولي مكانه شريكه لابيد الذي يرأس الحكومة بشكل مؤقت حتى إجراء الانتخابات الخامسة خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة في مطلع نوفمبر المقبل.
يحتاج تشكيل الحكومة الإسرائيلية حصول الائتلاف على أكثر من نصف مقاعد الكنيست البالغ عددها 120 مقعدًا، أي أكثر من 60 مقعد، إلا أن الحكومة التي يقترب عدد نوابها في الكنيست من الـ60 فإنها مُهددة بالسقوط حال انسحاب أعضاء منها، لأنه إذا قلت عن ذلك فستكون قد فقدت التشريع.
ويبدو أن تلك الفوضى السياسية التي تعيشها إسرائيل ستستمر، حيث تشير استطلاعات الرأي في وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن الانتخابات المقبلة لن تُسفر عن حكومة إسرائيلية جديدة بسبب الصراع الشرس بين المعسكرين، وخصوصًا أن معسكر المعارضة يتزعمه بنيامين نتنياهو الذي يسعى إلى استعادة منصبه من جديد.
الملفات معلقة
على الرغم من أن الرئيس الأمريكي ذهب إلى إسرائيل حاملًا ملفات مهمة ذات تأثير على المنطقة، إلا أنها ستظل ملفات مُعلقة لأن الحكومة الحالية التي يرأسها يائير لابيد حكومة مؤقتة حتى إجراء الانتخابات في نوفمبر المقبل، ولا تمتلك صلاحيات كبيرة لاتخاذ قرارات بشأن تلك الملفات المهمة وخصوصًا قبل الانتخابات، حيث تؤثر تلك القرارات على نتيجة تلك الانتخابات، فلذلك من المتوقع أن تظل تلك الملفات مُعلقة حتى تأتي حكومة إسرائيلية جديدة.
ختاما، يُمكن القول إن الولايات المتحدة الأمريكية لا تملك مُخططًا للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لأن تصريحات الرئيس الأمريكي تأتي في إطار الموقف المُعلن منذ فترة كبيرة ولا جديد فيه على الرغم من الوعود الانتخابية التي أطلقتها حملة الرئيس الأمريكي بمشروع سلام جديد بديل لصفقة القرن، إلا أنه يبدو أن أزمة كورونا ومن بعدها الأزمة الروسية-الأوكرانية جعلت واشنطن تصب تركيزها في مناطق أخرى بعيدة عن القضية الفلسطينية.
ويبدو أن الملفات التي سيناقشها الرئيس الأمريكي خلال زيارته لإسرائيل ستظل حبرًا على ورق حتى تأتي حكومة إسرائيلية جديدة لأنها حكومة محدودة الصلاحيات.



