
رويترز”: مسودة الاتفاق النووي الإيراني تضع مستقبل تخصيب اليورانيوم والأموال أولوية قبل النفط
عرض _ علي عاطف
نشرت وكالة أنباء “رويترز” يوم الخميس 17 فبراير تقريرًا حصريًا تحت عنوان “مسودة الاتفاق النووي الإيراني تضع السجناء والتخصيب والأموال النقدية أولوية، بينما يأتي النفط لاحقاً” تطرقت فيه إلى أن إيران لا تركز في محادثاتها النووية الجارية في العاصمة النمساوية فيينا على مسألة إلغاء العقوبات المفروضة على القطاع النفطي، بينما أعطت الأولوية للحصول على الأموال النقدية المجمدة في الخارج ومستقبل عملية تخصيب اليورانيوم محليًا.
وقالت “رويترز” إن مبعوثي إيران وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية يعقدون محادثات في الوقت الراهن في النمسا بشأن تفاصيل مسودة الاتفاق النهائي المتوقع، وسط تحذيرات غربية من نفاد الوقت وأن يصبح الاتفاق النووي الأصلي لعام 2015 غير مجدٍ وعفا عليه الزمن.
ويؤكد المفاوضون النوويون أن الكثير من القضايا قد تمت تسويتها إلا أن بعض الملفات الشائكة لا تزال عائقًا.
وتشير الوكالة الإخبارية إلى أن الهدف النهائي من العودة إلى صفقة 2015 النووية هو رفع العقوبات عن طهران، بما فيها تلك التي قلّصت بشكل كبير مبيعاتها من النفط وذلك مقابل فرض قيود على أنشطتها النووية والتي تطيل بدورها الوقت اللازم لإنتاج كميات مخصّبة من اليورانيوم تكفي لصنع قنبلة نووية إذا ما اختارت طهران ذلك.
الاتفاق الأصلي سوف يُلغى تمامًا في وقت قريب
وكانت إيران قد انتهكت العديد من هذه القيود وذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك، حسبما تتابع “رويترز”، ردًا على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018 وإعادة فرضها للعقوبات على طهران خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب. فبينما حدد اتفاق 2015 نسبة تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 3.67%، تقوم إيران الآن بتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%. ويقترب هذا المعدل من الدرجة المطلوبة لإنتاج الأسلحة.
وتستطرد “رويترز” قائلة إن إيران تصر على أن أهدافها من وراء تخصيب اليورانيوم سلمية بالكامل وأنها تريد فقط تعزيز تقنيات التكنولوجيا النووية للاستخدامات السلمية، لكن القوى الغربية تقول إنه لا توجد أية دولة في العالم قد خصّبت اليورانيوم بهذا المستوى المرتفع إلا وأنتجت من خلاله أسلحة نووية.
وتستنتج الوكالة من ذلك، أي من هذه النسبة المرتفعة لتخصيب اليورانيوم، أن اتفاق عام 2015 الأصلي سوف يُلغى تمامًا في وقت قريب.
مستقبل فيينا: تخصيب اليورانيوم بنسبة 5% والإفراج عن 7 مليارات دولار
وبشأن تطورات المحادثات الجارية في فيينا، توضح “رويترز”، نقلًا عن دبلوماسيين قالت إنهم على اطلاع على محادثات فيينا، أن مسودة الاتفاقية الحالية التي تزيد على 20 صفحة تنص على سلسلة من الخطوات التي سيتوجب تنفيذُها بمجرد موافقة الأطراف المتبقية في الاتفاق، وذلك بدءًا بمرحلة تتضمن تعليق إيران لعمليات تخصيب اليورانيوم التي تتعدى نسبة الـ 5%.
وتستطرد الوكالة أن نص الاتفاق المتوقع الإعلان عنه لاحقًا سيشمل إلغاء تجميد حوالي 7 مليارات دولار من الأموال الإيرانية العالقة في بنوك كوريا الجنوبية بموجب العقوبات الأمريكية، بالإضافة إلى إطلاق سراح السجناء الغربيين المحتجزين في إيران، حيث اقترح المبعوث الأمريكي الخاص “روبرت مالي” أن يكون هذا الإطلاق شرطًا للتوصل إلى اتفاق نووي في النمسا.
وستبدأ مرحلة رفع العقوبات عن طهران بمجرد المضي قدمًافي هذه الإجراءات الأولية والتأكيد عليها، ما يعني الوصول إلى “يوم إعادة التنفيذ” حسبما يطلق عليه بعض الدبلوماسيين، في إشارة إلى يوم تنفيذ الاتفاق الأصلي.
وحسب تصريحات بعض الدبلوماسيين لـ”رويترز”، لم يتم الاتفاق حتى الآن بشأن المدد الزمنية لهذه المراحل ومن بينهم تاريخ “يوم إعادة التنفيذ”.
وقد قدّر عدد من المسؤولين الوقت المتوقع ما بين التوصل إلى الاتفاق ويوم إعادة التنفيذ بما يتراوح بين شهر و3 أشهر، بينما نقلت “رويترز” عن دبلوماسيين قولهم إن إيران سوف تعود إلى القيود النووية الأساسية القديمة مثل فرض الحد الأقصى لتخصيب اليورانيوم بـ 3.67% درجة نقاء.
ماذا عن رفع العقوبات النفطية؟
تشير “رويترز” إلى أن الاتفاق النووي الجديد المتوقع التوصل إليه سوف يستلزم، مثلما كان الحال عليه في الصفقة الأساسية لعام 2015 والتي يُطلق عليها “خطة العمل الشاملة المشتركة-JCPOA”، أن تمنح الولايات المتحدة إعفاءات من العقوبات المفروضة على قطاع النفط الإيراني “الذي يُعد شريان الحياة في إيران”.
وتلفت الوكالة إلى أن هذه الإعفاءات ستكون بديلًا لإلغاء هذه العقوبات بشكل كامل. وسوف يتطلب هذا تجديد هذه الإعفاءات كل بضعة أشهر.
وفيما يتعلق بمستقبل هذا الملف، يقول دبلوماسي شرق أوسطي مطلع على المفاوضات إن الرئيسين السابقين باراك أوباما ودونالد ترامب اعتادا إصدار إعفاءاتٍ نفطية تتراوح مدتها ما بين 90 إلى 120 يوم قابلة للتجديد مرات أخرى إلى أن توقّف ترامب عن ذلك بعد إعلانه الخروج من الاتفاق النووي.
وأكد دبلوماسيون منخرطون في عملية المفاوضات التي بدأت من حوالي 10 أشهر أن التوصل إلى اتفاق نووي في فيينا لا يزال غير واضح بالأساس، حيث رددوا في ذلك مقولة “عدم الاتفاق على أي شئ حتى يتم الاتفاق على كل شئ”.
وتضيف “رويترز” أن من بين الملفات الأخرى المستعصية في مفاوضات النمسا النووية تجيء مطالبة طهران بضمان عدم خروج الولايات المتحدة مرة أخرى من الاتفاق النووي مثلما حدث في 2018.
وقد أدلى مسؤولون غربيون في هذا الشأن قائلين إنه من المستحيل تقديم ضمانات قوية بسبب صعوبة إلزام الإدارات الأمريكية المقبلة.
ويشير دبلوماسي شرق أوسطي ومسؤول إيراني آخر، حسب “رويترز”، إلى أن إيران مستعدة لقبول إلزام أكثر واقعية يتمحور حول أنه في حالة خروج واشنطن مرة أخرى من الاتفاق النووي، فإنه سوف يُسْمَح لطهران بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60% مرة أخرى.
وهنا، تذكّر الوكالة بحالة الجدل التي برزت بين إيران والقوى الغربية عقب خروج واشنطن من الاتفاق، وهو هل ذلك الخروج يسمح لإيران بخرق الاتفاق الأصلي؟.
وانتهت الوكالة بالقول إن العديد من الدبلوماسيين أكدوا أن رفع العقوبات خاصة شديدة الحساسية سوف يتطلب لقاء المسؤولين الإيرانيين والأمريكيين بشكل مباشر، في الوقت الذي لا تزال طهران ترفض فيه هذا الأمر، إلا أن مثل هذا اللقاء قد يحدث في نهاية المفاوضات.
باحث بالمرصد المصري



