
تحديات منتظرة.. من هو الرئيس الجديد لجهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك”؟
صادقت الحكومة الإسرائيلية على تعيين الجنرال “رونين بيريزوفسكي”، أو كما يطلق عليه “رونين بار”، رئيسًا لجهاز الأمن العام (الشاباك)، وذلك بعد أن واجهت عملية التعيين العديد من العراقيل، وقد شغل المنصب خلفًا للرئيس السابق “نداف أرجمان” الذي تولى رئاسة الجهاز لمدة خمس سنوات؛ إذ جاء قرار التعيين بعد منافسة مع نائب سابق لرئيس الشاباك، لم يلق ترشيحه قبولًا من قيادة الجيش الإسرائيلي، وهو ما عزز من فرص فوز بار.
شغل بار العديد من العديد من المناصب الأمنية العليا في إسرائيل، وتولى منصب نائب رئيس جهاز الشاباك، وعمل لسنوات طويلة في خدمة الأمن الإسرائيلي، وقاد العديد من العمليات في قطاع غزة الفلسطيني والضفة الغربية ولبنان. وبذلك فهو يحوز على كل المؤهلات كي يقوم بتلك المهمة؛ فهو يعرف الشاباك جيدًا، وذو خبرة واسعة فيما يخص طبيعة عمله وأهدافه. حيث عمل مع الجهاز بتلاصق في وظائفه التنفيذية المختلفة، ذلك بالإضافة إلى عمله مع الجيش الإسرائيلي الذي استقبل تعيينه بترحاب ظاهر.
من هو رونين بار؟
يبلغ بار 55 عامًا، ويعيش في منطقة هشارون وسط إسرائيل، وهو متزوج ولديه ثلاثة أطفال. وقد حصل على شهادات جامعية في العلوم السياسية والفلسفة من جامعة تل أبيب، وحصل على درجة الماجستير في الإدارة العامة من جامعة هارفارد.
وبدأ رئيس الشاباك الجديد حياته في الأمن الإسرائيلي جنديًا في وحدة “سييرت متكال” في جيش الدفاع الإسرائيلي، حيث عمل مقاتلًا في فوج استطلاع الأركان العامة من عام 1983 وحتى 1987. ثم تم تجنيده للعمل في صفوف جهاز الأمن العام كمحارب في وحدة العمليات، التحق بالشين بيت عام 1993 وترقي في الرتب من عميل ميداني في الوحدة الخاصة، إلى قائد عمليات ميدانية ثم إلى رئيس وحدة العمليات. وفي 2001، تم تعيينه نائبًا لرئيس وحدة العمليات بالشاباك، وفي 2005 أصبح رئيس وحدة العمليات.
أما في 2010، فعمل مدربًا بكلية الأمن القومي، وعُيّن عام 2011 رئيسًا لشعبة العمليات بالشاباك. وخلال العام 2012، قاد بار عملية اغتيال “أحمد الجعبري” القائد العام لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، وشارك في فك لغز أسر وقتل المستوطنين الثلاثة في الضفة الغربية عام 2014. وفي عام 2016 تولى رئاسة مكتب تجنيد القوى للجهاز، قبل أن يتم ترقيته عام 2018 إلى نائب لرئيس جهاز الشاباك.
وقد نال عدة جوائز بفضل دوره القتالي والعمليات التي نفذها، والتي تعد عمليات خاصة قاد بعضها بنفسه، في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان، ومُنح عدة جوائز للعمليات وللوحدات التي قادها. ومؤخرًا، لاقى تعيين بار ترحيبًا واسعًا في إسرائيل، حيث رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي “نفتالي بينيت” بهذا التعيين، ووصف رونين بالمحارب الشجاع والقائد الذي شارك طوال حياته في أسمى مهمة على الإطلاق وهي الدفاع عن أمن إسرائيل، وكثيرًا ما خاطر بحياته من أجل الوطن. وكذلك، أعرب وزير الدفاع بيني جانتس عن دعمه ودعم المؤسسة بأكملها. وفي هذا السياق، أكد جانتس على ثقته في قيام بار بأداء دوره بإخلاص واحتراف، وشدد على مواصلة عمل المؤسستين معًا كقبضة واحدة ضد الإرهاب وفي سبيل أمن إسرائيل.
لماذا تعرقل تعيين الرئيس الجديد للشاباك؟
واجه تعيين الرئيس الجديد لجهاز الأمن العام الإسرائيلي مصاعب عدة، بعد الكشف عن رسالة مجهولة المصدر تُشكك في سلوكه، حيث حاولت امرأة مسرحة من الجيش عرقلة تعيين بار لهذا المنصب وادعت أنه تصرف معها بشكل يمس النزاهة وبسلوك غير لائق خلال خدمته؛ لكن اللجنة الاستشارية للتعيينات في المناصب الرفيعة، برئاسة القاضي المتقاعد، أليعازر جولدبرغ، فحصت الادعاء وقررت، أنه بعد التدقيق بالمعلومات التي وُضعت أمامها، لم تجد اللجنة عيبًا في نزاهته.
واعتبر رئيس الشاباك الجديد أن الرسالة المجهولة كتبت وأُرسلت قبل حوالي ثلاث سنوات، وقد انتشرت على نطاق واسع بغرض الإضرار بتعيينه، مؤكدًا افتقارها إلى أي أساس واقعي، ومحفوفة بالأكاذيب، ووعد بتقديم الدليل على ذلك إلى لجنة تعيينات كبار الشخصيات في إسرائيل. وحسبما ورد بتقرير نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” أنه في الماضي، كانت هناك حالات سحب فيها مسؤولون تنفيذيون ترشيحاتهم من المناصب العليا، بعد تمرير معلومات إشكالية إلى اللجنة. لكن على الرغم من محاولات تعطيل عملية تعيين رئيس الشاباك الجديد قررت لجنة تعيين كبار المسؤولين أنه “لم يتم العثور على عيب في نقاء أخلاقه”.
التحديات الرئيسية للجهاز في ظل تولي “بار”
تتمثل التحديات التي يواجهها جهاز الشاباك تحت قيادة “بار” في عدة موضوعات رئيسة، إذ تأتي قضية “الإرهاب” كأولوية، لذا فمن المتوقع أن يعمل على مكافحة الإرهاب في الساحات المختلفة. وكذلك، سيواجه تحديًا آخر يتمثل في مجابهة الوضع القابل للانفجار في قطاع غزة، ومن المرجح أن يتعرض بار لضغوط من الجيش في سبيل زيادة عدد تصاريح العمل للفلسطينيين في إسرائيل، وذلك في محاولة لخفض التوتر وتأجيل المواجهة العسكرية في قطاع غزة، على الرغم من أن هذا الموقف يتعارض مع مواقف الشاباك التقليدية.
أما التحدي الآخر فيكمن في المناطق العربية في إسرائيل، خاصة بعد صدور القرار المتعلق بتكثيف دور الشاباك فيها، بهدف مكافحة الجريمة في الوسط العربي والسيطرة على تفاقم ظاهرة العنف والإرهاب فيها. حيث يُتوقع أن يُطالب بار بتأدية دور مركزي أكبر في مكافحة الجريمة في الوسط العربي، وهو ما رفضه سلفه “نداف ارجمان”. ولكن بار تبنى نهجًا فاعلًا وموسعًا أكثر خلال فترة عمله بالشاباك وهو ما يعزز من هذا السيناريو.
وفي هذا الصدد، قرر بار تعيين نائب له، ليتولى منطقة القدس والضفة في الجهاز، وهي خطوة إيجابية على مستوى عمل الجهاز، قد تساعده في تطوير أداء الجهاز فيما يخص تعامله من المناطق العربية، حيث أن وضع خبير مهني للشؤون العربية إلى جانبه يعزز من دور الجهاز في تلك المناطق.
في السياق ذاته، قد يخلي أبو مازن مكانه في قيادة السلطة في فترة بار، وسيكون للشاباك دور مركزي في تشخيص السياقات وتحديد الخلفاء المحتملين، في ظل التخوفات من زيادة التطرف والتصعيد خاصة مع المحاولات المحتملة من قبل حماس لاستغلال التغييرات بهدف السيطرة على الضفة أيضًا.
وحسبما أوضح الخبير العسكري الإسرائيلي “يوآف ليمور”، في مقال له بصحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية، فإن من أبرز التحديات التي تواجه الرئيس الجديد لجهاز الشاباك، التوصل لصفقة تبادل للأسرى مع حركة حماس. ورأى أن رئيس الشاباك الجديد، سيكون في موقف حرج، حال طلب منه أن يصل للحسم في الصفقة المحتملة، وتوقع أن يواجه رئيس الوزراء نفتالي بينيت، صعوبة جماهيرية في أن يسير ضد موقف رئيس الشاباك إذا ما حذر من الثمن المحتمل لتحرير أسرى محكوم عليهم بأحكام مشددة.
واعتبر ليمور أن الاختبار الأساسي لرئيس الجهاز الجديد، سيكون في الشجاعة التي يبديها في الغرف المغلقة، ولا سيما أمام رئيس الوزراء، فالعلاقات بين الرجلين حرجة لأداء الجهاز لمهامه، كما أنها حرجة للديمقراطية أيضا؛ فبينيت هو قائد “الشاباك”، ولكن على رئيس الجهاز أن يعرف كيف يكون مستقلًا، وأن يقول رأيه باستقامة ومهنية وبلا خوف، حتى وإن كان من شأنه أن يدفع ثمنًا.
باحثة ببرنامج العلاقات الدولية