الانتخابات الأمريكية

هل يترشح دونالد ترامب مجدداً في 2024 ؟

مع اقتراب محاولاته للحفاظ على مقعده بالبيت الأبيض من النفاد ؛ يجتهد الباحثون لتوقع خطوات دونالد ترامب القادمة ، فالرجل المثير للجدل حتى قبل وصوله لمنصب الرئيس لا يتوقع خروجه بسهولة عن دائرة الضوء المحببة له ، لذا يبدو أن  ترامب وحتى مع خسارته للانتخابات إلا أنه لايزال بجعبته أوراق ستفرض وجوده على الساحة الأمريكية وربما العالمية حتى مع خسارته لمنصبه، ربما كان ما حدث يوم السبت من تجمع لأنصار الرئيس ترامب في واشنطن التي قادتها مجموعة ” الأولاد الفخورين” خير دليل على قوة ترامب على الأرض والتي بالتأكيد سيستغلها للبقاء في دائرة الضوء .

وفقاً لبيان الشرطة بواشنطن فقد ألقت القبض على 24 شخصا بتهم التسبب في أعمال العنف خلال المظاهرات الرافضة للاعتراف بخسارة ترامب للسباق الانتخابي كما أصيب 4 من أفراد الشرطة خلال الاشتباكات مع المتظاهرين الذي كان البعض منهم مسلحاً ،بحسب وكالات الأنباء الأمريكية، ونقل أحد المواطنين للعناية المركزة بعد تعرضه لحادث طعن كما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد “فيديو” لاشتباكات بين أنصار ترامب ومواطنين أخرين ومشاهد أخرى لقيام بعض المتظاهرين بافتعال حريق وغيرها من المشاهد التخريبية ، بيان الشرطة أشار كذلك إلى أن 10 من بين من ألقي القبض عليهم قدموا من ولايات مختلفة خصيصاً للمشاركة بالمسيرة التي وصفها مستشارو دونالد ترامب بالمليونية بينما شكك أنصار بايدن في الأمر واتهموا فريق ترامب بتضخيم حجم المسيرة.

بالعودة لبداية المشهد عندما طلب دونالد ترامب من أنصاره تحديداً مجموعة ” الأولاد الفخورين” أو ”  PROUD BOYS” خلال المناظرة الرئاسية ” بالوقوف بالخلف والاستعداد” ترجمت المجموعة اليمينية المتعصبة كلمات ترامب على أنها أوامر لهم ،وهو ما أدى إلى  مجموعة من التجمعات في عدة ولايات منها أريزونا ، كاليفورنيا ونيفادا لأنصار ترامب وعلى رأسهم المجموعات اليمينية المتعصبة.

وإن دل ذلك على شيء فهو بالتأكيد قوة ترامب على الأرض وقدرته على الحشد وشدة تمسك أنصاره به وبنهجه الذي يأجج الانقسام العرقي في المجتمع الأمريكي وهو ما يروق لجماعات اليمين المتطرف التي بدورها تستغل الحدث لزيادة أنصارها وتعزيز وجودها في الساحة الأمريكية بعد ظهور منظمات تدافع عن حقوق الأقليات على الأرض بقوة ممثلة في منظمة “أنتيفا” التي انتفضت خلال مظاهرات العنصرية ضد الأمريكيين من أصول إفريقية.

وبناء على قدراته على الأرض في الحشد وإمكانياته المادية وشعبيته بالأخص لدى الأمريكيين البيض الذين يشكلون أكثر من 65% مِن مَن يحق لهم التصويت في البلاد ،وتمسك أنصاره به فمن شبه المؤكد أن  ترامب سيستغل كل ذلك لتعزيز شعبيته استعدادا لانتخابات العام 2024 ، فبرغم من عدم إعلانه عن الأمر فهو لم يعترف بعد بخسارته للانتخابات إلا أنه وفقاً لوكالة ” رويترز” فإن الرئيس الجمهوري التقى مؤخراً  عددا من الخبراء في المجال الإعلامي للتناقش حول كيفية استغلال الوضع القائم لإبقائه في صدارة المشهد الأمريكي استعدادا ل 2024.

كان مستشارو  ترامب أشاروا إلى أنه سيقوم بحملة نيابة عن المرشحين الجمهوريين في ولاية جورجيا الهامة للإبقاء على السيطرة على مجلس الشيوخ للحزب الجمهوري  قبل انتخابات الإعادة يناير المقبل، وهو ما يدل على نوايا الرئيس بالبقاء في قلب المشهد السياسي كما تعزيز شعبيته داخل الحزب نفسه ، فعلى الرغم من شعبيته داخل الحزب التي تضاءلت مؤخراً إلا أن ترامب يعي أنه في حال رغبته في الترشح مجددأً لن يكون الطريق امامه مفروش بالورود فمن المتوقع أن يتنافس عدد من الأسماء الكبيرة على مقعد الحزب الجمهوري في انتخابات 2024 على رأسها نائب الرئيس الحالي مايك بنس ، وزير الخارجية مايك بومبيو ، السفيرة السابقة للإمم المتحدة وحاكمة ولاية كارولينا السابقة نيكي هالي والسيناتور تيد كرروز وغيرهم من أسماء الصف الأول.

الاستعداد ل 2024 

Trump may not accept defeat, but many in his inner circle know the race is  over - Axios

” هو يشعر بأنه تم غشه وهو يرغب في الترشح مجدداً ” تلك كانت تصريحات لأحد مستشاري ترامب الذي أشار كذلك إلى أن الرئيس الحالي تناقش مع مستشاريه حول خطط إعلانه الترشح مجدداً حال انتهاء كل درجات التقاضي حول نتيجة الانتخابات وفقاً لما نشرته وكالة “رويترز” 

شعور ترامب بأنه تم غشه أو التلاعب بنتيجة الانتخابات انعكس على قراراته المستقبلية فهو كان ولايزال معادياً لعدد من القنوات التلفزيونية التي دائماً ما وصفها بالقنوات ” الإخبارية الملفقة” وهو يرى أن أحد أسباب خسارته ” غير النزيهة” من وجهة نظره هو الإعلام الأمريكي الذي سعى للإطاحة به ،طرح ر مستغرب من الرئيس الأمريكي الأكثر إيماناً بنظريات المؤامرة ، لذا يتكهن بعض الخبراء بان تكون خطوة ترامب الأولى نحو البيت الأبيض 2024 هي تأسيس قناة تلفزيونية تضمن له الظهور الدائم كما الدفاع عن وجهة نظره ومن خلفه التيار اليميني والحرص على بقاء شعبيته والبقاء في قلب الأحداث سواء من خلال الظهور الإعلامي أو من خلال الجماعات اليمينية على الأرض التي تدين له بولاء شديد.

والذي يؤكد أن ترامب يرغب في منصة يستطيع من خلالها طرح أفكاره وتوجهاته دون أن تصفى هو محاولته لإنشاء برنامج إذاعي يومي من البيت الأبيض لمخاطبة الأمريكيين لدرجة أن مسؤولي البيت الأبيض بدوا في دراسة الموضوع ووضع الخطط له قبل أن تتوالى الأحداث التي أجلت من الأمر .

حالها حال القنوات التلفزيونية الأمريكية يرى ترامب أن أحد أسباب خسارته هي سياسات مواقع التواصل الاجتماعي بالأخص منصتي تويتر وفيسبوك اللتان كانتا ترفق منشورات الرئيس بتحذير من أنها قد تحمل معلومات مضللة الأمر الذي أغضب ترامب بشده وجعله مقتنع بأن الشركتان تلعبان لصالح الديمقراطيين وجو بايدن ، وهو ما بدوره أنعكس على خططه وتطلعاته المستقبلية ، فبحسب أحد مستشاريه فقد تناقش الرئيس عدة مرات مع مستشاريه حول تأسيس منصة تواصل اجتماعي  منافسة لمنصة تويتر كما تحدث في الشهور الأخيرة عدة مرات مع مستشارين في حملته عن التكنولوجيا الازمة لتأسيس منصة تواصل اجتماعي تطيح بمنصة تويتر.

ختاماً 

خلال ولايته الأولى وبفضل شخصيته ونهجه المثير للجدل حول ترامب الحزب الجمهوري من حزب اجتماعي محافظ إلى حزب يميل أنصاره للشعوبية وهو ما أفاده كثيراً على صعيد استطلاعات الرأي وقبول الجمهوريين له وزيادة شعبيته لكن ذات الأمر خلق حالة من الانقسام داخل الحزب نفسه بين مؤيد ” للترامبية” وأخرين يرون أنه سبب لتراجع الحزب على الأرض بسبب سياساته المتهورة أحياناً ، الأكيد أن ترامب لن يخرج من دائرة الضوء وسيستمر في التواجد في صدارة المشهد السياسي على العكس من تصريحاته السابقة باحتمال مغادرته للبلاد حال خسارته ، فهو الأن يرى ظهير شعبي مستعد لدعمه حتى في التشكيك في نزاهة المؤسسات الأمريكية وتحدي السلطات ، كما أن كل تحركاته المستقبلية سواء على المدى القريب كاستعداده للبداْ في حملة انتخابية لصالح المرشحين الجمهوريين على مقاعد الكونجرس بولاية جورجيا في جولة الإعادة يناير المقبل أو مطالبة أنصاره بالنزول للشارع  ، أو على المدى البعيد بإطلاقه قناة تلفزيونية خاصة أو منصة للتواصل الاجتماعي منافسه لتويتر كلها تشير لرغبة ترامب بالبقاء في قلب المشهد السياسي الأمريكي وسعيه للعودة للبيت الأبيض مجدداً 2024 وهو ما قد يشير لطوال أمد فترة الانقسام السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية.

محمد هيكل

باحث ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى