عكست الكلمة التى وجهها الملك عبد الله الثانى للأردنيين فى 11 أبريل 2020، التزام الشعب الأردنى بإجراءات مواجهة فيروس كورونا المستجد كوفيد 19، وهذا راجع بالأساس إلى العزيمة ووقفة الرجل الواحد التى قام بها الأردنيين فى مواجهة الوباء، وتكاتف الشعب مع الجيش ومؤسسات الدولة، قائلا “أنتم كبار أمام الأمم“، وقد عبر الملك فى كلمته عن عودة الصلاة فى المساجد والكنائس قريباً والعمال إلى مصانعهم، والطلاب إلى مدارسهم والموظفون إلى مؤسساتهم[1]، حيث انخفض عدد الإصابات بالفيروس فى الدولة يوم الجمعة الماضى.
ويبدو أن الإجراءات المتخذة بشأن حالة الطوارئ والحزم فى تطبيقها هو ما ساهم فى الحد من الفيروس، من حيث عزل العاصمة عمان عن جيرانها، وإغلاق الحدود مع كل من السعودية والعراق وسوريا وإسرائيل، وإغلاق حركة المرور الجوية الدولية، فضلا عن استعداد المستشفيات وتأهيلها، كما تقوم قوات الشرطة بدور حاسم فى منع المواطنين من التجمع، ولا يسمح للسيارات التى توزع الأغذية والمعدات الطبية فى الشوارع بل تضطر فرق التسليم السير على الأقدام إلى أماكن المواطنين ومنازلهم، وعليه سيتم التعرف هنا على الإجراءات المتبعة من قبل الحكومة الأردنية فى مواجهة الأزمة.
آليات الأردن فى مواجهة أزمة كورونا
اتخذت الأردن عدة قرارات لمواجهة الأزمة منها:
- الرعاية الصحية: تم إطلاق منصة الكترونية لصرف الادوية المزمنة، وإيصالها من قبل متطوعين، وعزل البؤر التي تتواجد بها الإصابات المؤكدة للحد من انتشار المرض ولتتمكن فرق الرصد من فحص المخالطين.
ويتم إجراء فحوصات عشوائية من قبل فرق الرصد الوبائي للمواطنين في جميع
المحافظات، وقد بلغت التبرعات لحساب كورونا 14.5 مليون دينار، ويتم الحجر المنزلي لمدة
14 يوم للمتعافين، وتم زيادة أعداد فرق الرصد الوبائي إلى 60 فريق رصد، وإجراء
حوالي 20 ألف فحص منذ بداية الحملة ضد الفيروس، كما تم انشاء منصة معلومات حول
فيروس كورونا تفعيل خاصية التبرع لوزارة الصحة بالتعاون مع شركة
“أي فواتيركم”.
إضافة إلى فرض حجر صحي إجباري على جميع القادمين إلى المملكة، حيث يخضع جميع القادمين إلى الأردن عبر المطارات والمعابر الحدودية لحجر صحي إجباري لمدة 14 يوما في مرافق فندقية مخصصة حددتها الحكومة في منطقة البحر الميت والعاصمة عمان، يخضعون خلالها للإجراءات الصحية التي تعتمدها وزارة الصحة
وكإجراء صحي احترازي، يُمنع استقبال القادمين عبر المطارات والمعابر الحدودية من قبل عائلاتهم أو أي شخص كان، ولا يسمح بالتواجد في المطارات والمعابر الحدودية إلا للأشخاص المخولين بذلك. ويتم تأمين القادمين بالمواصلات لنقلهم لأماكن الحجر المخصصة وسبل الاتصال مع عائلاتهم. وقد ساهم رجال أعمال منهم مالك “وكالات تويوتا” بمساعدات مالية لقطاع الصحة بلغت 100 ألف دينار استجابة لدعوة الملك عبدالله فى التضامن إزاء العبء المالى الذى تتحمله الدولة فى الوقت الحالى، وكذلك شركة الحكمة لمستحضرات الصيدليات ساهمت بـ 3 مليون دينار.
- تعطيل جميع المؤسسات والدوائر الرسميّة: باستثناء قطاعات حيويّة يحدّدها رئيس الوزراء، بناءً على قرار الوزير المعني، وعدم مغادرة المنزل إلا في الحالات الضروريّة القصوى، تم تعطيل القطاع الخاص باستثناء القطاع الصحيّ كاملاً، وقطاعات حيويّة يحدّدها رئيس الوزراء بناءً على قرار وزير الصناعة والتجارة والتموين، واتبّاع قرارات وزارة العمل بخصوص شؤون العاملين.
حظر التجمّع لأكثر من 10 أشخاص، ومنع التنقّل بين المحافظات، وقف العمليات والمراجعات الطبيّة ويقتصر العمل على الحالات الطارئة والعمليّات الطارئة، ووقف طباعة الصحف الورقيّة كونها تسهم في نقل العدوى، تعليق عمل وسائل النقل الجماعي، بقاء عمل الصيدليات والمراكز التموينيّة والمخابز وسلاسل توريد الغذاء والدواء والمياه والكهرباء والمحروقات، إغلاق المولات والتجمّعات التجاريّة والسماح فقط بفتح مراكز التموين والصيدليّات فيها[2].
- قطاع التعليم: تعليق المؤسسات التعليمية (رياض أطفال، حضانات، مدارس، جامعات، كليات، ومؤسسات ومعاهد تدريب) بداية من 15 مارس2020، ويتولى مدراء التربية والتعليم تنظيم دوام الإداريين في وزارة التربية والتعليم، وفق ما يصدر من تعليمات بهذا الخصوص، وتباشر وزارة التربية والتعليم تنفيذ خطة التعليم عن بعد من خلال موقع التعليم الإلكتروني للوزارة ،وقنوات التلفزة الوطنية.
- إجراءات السفر: تعليق الرحلات الجوية من وإلى بعض الدول اعتباراً من 16مارس 2020، وتعليق جميع الرحلات الجوية من وإلى المملكة ابتداء من 17 مارس2020، وحتى إشعار آخر، باستثناء حركة الشحن التجاري، ويستثنى من ذلك كوادر البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية، شريطة الالتزام بتعليمات وزارة الصحة بما فيها الحجر الذاتي لمدة 14 يوما. وتخبر البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية وزارة الصحة عبرَ وزارة الخارجية في حال ظهور أي أعراض على كوادر البعثات الدبلوماسية تستدعي فحوصات طبية.
كما تم غلق جميع المعابر الحدودية للمملكة البرية والبحرية والمطارات أمام حركة المسافرين، باستثناء حركة الشحن التجاري، إضافة إلى توجيه الأردنيين المتواجدين في الخارج إلى البقاء في أماكنهم واتّباع إجراءات الوقاية والسلامة في الدول التي تحدّدها الدول المستضيفة لهم، وفيما يخص الأردنيون المتواجدون في دول الجوار والمضطرون للعودة، بإمكانهم الدخول عبر المعابر الحدودية البرية والبحرية، ويخضعون لإجراءات وزارة الصحة، ويتم إعداد مخيّمات حجر صحّي على المنافذ البريّة للأردنيين العائدين عبرها.
- الفعاليات العامة، والشعائر الدينية، والسياحة: تم وقف جميع الفعاليات والتجمعات العامة. وتوجيه المواطنين بعدم التجمع في المناسبات الاجتماعية، بما فيها بيوت العزاء والأفراح. التأكيد على أهمية التزام المواطنين قدر الإمكان بالبقاء في بيوتهم، وتفادي الخروج إلا للضرورة بتوجيه من مجلس الإفتاء ومجلس الكنائس،
إيقاف الصلاة في جميع مساجد المملكة وكنائسها، كإجراء احترازي ووقائي، مع الالتزام برفع الأذان في وقته، وبث خطبة الجمعة موحدة عبر محطات التلفزة. ووقف زيارة المستشفيات والسجون، إغلاق الأماكن السياحية الأثرية لمدة أسبوع، لتنفيذ حملات التعقيم في هذه المواقع.
وتعليق الفعاليات الرياضية، وإغلاق دور السينما والمسابح والنوادي الرياضية ومراكز الشباب، حتى إشعار آخر، ويتوجب على المقاهي والمطاعم المحافظة على مسافات متباعدة بين أماكن الجلوس، بحسب تعليمات وزارة الصحة بهذا الخصوص.
- إجراءات متابعة الأزمة: تعمل خلية الأزمة على مدار الساعة لمتابعة التطورات المرتبطة بالتعامل مع فيروس كورونا المستجد، وينبثق عنها فرق العمل التالية: فريق للرعاية الصحية. فريق لتنظيم ومتابعة شؤون الحدود والمعابر والمطارات، فريق للحماية الاجتماعية، فريق للمخزون الاستراتيجي (الدواء والغذاء). فريق للمتابعة الإعلاميّة.
ختاما
يمكن القول أن الأردن لم يواجه وفيات جديدة جراء هذا الوباء، بينما ارتفع عدد الإصابات حسب آخر إحصاءات رسمية للدولة حتى الانتهاء من هذه السطور، لكن الدولة تتبع إجراءات حاسمة فى القيود المفروضة على المواطنين لمواجهة الوباء، من حيث الدور الذى يقوم به رجال الأمن فى فرض حظر حركة المواطنين، إضافة إلى دور المتابعة الذى تقوم به فرق الأزمة فى كافة القطاعات، وكذلك التضامن المجتمعى، والكشف الصحى لكافة القادمين إلى المملكة كلها عوامل من شأنها أن تساهم فى الحد من الفيروس.
المصادر:
[1] الملك يوجه كلمة للأسرة الأردنية، موقع رئاسة الوزراء الأردنية،11 أبريل 2020، متاح على الرابط: تاريخ الدخول 11 أبريل 2020.
[2] مجلس الوزراء يتخذ 12 قرارا لمحاصرة كورنا من ضمنها تعطيل المؤسسات والدوائر الرسمية، موقع رئاسة الوزراء الأردنية،17 مارس2020، متاح على الرابط: تاريخ الدخول 11 أبريل 2020.
باحث ببرنامج العلاقات الدولية
