كورونا

إلى أين وصلت استراتيجيات التلقيح والوقاية من كورونا في مصر والعالم؟

في عام 2020، أعلنت منظمة الصحة العالمية ظهور فيروس”كوفيد-19″من مدينة ووهان بالصين، وبعد رصدها تزايد أعداد الوفيات والإصابات في جميع أنحاء العالم، وأن الأمر أصبح جائحة عالمية، خاصة مع تزايد أعداد الوفيات والمصابين بشكل مخيف، بدأت الدول في اتخاذ العديد من الإجراءات سواء من إعلان الغلق التام ووقف الطيران من دولة لأخرى، مما أثر بالسلب على كافة القطاعات الاقتصادية (السياحة- الاقتصاد- العمل) وأيضًا على الحياة الاجتماعية، وبدأ العالم يتجه نحو العمل على أبحاث سريعة للمحاولة إلى التوصل إلى علاج مؤثر وفعال. ومن هنا، فإن اللقاح ضد “كوفيد- 19 “يعد أمرًا بالغ الأهمية للحد من انتشار الفيروس بمختلف موجاته ومتحوراته.

متى ظهرت اللقاحات؟

يعود تاريخ اللقاحات منذ سنوات طويلة والتي ساهمت بشكل كبير في انخفاض معدلات الوفيات وانتشار الامراض المعدية، بداية من محاولات القضاء على مرض الجدري والذي ظهر عام 1921 والذي انتشر في جميع أنحاء العالم، واستمرت محاولات الدول في السيطرة عليه، إلا أنه عام 1769 تم اكتشاف لقاح لعلاجه. ومنذ ذلك الوقت بدأت الدول تولي اهتمامًا شديدًا بمجال أبحاث اللقاحات، مع وضع تشريعات وقوانين لها. 

ومنذ بداية القرن العشرين بدأ تطور ملحوظ يحدث في مجال اللقاحات، وساهم بشكل كبير في اكتشاف وإنتاج اللقاحات الخاصة بأمراض (الحصبة- التهاب الغدة النكافية- الحصبة الألمانية)، وكان لهذه اللقاحات تأثير كبير في الحد من هذه الأمراض، خاصة مع استمرار العمل المستمر عليها لتطويرها. وبالرغم من الجهود المبذولة للعمل المستمر على إيجاد لقاحات، هناك أمراض لم تظهر لها لقاحات حتى الآن مثل “الملاريا”.

أما بالتطرق إلى إسهامات الدولة المصرية في حماية أجيال عديدة من العديد من الأمراض التي كانت استوطنت بشكل كبير مثل (الحصبة- السعال الديكي) من خلال قائمة التطعيمات الإجبارية لكل الأطفال في مصر، وكذلك الحملات المستمرة الخاصة بمرض شلل الأطفال، حيث بدأت الدولة في عام 2002 بإعطاء التطعيم لكل منزل، بالإضافة إلى الحملات التوعوية من خلال التعريف بالمرض ومخاطره، وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية في عام 2006 خلو مصر من مرض شلل الأطفال.

علاوة على ذلك، قامت الدولة بإطلاق حملة التطعيم القومي ضد التهاب الكبد(B) وكذلك (C) والتي ساهمت في انخفاض أعداد المصابين، وساهمت هذه التطعيمات في إحتواء الأزمة، ونتج عنها انخفاض أعداد المصابين.

لقاحات مواجهة فيروس كورونا

نتيجة زيادة أعداد الوفيات والمصابين بفيروس “كوفيد-19” خاصة في قارات أمريكا وأوروبا وآسيا، بدأ العالم يدخل في سباق مع الزمن من أجل إيجاد لقاح فعال، وبالفعل تم التوصل إلى العديد من اللقاحات بعد خضوعها للعديد من التجارب الإكلينيكية، واعتمدت بشكل كبير على الطرق التقليدية في تحضير اللقاحات من خلال الفيروسات الميتة والقادرة على دفع الجسم لتكوين أجسام مضادة.

واستخلص من تلك التجارب العديد من اللقاحات المضادة لفيروس “كوفيد-19” والتي حصلت على موافقة سواء من منظمة الصحة العالمية أو هيئة الغذاء والأدوية الامريكية، وهي كالتالي:(لقاح أسترازينكا- أكسفورد، لقاح سبوتنيك- الروسي، لقاح سينوفارم) وقد حصلوا على موافقة من منظمة الصحة العالمية.

أما اللقاحات التي حصلت على موافقة هيئة الغذاء والأدوية الأمريكية هي (لقاح فايزر بيونتيك- موديرنا- جونسون أند جونسون)، وبالرغم من إجراء العديد من التجارب على فاعلية اللقاح، إلا أنها لا تحمى بشكل كامل من الإصابة من الفيروس، إنما تعمل على تقليل الإصابة بالأعراض الخطيرة، أي لا يمكن الاستغناء عن اتباع الإجراءات الوقائية.

جرعات اللقاحات ضد “كوفيد –19″على مستوى دول العالم

تشير الإحصائيات المختلفة إلى أن الجرعات اليومية للقاح “كوفيد- 19″على مستوى العالم بلغت (10.193.714.200) وفقًا لآخر تحديث 3 فبراير 2022، حيث بلغ عدد الأفراد الذين تلقوا اللقاح ضد كوفيد 19 (3.392.602.400) بنسبة 43.24% من إجمالي سكان العالم.

وفيما يتعلق بتلقي اللقاحات المختلفة على مستوى دول العالم، يتضح أن الصين من أعلى معدلات الدول في تلقى اللقاح؛ إذ بلغت معدلات الجرعات اليومية (2,405,428)، بإجمالي عدد جرعات (3.002.425.950) بنسبة 207.89% لكل 100 شخص، ووصلت نسبة التطعيم فيها إلى 70% من إجمالي عدد السكان، وهي النسبة المطلوبة لتحقيق “مناعة القطيع” للحماية من الفيروس.

في حين بلغ معدل التطعيم اليومي في الولايات المتحدة الأمريكية (429.381) جرعة يوميًا، بإجمالي عدد جرعات (541.369.360) بنسبة 162.61% لكل 100 شخص، ووصلت نسبة التطعيم فيها إلى 70% من إجمالي عدد السكان، تليها الهند، التي بلغت معدلات الجرعات اليومية فيها (5.835.308) جرعة يوميًا، بإجمالي عدد الجرعات (1.680.757.700) بنسبة 120.63% لكل 100 شخص، ويتبقى 46 يومًا لتصل نسبة التطعيم لدى سكانها إلى 70%.

ومنذ بداية جائحة “كوفيد -19” بدأت الدولة المصرية تسعى جاهدة إلى توفير اللقاحات المضادة للفيروس؛ وذلـك علـى الرغـم مـن عدم كفايـة الإنتاج العالمي من اللقاح. ويعد ذلك من صميم الحفاظ على الأمن القومي الصحي، فتعد مصر من أوائل الدول في قارة أفريقيا التي استطاعت توفير اللقاح، وكذلك تعد من أعلى الدول في القارة في إجمالي الجرعات منذ بداية تلقى المواطنين اللقاح، وقامت وزارة الصحة بتوفير لقاحات (سينوفاك- سينوفارم- أسترازنيكا-سبوتنيك- جونسون أند جونسون-فايزر- ومودرنا).

وتشير الإحصائيات المختلفة إلى أن عدد الحاصلين على لقاح “كوفيد- 19” في مصر بلغ (65.477.085)، حيث بلغ عدد الأفراد الذين تلقوا  جرعة واحدة على الأقل( 38.312.663) أي بنسبة 37.4% من السكان، أما عدد الأشخاص الملقحين بالكامل (27.165.187) أي بنسبة 26.5% من السكان، بالإضافة إلى تطعيم 622.204 شخصًا بالجرعة التنشيطية.

وتعد مصر من أعلى الدول العربية أيضًا في تقديم لقاحات فيروس كورونا التي وصلت إلى إجمالي 63.6 مليون جرعة، وتليها السعودية في المرتبة الثانية بإجمالي 56.6 مليون جرعة، ثم المغرب في المرتبة الثالثة بـ52.0 مليون جرعة، وتأتي الإمارات في المرتبة الرابعة بـ23.4 مليون جرعة، ثم العراق بإجمالي 15.5 مليون جرعة.

وبدأت مصر اتخاذ خطوات جدية في تصنيع لقاح كورونا، من خلال استيراد المواد الخام الخاصة باللقاحات من الصين، واستكمال تصنيعها في مصانع هيئة المصل واللقاح، وتم إنتاج أكثر من 30 مليون جرعة. وهناك أيضًا جانب آخر من خلال إنتاج المواد الخام في مصر، من خلال فريقين بحثيين يعملان على المرحلة الأولى من التجارب الإكلينيكية، فريق يتبع المركز القومي للبحوث يتبع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وفريق بحثي أخر من خلال التحالفات والشراكات بين المستشفيات الجامعية ووزارة الزراعة وإدارة الخدمات البيطرية بالقوات المسلحة.

صراع اللقاحات…معركة جديدة بين دول القوى العظمى

في ظل تنافس القوى العظمى لتقديم لقاحات كورونا إلى العالم وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية والمنافسة الشرسة مع الصين. فنجد أن الرئيس الأمريكي “جو بايدن” كان صرح بتقديم 80 مليون جرعة لقاح من سلسلة التوريد المحلي في الولايات المتحدة إلى دول العالم. وتقديم %75 من هذه اللقاحات من خلال برنامج “كوفاكس” المعني بتوفير اللقاحات بالمجان للبلدان الفقيرة ومنخفضة ومتوسطة الدخل؛ بهدف المساعدة في مكافحة معدلات تفشي الفيروس، مع التشديد على أن الولايات المتحدة لن تستخدم تبرعات لقاحات كورونا لتحقيق مصالح من هذه الدول، ومن الدول التي ستقدم إليها الولايات المتحدة تبرعات اللقاحات بشكل مباشر، 30 دولة معظمها بلدان صديقة للولايات المتحدة مثل الفلبين وفيتنام وإندونيسيا والذين يعدون حلفاء لها.

أما الصين، فقد تبرعت بملايين من جرعات لقاحات كورونا إلى أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وأفريقيا وذلك منذ بداية الجائحة. وبالنظر إلى بداية الجائحة في الصين نجد أنها مرت بفترة ارتباك إلا أنها استطاعت أن تحولها إلى فرصة لصالحها وتعتبر تقديمها لقاحات كورونا أحد أدوات القوة الناعمة لها.

ونجد أن الاتحاد الأوروبي قد دخل في سباق مع الولايات المتحدة الأمريكية من خلال مساهمته في 106 ملايين جرعة إلى 135 دولة، فحصلت آسيا والمحيط الهادئ على أكثر من ثلث اللقاحات، وصرح “بيتر ستانو” المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية على أن الاتحاد الأوروبي لا يرى اللقاحات “سباقًا تتنافس فيه الدول، وإنما ينظر التكتل إلى الأمر بوصفه سباقًا مع الزمن”. وتحاول الهند الدخول في السباق من خلال سعيها إلى تقديم لقاحات لـ 150 دولة.

+ posts

باحثة بالمرصد المصري

منى لطفي

باحثة بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى