
كيف رأى إعلام إيران الانتخابات البرلمانية العراقية؟
بالتزامن مع الجولة الجديدة من الانتخابات البرلمانية الخامسة في العراق خلال مرحلة ما بعد 2003، كثّفت وسائل الإعلام الإيرانية الناطقة بالفارسية تغطيتها لهذه الفعاليات ذات الأهمية الكبيرة على المستويين المحلي والإقليمي.
واستحوذت هذه الانتخابات على أهمية خاصة لدى النظام في طهران والمتابعين الإيرانيين بوجه عام؛ لما للعراق من أهمية استراتيجية لدى إيران، ونظراً لبعض التحولات الإقليمية خلال السنوات الماضية والتي تزامنت بدورها مع تولي رئيس الوزراء العراقي الحالي، مصطفى الكاظمي، للحكم في بغداد.
وانطلاقاً من هنا، نتطرق فيما يلي لأهم الملاحظات التي تناولها الإعلام الإيراني خلال اليومين الماضيين فيما يتعلق برؤية الإيرانيين للانتخابات التشريعية العراقية الحالية:
زيادة نسبة الثقة لدى المواطنين العراقيين:
لعل هذه النقطة هي أبرز المحاور التي توجه إليها الإعلام الإيراني أثناء إجراء الانتخابات التشريعية الخامسة في عراق ما بعد 2003، حيث ركزت وسائل الإعلام الإيرانية على الارتفاع الذي اتسمت به نسبة المشاركة في هذه الجولة من الانتخابات، موضحة أن هذا يعني أن نسبة الثقة بين الحكومة العراقية والمواطنين قد زادت.
تقول وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية ايرنا) في موضوع لها نُشر 11 أكتوبر تحت عنوان “المشاركة في الانتخابات البرلمانية العراقية؛ عودة الثقة العامة” إنه بغض النظر عما ستكون عليه نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة، فإن الأمر الملفت للنظر في هذه الجولة الانتخابية مقارنة بسابقاتها هو “تحرك أمة وحكومة هذا البلد (العراق) في مسار عودة الثقة وسد الفجوات بين هذين الطرفين”.
وتضيف الوكالة أن نسبة المشاركة في هذه الجولة من الانتخابات العراقية، حسب المؤشرات الأولية، بلغت 41%، و أن هذه النسبة “ذات معنى وجديرة بالاهتمام”.
أما وكالة أنباء مهر شبه الرسمية، فقارنت في تقرير لها نُشر اليوم تحت عنوان “نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 41% طبقاً للنتائج الأولية“، ما بين نسبة المشاركة في هذه الجولة والجولات السابقة، موضحة أنها بلغت في جولة 2018 أكثر من 44%، وفي 2014 حوالي 62% وما يزيد قليلاً عن النسبة نفسها في انتخابات 2010، بينما كانت الأعلى في عام 2005 حين وصلت إلى 79%.
تسليط الضوء وإبراز دور الفصائل المسلحة الموالية لإيران داخل المشهد الانتخابي:
من الملاحظ توجه وسائل الإعلام الإيرانية خلال اليوم الماضيين إلى تسليط الضوء على الفعاليات أو التحركات التي تقوم بها الفصائل العراقية المسلحة الموالية لطهران خلال فترة انعقاد الانتخابات التشريعية. وتمثلت أبرز هذه الفصائل التي روج لها الإعلام الإيراني في “الحشد الشعبي”.
وفي هذا الصدد، تقول صحيفة “كيهان” المحافظة المقربة من المرشد الأعلى، علي خامنئي، تحت عنوان “إجابة النداء لدعوة المرجعية الشيعية للمشاركة في الانتخابات العراقية” إن “الحشد الشعبي” وبالتزامن مع خطته لتأمين الانتخابات العراقية قد طلب من الشعب العراقي تلبية نداء المرجعية الدينية من أجل المشاركة الواسعة في الانتخابات، مشيرة إلى أن “الحشد” قد أعلن التأهب الأمني بين قواته منذ الساعة السادسة مساء يوم السبت 8 أكتوبر وحتى الساعة الخامسة صباح اليوم الاثنين.
وفي الصحيفة نفسها ولكن داخل صفحات عدد أول أمس الأحد، يوم إجراء الانتخابات، نشرت “كيهان” مقالاً تحت عنوان “تنافس أكثر من 3 آلاف مرشح للاستحواذ على 329 مقعدا في برلمان العراق“، رأت فيه أن نتائج الانتخابات العراقية سوف “تُظهر للعالم التصميم الشعبي على بقاء الحشد الشعبي”، حسبما جاء في الصحيفة. وألمحت “كيهان” إلى رفض “تفكيك أو دمج أو إضعاف” الحشد.
أما صحيفة “جوان” المحافظة أيضاً، فقد توجهت إلى معنى مشابه في عددها الصادر أمس تحت عنوان “استفتاء خروج أمريكا من العراق” حين وصفت الانتخابات بأنها “استفتاء” على خروج واشنطن العراق. وحاولت الصحيفة وضع “الحشد الشعبي” في دائرة الضوء حين قالت إن “الحشد الشعبي وكل العراق يقفون خلف قادتهم في ميدان واحد أمام التدخلات الأمريكية”.
انتخابات من دون عنف:
ركزت كثيرٌ من وسائل الإعلام الإيرانية خلال اليومين الماضيين على مضي العملية الانتخابية العراقية من دون عنف يُذكر. وفي هذا الشأن، تشير صحيفة “اعتماد” الإصلاحية تحت عنوان “تأكيد المسئولين العراقيين على إجراء الانتخابات في أمان” إلى أن رئيس الوزراء العراقي الكاظمي قد وفي بوعده للشعب بإجراء الانتخابات، وعلاوة على ذلك لم يفرض حظرٌ للتجوال في مختلف مناطق العراق بالتزامن مع عقد الانتخابات مقارنة بسابقاتها خلال السنوات الماضية.
وذكرت الصحيفة أن حفظ الأمن خلال إجراء الانتخابات التشريعية العراقية جاء بالتعاون مع القوات المسلحة العراقية واللجنة المستقلة العليا للانتخابات. حيث شددت القوات المسلحة على ضرورة فرض حالة التأهب القصوى بين القوات من أجل تأمين العملية الانتخابية.
مستقبل الحكومة العراقية المقبلة بعد الانتخابات:
حاولت بعض وسائل الإعلام في إيران التطرق إلى ملامح الحكومة العراقية المقبلة انطلاقاً من المشهد الانتخابي الحالي. وكان من بين هذه الوسائل وكالة أنباء “تسنيم” شبه الرسمية في مقال نُشر تحت عنوان “كيف ستتبلور عملية تشكيل الحكومة العراقية بعد إعلان نتائج الانتخابات؟“.
ذكر المقال أنه وطبقاً للدستور العراقي، سيطلب الرئيس العراقي بعد 15 يوما من الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات عقد جلسة للبرلمان برئاسة أكبر الأعضاء سناً؛ وذلك من أجل البدء في عملية انتخاب رئيس البرلمان ونوابه، مشيراً إلى أنه لا يمكن إطالة المدة عن 15 يوما. وينص الجزء الثاني من المادة 76 من دستور العراق على ضرورة إعلان رئيس الوزراء المكلف لأسماء الوزراء في غضون شهر من تاريخ تكليفه.
واستطردت الوكالة قائلة إن “حزب الدعوة الإسلامية” العراقي استحوذ على نفوذ سياسي واسع داخل العراق، وسيطر على منصب رئاسة الوزراء منذ عام 2006 وحتى 2018.
باحث بالمرصد المصري