إسرائيل

ضم إسرائيل إلى منطقة القيادة المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط.. “السياق والدلالات”

أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إضافة إسرائيل إلى منطقة عمليات القيادة المركزية للقوات المُسلحة الأمريكية (سينتكوم) في الشرق الأوسط. وذلك قبل أيام قليلة من مُغادرة الرئيس ترامب للبيت الأبيض. وذكر البيان الصادر عن البنتاجون في 15 من يناير الجاري أن الرئيس ترامب أمر بنقل إسرائيل من منطقة عمليات القيادة الأوروبية للقوات الأمريكية إلى منطقة عمليات القيادة المركزية، وذلك بعد تخفيف حدّة التوترات بين إسرائيل وجيرانها العرب في أعقاب اتفاقات إبرهام الأخيرة. الأمر الذي يطرح عدّة تساؤلات حول دلالات هذا القرار وتداعياته على المنطقة.

سياق القرار

  • يُمثل القرار آخر مُحاولة من مُحاولات الرئيس السابق ترامب لتعزيز الحضور الإسرائيلي في المنطقة – قبل انتهاء مُدة ولايته- ومن ثمّ يتسنى له تعزيز الجبهة المُناهضة لإيران، استمراراً لسياسة “الضغط الأقصى” الذي انتهجتها إدارته ضد إيران لإفشال برنامجها النووي وتقليص نفوذها الإقليمي.  
  • صُدور القرار في هذا التوقيت يُعد تطوراً لسياق طبيعي وهو التطبيع العربي الإسرائيلي. حيثُ يُمثل هذا القرار تطبيعًا عسكريًا لإسرائيل مع الدول العربية؛ كخطوة تالية لعملية التطبيع السياسي التي قادتها الولايات المُتحدة الأمريكية من خلال اتفاقات “إبراهام”، والمُصالحة الخليجية لإنهاء الخلاف مع دولة قطر التي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة وترتكز بها القيادة المركزية الأمريكية. وبالتالي فعملية التطبيع العربي الإسرائيلي وتهدئة الأوضاع بين إسرائيل ودول المنطقة قادت إلى عملية التطبيع العسكري بعد ذلك.

دلالات القرار

  • يُمثل هذا القرار إعادة تموضع لإسرائيل في موقعها الجغرافي. فعند إنشاء القيادة المركزية في عام 1983 تم ضم إسرائيل إلى منطقة القيادة الأوروبية بدلاً من المركزية نتيجة توتر العلاقات بين إسرائيل والدول العربية التي لم تكن تعترف بإسرائيل حينذاك. ومن ثمّ لم تكن احتمالية قيام مناورات عسكرية مُشتركة قائمة في هذا التوقيت. أما الآن وبعد توقيع اتفاقات التطبيع وضم إسرائيل إلى منطقة القيادة المركزية فمن المتوقع أن تشهد المنطقة عمليات ومناورات وتدريبات عسكرية مُشتركة بين إسرائيل وباقي جيرانها من العرب ولاسيما مع وجود تشابه كبير في أنظمة التسلح بين إسرائيل وباقي دول المنطقة.
  • قد يقود هذا القرار إلى تعزيز التعاون العسكري في العديد من القضايا الإقليمية بين المسؤولين العسكريين الإسرائيليين ونُظرائهم في دول الخليج.
  • يُنظر إلى هذا القرار على أنه تحول استراتيجي مهم بالنسبة لإسرائيل، فمحاولة إدماج إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط (عسكرياً وأمنياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً) وشكل المُمارسات العسكرية لها في المنطقة بعد قرار ضمها للقيادة المركزية بدءاً من التدريب المُشترك والتعاون الإلزامي والمُشاركة في قوات مُكافحة الإرهاب والمُشاركة في الحرب على إيران. كل هذا سيكون له تداعياته على توسيع تحالفات إسرائيل في المنطقة الأمر الذي سيعود عليها بمكاسب سياسية واقتصادية واجتماعية واستراتيجية مهمة. 
  • بالنسبة للإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس بايدن، قد يُمثل هذا القرار عقبة أمام إدارة بايدن في تعاملها مع الخطر الإيراني على المستوى التنفيذي.  وهُنا تجدر الإشارة إلى أنهُ لا يوجد اختلاف بين ترامب وبايدن حول الموقف من الخطر الإيراني ولكن الاختلاف في الاستراتيجية المُتبعة للتعامل مع هذا الخطر. فكما سبقت الإشارة ترامب ينتهج سياسة الضغط الأقصى على إيران في حين أن بايدن وعد بالتراجع عن هذه السياسة في تعامله مع إيران. وبالتالي هذا القرار قد يُضيق الخناق على آفاق التعاون من جديد بين إدارة بايدن وإيران في البرنامج النووي.
  • تسمح هذه الخطوة بتعاون إقليمي أكبر ضد إيران. وسيكون لها تداعياتها على المستوى المخابراتي فوجود إسرائيل كطرف رئيسي في العمليات التي ستجريها المنطقة المركزية للتعامل مع الخطر الإيراني سيوفر لها المزيد من المعلومات التي تحتاجها بشدة في حربها ضد إيران.

ختاماً، يُمكن القول إن هذا القرار يخدم مصالح إسرائيل دون اتفاقات جديدة في مجابهة “إيران”. ويعنى المزيد من التنسيق الأمريكي الإسرائيلي تجاه إيران، وهذا الأمر يستهدف تقديم ضغوط معنوية على طهران ولكن لا يعنى تغيرًا هيكليًا في التعامل العسكري معها. 

+ posts

باحثة ببرنامج قضايا الأمن والدفاع

منى قشطة

باحثة ببرنامج قضايا الأمن والدفاع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى