
هل يكون “حسن نصر الله” ضمن بنك الأهداف الإسرائيلية للاغتيالات القادمة؟
يبدو أن الأيام المقبلة ستشهد مزيدا من التوتر بين إيران من جانب والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل من جانب آخرَ.
فمنذ عملية استهداف قائد “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني “قاسم سليماني” ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي، أبو مهدي المهندس، بالقرب من مطار بغداد الدولي يوم 3 يناير الماضي، بات جميع قادة الجماعات الموالية لإيران في العراق وسوريا ولبنان يشعرون بقلق عميق من إمكان استهدافهم.
وتجدد هذا القلق مؤخراً بعد مقتل رئيس هيئة البحث والتطوير التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية “محسن فخرى زاده” في قلب إيران يوم 27 نوفمبر 2020، ما يعني أن عمليات الاستهداف المعنية لا تتم فقط خارج إيران، ولكن في داخلها كذلك.
وفي الوقت الحالي، وبالنظر إلى توتر العلاقات الإيرانية الأمريكية منذ مجئ إدارة الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب عام 2017، وبالتزامن مع رحيل إدارة ترامب وما أثير مؤخراً من احتمال شن هجوم أمريكي ضد منشآت إيرانية في الداخل، من المرشح أن يتم استهداف قادة آخرين من الجماعات الموالية لإيران في المنطقة، أو حتى قادة إيرانين بارزين على صلة بالبرامج الصاروخية أو النووية، سواء في الداخل الإيراني أو خارجه.
ومن بين أبرز هؤلاء يأتي زعيم تنظيم حزب الله اللبناني “حسن نصر الله“.
“حسن نصر الله” على قائمة المستهدفين بعد قاسم سليماني
يعد التخطيط لاستهداف حسن نصر الله، البالغ من العمر 60 عاماً، ليس بالأمر الجديد، فهذه المحاولات أقدم من التخطيط لاستهداف “زاده” أو ربما قاسم سليماني.
فمنذ حرب عام 2006 وحتى الآن تكررت محاولات التخلص من نصر الله، وهو ما كشف عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت منتصف العام الجاري حيث قال إن “إسرائيل حاولت في العام 2006، إبان الحرب الإسرائيلية على لبنان أن تغتال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، لكنه نجا”.

وأشار أولمرت في ذلك الوقت إلى أن قاسم سليماني لم يكن على لائحة الأهداف في حرب لبنان الثانية، مؤكداً أن إسرائيل لم تحاول استهداف سليماني آنذاك.(1) ولكن “حزب الله” أعلن أن أمينه العام تعرض لمحاولة اغتيال من خلال التسمم الغذئي قبل ذلك في عام 2004.
وقد باءت هذه المحاولات بالفشل؛ نظراً للإجراءات الأمنية المشددة التي ترافق حسن نصر الله دائماً، وتمركزه بشكل كبير وعدم تنقله كثيراً. وشدد حزب الله هذه الإجراءات الأمنية حول نصر الله بعد مقتل قائد تنظيم “القاعدة” الإرهابي أسامة بن لادن في مايو 2011.
وأعلنت إسرائيل وهددت أكثر من مرة باغتيال نصر الله، كان من بينها تصريحٌ لرئيس هيئة الأركان العامة الإسرائيلي، غادي أيزنكوت في سبتمبر 2017 حين قال إن نصر الله “يُعد هدفاً شرعياً للاغتيال”.

وعلى الرغم من ذلك، فقد كشف العضو في الكنيست الإسرائيلي، أيوب قرا، في فبراير من عام 2017 عن أن إسرائيل من الممكن أن تستهدف حسن نصر الله باستخدام “روبوت” إسرائيلي تعمل الأخيرة على تطويره.
وعلى الرغم من فشل محاولات سابقة لاستهدافه، إلا أن إسرائيل تصنف بشكل عام حسن نصر الله على أنه واحدٌ من أبرز 3 أفراد على قائمة الاستهداف الخاصة بها، اثنان منهم جرى بالفعل استهدافهما هما “بهاء ابو العطا” في نوفمبر 2019 وقاسم سليماني في يناير 2020.(2)
وعليه، فإن الأمين العام لـ”حزب الله” يُعد الهدف التالي في هذه القائمة.
قوة نخبة أمنية ترافق حسن نصر الله
ونتيجة لما سبق، فإن حسن نصر الله، مواليد عام 1960، ترافقه وحدة نخبة أمنية خاصة لحمايته توصف بـ”الحرس الملكي“، وهو ما أعلنت عنه صحيفة “معاريف” العبرية في يناير 2014.
فالوحدة المكلفة بحمايته تصل إلى 150 رجل ترتدي سترات واقية هي من الأفضل في العالم. وقد أشرف القيادي في الحزب “وفيق صفا”، أو الحاج وفيق كما يُطلق عليه، على تدريب هذه المجموعة بالتعاون مع إيران.

ويقيم حسن نصر الله، حسب ما تقوله التقارير، في الضاحية الجنوبية ببيروت، ولا أحد يعلم مكان تواجده على وجه الدقة، إلا أن رئيس شعبة البحوث في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، “درور شالوم“، أكد أن إسرائيل تعرف كل شيء عن تحركات حسن نصر الله.(3)
هلعٌ داخل “حزب الله” بعد مقتل فخرى زاده
عقب مقتل محسن فخرى زاده، أصيب الحزب بحالة من الهلع، خاصة أمينه العام نصر الله؛ بسبب مخاوف من تكرار الأمر معه. فقد ألغى الأمين العام للحزب أي تحركاتٍ له منذ 27 نوفمبر الماضي، وهو ما أكدته القناة “13” الإسرائيلية.(4)
وقام الحزب خلال الأيام القليلة الماضية بتشديد الإجراءات الأمنية حول نصر الله، حيث نصحه فريقه الأمني بالحد من تحركاته بعد مقتل محسن فخرى زاده. وأشار تقرير للتلفزيون الإسرائيلي إلى أن “نصر الله يُعد هدفاً سهلاً لإسرائيل منذ سنوات”.(5)
هل حسن نصر الله هو الهدف القادم؟
بحسب القائمة الإسرائيلية المشار إليها، يُعد حسن نصر الله هو الهدف القادم بعد فخرى زاده، إلا أنه يجب النظر إلى هذه المسألة من زوايا متعددة على النحو التالي:
أولاً: إيران ما بين مطرقة ترامب وأمل بايدن:
في ظل الأخبار المتواترة حول الرغبة في توجيه ضربة عسكرية ضد منشآت نووية أو عسكرية إيرانية قبيل رحيل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يناير المقبل، يمكن القول إن استفزاز إيران عن طريق عمليات الاستهداف، كمقتل فخرى زاده، من الممكن أن يقودها إلى الرد بشكل أكبر عما كان عند مقتل سليماني، وهو ما سوف تتبعه بالتالي حربٌ أكثر شمولاً واتساعاً.
ولكن النظام الإيراني أظهر أنه يدرك هذه النقطة، وهو ما عبر عنه الكثير من المسؤولين البارزين في إيران والذين وصفوه بـ”الفخ”، حسب وصف الرئيس حسن روحاني. حيث أكدوا على ضرورة التحلي بالصبر حتى رحيل ترامب عن البيت الأبيض؛ بعد تأكيد الأخير على رغبته في فرض حزمٍ كثيرة من العقوبات ضد إيران قبل مغادرته.
ولذا، فإنه وإن كان من المحتمل أن يرد النظام الإيراني على مقتل فخرى زاده، إلا أن ذلك الرد لن يكون بهذا الحجم الذي يشعل معه حرباً شاملة تعلم طهران جيداً أنها لن تكون في صالح النظام.
وعليه، فإن هذا الطرح الأخير يعزز من احتمالية استهداف حسن نصر الله خلال الأيام المقبلة؛ في ظل الرغبة في استفزاز إيران للإقدام على عمل ما يقود إلى ضرب منشآتها النووية أو العسكرية، واحتمال عدم إقدام إيران على عمل كبير ضد الولايات المتحدة أو إسرائيل في الوقت الحاضر حال تم استهداف حسن نصر الله؛ لعدم رغبتها في الدخول في حرب لن يقدر النظام الإيراني على تحمل عواقبها.
ثانياً: هل يعد استهداف زعيم “حزب الله” عملياً أمراً يسيراً في الوقت الحالي؟
في ضوء ما تم التطرق إليه، يجري حتماً في الوقت الحالي إخفاء زعيم “حزب الله” أو نقله إلى مكان سري وتشديد إجراءات الأمن من أجل إحباط عملية استهدافه، وهو ما أُعلن عنه مؤخراً.
وإذا كان استهداف سليماني وفخرى زاده قد جرى من دون سابق إنذار، بمعنى عدم وجود حالات استهداف بهذا الحجم قبل مقتلهما مباشرة، فإن ذلك يصعب من تكرار الأمر مع حسن نصر الله في الوقت الحالي؛ لأن الإنذار المسبق المباشر أصبح موجوداً في هذه الحالة، بمعنى أنه يتخذ في الوقت الحالي احتياطاته بعد مقتل فخرى زاده من حيث تقييد التحركات والاختباء بمكان أكثر سرية، هذا على افتراض عدم العلم بمكان تواجده.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الأطراف المعنية من الممكن لها استهدافه عن بعد بطريقة أو بأخرى، وذلك كما أوضح العضو في الكنيست الإسرائيلي، أيوب قرا، في فبراير من عام 2017 حين أشار إلى “روبوت” تطوره إسرائيل يمكنه استهداف الأفراد عن بُعد.
وعلاوة على ذلك، فإن خيار الاستهداف عن طريق أحد المقربين يُعد أمراً شائعاً في مثل هذه الحالات.
وإجمالاً، تبدو الفرصة مواتية في الوقت الحالي لاستهداف حسن نصر الله، وهو ما يلقى ترحيباً في إسرائيل؛ قبيل رحيل ترامب، وبسبب عدم رغبة إيران في الدخول في حرب في الوقت الحالي.
المصادر والمراجع
- “أولمرت يكشف عن محاولة إسرائيلية لاغتيال نصر الله“، روسيا اليوم، 12 يونيو 2020.
- 2-
ANNA AHRONHEIM, “Who are the men on Israel’s potential hit list”, Jerusalem Post, Oct., 28th , 2019.
- 3- “الهدف القادم.. نصر الله يلغي تحركاته بعد مقتل زاده“، مينا مونيتور، 30 نوفمبر 2020.
- 4
“”Hezbollah chief said to hunker down amid fears he could be targeted by Israel”, The Times of Israel, Nov., 29th, 2020.
- 5-
“Is Hezbollah’ Nasrallah Is the second Israeli target?”, Shafaq News, Nov., 30th , 2020.
باحث بالمرصد المصري