
ما بين “الانتقام” و”الصبر الإستراتيجي”، انقسامٌ في إيران بشأن خيارات الرد على مقتل “زاده”
في أعقاب مقتل العالم النووي الإيراني البارز “محسن فخرى زاده” في طهران يوم 27 نوفمبر الجاري، بدا أن هناك انقساماً في الآراء بين الإيرانيين ووسائل الإعلام المحلية بشأن كيفية وتوقيت الرد على عملية مقتل زاده.
فبينما دعا البعض إلى سرعة الرد، حث البعض الآخر على التأني والتحلي بـ”الصبر الإستراتيجي”.
وتطرقت أغلب الصحف التابعة للتيار في المحافظ في إيران في هذا الصدد إلى الدعوة للرد بشكل سريع وقوي، أما أغلب الصحف الإصلاحية فقد تبنت خيار الصبر والرد “في المكان والزمان المناسبين”، محذرة من أن الهدف من هذا الهجوم هو إغلاق الطريق أمام الحل الدبلوماسي.
“كيهان”: الرد على مقتل زاده يجب أن يكون “رادعاً” وليس شبيهاً بالرد على مقتل سليماني
وصف الكاتب الإيراني المقرب من صنّاع القرار في إيران “سعد الله زارعي” في مقال له بصحيفة “كيهان” الإيرانية التابعة للتيار المتشدد في عددها الصادر يوم 29 نوفمبر تحت عنوان “اليد على الزناد الرادع” مقتل العالم الإيراني “فخرى زاده” بأنه “صدمة” للمجتمع والنظام السياسي في إيران.
وقال زارعي إن الحادثة تمثل “اختراقاً أمنياً واستخباراتياً” في الداخل الإيراني لا يمكن السكوت عليه، كما أن توظيف عناصر في إيران للقيام بهذه العملية ليس بالأمر الهيّن. وأضاف زارعي قائلاً أن “تنشئة شخص مثل فخرى زاده يحتاج إلى 50 عاماً”.
وحول كيفية الرد الإيراني على مقتل فخرى زاده، أشار سعد الله زارعي إلى الرد الإيراني على مقتل قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني، الذي وصفه بأنه لم يكن “رادعاً“، مضيفاً أن الرد على مقتل زاده يجب أن يكون أوسع من الرد على مقتل سليماني وأن يكون “ذكياً ودقيقاً”.
وقال زارعي إنه إذا ثبت مشاركة إسرائيل في عملية مقتل فخرى زاده فإن على بلاده أن ترد بطريقة لا يفكر بعدها أي شخص آخر بمهاجمة أي قوات أو مراكز إيرانية في أي مكان “من آبسرد إلى كراكاس”، حسب وصفه.
“صداى اصلاحات”: إيران لا يجب أن تنجر إلى الصراع العسكري
رأت صحيفة “صداى اصلاحات” الإيرانية في عددها الصادر اليوم أن الهدف من الهجوم الأخير الذي استهدف زده أن ترد طهران “بشكل قوی” وتدخل في صراع عسكري وبذلك تنتهي قضية إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات على إيران.
وانتقدت الصحيفة تحت عنوان “الانتقام أم الصبر الإستراتيجي؟” تجمع بعض المواطنين أمام مكتب رئاسة الجمهورية في شارع باستور بطهران بعد ساعاتٍ من مقتل فخرى زاده مطالبين بطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعدم دخول إيران في مفاوضت العودة للاتفاق النووي.
ودعت الصحيفة إلى التأتي فيما اسمته “الانتقام” وأن يكون الأخير “إستراتيجياً”.
كيف رأى الإيرانيون على شبكات التواصل الاجتماعي مقتل فخرى زاده؟
انقسم المواطنون الإيرانيون على وسائل التواصل الاجتماعي إلى مؤيدين ومعارضين لمقتل فخرى زاده. وكان أكثر المؤيدين لمقتله من المعارضين للنظام الإيراني سواء من المواطنين العاديين أو من أفراد المعارضة في الخارج.
وإلى جانب ذلك، دعا بعض الإيرانيين المقربين من النظام من مستخدمي “تويتر” إلى الرد بقوة على العملية التي استهدفت فخرى زاده.
فعلى سبيل المثال، نشر الصحفي الإيراني المختص بالشؤون العسكرية “حسين دليريان” تغريدة له على تويتر عنونها بـ “اغتيال مقابل اغتيال”.

وسلّط المواطنيون الإيرانيون، ومن بينهم المعارضون في الداخل والخارج، الضوء بكثافة على التقصير الأمني الذي أبرزه مقتل فخرى زاده مؤخراً. وسخر البعض من الإيرانيين من هذا التقصير.
وفي هذا الصدد، نشر الاستاذ المتقاعد في كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة طهران “عبد الله رمضان زاده” تغريدة على تويتر أشار فيها إلى خطورة وأسباب التقصير الأمني الذي ظهر في عملية استهداف فخرى زاده.
وأرجع رمضان زاده أساس التقصير الأمني في الاستخبارات الإيرانية إلى تنحية أهل الكفاءة خلال عهد الرئيس السابق أحمدي نجاد قائلاً “مع تولّي أحمدي نجاد، تمت تنحية العناصر التي تتمتع بالكفاءة في قطاع مكافحة التجسس بوزارة الاستخبارات وإحالتهم إلى التقاعد في عهد مصلحي”، في إشارة إلى “حيدر مصلحي” وزير الاستخبارات الإيرانية في عهد نجاد.

وأشار الاستاذ في جامعة طهران إلى أن عمليات اغتيال العلماء قد بدأت منذ هذا الوقت.
باحث بالمرصد المصري