
مؤسسة “الدفاع عن الديمقراطيات”: إدارة ترامب ربما تستهدف قريبًا بورصة طهران لتعاونها مع شركات على صلة بالإرهاب
طالت العقوباتُ الأمريكية في الآونة الأخيرة أغلبَ قطاعات وروافد الاقتصاد الإيراني، كالنفط والغاز وغيرهما. وأثّرت هذه العقوبات كثيرًا على مصادر دخل النظام الإيراني ودعمه للوكلاء في المنطقة وخارجها.
وعلى الرغم من القطاعات الإيرانية الكثيرة التي فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليها مؤخرًا، خاصة منذ خروج الأخيرة من الاتفاق النووي في شهر مايو 2018، إلا أن هناك قطاعًا بارزًا لم تطله هذه العقوباتُ، ويُعد أحد أهم روافد الاقتصاد الإيراني، ألا وهو بورصة العاصمة طهران.
وفي هذا الصدد، نستعرض مقالًا نشره الخبيرُ في الشؤون الإيرانية “سعيد قاسمي نجاد” يوم 5 نوفمبر الجاري 2020 تحت عنوان “تصنيف بورصة طهران سوف يزيد من نفوذ واشنطن” وذلك بـ”مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” التي تتخذ من العاصمة الأمريكية واشنطن مقرًا لها، حيث يتطرق فيه إجمالًا إلى أن فرض عقوبات على بورصة طهران سوف يمكن واشنطن بشكل أكبر من تحقيق أهداف العقوبات المفروضة بالأساس.
برغم ركودها عوائد بورصة طهران “غير العادية” تُعد المؤشر الإيجابي الوحيد في الاقتصاد الإيراني
يبدأ سعيد قاسمي بالتأكيد أن العوائد المادية لبورصة العاصمة الإيرانية، طهران، تُعد هي “المؤشر الإيجابي الوحيد” في الاقتصاد الإيراني، وذلك على الرغم من المشكلات الكثيرة التي تواجهها في الداخل.
ومن بين هذه المشكلات التراجع الكبير الذي تشهده بورصة طهران في مؤشرها الرئيس مؤخرًا بنسبة 40% منذ أوائل شهر أغسطس الماضي، وانخفاض مؤشرها في الوقت الحالي بسرعة ارتفاعه تقريبًا.
وتواجه هذه البورصة كذلك ركودًا للعام الثالث على التوالي بعدما ارتفعت معدلات التضخم بنسب حادة وانهارت قيمة العملة الوطنية (الريال). وعلى الجانب الآخر، يواجه المستثمرون المؤسسيون اتهاماتٍ باستغلالهم علاقاتِهم مع الحكومة؛ من أجل التلاعب بأسعار الأسهم.
ولكن على الرغم من كل ذلك، يضيف قاسمي، استطاعت بورصة طهران، مع وجود قليل من التحوطات ضد التضخم، امتصاص كميات هائلة من السيولة المتجولة، وأوجدت فجوة لصالحها ما بين أسعار الأسهم والقيمة الأساسية.
وإلى جانب ذلك، استطاعت بورصة طهران التكيف مع عملية التضخم المحلية، وذلك بعدما ارتفع مؤشرها الرئيس بنسبة 1265% منذ أن انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي في مايو 2018. ويؤكد قاسمي أن هذا لا يزال يمثل، من حيث القيمة الدولارية، مكسبًا بنسبة 225%.
500 مليون دولار قيمة الاستثمار الأجنبي في بورصة طهران
يستطرد قاسمي قائلًا إنه برغم العقوبات المفروضة على إيران، فإن المستشمرين الأجانب لا يزالون نشطين في بورصة طهران. ففي شهر فبراير من العام الجاري، قدّر “بهادور بيجاني”، مستشار منظمة البورصة والأوراق المالية الإيرانية للشؤون الدولية، قيمة الاستثمار الأجنبي في الشركات المدرجة في بورصة طهران بحوالي نصف مليار دولار بسعر الصرف الرسمي.
وطبقًا لما قاله بيجاني، فإن نسبة كبيرة من هذا الاستثمار يملكه الإيرانيون المغتربون. وعليه، يوضح قاسمي، فإن فرض عقوبات على بورصة طهران سوف يبعث بتحذيرات إلى المستثمرين الدوليين من أن الانتقال إلى السوق الإيراني يُعد “مغامرة محفوفة بالمخاطر”.
الفساد يهدد بورصة طهران
ويحاول الكاتب في مقاله إبراز جانب من التهديدات التي تواجهها بورصة طهران. حيث أوضح قاسمي أن النائب الأول لرئيس البرلمان الإيراني، “أمير حسين قاضي زاده”، قد حذّر الشهر الماضي المستثمرين المؤسسيين، الذين هم على صلة بالحكومة، من أن البرلمان والقضاء سوف ينظران في اتهاماتٍ بتورطهم في التلاعب بالأسعار.
وقام هؤلاء المستثمرون المرتبطون بالحكومة، بحسب قاضي زاده، بضخ وإغراق الأسهم، ما تسبب في وقوع أضرار لدى المستثمرين العاديين. وأكد المسؤول الإيراني أن هؤلاء المستثمرين يقومون بإعادة شراء الأصول التي يبيعونها للمستثمرين العاديين بأسعار أقل بكثير.
لماذا يُحتمل أن تستهدف إدارة ترامب قريبًا بورصة طهران؟
إلى جانب كونها المؤشر الاقتصادي الإيجابي الوحيد في إيران، يشير قاسمي إلى أن بورصة طهران من الممكن أن تصنفها الولايات المتحدة في المستقبل القريب؛ بسبب انتهاكها للعقوبات الأمريكية وتعاونها مع العديد من الشركات التي تخضع بالفعل للعقوبات لصلتها بالإرهاب. وعلاوة على ذلك، تدعم هذه البورصة شركاتٍ أخرى تملكها وزارة الدفاع الإيرانية والحرس الثوري، ما يجعل استهدافها أمرًا متوقعًا.
وتُعد “منظمة البورصة والأوراق المالية الإيرانية” هي المسؤولة في الواقع عن أسواق الصرف في إيران، وتشرف كذلك على بورصة الطاقة والسلع والأسواق المماثلة. وبرغم استهداف الولايات المتحدة لبعض الشركات المدرجة في بورصة طهران، فإن الأخيرة استمرت في تقديم الدعم لهم، وليس ذلك فقط، بل إنها توفر الدعم لبعض الشركات الأخرى التابعة لكيانات فرضت عليها عقوبات بالفعل من قبل.
ومن الأسباب الأخرى التي يُحتمل من أجلها أن تستهدف واشنطن بورصة طهران، هي قائمة الشركات المملوكة للحرس الثوري الإيراني ووزارة الدفاع في طهران والتي تُعد مدرجة في هذه البورصة. فالجهتان المذكورتان آنفًا متورطتان في عمليات انتشار لأسلحة الدمار الشامل ودعم الإرهاب. وقد صنّفت الخارجية الأمريكية الحرس الثوري كمنظمة إرهابية أجنبية.
ويؤكد الكاتب أن طهران تستخدم بورصة الطاقة لتجاوز العقوبات المفروضة على قطاع النفط، وهو نفس الدور المشابه الذي تلعبه بورصة السلع في تجاوز العقوبات المفروضة على بعض الصناعات، مثل قطاعي المعادن والبتروكيماويات.
ما هي تداعيات فرض عقوبات على بورصة طهران؟
ينتقل الكاتب بعد ذلك إلى محاولة التنبؤ بتداعيات فرض عقوبات على بورصة طهران.
يقول قاسمي إن العقوبات سيكون لها “أثر مدمر” على بورصة طهران؛ لأنها تعتمد على التكنولوجيا والخبرة الأجنبية لبناء هيكلها التجاري. فخلال الأشهر القليلة الماضية، واجهت هذه البورصة مشكلات فنية هائلة تتعلق بضخ كميات كبيرة من السيولة والعدد المتزايد بشكل مستمر في الصفقات، العطاءات، والمعاملات المتصلة بهذا التدفق.
وفي هذا الصدد، قال “حسن قاليباف اصل“، المدير التنفيذي لمنظمة البورصة والأوراق المالية الإيرانية، في أغسطس الماضي، إن منظمته تتفاوض مع شركة أجنبية لشراء بنى تحتية مطلوبة.
وفي النهاية، يؤكد قاسمي أن فرض عقوبات على بورصة طهران ومنظمة البورصة والأوراق المالية الإيرانية والشركات الأخرى التابعة للأخيرة؛ بسبب تقديمهما الدعم المادي للكيانات الإرهابية وانخراطهما في عمليات انتهاك للعقوبات الأمريكية سوف يبعث برسالة قوية من قِبل واشنطن إلى المستثمرين الأجانب مفادها أن بورصة طهران ليست مكانًا آمنًا للاستثمار، وسوف تحد هذه العقوبات بالتالي من القدرة على التطوير التقني الذي تعتمد عليه هذه البورصات من أجل إحداث نمو إضافي.
باحث بالمرصد المصري