
أبعاد الضربات العسكرية الأمريكية ضد مواقع “كتائب حزب الله في العراق وسوريا”
في تطور جديد تشهده الأراضي العراقية، أعلن الجيش الأمريكي في بيان له الأحد 29 ديسمبر، عن شن غارات جوية استهدفت 5 منشآت تتبع كتائب “حزب الله” التابعة للحشد الشعبي، 3 منها في العراق و2 في سوريا وتتضمن تلك المنشآت مخازن أسلحة ومواقع قيادة وسيطرة.
وقال “جوناثان هوفمان” المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” أن القوات الأمريكية قد نفذت تلك الضربات رداً على هجمات كتائب حزب الله المتكررة على قواعد عراقية تستضيف قوات تحالف عملية العزم الصلب، وأن تلك الضربات الدقيقة ستضعف قدرة الجماعة على تنفيذ هجمات مستقبلية على أمريكا وحلفائها، ولم يقدم “هوفمان” مزيداً من التفاصيل حول كيفية تنفيذ تلك الضربات.
وقال “مارك اسبر” وزير الدفاع الأمريكي في مؤتمر صحفي بعد ساعات من الإعلان عن الضربات، أن الضربات كانت ناجحة، وأن الولايات المتحدة قد اتخذت إجراءات هجومية ضد جماعة ترعاها إيران وأن بلاده قد تتخذ مزيداً من الإجراءات الإضافية، وخلال المؤتمر قال وزير الخارجية “مايك بومبيو” إن كبار مسؤولي الأمن القومي أطلعوا الرئيس دونالد ترامب على الهجمات الجوية التي شنتها واشنطن في العراق وسوريا، ردا على تهديدات للقوات الأميركية، وقال السيناتور الجمهوري “ليندسي جراهام” أن اللغة التي تفهمها إيران وميليشياتها هي القوة، معرباً عن سعادته بالضربة الأمريكية رداً على الهجوم على القوات الأمريكية الجمعة
وقامت طائرات مقاتلة أمريكية من طراز F-16 بشن 3 غارات جوية أستهدفت مقرات كتائب “حزب الله” وكانت إحداها على مقر اللواء 45 بالقائم بمحافظة الأنبار غربي العراق، وأعلن “جواد كاظم الربيعاوي” مدير مديرية الحركات بالحشد الشعبي أن قيادة عمليات الجزيرة في الأنبار وموقع اللواءين 45 و 46 قد تعرضتا للغارات الأمريكية، موضحاً أن الضربات كانت في منطقة المزرعة والشريط الحدودي مع سوريا داخل العمق العراقي، مشيراً إلى أن الحصيلة الأولية بلغت 19 قتيلاً و 35 جريحاً وأن عمليات الانقاذ واخلاء الجرحى واخراج جثث القتلى من تحت الأنقاض مازالت مستمرة، وأشارت تقارير صحفية إلى إرتفاع عدد القتلى إلى 25 قتيلا بينهم القيادي “أبو علي الخزعلي” و3 قيادات أخرى، وعدد المصابين تجاوز 55 مصاباً.
وعقب مرور ساعات على الغارات الأمريكية، استهدفت قاعدة “التاجي” العسكرية العراقية شمالي بغداد بـ 4 صواريخ كاتيوشا، وهي القاعدة التي تضم جنوداً امريكيين ولم تسفر الصواريخ عن سقوط ضحايا، ووجه رئيس حكومة تصريف الأعمال “عادل عبد المهدي” بعقد اجتماع طارىء للمجلس الوزاري للأمن الوطني بعد الغارات الأمريكية على الحشد الشعبي، معلناً رفضه لأي عمل منفرد للتحالف الدولي في بلاده وأن استهداف مواقع الحشد أمرً غير مقبول ومضر بالعراق، وذلك حسبما صرح “عبد الكريم خلف” الناطق باسم “عبد المهدي” في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية العراقية.
ومن جهة أخرى، طالبت كتائب حزب الله بعد استهدافها جهاز الأمن العراقي وقوات الجيش بالعمل على إخراج القوات الأمريكية من الأراضي العراقية، وأن الغارات هي استهتاراً بسيادة العراق وشعبها، وهو ما دفع رئيس مجلس النواب العراقي اليوم الإثنين إعلان ادانته للضربات الأمريكية معتبرها اعتداء على سيادة العراق.
قصف قاعدة (K1) العسكرية سبب الضربات الأمريكية
والجدير بالذكر، أن هذا التصعيد يأتي بعد أيام من استهداف قاعدة (K1) العسكرية بكركوك، والتي تعد من أكبر القواعد العسكرية بالعراق، والتي تتخذ القوات الأمريكية منها مقراً لتحرك قواتها داخل المدينة الغنية بالنفط، بما يزيد عن 30 قذيفة صاروخية شديدة الدقة أسفرت عن مقتل متعاقد أمريكي وجرح 4 جنود أمريكيين، وعثرت القوات الأمنية العراقية أثناء عملية التمشيط على منصة إطلاق الصواريخ وهي عبارة عن سيارة نقل محملة بمنصات الإطلاق بصندوقها الخلفي، كما عُثر على أربعة صواريخ أخرى في أنابيبها ولم تطلق.
واستهدفت القذائف مخزن للذخيرة والمنطقة التي يتواجد فيها الأمريكيون، وتحديداً غرفة الاجتماعات التي كان من المقرر أن تشهد لقاء بين مسؤولون رفيعي المستوى من الشرطة العراقية والقوات الأمريكية والتحالف الدولي لمكافحة الجماعات الإرهابية بالعراق، وأعقب الهجوم إعلان حالة الاستنفار القصوى بكافة القواعد الأمريكية في العراق تزامناً مع اجتماعات مكثفة عقدتها القيادة العسكرية الأمريكية وأطراف التحالف الدولي لبحث الهجوم.
وعقب الهجوم ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن هناك اجتماعات مكثفة يعقدها مجلس الأمن القومي بقيادة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” لبحث تلك التطورات، وكان وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” قد أصدر بياناً منذ أسبوعين يحذر فيه من أن أي هجمات صاروخية تنفذها إيران أو وكلائها في العراق وتضر بالأميركيين سيتم الرد عليها بشكل حاسم، وفي نفس التوقيت أجرى وزير الدفاع الأمريكي “مارك اسبر” اتصالا هاتفياً مع “عادل عبد المهدي” رئيس حكومة تصريف الأعمال طالب خلاله الحكومة العراقية باتخاذ خطوات لوقف الهجمات، وصرح “اسبر” للصحفيين بأن الأمريكيون بحاجة لمساعدة الحكومة العراقية للسيطرة على الوضع الأمني، ولكن مازلوا يحتفظون بحق “الدفاع عن النفس”، وحذر السيناتور الجمهوري الأمريكي “توم كوتون” السبت الماضي إيران من أنها ستواجه عواقب وخيمة إذا ثبت تورط المجموعات التي تدعمها في الهجوم الصاروخي الذي استهدف القاعدة.
كتائب “حزب الله” ونقلة نوعية للقدرة الصاروخية
يعد هذا الهجوم هو الـ11 خلال الشهرين الماضيين، الذي يستهدف قواعد عراقية تتواجد بها قوات أمريكية، وتتم الهجمات عبر إطلاق الصواريخ باستخدام أجهزة لضبط الوقت أو أنظمة التشغيل عن بعد حتى يتمكن الجناة من الفرار، واستخدمت صواريخ بأقطار كبيرة مثال 107مم و 240مم والتي لايقل وزنها عن 18 كجم للصاروخ الواحد مما يشير لقيام الحرس الثوري الإيراني بدور كبير في زيادة القدرة الصاروخية للتنظيمات الموالية لإيران، بذلك أصبحت تلك الهجمات مصدر قلق بالغ للبنتاجون، ولم تعد التهديدات التي تواجه القوات الأمريكية تقتصر على تنظيم “داعش” فحسب وانما امتدت لتشمل التنظيمات الشيعية العاملة في العراق، وعلى رأسها كتائب “حزب الله”، التي تشير أصابع الأتهام إليها في أغلب عمليات القصف الصاروخي الذي يطال تلك القواعد.
وتعتمد كتائب “حزب الله” عدة تكتيكات لاخفاء الصواريخ التي تحصل عليها من طهران، إذ أشارت تقارير متخصصة إلى اصدار “الحاج حامد” مساعد قائد فيلق القدس “قاسم سليماني” أوامره إلى قادة كتائب “حزب الله” بإفراغ جميع المخازن في مناطق (جرف الصخر والنهروان وحي البلديات والجعارة) ببغداد، من الصواريخ المتوسطة والذكية التي حصلوا عليها من إيران مؤخرا، ونقلها بواسطة شاحنات مدنية تحمل حاويات، ويتراوح عدد تلك الشاحنات بين 50 – 70 شاحنة تتحرك باستمرار في شوارع العاصمة وتقف لفترات معينة تصل في بعض الأحيان لثلاثة أيام، في ساحات عامة لتبادل النقل التجاري أو مناطق مأهولة بالسكان في بغداد مثل المعالف والبلديات وجسر ديالى، ويعتمد هذا التكتيك على معلومات استخباراتية يوفرها الحرس الثوري وفيلق القدس للعمليات الخارجية، ويتطلب اتباع استرايجية عدم التخزين في المواقع الثابتة واعتماد المواقع المتحركة.
وقد أستغلت إيران المظاهرات العراقية وحالة الفوضى في الشارع، في بناء ترسانة من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى، وتؤكد معلومات استخباراية عراقية أن الحرس الثوري الإيراني قد أرسل صواريخ ومنصات إطلاق لكتائب “حزب الله” لاستخدامها في ساعة صفر محددة لاستهداف المصالح و القواعد والمواقع العسكرية الأمريكية في العراق بشكل خاص والمنطقة بشكل عام، متى حددت إيران ذلك، وهو ما أكده رئيس أركان الجيش الإسرائيلي “أفيف كوخافي” الأربعاء الماضي خلال حفل تكريم رئيس الأركان السابق ” أمنون ليبكين شاحاك” بأن الحرس الثوري ينقل أسلحة متقدمة للعراق بشكل شهري، معلناً استمرار بلاده في شن عمليات معلنة وسرية لمنع إيران من امتلاك صواريخ دقيقة، وضرب أهداف إيرانية بالعراق وسوريا حتى لو أدت هذه العمليات إلى مواجهة معها.
باحث أول بالمرصد المصري



