المراكز الأوروبية

استراتيجية موسكو في نزاعات الشرق الأوسط وشمال افريقيا (3-7) وساطة روسيا في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

تقول الكاتبة “لويزا خليبينكوفا” في تقرير على “موقع معهد الدراسات الإيطالية”،  أن العالم ظل يركز بشكل كبير على الأحداث في سوريا ودور روسيا فيها، متجاهلاً قضية إقليمية جوهرية دائمة ألا وهي  “الصراع الإسرائيلي الفلسطيني” الذي لم يحل بعد. وفي عام 2019، واصل الفلسطينيون في قطاع غزة الاحتجاج ودعوا إسرائيل إلى إنهاء الحصار المفروض على أراضيها ورفع القيود المفروضة على حركة الأشخاص والبضائع. وتري الكاتبة إن السياسة الأمريكية الحالية في ظل إدارة دونالد ترامب، مُستندة إلي أراء العديد من الخبراء الأمريكيين والروس – بمن فيهم دانييل كورتزر وفيتالي نومكين – تقوض عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وأن آمال الشعب الفلسطيني في دولته تتضمحل وتتراجع. 

وفي الغالب، ونتيجة لتحركات البيت الأبيض الأحادية الجانب، والتي تمثلت في “قطع برامج المساعدات الأمريكية للفلسطينيين، وإغلاق مكتب “الاونروا” في واشنطن والذي كان يساعد في عمليات إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، والاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، وإلغاء الموقف الأمريكي من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والتي لم تعد تعتبرها أمريكا غير قانونية، والإعلان الأمريكي عن “صفقة القرن” التي وعد بها دونالد ترامب منذ عام 2016، والتي لم يتم الكشف عنها بالكامل حتى الآن. كل ذلك يقلل من فرص نجاح عملية السلام.

وتقول الكاتبة بأنه وبالنظر إلى الانخفاض الواضح في نطاق تورط الولايات المتحدة في شؤون الشرق الأوسط، كثيراً ما يقال إن روسيا في وضع جيد لتحل محل واشنطن. ومع ذلك، ليس لدى موسكو أي نية للعب دور “الشرطي” في المنطقة، كما قال ذلك وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف. ولكن ماذا عن الدور الروسي في ضمان التسوية الإسرائيلية الفلسطينية؟

وما الذي يمكن أن تكسبه روسيا من الوساطة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؟

تقول الكاتبة إن المسؤولون الروس، بمن فيهم الرئيس بوتين ووزير الخارجية سرغي لافروف، لفت انتباه المجتمع الدولي إلى الضرورة الملحة لحل الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وأن “روسيا تؤيد التوصل إلى تسوية شاملة وعادلة للنزاع في الشرق الأوسط على أساس إطار قانوني دولي متين، لإنهاء احتلال الأراضي العربية الذي بدأته إسرائيل في عام 1967 “. واعتبار المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية غير شرعية. في عام 2017، اعترفت روسيا بالقدس الغربية كعاصمة لإسرائيل (والقدس الشرقية كعاصمة لفلسطين). وكان أحد العناصر الرئيسية في مقاربة روسيا للصراع هو تشجيع إقامة دولة فلسطينية فاعلة وقابلة للحياة. كما أن موسكو عضو في اللجنة الرباعية للشرق الأوسط إلى جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، المسؤلة عن التوصل لحل للقضية الفسطينية. 

وتقول الكاتبة أنه في النسخة الروسية علي صفحة وزارة الخارجية الروسية وفيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، يمكننا أن نجد بعض الملاحظات النقدية عن الولايات المتحدة وإسرائيل. على سبيل المثال، الخط الأول هو أن موسكو تري أن “المسؤولية الأساسية [عن الجمود الحالي] تقع على عاتق إسرائيل والولايات المتحدة”. وقد سمحت القرارات الأحادية الجانب التي اتخذتها الولايات المتحدة مؤخراً ونهجها الواضح المناهض للفلسطينيين لروسيا بإظهار استعدادها للعمل مع الجانبين في الصراع. ومن الناحية النظرية، يمكن لروسيا أن تكتسب مكانة خاصة وبعض المزايا الأخرى ربما تكون غير واضحة الان، إذا ما لعبت دوراً نشطاً في عملية السلام. لكن من الناحية العملية يري البعض أن الدور الروسي محكوم عليه بالفشل لعدد من الأسباب، وهو ما توضحه الكاتبة في السطور التالية.

الدور الروسي كوسيط لعملية السلام : محكوم عليها بالفشل؟

أعطى دور روسيا في الصراع السوري العلاقات الروسية الإسرائيلية بعداً جديداً ينطوي على مخاطر وفرص. يمكن الآن وصف العلاقة بينهما بأنها شراكة عملية وذات منفعة متبادلة. إذ ساعدت العلاقات الشخصية الطيبة بين فلاديمير بوتين وبنيامين نتنياهو في حل عدد من الأزمات. على الرغم من أن النقطة الرئيسية للتنسيق الإقليمي بين روسيا وإسرائيل هي سوريا، فإن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لم ينته. ومع ذلك، فمن غير المرجح أن تنظر إسرائيل بجدية إلى وسيط جديد بديل للولايات المتحدة. ولا تملك روسيا الوسائل المالية للتنافس مع واشنطن كمانح رئيسي للمساعدات الخارجية لإسرائيل ولا نية لاستبدال الولايات المتحدة كشريك استراتيجي رئيسي لإسرائيل. فمنذ عقود تولي واشنطن اهتماماً كبيراً بالقضايا الأمنية للدولة اليهودية.

بالنسبة للحكومة الإسرائيلية، تظل علاقات روسيا مع إيران وسوريا هي المفسد الرئيسي للعلاقات الروسية الاسرائيلية. ولا تعتبر موسكو حماس منظمة إرهابية، الأمر الذي يزعج معظم المحللين الإسرائيليين. وأيضاً تعد روسيا المشرف الرئيسي على المحادثات بين الفلسطينيين، كانت الجولة الأخيرة من المباحثات الفلسطينية – الفلسطينية قد عُقدت في موسكو في عام 2019. وكما قال وزير الخارجية لافروف مؤخرًا: “ستواصل روسيا جهودها للتغلب على الانقسام الفلسطيني الداخلي”. إن استعادة وحدة الفلسطينيين عامل رئيسي في عملية السلام التي يمكن لروسيا أن تساعد في تحقيقها. كما يهتم الفلسطينيون بمشاركة روسية أكثر نشاطًا في التسوية السلمية الإسرائيلية الفلسطينية ، كما أكدوا ذلك في مرات عديدة. 

في السنوات الأخيرة، كانت روسيا تحاول استضافة محادثات إسرائيلية فلسطينية، لكن هذه المحاولات لم تقود إلى أي نتائج ملموسة، كما ذكر بوتين في مقابلة حديثة مع قناة العربية. أنه من المحتمل أن تكثف روسيا هذه الجهود في المستقبل القريب. وقد تستخدم موسكو أيضًا علاقاتها الوثيقة مع الدول العربية الأخرى لضمان مشاركتها في الاجتماعات من البداية. يبدو أن وجود شكل جديد لتسوية السلام، بما في ذلك الجهات الفاعلة الجديدة، الإقليمية والعالمية، سيكون مهمًا لنجاح هذه العملية. ومع ذلك، فإن التوتر في العلاقات الروسية الأمريكية والقضايا الداخلية في إسرائيل والولايات المتحدة يجعل من الصعب تحقيق ذلك الأمر.

لقد فشلت الولايات المتحدة في محاولاتها لحل النزاع بنفسها أو من خلال اللجنة الرباعية للشرق الأوسط، وقد ازداد الوضع سوءًا. فهل روسيا مستعدة للتورط في مستنقع حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؟، إذا كانت روسيا تريد أن تكون وسيط قوي حقيقي، فإن عليها “أن تأخذ مسار عمل حقيقي، وأن يكون لها موقف واضح وثابت، وربما نتيجة لذلك تواجه استعداء بعض الأطراف، وهو الامر التي تري الكاتبة بأن روسيا غير مستعدة له حتي الأن.  

استراتيجية “روسيا” ومصالحها في نزاعات الشرق الاوسط وشمال إفريقيا (1-7)

+ posts

باحث أول بوحدة الدراسات الأسيوية

أحمد السيد

باحث أول بوحدة الدراسات الأسيوية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى