إسرائيل

«تمرير قانون الطوارئ في الضفة».. فشل حكومي وتوتر داخلي وترقب من المعارضة

يُعد فشل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي في تأمين الأغلبية اللازمة لتمديد قانون الطوارئ في الضفة الغربية المُحتلة، فشلًا إضافيًا مُنيت به في فترة قصيرة شهدت العديد من الضربات المتتالية والتي من شأنها إسقاط الحكومة قريبًا، فبعد تصويت الكنيست بعدم تمرير القانون الذي سُن في أعقاب حرب 1967، كُسرت قواعد اللعبة السياسية في إسرائيل والتي كانت تنص على تقديم الخلافات السياسية والحزبية والنخبوية على المصلحة الإسرائيلية العامة واستراتيجيتها بعيدة المدى، التي طالما عملت الأطراف المُتعددة في إسرائيل على الحفاظ عليها رغم اختلاف التوجهات.

محاولة جديدة ومأزق خطير     

تطبق إسرائيل القانون العسكري على الفلسطينيين في الضفة الغربية المُحتلة في الوقت الذي تطبق فيه القانون الإسرائيلي على المستوطنين الإسرائيليين في المنطقة نفسها، ويعود ذلك إلى العام 1967 ولا يزال قائمًا حتى الآن على أن يتم تجديده كل 5 سنوات. ومن المفترض أن تنتهي صلاحية القانون في نهاية شهر يونيو الجاري، حيث إنه تم تمريره في المرة الأخيرة عام 2017.

وفي يوم الإثنين الماضي، أخفق الائتلاف الحكومي الإسرائيلي للمرة الأولى في تمديد «قانون الطوارئ في الضفة الغربية» بعد أن صوت 58 عضوًا في الكنيست ضده، مقابل تصويت 52 عضوًا لصالحه. 

وفي محاولة جديد للتشبث وعدم السقوط، أعلن الائتلاف الحاكم في إسرائيل طرح مشروع قانون تمديد أنظمة الطوارئ في الضفة مرة أخرى يوم الأحد القادم للتصويت عليه أمام الكنيست، متعهدًا ببذل كل جهد من أجل ضمان الحصول على الأغلبية، وقال وزير القضاء الإسرائيلي «جدعون ساعر» إنه لا ينوي في هذه المرحلة حل الائتلاف الحكومي.

ويُعد سقوط قانون الضفة الغربية، مأزقًا خطيرًا للائتلاف الحاكم في إسرائيل الذي يعيش أيامًا صعبة وسط تصارع سياسي وتنافس، وهي الأمور التي عطلت بالفعل أحد أهم القوانين الداعمة للاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية على مر العقود الماضية، وهي ثغرة يستطيع الفلسطينيون استثمارها واستغلالها الفترة المقبلة، وخصوصًا أن إسرائيل من المُحتمل أن تدخل في حالة جمود سياسي وتكرار للانتخابات كما شهدت من قبل، حتى جاء نفتالي بينيت بائتلافه الضعيف وأطاح برئيس الوزراء التاريخي في إسرائيل بنيامين نتنياهو، الذي ينتظر بفارغ الصبر سقوط بينيت ليدخل في منافسة جديدة سعيًا للانقضاض على منصبه السابق مجددًا.

عسكريون يحذرون

ذكر موقع «ماكور ريشون» الإسرائيلي أن قادة عسكريون إسرائيليون يحذرون من أن سقوط قانون الطوارئ في الضفة الغربية بالكنيست الإسرائيلي قد يؤثر على الوضع الأمني ​​ويطلق سراح «مئات الإرهابيين من السجون» على حد تعبيرهم. 

وأوضح الموقع المكتوب باللغة العبرية، أنه بعد سقوط قانون الطوارئ خاطب قادة وزير الجيش الإسرائيلي بيني جانتس نيابة عن أكثر من 4000 من كبار الضباط المتقاعدين من أعضاء حركة «الأمن» في إسرائيل، وأعربوا عن قلقهم حول تأثير القانون على الوضع الأمني، كما أعربوا عن قلقهم من أن «سقوط قانون الطوارئ في الضفة الغربية يمكن أن يؤدي إلى إطلاق سراح مئات الإرهابيين من السجون»، في إشارة منهم لمنفذي العمليات من الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية.

ونقل الموقع تصريح سابق للمدعي العسكري الإسرائيلي السابق في الضفة الغربية موريس هيرش، الذي يرى أن القضية الأمنية الرئيسية التي تنظمها اللوائح هي في مجال علاقات إنفاذ القانون بين إسرائيل والضفة الغربية مع التركيز على ما سماه بـ«الإرهاب والإرهابيين». 

ووفقًا للموقع، فالممارسة المتعارف عليها هي أن يتم استجواب المعتقل في الضفة الغربية للاشتباه بارتكابه عملًا أو تورطًا في عملية هجومية من قبل سلطات التحقيق في مراكز الاستجواب في إسرائيل، مضيفًا أن هؤلاء المشتبه بهم ليسوا محتجزين بموجب القانون الإسرائيلي، ولكن بموجب الصلاحيات المنصوص عليها في التشريع الأمني، لافتًا إلى أن المشكلة في هذا السياق واضحة، فالقانون الإسرائيلي ينص على أنه لا يجوز للسلطات اعتقال شخص دون مرجع ومصدر سلطة منصوص عليه في قانون الكنيست.

ويشير الموقع، إلى أن قانون الطوارئ في الضفة الغربية يسمح باحتجاز المتهمين في إسرائيل الذين يحاكمون أمام المحاكم العسكرية في الضفة الغربية، ويتم احتجازهم حتى انتهاء الإجراءات القانونية في القضايا، وأولئك الذين لديهم سبق إدانتهم وسجنهم، بما في ذلك منفذي العمليات الهجومية، مضيفًا: «بموجب هذه الأحكام، يتم اعتقال ما لا يقل عن 3000 إلى 3500 في سجون مصلحة السجون الإسرائيلية في أي وقت من الأوقات».

وأعربت وزيرة الداخلية ، أييليت شاكيد، الأربعاء، عن أملها أن يتم تمريره وأن رؤساء السلطات سيساعدون في ذلك، مضيفة: «أنا آسفة لأن نتنياهو وبتسلئيل سموتريتش يتبنيان أجندة القائمة المشتركة ويطيحان بقانون مهم»، مشيرة إلى أنه حال عدم تمرير القانون ستكون مشكلة كبيرة للسكان، وتابعت في تصريحات نقلتها صحيفة «معاريف» الإسرائيلية: «يجب أن يكون هناك مفهوم أن الدولة أهم من أي شيء آخر.. أدعو رؤساء مجالس الضفة الغربية إلى تنحية السياسة جانباً والاعتناء بالسكان». كما ادعت أن الائتلاف يبذل جهوداً كبيرة لتمرير القانون، وقالت: «كنا في المعارضة ولم نفكر في التصويت ضد مثل هذه القوانين، آمل أن يتعافى الليكود وكذلك ثلاثة أعضاء كنيست من الائتلافۛ».

لا مستقبل بعد سقوط قانون الضفة الغربية

تقول صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، إنه بعد هزيمة الائتلاف في التصويت لتمديد قوانين الطوارئ في الضفة الغربية، تعززت آمال المعارضة في إسقاط الحكومة قريبًا، وقال رئيس لجنة المالية في الكنيست العضو أليكس كوشنير الذي يتبع حزب «يسرائيل بتينو»، صباح الأربعاء، إن البديل هو حزب الليكود الذي من أجله «سيحترق النادي» ويعود نتنياهو إلى السلطة، كما كرر عضو الكنيست يوآف كيش من حزب «الليكود» أن أيام الحكومة معدودة ولم يستبعد التعاون مع وزير العدل جدعون سار، رغم نفي رئيس «تكفا حداشا».

ويقول كيش: «لا يبدو لي أن ساعر سيكون لديه مشكلة مع حكومة يمينية برئاسة نتنياهو»، مشيرًا إلى أن الحكومة الحالية «تفعل كل شيء للبقاء، وأنا أفعل كل ما بوسعي لإسقاطها»، مشيرًا إلى احتمالية أن يكون عضو الكنيست نير أورباخ من اليمين المنشق التالي، والذي من شأنه أن يطيح بالائتلاف والحكومة.

وتابع: «قبل يومين، عندما سقط قانون الضفة الغربية، أدرك الجميع أنه لا يوجد مستقبل لهذه الحكومة.. هل ستستمر أسبوعًا آخر؟.. أو ثلاثة أسابيع؟.. أو شهرًا؟..  أم ستسقط أخيرًا قبل الميزانية؟ أنا لا أعرف حقًا»، مضيفًا: «هدفي الرئيسي هو أن تذهب دولة إسرائيل إلى صناديق الاقتراع وإنهاء هذه الحكومة الرهيبة بحلول نهاية الشهر ، وبعد ذلك سيتم تمديد قانون الضفة الغربية تلقائيًا لمدة ستة أشهر، ولن تكون هناك مشكلة في ذلك»، مشيرًا إلى أنه سيتم تمديده مرة أخرى. 

ختامًا، يبدو أن فشل الائتلاف الحكومي في تمديد قانون الطوارئ في الضفة الغربية المُحتلة بمثابة علامة إضافية على اقتراب انهيار حكومة نفتالي بينيت، كما أنها ستُعجل من ذلك نظرًا لاستغلال المعارضة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو الذي يتطلع للعودة إلى منصبه من جديد لهذه الأمور. 

وعلى الرغم من أنه للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل تشهد فيها فشلًا في تمرير قانون الطوارئ في الضفة الغربية، وأن هذا الأمر يدل على عدم توافق على المصلحة الإسرائيلية العليا بين الأطراف الإسرائيلية، إلا أنه من المستبعد أن يتم إلغاء العمل بقانون الطوارئ في الضفة لأسباب عديدة، أبرزها تأثيره على عمليات الاعتقال للفلسطينيين أو للأسرى في السجون الإسرائيلية، حيث إنه إذا تم إلغاؤه سيخرج الآلاف من السجون ما يتسبب في أزمات أمنية كبيرة لدى السلطات الإسرائيلية. 

وتعرض الائتلاف الحكومي في إسرائيل لإحراج كبير بسبب عدم تمرير قانون الطوارئ في الضفة الغربية، وهذا ما دفعه للعمل بكل ما أوتي من قوة سعيًا لتمريره يوم الأحد المقبل الذي يُعد اختبارا جديدًا لحكومة بينيت التي أصبحت على المحك، إما أن تنجح في تمريره لحفظ ما تبقى من ماء الوجه، أو يُدق المسمار الأخير في نعشها.

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى