مقالات رأي

وفاء صندي تكتب : نصر الأمس وانتصارات اليوم

بعد 48 عاما على انتصار أكتوبر، لاتزال مصر والعالم العربى أجمع يتذكرون باعتزاز هذه الملحمة الخالدة،والمحطة المضيئة من تاريخ مصر المعاصر،التى سطرها شهداء مصر الأبرار بتضحياتهم واستبسالهم لتحرير سيناء، واستعادة كرامة المصريين، بعد هزيمة 67 التى أحدثت شرخا كبيرا فى نفوس العرب أجمعين.
فى يوم 6 أكتوبر وقف القادة العرب وقفة رجل واحد خلف الشقيقة الكبرى مصر، كل ساهم بما يستطيع، وكان النصر حليفا لمصر وللعرب، من خلال الجيش المصرى العظيم، بقيادة صانع الحرب والسلام، الرئيس أنور السادات، الذى امتلك عقلا استراتيجيا، فكر فى استعادة الأرض، وفى نفس الوقت فى مرحلة ما بعد الحرب. فالمواجهات لم تكن فقط عسكرية،أمام عدو مدعوم من أمريكا ويتفوق فى كل شيء، ولكن أيضا استراتيجية من اجل تمهيد الطريق أمام سلام مستدام. لذلك أسهمت النتائج التى ترتبت على هذه الحرب إلى حد كبير فى رسم ملامح المنطقة فى الفترة التى تلتها والى حدود اليوم.
ساهم أنور السادات فى بناء دولة كانت منكسرة بعد هزيمة قاسية فى 1967، واستطاع ان يعيد للجيش المصرى ثقته فى نفسه وفى قدرته على صنع المعجزات، كجيش وطنى محترف حارب دفاعا عن الوطن بشرف ونزاهة، وقدم شهداء روت دماؤهم أرض سيناء. ونجح السادات من خلال هذا الجيش الوطنى فى تخطى كل الصعاب والتحديات وأسقط اسطورة الجيش الاسرائيلى الذى لا يقهر. ونجحت حنكة هذا الزعيم بعد مفاوضات شاقة ومضنية فى استعادة سيادة مصر الكاملة على سيناء.
اذا كان لكل مرحلة رجالاتها الذين صنعوا أمجادها، فقد كان أنور السادات احد أولئك الرجال الذين صنعوا التاريخ وكان لهم أدوار عظيمة، وقادوا تحولات عميقة فى مجتمعاتهم. فقد استطاع خلال عقد من الزمن، منذ توليه مقاليد الحكم فى 1970 والى غاية اغتياله فى 1981، ان يحدث تغييرات كبرى سواء على الصعيد الداخلى او الخارجى، الاقتصادى او الاجتماعي. صحيح قراراته لم تحظ وقتها دائما بإلاجماع، الا ان السنوات كشفت عن انه كان بحق سابقا لعصره.
ومصر تحتفل هذا العام، ككل عام بذكرى النصر، فإنها أيضا تدشن عصرا ذهبيا آخر سيشهد عليه التاريخ، وهو ما يعرف بالجمهورية الجديدة. هذه الجمهورية التى بدأت معالمها منذ إسقاط نظام الاخوان، ترتكز على إرساء دعائم حياة كريمة لكل المصريين، وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة فى مختلف القطاعات. واذا كان هدفها الأساسى هو بناء الإنسان، فإن مشروعات التنمية الكبرى تمثل اهم ما يميزها.
بالاضافة الى العناية الكبيرة التى يوليها الرئيس عبد الفتاح السيسى بالمرأة والإنجازات غير المسبوقة التى تحققت فى عهده لتمكينها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، تظهر معالم الجمهورية الجديدة ايضا فى الاهتمام بالشباب باعتبارهم صناع المستقبل. وفى تطور غير مسبوق، شكل ملف تمكين الشباب المصرى فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية احد أهم الملفات التى تركز عليها الدولة المصرية فى الوقت الحالي. وبرز ذلك من خلال الخطابات الرسمية والإجراءات التنفيذية، وصولا لاستحداث اتحاد شباب الجمهورية الجديدة، الذى سيعمل على توحيد جميع المجهودات الشبابية على مستوى الجمهورية تحت مظلة واحدة لتعزيز الوعى بالعمل الوطنى والمجتمعى، وإعداد كوادر شبابية وطنية وصقلها بالخبرات العملية وإتاحة المزيد من الفرص لها للانخراط فى العمل العام وتعزيز ثقافة العمل التطوعى والمشاركة الفعالة فى الحياة السياسية وصولا لبناء الدولة المدنية الحديثة.
يبدو من خلال اهتمام رئيس الجمهورية بالشباب واشراكهم فى الحياة العامة وتقلدهم المناصب التنفيذية، وبناء قدراتهم، وادماجهم بشكل فعال فى المؤسسات المختلفة، ان الهدف يتعدى مجرد الدعاية إلاعلامية او الاستقطاب،بل هى دليل عملى على وجود رغبة أكيدة وإصرار واضح على وضع هذه الفئة العريضة فى قلب الاهتمامات والسياسات العامة.
أيضا، تتميز الجمهورية الجديدة بمشاريع عملاقة من شأنها ان تغير وجه الحياة فى مصر، على رأسها العاصمة الإدارية الجديدة والطفرة الكبيرة فى البنية الأساسية بمختلف مكوناتها، بالإضافة الى التوسع فى المشروعات التنموية الكبرى غير المسبوقة فى صعيد مصر وفى شبه جزيرة سيناء.
ان ما تشهده مصر اليوم فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى بمثابة انتصار جديد يمثل بحق امتدادا لانتصار أكتوبر. فهنيئا للشقيقة مصر بهذه الانتصارات ودامت لها فرحتها.

نقلا عن ” بوابة الأهرام”

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى