
مطالبات حكومية بتأجيل موسم الحج في الهند خوفًا من تفشي فيروس كورونا
نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في عددها الصادر يوم 20 مارس 2020، تقريرًا تحت عنوان “فيروس الكورونا: اجراءات الحكومة الهندية استعداداً لموسم الحج”، أشارت فيه إلى أن رئيس الوزراء “ناريندترا مودي” قد حث المواطنين يوم الخميس الماضي على البقاء في منازلهم، في محاولة منه للحد من خطر انتشار الفيروس إذا تجمعت تلك الأعداد التي قد تصل إلى مئات الآلاف لأداء شعائر الحج في أيوديا، مناديًا بضرورة الالتزام بما يعرف بالتباعد الاجتماعي الذي وصفه بكونه “ضروري للغاية”.
وأوضحت الصحيفة أنه حتى الأن استطاعت الهند التي يبلغ عدد سكانها 1.3 مليار نسمة، السيطرة على الحالات القليلة التي ظهر عليها أعراض الإصابة، وأن القيادة الهندية عازمة حتى الآن على المحافظة على هذا النحو، وأن السلطات قد أعلنت عن حظر لمدة أسبوع على الرحلات الجوية الدولية القادمة من الخارج ابتداء من يوم الأحد القادم.
واعتبر ذلك النداء الذي جاء به رئيس الوزراء بمثابة تحرك احترازي من الحكومة حيث يستعد مئات الآلاف من الهندوس للسفر إلى هناك الأسبوع المقبل للاحتفال بتسعة أيام لرام، والذي يعتبر أحد أهم الآلهة عند الهندوس، وتعتبر هذه المرة مختلفة ومهمة إلى حد كبير حيث يخطط الحجاج للاحتفال ببدء بناء معبد رام جديد في أيوديا.
وأوضحت نيويورك تايمز أن الحج هذا العام يتزامن مع أزمة الفيروسات التاجية، الذي أصاب 173 شخصاً فقط فى الهند، وفقاً للبيانات الحكومية، وتشير البيانات العالمية الى انه اصاب أكثر من 218000 شخص وقتل أكثر من 9000 في جميع أنحاء العالم.
“نحتاج إلى منع هذا الحشد من التجمع”
هذا ما قاله الدكتور “غانشيام سينج”، كبير الأطباء في أيوديا، في تصريحات صحفية وقت سابق من هذا الأسبوع. ووفقاً الى خبراء الصحة العامة إن الحشود الضخمة، التي لا يستطيع الناس فيها التزام مسافة لا تقل عن ستة أقدام، تشكل خطرًا كبيرًا فى انتقال الفيروس، وأشار الدكتور “سينج” إلى أن المهرجانات الدينية يمكن تكرارها، لكن الصحة العامة لها أهمية قصوى، وعقب على ذلك قائلاً “إذا لم تكن الحياة موجودة، فلن تكون هناك احتفالات”.
وذكرت الصحيفة في تقريرها إلى أن وضع الصراع بين الدين والصحة خاصه فى ولاية أوتار براديش – أكبر ولاية في الهند والتي يصل عدد سكانها إلى 230 مليون نسمة- يعتبر مأزقاً صعباً، ويحاول المسؤولون ثني الناس عن التجمع في أيودهيا دون اتخاذ خطوة مضطربة سياسياً بمنعهم من ذلك.
وصرح “سيدهارث ناث سينج”، وزير في حكومة الولاية، والمشرف على القضايا الصحية سابقًا، إن الحكومة قد تواصلت مع المنظم الرئيسي للمهرجان “فيشفا هندو باريشاد” وقادة دينيين آخرين لمطالبة إلغاء احتفالية رام في هذا العام، وأنه “أن الأفضل هو الإقناع: فعلى رجال الدين إقناع الناس بضرورة التزام منازلهم والصلاة من أجل الخروج من تلك الأزمة”.
وأوضح التقرير أن “يوغي أديتياناث” الراهب الهندوسي، و”أوتار براديش” يعدان أحد أهم ركائز الدعم السياسي للسيد “مودي” والحزب القومي الهندوسي الذي يقوده، إضافة إلى حزب “بهاراتيا جاناتا”، الذي ينتمي إليه السيد “أديانتاناث”، وأن حوالي 80% من الهنود، من حزب “بهاراتيا جاناتا”، سعى للحصول على أصوات هندوسية لعدة سنوات مقابل وعد ببناء معبد رام في أيوديا، محل مسجد تابع للمسلمين كان قد دمره حشد هندوسي عام 1992، مما أدى إلى انطلاقة أعمال شغب واسعة، في نوفمبر الماضي ، وقامت المحكمة العليا بتسوية عقود من النزاعات القانونية وأعطت الموقع للهندوس.
وقد حث مكتب السيد “أديتانيث” مساء الخميس الماضي سكان الولاية على أداء العبادات الدينية في المنزل لمنع انتشار الفيروس، وصرح “فينود بأنسال”، المتحدث الرسمي باسم “فيشفا هندو باريشاد” في نيودلهي، إن مجموعته لم تطلب من المصلين الذهاب إلى أيوديا، ولكن “الناس يذهبون من جميع أنحاء العالم إلى هناك دون توجيه دعوة مباشرة لهم “، مضيفًا أنه ” لا يمكن حرمان الناس من فرصة النظر الى الاله ” اللورد راما”، حرمان الناس من تلك الفرصة سيكون صعباً للغاية” .
وفي نفس السياق، قال “أنيل بوروهيت”، الذي يعمل في قضايا الصحة العامة لحكومة الولايات المتحدة والذي قام بتأسيس مدرسة جودبور للصحة العامة شمالي الهند، أنه حضر مهرجانًا هندوسيًا تديره حكومة “أديانتاناث” العام الماضي، وأشاد بالاحتياطات الصحية التي اتخذتها البلاد.
“يحب الهنود التوافد على هذه المهرجانات الكبيرة”
وقال السيد “بورهيت”، الذي نشأ في الهند ويعيش الآن في مدينه بوسطن الأمريكية أنه ” بالفعل يحب الهنود التوافد على هذه المهرجانات الكبيرة ولكن السماح بقيام ذلك الاحتفال فى الأسبوع المقبل فكرة سيئة. وتعتبر مخاطرة كبيرة”.
وأكدت الصحيفة أن علماء الأوبئة قد أعلنوا ” أن التجمعات الدينية في ماليزيا وكوريا الجنوبية ساهمت بشكل كبير في انتشار العدوى في تلك البلدان”، مشيرة إلى تصريحات المسؤولين وفقًا لموقع “نيوزلادري” الهندي بأنه إذا جاء الحجاج إلى ولاية في ولاية أوتار براديش لأداء مراسم الحج، سيتم تجهيزهم بمراقبين حراريين و100 ألف قناع وجه و4000 لتر من المطهر اليدوي.
وصرح “جون إيوانديس”، أستاذ الطب وعلوم البيانات الطبية الحيوية في جامعة ستانفورد للصحيفة، إنه إذا تم السماح بمهرجان أيوديا، يمكن للحكومة التفكير في طلب تعقب الأشخاص واختبارهم طوعًا للكشف عن الفيروس بعد بضعة أسابيع.
وترى الصحيفة أنه بالرغم من ذلك فإن دعوة الرئيس “مودي” للهنود للبقاء في منازلهم، قد تقلل من أعداد الحجاج، وأختتم التقرير بما قاله السيد “بانسال”، المتحدث باسم “فيشفا هندو باريشاد”، أن الإدارة المحلية ستبذل أقصى ما في وسعها لضمان أفضل النتائج ” كما يساعد فى ذلك “دعوات اللورد راما”.