كورونا

“بوليتيكو” الأمريكية: وباء “كورونا” يتحدى الـ “ترامبيزم”

أكدت مجلة “بوليتيكو” الأمريكية أن هناك أزمة صراعات قادمة سببها العلوم البشرية المخيفة ، وقد تستمر أثرها لجيل صاعد.

وذكرت المجلة ،  في عددها الصادر مؤخرا تحت عنوان وباء كورونا يتحدى الترامبيزم ، أن هناك أفكارا خاصة تشمل مدى التشابه بين ذلك الوباء التاجي المستحدث وأزمة المناخ العالمي، وهل تتقلص أزمة المناخ بالوثوق في العلماء واتباع تعليماتهم؟

وأضافت أن هناك أيضا قراءات فيما إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تستطيع تطبيق فكرة “الترامبيزم” فعليا وهل سيتمكن ترامب من احتواء الوضع السياسي الراهن بعد ارتفاع أعداد المصابين بكورونا في بلاده ، فيما يهدف المقال أيضا إلى تقديم نصيحة مهمة لسكان العالم  للحد من أزمة المناخ العالمي وإنقاذ ما يمكن إنقاذه لضمان حياة أفضل للأجيال القادمة.

وأشارت المجلة إلى عدة تساؤلات، وكان أولها حول ما المدة المحتملة لاحتواء خطر هذه الأزمة؟ وهل ستكون بمثابة إعصار شديد أجبر الجميع على التزام منازلهم والاكتفاء بالنظر إلى الساحل؟ أم سيكون الأمر أكثر فتكا وتكون هذه الأزمة مثل الإعصار الذي ضرب الكرة الأرضية بالفعل وأنهى حياة هؤلاء الذين كانوا يسكنون الأرض من قبل؟ وردت بأنه بغض النظر عن مدى انتشار ذلك الوباء التاجي ، أو مدى سرعة انتشاره ، من المحتمل في هذه الأسابيع التي نقضيها جميعاً في منازلنا أن تولد حقبة سياسية جديدة.

وأفادت المجلة أن الاعتقاد يأتي بأن الصدى السياسي لهذه الأزمة سيستمر لفترة أطول بكثير من الأزمة نفسها. يرتبط السبب الأول  بالتأثير الكبير الذي يشكله ذلك الوباء على نمط حياة العديد من الناس والذين يتمثل اغلبهم في الطلاب. ومن المرجح أن يؤدي ذلك النمط الجديد الذى يخلو من أي ممارسات للحياة العملية الحقيقية واستمرار البحث والتجارب المعملية إلى تأخر وفقدان كبير لا يمكن تعويضه بسهولة بعد أن تم إغلاق الحرم الجامعي لكل الجامعات في محاولة لحصر انتشار الفيروس.

وأوضحت المجلة أن العواقب الوخيمة للإجراءات المتخذة تأتي للحد من انتشار ذلك الوباء بشكل كبير على من هم أقل في الإمكانيات. على عكس معظم الكوارث، حيث تساهم القطاعات الكبرى أيضا في دفع تكاليفها أيضًا بشكل كبير. ويشمل هؤلاء المتضررين أعضاء هيئة التدريس الجامعيين ، القادة في القطاعين العام والخاص حيث يتحملون المسؤولية بأكملها. ليست لأنها نهاية العالم بالنسبة لهم ولكنها بالفعل خسارة كبيرة. فالكل يتكاتف سوياً لاحتواء المرض وبذل اقصى جهد خاصة  لصالح الأشخاص الأكبر سنا والأقل مناعة.

وذكرت المجلة أن الأجواء المحيطة وديناميكيات انتشار ذلك الفيروس تتشابه مع ديناميكيات القضايا السياسية الكبرى، ويتمثل ذلك بالأخص في التشابه بين الخيارات القاسية التي يفرضها الوضع العالمي بسبب انتشار الفيروس في الأشهر القادمة، والخيارات التي لا مفر منها، والتي تفرض سياسة الأمر الواقع  نتيجة لتغير المناخ العالمي في العقود القادمة.

وتطرح المجلة سؤلاً أخر حول “ما إذا كنت تثق بخبراء وعلماء تغير المناخ أم لا ؟ “.

واستشهدت المجلة  بقول الخبراء، “إن مثل حالة الطوارئ التي نعيشها اليوم بسبب هذه الموجة من الفيروسات التاجية، يعد التغير المناخى مشكلة ذات أبعاد أكبر بكثير” لذلك يتم توظيف نماذج بيانات معقدة تهدف إلى تسليط الضوء على الاتجاهات المستقبلية التي يمكن للمواطن العادي فهمها جيداً.

ويؤكد العلماء على ان تغيير تلك السلوكيات واتباع هذه العلاجات تمثل حلولاً ملموسة وفورية لازمه المناخ العالمية. حيث أن هذه الأزمة لا تقتصر المسؤولية فيها على الخبراء والعلماء فحسب ، ولكنها في المقام الأول تترتب على “قيم وسلوك المجتمع”.

وأوضحت المجلة أن القيود التي تم فرضها على الاقتصاد بسبب ذلك الوباء تكلفنا خسائر فادحة. فالكل غير آمن على دخله المستقبلي خاصة هؤلاء من فئة العمال ،حتى أصحاب الأعمال التجارية غير آمنين على أوضاعهم الاقتصادية. لا أحد يعرف حتى الأن ماذا بعد ! وما هي حقيقة الوضع؟ فربما تستطيع منظمة الصحة العالمية احتواء الأمر. أو يكون الوضع أسوأ من ما يبدوا عليه.

ويذكر في ذلك السياق أن ذلك التوتر – الناشئ عن العواقب المحتملة للتغير المناخي العالمي والتي سندفعها ضريبة استخدام الكربون و اتباع العادات الخاطئة – يعتبر أكثر حدة مما نتوقع. تلك التغييرات الشاملة والضرورية التي تتمثل في تغيير نمط الاقتصاد العالمي تعتمد بشكل أساسي على الحد من استخدام الكربون، مما يؤدى الى وقف ارتفاع درجة حرارة الكوكب.

وأوضحت المجلة أن وجه الشبه بين ذلك الوباء المنتشر حاليا ،والمعروف باسم الفيروس التاجي، والتغير المناخي كونه عابر للقارات، حيث أن كلاهما لا يتأثر بفكرة الحدود الوطنية للبلاد.

ما مدى صلاحية فكره ” الترامبيزم” في ظل الأوضاع الحالية؟

وتأتي تلك الفكرة ،التي قد يتفق على جاذبيتها حتى خصوم ترامب، وتؤيد ضرورة تعزيز وحماية السيادة والنفوذ الأمريكي. فالفكرة بالفعل جذابة ولكنها غير قابلة للتنفيذ الفعلي. فحتى تنجح هذه الفكرة ويتم تفعيلها يتعين على صاحبها ” ترامب” أن يقوم بتقديم أدلة على إمكانية تنفيذها حتى لا تصبح مجرد شعارات ودعاية لا تمت للواقع بصلة .

ورداً على السؤال المطروح بشأن  ” الوقت الذى سيتم اعتبار الجهود المبذولة كافية للقضاء على الفيروس؟” وعن ما كانت البلاد بالفعل تستطيع غلق حدودها حتى تتمكن من  حماية نفسها من ذلك الفيروس؟ وإذا ما كانت قادره على مثل هذه الخطوة؟ أم أن هذه الخطوة تحتاج إلى دراسة متانيه قبل القدوم عليها؟ و كم عدد الأشخاص الذين فوجئوا عندما علموا فقط في الأسابيع القليلة الماضية أن جميع المضادات الحيوية الأمريكية تقريبًا تأتي من الصين؟

في الأيام الأخيرة ، ومع تزايد احتمالية انتشار الفيروس، أعترف ترامب بعدم دقة ما صرح به ” انحسار الفيروس وانخفاض عدد الإصابات قريباً إلى الصفر”. نتيجة إلى طبيعة الفيروس المختلفة والتي تحتاج إلى تكثيف الجهود المبذولة للحد من أثاره.

وقد سلطت المجلة الضوء على بعض الرسائل النمطية التي كتبها رؤساء الكليات والجامعات المختلفة التي أعلنت إغلاق حرمها الجامعي. والتي تتضمن جميعها استعراضاً لما قدمته كل منها من عناية لصحة المجتمع.

و الرسالة التي كتبها رئيس كلية وليامز مود مانديل،”يمكن للشخص السليم أن يختار البقاء وقبول المخاطر الشخصية في التعرض للإصابة بفيروس الـ COVID-19 ، لكن هذا القرار سيزيد بشكل كبير من فرصة العدوى للآخرين”. وأعطى مثلاً على ذلك الشخص البالغ من العمر 21 عاما قائلا “قد لا يعي بشكل كبير خطورة احتمالية تعرضه للمرض”. وتعتبر هذه الأيام بالنسبة لمعظم الناس أياما بائسة ولكن ذلك أفضل من تعرض حياتهم للخطر.

وأن هؤلاء الذين يعتقدون أن المعاناة التي يسببها هذا الفيروس لا تمثل شيء بعد ما تعرضوا له من صدمة كارثية في 11 سبتمبر. سيعرفون فيما بعد أن تأثير ذلك الفيروس عليهم أكثر فتكاً وأوسع انتشاراً. واختتمت المجلة بتعليق على دعوة ترامب للعديد من الجهات إلى البيت الأبيض قائلاً: “نحن جميعًا في هذا الأمر معا”. وأنه ربما للوباء منطق يتجاوز الأبعاد السياسية، والشعور الشخصي. لا يهم كيف يرى البعض ترامب. ولا يهم كيف نرى بعضنا البعض. المهم أن نتجاوز سوياً تلك الأزمة وندرك مدى الخطر الذى يهددنا جميعاً.

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى