
فيروس “كورونا” يصيب مواقع حساسة في السلطة الإيرانية
بعد أن تحولت إيران إلى بؤرة لفيروس “كورونا” المعروف أيضا باسم “كوفيد 19” بمنطقة الشرق الأوسط وتسببها في انتشار المرض بعدة دول بالمنطقة، لم تقتصر الاصابات على الشعب الإيراني فحسب، إنما طال المرض خلال الأيام القليلة الماضية عددا من الشخصيات السياسية من الطبقة الحاكمة هناك، وذلك وسط اتهامات للنظام الإيراني بالتستر على عدد الاصابات الحقيقي، والقيام بعملية تعتيم كبير حول مدى انتشار الفيروس داخل البلاد.
سياسيون ينضمون لضحايا الفيروس
توفى “محمد مير محمدي” عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام ومستشار المرشد الأعلى الإيراني “علي خامنئي”، بعد اصابته بفيروس “كورونا” عن عمر يناهز 71 عاما، وذلك بعد أيام من وفاة والدته بنفس المرض، وهي شقيقة المرجع الديني “موسى شبيري زنجاني” الذي يخضع للحجر الصحي بعد وفاة المسؤول التنفيذي والمالي في مكتبه جراء الإصابة بالفيروس.

ولم يكن “محمدي” أول ضحايا الفيروس، فقد سبقه “سيد هادي خسروشاهي” الدبلوماسي الإيراني ورئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة السابق، بعد إصابته في مدينة قم، وخضوعه للعلاج لأيام عدة في مستشفى “مسيح دانشوري” المخصص للمسؤولين الإيرانيين، والذي يرأسه علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي للشؤون الدولية.
بالإضافة لوفاة النائب “محمد رمضاني” عن مدينة آستانة آشرفية شمالي إيران، الذي توفى الجمعة الماضية جراء الاصابة بالفيروس، كما أكدت السلطات الإيرانية إصابة “معصومة ابتكار”، نائب الرئيس الإيراني لشؤون المرأة والأسرة بفيروس كورونا المستجد الخميس الماضي.
وقالت مسؤولة العلاقات الإعلامية لنائب الرئيس الإيراني، لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إيرنا) إنه “بعد ظهور أعراض المرض على السيدة ابتكار، أثبتت الاختبارات المعملية إصابتها بالمرض، وهي تتلقى العلاج في منزلها”.
وأصيب “إيراج حريرجي” بالفيروس، بعد أن شوهد يجفف جبينه مرارًا وتكرارًا وسعاله بشكل متكرر، وذلك أثناء مؤتمر صحفي مشترك مع المتحدث الرسمي باسم الحكومة الإيرانية “علي ربيعي”، وغرد مستشار وزير الصحة الإعلامي “علي رضا وهاب زاده” إن اختبار كورونا المستجد الذي أجري على حريرجي، نائب وزير الصحة الذي كان في الصفوف الأمامية في مكافحة فيروس كورونا، جاء بنتيجة إيجابية”.
وفي نفس اليوم، أعلن النائب الإيراني الإصلاحي عن طهران “محمود صادقي” عن اصابته بالفيروس، وغرد على موقع تويتر قائلا: “اختبارات كورونا جاءت إيجابية. ليس لدي أمل كبير في الاستمرار بالحياة في هذا العالم”، داعيًا السلطة القضائية الإيرانية للافراج عن السجناء السياسيين للحيلولة دون اصابتهم بالمرض، كما أصيب “مجتبى ذو النور” النائب عن مدينة قم، ورئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني.
زيادة معدلات الاصابة والوفاة
أعلن “علي رضا رئيسي” نائب وزير الصحة الإيراني، عبر التلفزيون الرسمي أمس الاثنين، ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا في البلاد إلى 1501 حالة والوفيات إلى 66 حالة، مضيفًا الأعداد الأخيرة المحددة لدي الوزارة هي 523 إصابة جديدة، و12 وفاة، وبذلك يرتفع العدد الإجمالي للمصابين إلى 1501 حتى الآن، ويصل عدد الوفيات إلى 66، موضحًا أن المحافظات الأكثر تضررًا هي طهران وقم وسط وجيلان شمالًا، وأن 291 شخصًا قد شفوا من المرض حتى الآن، أي 116 حالة شفاء إضافية.
وقال “علي ربيعي” المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، إن كورونا أصبح المسؤولية الأولى للحكومة الإيرانية، موضحا أن إيران كانت شفافة في التعامل مع كورونا، وأنه تم السيطرة على الأوضاع الصحية رغم كل العقبات، معلنًا عن تعطيل المدارس حتى نهاية الأسبوع، وطالب الشعب الإيراني بعدم إقامة المراسم التي تشهد تجمعات.

بدوره ، قال “سعيد نمكي” وزير الصحة الإيراني في تصريحات أذاعها التلفزيون الرسمي الأحد الماضي، إن إيران ستشكل ما يقرب من 300 ألف فريق ابتداء من يوم الثلاثاء، لإجراء فحص لرصد المصابين بفيروس كورونا المستجد من منزل إلى منزل، والجدير بالذكر أن هيئة الإذاعة الإيرانية الرسمية قد أعلنت أنه تم تعليق جميع الرحلات الجوية إلى مدينة رشت، عاصمة محافظة غيلان شمال البلاد، دون أن تذكر الأسباب، وتعد غيلان أكبر عدد من الإصابات في البلاد، بعد العاصمة طهران ومدينة قم، مركز تفشي الفيروس.
ومن جهة أخرى أكد نائب رئيس لجنة الصحة بالبرلمان الإيراني “محمد حسين قرباني” أن 41% من مرضى کورونا أصيبوا بالعدوى خلال مراجعة المراكز الطبية، أن اللجنة قررت إغلاق تلك المراكز الطبية الملوثة، وأكد أن إيران لديها الإمكانيات والخبرات الكافية للتعامل مع الأزمة، وذلك خلال اجتماع مع لجنة مكافحة فيروس “كورونا” بمحافظة جيلان ، بحسب ما نقلت عنه وكالة العمل الايرانية “ايلنا”
قوات الجيش والحرس الثوري يتصديان لـ”كورونا”
أعلن الأدميرال “حبيب الله سياري” مساعد القائد العام للجيش للشؤون التنسيقية، عن وضع الجيش الإيراني 3 مستشفيات تحت تصرف وزارة الصحة، وتشكيل مقر بيئي، مؤكدًا عدم ظهور حالات اشتباه في ثكنات الجيش.
كما أعلن قائد القوة البرية بالحرس الثوري الإيراني العميد “محمد باكبور” في مؤتمر صحفي بثه التلفزيون الأحد الماضي، عن تشكيل “مقرات خاصًا” لمكافحة فيروس “كورونا” في أنحاء البلاد مستنفرًا كل إمكانياته في هذا الصدد، واستعرض “باكبور” إجراءات القوة البرية للحرس الثوري خلال الأيام الاخيرة لمواجهة فيروس كورونا قائلا إنه “تم إصدار الأوامر اللازمة لنشر كتائب الحرب الحديثة للانتشار في المناطق الموبوءة بالفيروس”، مضيفا “كما انتشر خبراء ومتخصصو الميكروبايولوجيا وعلم الفيروسات في القوة البرية للحرس الثوري وفقا للأوامر الصادرة في المناطق الموبوءة”.
أكد “محمد باكبور” ضرورة الالتزام الدقيق بالشروط الصحية في المعسكرات والأماكن العامة، مشددا على “التعقيم اليومي للأماكن العامة وأماكن الاستراحة”، وبعد ساعات من الإعلان انتشرت قوات الحرس الثوري وشاحنات قوات مكافحة الشغب التابعة للأمن الداخلي الإيراني، في شوارع طهران محملة بخراطيم مياه وبدأت برش الشوارع بمواد التعقيم.

ومن جانبه قال الدكتور “علاء الدين توران”، عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، إن فيروس كورونا ينتشر في جميع أنحاء إيران بسرعة تصاعدية، موضحًا أنه رغم المعطيات التي نشرتها الحكومة الإيرانية؛ يسعى قادة النظام وجهازه الدعائي التقليل من أبعاد هذه الكارثة من خلال الكذب المفضوح.
النظام الإيراني يخشى اندلاع احتجاجات
ذكرت قوى الأمن في بياناتها أن مشاركتها تأتي في إطار حشد كافة الطاقات والإمكانيات للدولة الإيرانية لمكافحة انتشار الفيروس، لكن اعتبر ناشطون أن هذا الانتشار يأتي في إطار تخوف النظام الإيراني من اندلاع احتجاجات ضده، بسبب سوء إدارة الأزمة وعدم احتوائها والتعامل الأمني مع تفشي المرض خاصة بعد بدء عدة مظاهرات ببعض المناطق بسبب هذا الأمر.
ويرى مراقبون أن التحرك الأخير من قوات الحرس الثوري يهدف في المقام الأول إلى تصوير حكومة “حسن روحاني” على أنها لا تستطيع التعامل مع الأزمات، خاصة وأن الحرس قد تصرف نفس التصرف الحالي خلال الفيضانات التي اجتاحت إيران في ابريل 2019.
وذكرت وكالة الطلبة الإيرانية “إيسنا” أن الحرس الثوري وميليشيات الباسيج سيبقيان في الشوارع إلى أن يعود الوضع إلى طبيعته وهذا ما يفسر خوف النظام من الاحتجاجات في المدن، حيث يزداد الوضع توتراً وخطورة، بعد أن رفض رجال الدين وتحديدًا في مدينة “مشهد” وهي الموطن الأهم للأضرحة الشيعية دعوة الحكومة لاغلاقها أمام الجمهور، وتدخل قوات الحرس الثوري في إدارة الأزمة.
باحث أول بالمرصد المصري