مقالات رأي

لقاء مع الرئيس

تلقيت منذ عدة أيام مكالمة هاتفية من مكتب الرئاسة، تم فيها دعوتي لحضور لقاء برئاسة السيد رئيس جمهورية بمناسبة الاحتفال بيوم المرأة المصرية.  وقد استغرق مني الأمر بضع لحظات لاستيعاب الدعوة، إذ أن لقاء الرئيس يعد شرفاً كبيراً، لكني ظللت أسأل نفسي “لماذا أنا؟” وأفكر في مدى أمان حضور مثل هذا اللقاء الضخم  في ظل ظروف تهديد فيروس كورونا (Covid-19). وكما لو كان المتصل يقرأ أفكاري حيث بادر بالرد عليها، موضحا انه اللقاء مصغر في شكل مائدة مستديرة لتبادل الحوار مع الرئيس، وأن جميع الاحتياطات الصحية الوقائية مطبقة بشكل كامل وجاد. ولكن على الرغم من رده على أفكاري، إلا أنه لم يجبني عن سؤال الذي دار في ذهني “لماذا أنا؟”.

شعرت بالفخر والحماس الكبير لتلقي الدعوة، وأنتابني أحساس بالرضا لأن مسيرتي المهنية قد توجت كأستاذة جامعية، وباحثة، وفي مرحلة من حياتي  بالعمل مارست الخدمة المدنية. وقد تشرفت بمقابلة العديد من القادة السياسيين والشخصيات العامة من جميع أنحاء العالم، وتواجدت في مؤتمرات عديدة بحضورالسيد  الرئيس السيسي، لكن فرصة اللقاء المصغر مع رئيس الجمهورية وتبادل الحوار معه تبدو مختلفة.

الجدير بالذكر ان مصر تحتفل في السادس عشر من مارس من كل عام بيوم المرأة المصرية، إيماناً بالنضال التاريخي للمرأة من أجل الحصول على حقوقها، والاعتراف بإنجازاتها والعمل على تزليل العقبات التي ما زالت تواجهها. إذ يعد ذلك الاحتفال بمثابة يوم خاص في تاريخ نضال المرأة المصرية من أجل حقوقها، والذي تعود جذوره إلى عام 1919 حينما شاركت المرأة لأول مرة في التظاهرات السياسية إبان الثورة.

بمجرد دخول قصر الاتحادية مكان عقد الاجتماع، تم تطبيق جميع التدابير الصحية والسلامة بكل ترحيب وابتسامة، وكان لقاء محدودًا ومراعياً الحفاظ على المسافات بين الأفراد أثناء الجلوس وعند التقاط الصورة الختامية. وقد حضر اللقاء رئيس مجلس النواب الدكتورعلي عبد العال، ورئيس الوزراء دكتور مصطفى مدبولي، ووزراء التخطيط والتنمية الاقتصادية، والمالية، والصحة، والسكان، والتضامن الي، والإعلام، ورئيسة المجلس القومي للمرأة. فضلاً عن حضور عضوة من أعضاء البرلمان، ووالدتي لشهداء الهجمات الإرهابية من الجيش والشرطة، وأستاذة جامعية وعضوة نشطة في منظمة غير حكومية، وأنا.

في بداية القاء أعربت رئيسة المجلس القومي للمرأة، الدكتورة مايا مرسي، عن امتنانها للإرادة السياسية وعزم سيادة الرئيس على دعم حقوق المرأة، وتمكينها على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. وقد نظرت إلى الدكتور مايا مرسي بانبهار واحترام كبيرين؛ فعلى الرغم من فقدانها لفلذة كبدهامؤخرًا، وهو أقصي ما يمكن أن تمر به أي أمراءة،  إلا أنها لم تهمل أبدًا دورها وهدفها في دعم حقوق كل نساء مصر، إذ أن قوتها وتماسكها في مثل تلك الظروف الشخصية الصعبة، بالنسبة لي يستحق كامل الاحترام والتقدير.

ناقش الرئيس في اللقاء بكل شفافية وثقة دور المرأة في المجتمع، والتطورات الأخيرة المتعلقة بفيروس كورونا (Covid-19) غير المسبوقة في العالم، وأوضح تدابير الصحة والسلامة التي تجري لحماية البلاد، وحث النساء الحاضرات على مواصلة القيام بدورهن الإيجابي في المجتمع خلال تلك الأزمة العالمية العابرة للحدود، والتي  اسفرت عن أزمة وطنية، وثمن علي دور الشباب والمبادرات التي يقومون بها للتوعية. أكد السيد الرئيس أن ليس لدينا أي مشكلة في مخزون السلع الأساسية ، ودعا لعدم تخزين السلع. وشرح أننا نحتاج لمزيد من الأنظباط للسيطرة علي انتشار الفيروس ودعا السيدة المصرية إلى القيام بدور نشط في حث محيطها الضيق علي مزيد من الانضباط في الامتثال للتعليمات الصحية أثناء التعامل مع  هذه الأزمة. كما شرح بالتفصيل التدابير الاقتصادية والمالية المتخذة للحفاظ على الدعم الاقتصادي لقطاع السياحة، والصناعيةوالبورصة حيث خصصت مصر 100 مليار جنيه لمواجهة الفيروس. وصرح بقرار وقف قانون الضرائب على الأراضي الزراعية لمدة عامين. وأوضح قرار الحكومة بضم العلاوات الخمسة المستحقة لأصحاب المعاشات بنسبة 80% من الأجر الأساسي، بالإضافة إلى منح العلاوة الدورية السنوية للمعاشات لتكون بنسبة 14% اعتباراً من العام المالي القادم.  أكد السيد الرئيس أن لا أعتبار لأي خسائر مادية فالأهم هو الأنسان المصري فالشعب المصري غالي جدا جدا.

أثناء اللقاء، تم حوار شيق بين سيادة الرئيس والحضور من المدعوات، وأوضحن أن في كل محنة منحة  وجرت مناقشات حول إمكانية تفعيل افضل لدورالشباب في دعم المجتمع خلال هذه الأوقات العصيبة. وعبّرت المشاركات عن الإيمان بالشباب وقدرتهم وولائهم لمجتمعهم. وتم النقاش حول كيفية الحفاظ على ذكرا الشهداء، وأبراز بطولاتهم الذين فقدوا أرواحهم للدفاع عن مصر من خطر الإرهاب.

ومع انتهاء اللقاء، وعدم قيام الحاضرين بالتصافح بسبب فيروس كورونا، شعرت بالكثير من الفخر والاحترام  تجاه قيادة الدولة،وتهامس الحضور: “هل سنلتقط صورة جماعية؟” الأمر الذي يعد تحديًا كبيرًا في ظل ظروف انتشار فيروس كورونا. لكن الإجابة كانت “نعم”، ولكن علينا الحفاظ على إبقاء المسافات، إلا أنه التباعد بالمسافات وليس بالمشاعر وحشد الهمم.  

وانتهى اللقاء الدافئ بالكثير من الأمل والثقة في الإرادة السياسية والتصميم على العمل بقلوب مليئة بالعزم والإيمان.

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى