تجنيس الأجانب .. بوابة التمييز العنصري والاستنزاف الإنساني في قطر
لم يكن “سليمان حامد“السودانى الأصل الحالم بأن يصبح بطلاً في ألعاب القوى، حيث كان الأسرع بين زملائه السودانيين، يعلم حين تلقى عرضاً من قطر “للتجنيس ” واللعب ضمن منتخبها, بأن نهايته ستكون بهذا الشكل المأساوي داخل الدويلة التى استنزفته واستغلت موهبته ومهاراته أسوأ استغلال ثم طردته شر طرد بعد أن انتهت منه.
ولا يعتبر “سليمان” وحده من اصطدم بجدار التمييز العنصري والاستنزاف داخل ” قطر“, فهناك العديد والعديد من القصص الإنسانية المأساوية التي لاقت نفس النهج والمصير, ليس فقط فى المجال الرياضى ولكن أيضاً فى المجال الفني والأدبي والسياسي والمجتمع العمالي, وسط تعتيم إعلام قطر وغض بصر من قِبل الإعلام الغربي بِشقيه الالفرانكفونى والأنجلو ساكسوني.
هكذا تبنى قطر مجدها وترفع علمها فى المحافل الدولية:
بعد أن رفع ” سليمان” علمها في المحافل الدولية، سحبت دولة قطر منه الجنسية فور تقاعده عن اللعب، ليدخل الرياضي وأولاده في معاناة إنسانية كبيرة, وبينما تقام منافسات بطولة العالم لألعاب القوى فى قطر حالياً، ينظر حامد إلى اللاعبين المجنسين الذين يلعبون تحت العلم القطرى بنظرة حزن على ما سيتعرّضون له فى المستقبل، بعد أن يجبرهم السن على ترك الملاعب، لتتخلى عنهم الإمارة صاحبة العلم.
يّذكر أنسليمان قال في فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعى: “قدمت إلى قطر من السودان وأنا تحت السن القانونية من أجل اللعب لمنتخب قطر”, ووفق اتفاق، حصل اللاعب الذي كان يلعب لنادى”الريان” القطري على الجنسية القطرية عام 1999م، لينافس تحت العلم القطري في المسابقات الدولية في منافسات 100 و200 متر, إلا أن الدوحة عمدت إلى تزوير جواز سفر اللاعب، حيث تقول الوثيقة إنه مولود في قطر رغم أنه من مواليد السودان.
ويقول حامد إنه بعد أن رفع علم قطر في المنافسات الدولية وكان سبباً فى تتويجها بجوائز عدة، فوجئ بسحب الجنسية القطرية منه بعد أن تعدى عمره 32 عاما، وذلك فى مخالفة لاتفاق الحصول على الجنسية, واضطر حامد لمغاردة قطر وعائلته من أجل بدء مسار آخر للاحتجاج، بعد أن رفضت السلطات في قطر احتفاظه بالجنسية، مما حرمه أيضاً من الخدمات التي يتمتع بها القطريون.
ويقول الرياضي السابق: “حرموني من مستحقاتي وراتبي وكل الخدمات, لدي أطفال الآن وهم لا يعرفون بلداً غير قطر“.
التمييز العنصرى مأساة قطر:
واعتبرت المنظمة الأفريقية لثقافة حقوق الإنسانفى بيانٍصارمٍ وشديد اللهجة، أن بطل ألعاب القوى كشف خبايا ملف “الاتجار بالبشر” الذى تمارسه قطر, وتقول المنظمة إن حامد “تعرض لشتى أنواع الاضطهاد من قبل الحكومة القطرية، كما جُرّد من الجنسية بعد عقود من اللعب باسمها, وأعلنت المنظمة عن إطلاقها حملة على موقع “تويتر”، في تمام الساعة الثامنة من مساء الثلاثاء بتوقيت مكة، بعنوان: #البطل_سليمان_حامد_ضحية_قطر_للاتجار_بالبشر، داعية جميع الرياضيين ونشطاء حقوق الإنسان والمناهضين للاتجار بالبشر فى العالم إلى دعم الحملة.
ويُعد حامد مثل عشرات الرياضيين الذين يلعبون تحت ألوان العلم القطرى فى كافة الرياضات، ويمثلون الدوحة دولياً بعد حصولهم على الجنسية لهذا الغرض، لكن يجرى سحب هذه الجنسية منهم بعد انتهاء الحاجة لخدماتهم.
يّذكر أن منظمة “هيومن رايتس ووتش”انتقدت أيضاً العام الماضى قانون الإقامة الدائمة القطر، لافتة إلى أنه لا ينهى التمييز فى الجنسية, وقالت المنظمة (دولية غير حكومية مقرها نيويورك) فى تقرير أعدته “روثنا بيجوم” كبيرة الباحثين فى قسم حقوق المرأة، إن أمير قطر (تميم بن حمد) وقع سلسلة من القوانين منها قانون يسمح لأطفال القطريات المتزوجات من غير القطريين وأزواجهن بالحصول على الإقامة الدائمة, لكن لا يبدو القانون كاملاً لأنه لا يسمح لأطفال القطريات وأزواجهن بالحصول على الجنسية، وبالتالى على جواز سفر قطرى، كما الشأن بالنسبة لأطفال الرجال القطريين وزوجاتهم.
ليست تلك الواقعة ” واقعة سليمان حامد ” هى الأولى ولن تكن الأخيرة, فنزيف الأفراد غير القطريين الأصل (المُجنّسين) العاملين والقانطين فى قطر لا يتوقف, وبرغم نداءات الاستغاثة منهم ومن ذويهم وبرغم تقارير المنظمات والمراكز والمؤسسات الحقوقية الإقليمية والدوليةحتى الدول العربية المجاورة, (حيث قدمت دولة الإمارات منذ بضعة أشهر شكوى إلى لجنة القضاء على التمييز العنصرى فى جينيف, تتهم فيها النظام القطرى ببمارسات عنصرية متطرفة تتنافى مع المواثيق الدولية),إلا أن النظام السياسى القطرى يتجاهل دوماً ولا يأبه إلا بمواصلة تنفيذ سياساته العنصرية ونهج التمييز المتقن, لاستنزاف كل ما هو غير قطرى داخل الأراضى القطرية.