نساء داعش في مخيم الهول .. قنابل موقوتة
“السجون، السجون، يجب أن تبذلوا كل جهودكم لإنقاذ إخوانكم وأخواتكم وكسر الجدران التي تسجنهم“، بهذه العبارات حث زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي أنصاره بإعادة تنظيم صفوفه مرة أخرى، واستهداف المحققين والقضاة، وكسر السجون. حيث يقبع نحو سبعين ألف شخص من بقايا تنظيم “داعش”، معظمهم من النساء والأطفال، بمخيم الهول للنازحين شرق الحسكة في شمال شرقي سوريا.
في مخيمات اللاجئين لا يفارق التطرف نساء “داعش”. حيث نساء بملامح أوروبية وروسية وآسيوية يطلق عليهم “نخبة المهاجرات”، يعقدن محاكمة لامرأة، ويحكمن عليها بالقتل، ليشهد المخيم بعد ذلك حالة من العصيان المدني، بعد قتلها وجرح 6 نساء أخريات. ولم تستطع القوات الأمنية التي تحاصر المخيم السيطرة على الوضع. من جهة أخرى حاولت “نساء النخبة المهاجرات” الهجوم على منظمة أطباء بلا حدود وعمدوا إلى حرق أحد المركبات التي كانت تتواجد بالقرب منها وحرق النقطة الطبية والتي كان يتواجد بها ما يقرب من 30 طبيباً وممرضاً.
واستكمالاً لسلسلة جرائم نساء داعش بمخيم الهول، حاولت امرأتان داعشيتان اغتيال لاجئ عراقي يبلغ من العمر ستة وعشرين عاماً، وذلك بالتسلل إلى خيمته، وطعنه بأداة حادة. إلا أنه تعرض لإصابة بالغة بعد عراك معهما. وتُعد هذه المحاولة الثالثة من نوعها في استهداف اللاجئين العراقيين الشباب، حيث قُتل في الثاني عشر من سبتمبر شاب عراقي على يد نساء داعش، وأُصيب آخر. كما أقدمت إمراه من “نساء المهاجرات” على طعن أحد قوات الأمن الكردية المسيطرة على المخيم الواقع.
داعش يمنح النساء دوراً عملياتياً أكبر
بعد القضاء على تنظيم داعش في آخر معاقله بمدينة الباغوز في ريف دير الزور شرقي سوريا، واستسلام مقاتلي التنظيم، تم نقل النساء (والأطفال) إلى مخيم الهول للاجئين بمدينة الحسكة تمهيدا للبت في أمرهن ومحاكمة من يثبت تورطهن بارتكاب جرائم إرهابية وتقرير مصير الأخريات وخاصة من يطلق عليهن “المهاجرات”. ورغم هزيمة التنظيم واعتقال ومقتل أغلب أعضائه، إلا أن الكثيرات من “الداعشيات” المعتقلات في مخيم الهول بسوريا لا تظهر عليهن علامات الندم، بل تحاول بعضهن تنشئة أطفالهن كـ “قنابل موقوتة”.
فهن غير نادمات ولا مستسلمات، وما زالن على تشددهن، وينتظرن الوقت المناسب للعودة من جديد: “عائدون إليها قريباً والفتوحات آتية ونحن ننتظر نصراً من الله“، بصوت جهوري قوي، قالت الجملة السابقة امرأة مكسوة بزي أسود، بعد أن نجت من معركة الباغوز، وهي زوجة عنصر من تنظيم داعش، وأضافت أن زعيم داعش أبو بكر البغدادي “أعطاهم الأمر بخروج جميع النساء من الباغوز من أجل أن يأتوا أزواجهم لاحقاً ليحكموا شرع الله فينا ومن أجل أن يلتفت الرجال للقتال وإقامة الخلافة”. ويذكر أن نساء داعش المهاجرات، فصلن عن بقية المتواجدين في مخيم الهول، بسبب الخلافات التي حصلت بينهن وبين سائر الداعشيات أو قاطني المخيم، وقد وضعت نساء الدواعش الأجانب حصراً ضمن مجموعة منفصلة ضمن المخيم تحت مراقبة أمنية مشددة. ولا يجوز للـ”مهاجرات” التنقل دون مرافقة أمنية.
وما بين أبريل 2013 ويونيو 2018، انضمت نساء من 51 دولة مختلفة حول العالم إلى تنظيم داعش في سوريا والعراق. لم يسمح التنظيم إلا لعدد قليل من النساء أن يحملن السلاح بسبب “تحريم الاختلاط”، ومع ذلك، ظلت النساء عنصرًا أساسيًا في العمل كطبيبات، وكجامعات تبرعات، وكداعيات، وفي الشرطة الدينية. ومع انهيار الخلافة في سوريا والعراق، بدأت نساء داعش بلعب دورٍ أكبر في العمليات العسكرية والهجومية، أكثر مما سمح به التنظيم لهن من قبل. ليتنامى دورهن ويشمل عمليات التخطيط والتنفيذ العسكريين
ووفقاً للتقرير الصادر عن لجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (فبراير 2019)، يقدر عدد النساء المنضمة لتنظيم داعش بنحو 4761 سيدة، ما يعادل (13%) من عدد أولئك الذين سافروا إلى العراق وسوريا.
غير أنه كانت هناك بعض الاختلافات الإقليمية الملحوظة؛ حيث أسهمت منطقة شرق آسيا بالنسبة الأعلى (35%)، وتلتها أوروبا الشرقية (23%)، وأوروبا الغربية (17%)، والأمريكتان وأستراليا ونيوزيلندا (17%)، وآسيا الوسطى (13%)، وجنوب شرق آسيا (13%)، وجنوب آسيا (12%)، والشرق الأوسط وشمال إفريقيا (6%)، وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (أقل من 1%). نسبة كبيرة من هؤلاء النساء حاصلات على دبلوم المدارس الثانوية العليا، مما ينفي وجود علاقة سببية مباشرة بين الإرهاب وانخفاض مستوى التعليم كما هو متعارف عليه، وهن من جميع الأعمار؛ مما يتناقض مع الصورة النمطية للشابات اللائي يتم اصطيادهن للانضمام إلى التنظيم الإرهابي عبر الإنترنت، كما هي الحال في معظم حالات الأجنبيات اللائي انضممن إلى “داعش”.