أفريقيا

روسيا تعزز وجودها في القارة السمراء وتصبح موردا رئيسيا للسلاح افريقيا

عززت روسيا من وجودها في إفريقيا بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية. إذ وقعت اتفاقيات جديدة مع العديد من البلدان هناك، بما في ذلك التعاون في مجال التكنولوجيا العسكرية والأمن ومكافحة الإرهاب. وذلك في إطار سعيها لتعزيز علاقاتها الودية التقليدية مع شركائها الأفارقة.

وترى روسيا أن انسحابها من إفريقيا في أوائل التسعينيات كان بمثابة خطأ استراتيجي وأنه حان الوقت لإحياء الروابط القديمة وإعادة بنائها وفق المعطيات والمتطلبات الجديدة.

وتلقى السياسة الروسية في أفريقيا قبولا من قبل الدول الأفريقية لأنها تختلف بشكل كبير عن سياسة الصين أو الولايات المتحدة. فروسيا تحترم سيادة القانون وتلتزم بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين. ولم يكن لدى روسيا مستعمرات في إفريقيا، وعمل الاتحاد السوفيتي بنشاط من أجل إنهاء الاستعمار داخل القارة. وبالتالي يشكل هذا النهج الإنساني للتعاون المتبادل القائم على المنفعة مع البلدان الأفريقية أساس السياسة الروسية.

ويرى البعض أن اعتبارات المصلحة المتبادلة والمنافسة مع الغرب باتت هي الغالبة على تحركات موسكو إزاء أفريقيا خلال المرحلة الراهنة ، فيما تركز موسكو على إعادة إحياء علاقاتها في المقام الأول مع حلفاء الاتحاد السوفيتي السابقين في إفريقيا، وفى هذا الصدد تأتي دعوة روسيا إلى إقامة ” قمة روسية – إفريقية ” خريف العام الجاري كخطوة مهمة على طريق تعزيز التعاون الروسي الإفريقي المشترك، والتي من المقرر عقدها في سوتشي أكتوبر المقبل.

وتستطيع روسيا تقديم الدعم السياسي والتكنولوجي والمساعدة في حفظ السلام والأمن، وتعزيز الاستخدام السلمي للطاقة النووية وتعزيز العلاقات الثقافية مع البلدان الأفريقية.

إفريقيا كسوق للسلاح الروسي

لطالما كانت روسيا أحد المزودين الرئيسيين للقارة الإفريقية بالأسلحة. فخلال الحرب الباردة، اشترت العديد من منظمات التحرر المسلحة والدول الإفريقية (وبينها أنجولا وموزمبيق وزيمبابوي وزامبيا وغينيا) معدات حربية من روسيا. ومؤخرا عقدت روسيا بعقد صفقات أسلحة مع أنجولا، كما أن الجزائر وتنزانيا والصومال ومالي والسودان وليبيا جميعها اشترت الأسلحة من روسيا. كما يقدم الروس التدريب والدعم العسكري لعدد من بلدان القارة السمراء.

روسيا التي تعد ثاني أكبر مصدر للأسلحة على مستوى العالم، باتت هي المورد رئيسي للدول الأفريقية. على مدار العقدين الماضيين، أقامت علاقات عسكرية مع مختلف البلدان الأفريقية، كما توفر أحذية على الأرض في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام. إذ إن الصين وروسيا من أكثر الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مساهمة بقوات حفظ سلام في أفريقيا.

أبرز الدول الأفريقية التي تتلقى دعما عسكريا من روسيا

على مدار السنوات الأخيرة، سعت روسيا من مبيعات السلاح، من حيث عدد الدول الإفريقية التي بيعت لها تلك الصفقات، أو من حيث نوعية الأسلحة والمعدّات العسكرية، وفقاً لتقرير لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي حصلت الدول الأفريقية على ما نسبته 13% من مبيعات الأسلحة الروسية خلال عام 2017.

وسهّلت شروط الدفع البديلة، للراغبين في شراء الأسلحة والعتاد العسكري الروسي في القارة الإفريقية، فالكثير من الدول الإفريقية لا تملك المال للشراء لذلك، وجدت في الشروط الروسية بديلا للشروط الغربية المجحفة. ومن هذه الشروط مثلا عقد اتفاقيات مشتركة في قطاعات صناعة الأسماك والمناجم والنفط، وامتيازات حصرية لاستغلال موارد طبيعية في الدول الأفريقية وتوريد منتجات تقليدية كالأحجار الثمينة والقطن والبن.

ومن أبرز الدول التى تتلقى دعما عسكريا من روسيا هي:

  • زيمبابوي

في عام 2018 وبعد أن وضعت الصين صواريخ أرض جو في زيمبابوي، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن بلاده تسعى إلى التعاون العسكري مع زيمبابوي. وهذا ما أكد عليه الرئيس الزيمبابوي إيمرسون منانجاجوا إذ أوضح أن بلاده قد تحتاج إلى مساعدة روسيا في تحديث قواتها الدفاعية.

  • الجزائر

تشترى الجزائر نسبة لا تقل عن 80 في المائة من مبيعات السلاح الروسي للدول الإفريقية سنويا. وتظل روسيا المصدر الأول للجزائر بشأن المعدات الحربية منذ 24 عاماً، تستورد الجزائر من موسكو منظومات الدفاع الجوي الأكثر تطورًا من نوع Pantsir – S1 ) الشكل رقم 1).

(الشكل رقم 1 منظومة الدفاع الجوي الروسية من نوع Pantsir – S1)

ومن أهم التجهيزات العسكرية الروسية المصدرة للجزائر، نجد الدبابة القتالية T 90 SM (الشكل رقم 2)، والطائرات العمودية الهجومية من نوع Мi-28NE (الشكل رقم 3)، ومروحيات للنقل التكتيكي الثقيل صنف Mi-26T2 ( الشكل رقم 4).

(الشكل رقم 2 الدبابة القتالية الروسية T 90 SM)

(الشكل رقم 3 – طائرات عمودية هجومية روسية من نوع ” Мi-28NE”)

(الشكل رقم 4 – مروحيات للنقل التكتيكي الثقيل صنف ” Mi-26T2″  روسية الصنع )

  • الكاميرون

تقوم روسيا بإرسال الأسلحة إلى الكاميرون لدعم جيشها النظامي في حربها ضد جماعة “بوكو حرام” المسلحة.

  • جمهورية أفريقيا الوسطي

قدمت روسيا، أسلحة للجيش في جمهورية إفريقيا الوسطى بعدما حصلت على تخويل من الأمم المتحدة للقيام بذلك.

  • بوركينا فاسو

وفى العام 2018 باعت روسيا لبوركينا فاسو مروحيات وعربات مدرعة وراجمات صاروخية من الإنتاج الروسي المتقدم. كما قدمت موسكو سلاحا وخبرة تدريبية لقوات مكافحة الإرهاب

  • إثيوبيا

خلال زيارة وزير الخارجية الروسي إلى إثيوبيا (مارس 2018) كُشف عن اتّفاق لبناء محطة نووية.

  • جنوب إفريقيا

جنوب إفريقيا مهتمة بالتطوير والإنتاج المشتركين للأسلحة والمعدات العسكرية. وهي واحدة من الشركاء الرئيسيين لروسيا في القارة الأفريقية. لذلك، تهتم الدولتان ببناء علاقات متوازنة في المجال العسكري التقني. كما يوجد في جنوب إفريقيا مجمع صناعي عسكري مطور بما فيه الكفاية، يقوم على أحدث التقنيات الإنتاجية العسكرية الحديثة.

  • رواندا

وتُظهر رواندا اهتمامًا معينًا بأنظمة الدفاع الجوي الروسية، بناءً على التهديدات الحالية لأمنها القومي.

كما تقدم موسكو لبلدان أخرى عديدة من جنوب الصحراء خدمات مماثلة في إطار اتفاقات للتعاون العسكري الفني أبرمتها معهم موسكو لتحديث جيوشهم وقواهم الأمنية.

حجم مبيعات روسيا الحالي للدول الأفريقية

في الفترة 2014-2018، شكلت روسيا 49 في المائة من إجمالي واردات الأسلحة إلى شمال أفريقيا. كما مثلت 28 في المائة من صادرات الأسلحة إلى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في الفترة 2014-18.

تتجاوز مبيعات السلاح الروسي للبلدان الأفريقية 3 مليارات دولار أمريكي. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، كانت هناك زيادة في اهتمام عدد من البلدان بتحديث الأسلحة السوفياتية. لذلك، نري أن حجم التعاون في المجال العسكري سيستمر.

 نوعية الأسلحة التي تُصدرها روسيا لأفريقيا؟

تستورد دول أفريقيا من روسيا طائرات الهليكوبتر وطائرات Sukhoi و MiG، و Pantsir – S1، و Kornet E anti-tank missile (الشكل رقم 5)، و Tor-M2E(الشكل رقم 6) هي الأكثر طلبًا في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وبشكل أساسي أيضا الدبابات وناقلات الجنود المدرعة والأسلحة الصغيرة.

anti-tank missile (الشكل رقم 5)

Tor-M2E(الشكل رقم 6)

وتزود روسيا الدول الأفريقية بشكل أساسي بالأسلحة والصواريخ والمدفعية والأسلحة الصغيرة ومعدات السيارات.

كما تُقدم مجموعة واسعة من معدات الرصد والمراقبة، بما في ذلك المركبات الجوية بدون طيار ومواقع الرادار المستخدمة في المقام الأول لحماية الحدود والمرافق الحيوية، والمركبات الأرضية والجوية لنقل وتسليم الوحدات ذات الأغراض الخاصة ومعداتها مطلوبة بشدة في البلدان الأفريقية. على وجه الخصوص، وناقلات الجنود المدرعة BTR-80A(الشكل رقم 7) ،و BTR-82A ( الشكل رقم 8)،و TIGR GAZ-2330 المركبات المدرعة ذات العجلات (الشكل رقم9) ، بالإضافة إلى طائرات النقل / الهجوم MI35M( الشكل رقم 10) وطائرات النقل العسكرية Mil Mi-17 (الشكل رقم11). ودبابات T-72 (الشكل رقم 12)، ودبابات T-92 (الشكل رقم 13).

ناقلات الجنود المدرعة BTR-80A(الشكل رقم 7)

BTR-82A (الشكل رقم 8)

TIGR GAZ-2330 المركبات المدرعة ذات العجلات (الشكل رقم9)

Mi35M (الشكل رقم 10)

Mil Mi-17 (الشكل رقم11)

دبابات T-72 (الشكل رقم 12)

دبابات T-92 (الشكل رقم 13)

في الوقت الحاضر، يتم تسليح جزء كبير من البلدان الأفريقية بدبابات T-72، وقد تم تشغيلها لفترة طويلة. في الوقت نفسه يهتم العديد من الشركاء بالحصول على دفعات إضافية من هذه الدبابات.

إن دبابات T-92تلقي رواجاً من قبل بعض الدول الأفريقية الذين يفضلون خصائصها التقنية والتشغيلية العالية.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأسلحة الصغيرة الروسية والأسلحة القتالية والأسلحة والمعدات ذات الأغراض الخاصة والأجهزة التقنية الخاصة تحظى باهتمام كبير في إفريقيا.

     التعاون العسكري والفني

في السنوات الأخيرة، وقعت روسيا اتفاقات بشأن التعاون العسكري والتقني والتعاون الأمني ومكافحة الإرهاب مع عدد من البلدان الأفريقية.

ومنذ سبتمبر 2018، تتعاون روسيا في المجال العسكري والتقني مع أكثر من 40 دولة في أفريقيا. وهناك العديد من المتخصصين المدربين في الاتحاد السوفيتي وروسيا يخدمون في جيوش الدول الأفريقية. ولهذا السبب، تهتم العديد من الدول الأفريقية بتجديد وتحديث المعدات العسكرية الروسية والسوفيتية الموجودة. وتقدم روسيا جميع أنواع المساعدة في هذا المجال، وتساعد أيضًا في تدريب الموظفين على تشغيل المعدات.

ويتلقى الأفراد الأفارقة تدريبات في المؤسسات التعليمية الروسية تحت مظلة وزارة الدفاع والأجهزة الأمنية، وكجزء من مهام حفظ السلام. يتم دفع برامج التدريب بالكامل من الميزانية الروسية.

وبالنظر إلى الكم الكبير من الأسلحة والمعدات العسكرية الروسية المُصدرة للدول الأفريقية، فهناك ضرورة لأهمية إنشاء وتشغيل مراكز لصيانتها وإصلاحها. ولذلك نري أن روسيا ربما تخطط في المستقبل في لافتتاح مراكز جديدة لصيانة الأسلحة في أفريقيا.

كاتب

أحمد السيد

باحث أول بوحدة الدراسات الأسيوية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى