الصحافة المصرية

شهداء مذبحة كرداسة ..في ذاكرة الأمة

في صباح يوم الرابع عشر من أغسطس عام 2013 وبالتزامن مع فض اعتصامي رابعة العدوية وميدان النهضة، قامت معركة أبطالها من أنبل ما أنجبت مصر، ضباط قسم شرطة كرداسة، وهو قسم في وسط منطقة عُرف عنها أنها بؤرة من أهم بؤر أعضاء جماعة الإخوان.
وقد تم اقتحام القسم من قبل عناصر إرهابية مدربة على أعلى مستوى، وبدأوا في مناوشات مع ضباط القسم، وبعدها أطلقوا نار بشكل مكثف على الضباط، وتطور الأمر إلى إطلاق أسلحة ثقيلة لا تستخدم إلا في الحروب.

وحاصر الإرهابيون قسم الشرطة، لمدة 5 ساعات، وحاول أفراد الشرطة فض التجمهر، ولكن بدأت العناصر في استخدام سلاح آر بي جي، واقتحموا القسم  واعتدوا على الضباط ، إلى أن أخرجوهم من القسم وانهالوا عليهم بالأسلحة البيضاء، ومثلوا بجثثهم ببشاعة.

 كما التقطوا مقاطع فيديو بهواتفهم المحمولة ترصد عملية التعذيب والقتل، ثم أشعلوا النيران بمبنى المركز وفروا هاربين بعد أن استولوا  على الأسلحة الخاصة بضباط الشرطة الموجودة بالمركز.
وكان الغرض من ذلك الاقتحام، والجريمة البشعة تلك، هو الانتقام من رجال الشرطة، بعد فض اعتصام رابعة العدوية، وميدان النهضة، وأسفر عنه استشهاد 14 ضابطا وفرد شرطة من قوة المركز، من بينهم مأمور القسم ونائبه.

العدالة تقتص للشهداء

لم تهدأ أجهزة الأمن حتى ثأرت لهؤلاء الأبطال، حيث شنت وزارة الداخلية حملة امنية من ضباط العمليات الخاصة وقوات الأمن المركزي، في شهر سبتمبر من نفس عام الحادث، واقتحمت منطقة كرداسة، وفرضت قوات الامن سيطرتها على المنطقة، وذلك بعد تبادل إطلاق النار بين القوات والعناصر الإرهابية المتغلغلة في منطقة كرداسة، وتم القبض على عدد من متورطين في اقتحام المركز وارتكاب نلك المجزرة.

وحققت النيابة العامة مع المتهمين، وتمت إحالة 188 متهما للمحاكمة الجنائية، بقرار من النائب العام، حيث وجهت لهم تهم الاشتراك مع آخرين مجهولين، في ارتكاب جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.

 كما أُسندت إليهم تهمة إتلاف مبنى القسم، وحرق عدد من سيارات ومدرعات الشرطة، وحيازة الأسلحة النارية الثقيلة من قبل النيابة.

وفي ديسمبر 2014، أصدرت محكمة جنايات الجيزة حكما إعدام 149 متهما حضوريا و34 غيابيا وسجن حدث 10 سنوات، ولكن طعن المتهمون في الحكم، وقبلت محكمة النقض الطعن المقدم من 149 متهما، في فبراير 2016، وإعادة محاكمتهم مرة أخرى أمام دائر قضائية مغايرة.

وحكمت الدائرة الثانية برئاسة المستشار محمد شرين فهمي، في يوليو 2017، السجن المؤبد لـ80متهمًا، والسجن المشدد 15 عاما لـ34 متهما، والسجن 10 سنوات لطفل، وبراءة 21 متهما، كما قضت المحكمة بالإعدام شنقا لـ20 متهما.

وتقدم المتهمون بالطعن مرة، ولكن رفضت محكمة النقض الطعن المقدم، وأصدر الحكم النهائي في القضية يوم 24 سبتمبر 2018، بتأييد الحكم الصادر ضدهم من محكمة جنايات القاهرة.

شهداء كرداسة  

“لن نخرج من هنا إلا على نعوش الموت” هذا ما كان يكرره الأبطال أثناء اقتحام مركز الشرطة من قبل العناصر الإرهابية، وصمدوا دفاعا عن القسم، ومازالت سيرتهم قصصا يُحتذى بها حتى الآن .

وكان مأمور مركز الشرطة اللواء محمد جبر، أول المدافعين عن المركز. “أصل حياة الناس مسئولة مننا وإحنا بنعمل عشان نرضى ربنا” كان دائما مرددا لهذه الجملة، وكان من المقرر أن يغادر مركز شرطة لاستلام منصب مساعد مدير الأمن خلال أيام، إلا إن اندلاع الأحداث أخر وجوده بالمركز، فاستشهد بداخله، قبل أن يتركه.
وكان معروفا عنه إخلاصه الشديد في العمل، دائم الاستماع لشكوى المواطنين، وصدق في وعده عندما قال “لن أترك المركز ولن أخرج منه إلا وأنا على نعش الموت، “هاقول لربنا يوم القيامة إني سيبت مكاني عشان خوفت على حياتي لا والله”.

أما النقيب هشام شتا، فكان من الضباط المبتدئين في المركز، وكان يرفض   إغلاق القضايا، إلا إذا تأكد من ثبوت جميع أدلة الاتهام على المتهم، أما المخبر السري بالمركز تامر سعيد، والذي لم يتسن له الوقت أن يفرح بمولوده ذو السبعة أيام آنذاك، رفض أن يغادره وانضم إلى الضباط والأفراد للدفاع عنه، إلى أن تم سحله وطعنه بآلات حادة حتى غادر الحياة.

العديد و العديد من قصص هؤلاء الشهداء الأبطال، والذين استمروا على كونهم رمزا للبطولة والصمود وحب الوطن، وتظل مصر في إنجاب مثل هؤلاء الأبطال الذين يفدون بها حياتهم.

كاتب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى