الصحافة المصرية

تطور المشاركة المصرية في أعمال الأمم المتحدة منذ 2014

تأتي مشاركة الدولة المصرية في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 74، لتكون المشاركة المصرية السادسة منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر عام 2014، ويمكن وصف المشاركات المصرية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في كل دورة باعتبارها مؤشرا لتغير الدور المصري الإقليمي والدولي، وطبيعة الأوضاع التي تمر بها المنطقة، والتي يمكن وصفها من خلال تطور صيغة الخطابات الرئاسية أمام أعمال الجمعية، في إطار سياسة مصرية واضحة تجاه القضايا الحيوية في المنطقة وإفريقيا إلى جانب القضايا الدولية الشائكة.
ويمكن تناول ترتيب أهم القضايا الدولية والاقليمية على أجندة الدولة المصرية من خلال الخطابات التي ألقاها الرئيس السيسي أثناء المشاركات الخمس السابقة والمتمثلة في:

أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الـ 69 سبتمبر 2014

، وعقدت تحت عنوان “صياغة وتنفيذ خطة للتنمية لما بعد عام 2015” :
 وتعد هذه الجلسة هي الأول عقب ثورة يونيو 2014، وبالتالي ظهرت الحاجة للتأكيد على إرادة الشعب المصري في تحديد مصيره، وثورته ضد الفساد وضد كل من يعبث بمقدرات الشعب الثقافية والتاريخية، واستغلال الدين، لخلق حالة دولية تتفق وإرادة الشعب وإيضاح الصورة في العالم لحقيقة ما حدث في مصر، وذلك من خلال التأكيد على مبادئ تحقيق الحرية والعدل،وتحقيق خارطة الطريق المصرية والتي ستكتمل بالاستحقاق البرلماني، وتفعيل مبدأ الفصل بين السلطات، ووضع برنامج شامل لتحقيق التنمية حتى عام 2030، والإشارة إلى خطر الإرهاب من خلال التخفي في رداء الإسلام تحت مسمى الإسلام السياسي.
وعلى الصعيد الإقليمي، تم تناول كيفية تحسين الأوضاع في العراق، وتحقيق الاستقرار في ليبيا من دعم إقامة الدولة الوطنية، وحل القضية الفلسطينية القائمة على أساس إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

المشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الـ 70 سبتمر 2015


وجاءت المشاركة في إطار دعم صورة مصر الخارجية والإشارة إلى الإنجازات التي حققتها الدولة المصرية والمتمثلة في الانجازات الاقتصادية المصرية في مجالات التنمية بالإشارة إلى افتتاح قناة السويس الجديدة، والوصول إلى الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق، ومكافحة التطرف والإرهاب من خلال استغلال طاقات الشباب، والتأكيد على عدم ربط الدين بالإرهاب ونبذ الفكر الإسلامي المعتدل لقضايا التطرف، ودور التعاون الدولي في مواجهته.
وعلى الجانب الإقليمي، تمت مناقشة قضايا الشرق الأوسط والمنطقة وإفريقيا والمتمثلة في التطرف في ليبيا والذي نتج عنه قتل مجموعة من المصريين على شواطئ ليبيا، للإشارة إلى معاناة مصر من تدهور الأوضاع في الدول المجاورة مما يعطي لها الحق في الوقوف بجانب الدولة الشقيقة، ويأتي دور مصر لدعم جهود الأمم المتحدة، وفيما يخص سوريا فتم التأكيد على معاناتها في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة، وأطماع أطراف إقليمية مكشوفة، ودعم مصر لليمن السياسي والعسكري ومشاركتها ضمن ائتلاف الدول الداعمة للحكومة الشرعية، وتحقيق الاستقرار للشعب العراقي. والتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
وتمت مناقشة الأزمات الدولية خلال هذه الأعمال من قبل الدولة المصرية والمتمثلة في مناقشة تفاقم أزمة اللاجئين الفارين من ويلات النزاعات المسلحة، واستضافة مصر أعدادا متزايدة من اللاجئين

المشاركة المصرية في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الـ71، سبتمبر 2016


جاءت المشاركة المصرية في أعمال هذه الدورة بشكل أكثر تشعباً، والمناداة بالدعم الدولي من خلال الدر الرائد لمصر في المنطقة، والعمل على مشاركة المجتمع الدولي في تحقيق أعمال التنمية داخل الدول النامية، فتمت الإشارة على المستوى الداخلي من خلال الإشارة إلى دور الدولة المصرية في ضمان تحقيق التوازن بين أبعاد التنمية المستدامة خاصة فيما يتصل بفاعلية شبكات الحماية الاجتماعية وتعزيز الملكية الوطنية للتنمية، وذلك بالتأكيد على قيام مصر بتحقيق التنمية المستدامة بأبعادها البيئية والاقتصادية والاجتماعية باعتماد أجندة التنمية 2030 ووثيقة أديس ابابا لتمويل التنمية العام الماضي، تماشياً مع رؤية الأمم المتحدة لتحقيق التنمية المستدامة.
وعلى الصعيد الإقليمي، ثم التأكيد على دعم الدول النامية، والعمل على تقليل الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية، من خلال مواجه التحديات ومحاربة الفقر ودعمها من خلال نسب حصولها من التجارة الدولية ونقل التكنولوجيا وكذلك تدفق للاستثمارات ومعالجة المديونية.
وعلى الصعيد الدولي، تمت الإشارة للقضايا الدولية كتغير المناخ باعتبار مصر منسق مجموعة رؤساء الأفارقة لتغير المناخ، والالتزام بالقواعد الدولية.
كما عملت هذه المشاركة على تفعيل دور مصر في المنطقة باعتبارها ركيزة لإحداث التغير في المنطقة ودورها الفاعل في المنطقة، فعمدت المشاركة على التركيز على دعوة المجتمع الدولي لإدراك دور مصر كركيزة أساسية لاستقرار الشرق الأوسط، والتنديد بالنزاعات الدامية في سوريا والتي خلقت أزمة اللاجئين، إلى جانب دور مصر في احتوائهم ودور مصر في القضية الفلسطينية، ودور مصر النشط لجمع الفرقاء الليبيين ودعم تنفيذ اتفاق الصخيرات وإقامة حكومة شرعية في اليمن، وعلى المستوى الإفريقي تمت التأكيد على أن تولي مصر رئاسة مجلس السلم والأمن الافريقي تحرص على تعميق التعاون بين الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، والمطالية بتوفير الدعم للحكومة الصومالية من أجل اتمام الاستحقاقات الانتخابية خلال تلك الفترة، ودعم كافة الأطراف البوروندية من تعزيز الحوار السياسي السلمي، والمطلبة بالعمل في إطار حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية لجنوب السودان بشكل يعيد الاستقرار الى جوبا


المشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الـ 72 في 19 سبتمبر 2017


وجاءت هذه المشاركة باعتبار مصر عضو غير دائم في مجلس الأمن، وعليه تمت الإشارة إلى الشراكة المصرية الأممية من انتخاب مصر عضواً بمجلس الأمن لست مرات، كما تُعد سابع أكبر مساهم في عمليات حفظ السلام الأممية في هذه الُناء على مستوى العالم.
وباعتبار مصر عضو في مجلس الأمن، يجدر الإشارة إلى الإصلاحات المصرية، وتأثير الوضع العالمي على مصر وبما قامت به الدولة بوضع استراتيجية تنموية طموحة، تقوم على إصلاحات اقتصادية تهدف لتمكين الشباب، إلى جانب إبراز دور مصر في مكافحة الإرهاب، وعدم الكيل بمكيالين في محاربة الإرهاب والتسامح مع داعميه، وتصويب المفاهيم الخاطئة المغذية للفكر الإرهابي.
وعلى صعيد القضايا العربية والإفريقية، تمت الإشارة إلى انتشار الحروب الأهلية في المنطقة العربية باعتبارها أصبحت الأكثر تعرضاً لخطر الإرهاب، والتي نتج عنها قضية اللاجئين، والتمسك بمشروع الدولة الوطنية الحديثة في ليبيا وسوريا والعراق واليمن، ودعم القضية الفلسطينية، وفيما يخص قضية سد النهضة تمت الدعوة إلى احترام مبادئ القانون الدولي، والتفاوض على أسس المبادئ القانونية والتاريخية والأخلاقية، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شئونها، لخلق تأييد للموقف المصري في تلك القضايا بما يحقق المصالح المشتركة.
واهتمت المشاركة المصرية بالقضايا ذات الاهتمام الدولي، وذلك باعتبار ما تتعرض له أقلية “الروهينجا” في ميانمار مأساة إنسانية، والدعوة للعمل على سرعة إيجاد حل دائم، يُنهى معاناة المدنيين، والتأكيد على حق الشعوب في السلام العادل والتنمية في ظل منظومة دولية عادلة ومواجهة التحديات التي تواجه العالم كتغير المناخ والكوارث الطبيعية والأمراض والأوبئة، والحروب، والإرهاب، والتفاوت في توزيع الموارد، وفرص النمو، وثماره، والتأكيد على دور الأمم المتحدة في تحقيق التقدم العلمي والاقتصادي وثورة الاتصالات ونزع السلاح النووي.

المشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الـ 73 في سبتمبر 2018


تم الاتفاق على أن يكون موضوع الجلسة هي ‬”جعل الأمم المتحدة وثيقة الصلة والأهمية للجميع: القيادة العالمية والمسئوليات المشتركة لتهيئة مجتمعات يسودها السلام والتكافؤ”.
وتمت الإشارة خلال أعمال هذه الجلسة على الدور المصري الذي يتفق ورؤى الأمم المتحدة تجاه القضايا الدولية والإقليمية، وتوضيح السساية المصرية الراسخة التي تقوم على مبدأ الحفاظ على سيادة الدول، ونبذ العنف والتطرف وتحقيق التنمية المستدامة، ونشر ثقافة السلام، والتي أكدت مصر عليها خلال الفترات الست التي انتخبت فيها مصر لعضوية مجلس الأمن الدولي، وآخرها عاما 2016 و2017، واسهامات مصر في هذا الملف.
على الصعيد الداخلي للدولة المصرية، تمت الغشارة غلى دور مصر في مجال حقوق الإنسان من خلال تمكين المرأة لتحقيق المساواة بين الجنسين، وتمكين الشباب في إطار اجندة مصر 2030 والتي تتفق وأهداف الأمم المتحدة الإنمائية.
وعلى الصعيد الإقليمي في المنطقتين العربية والإفريقية، المناداة بحق الشعب الفلسطيني بالحصول على حقه وتقرير مصيره، والمطالبة بتفعيل القانون الدولي القائم على المساواة، واستعادة وحدة الدول الوطنية المفككة من النزاعات الطائفية والأهلية والتي تتعرض له المنطقة العربية واعتبار استعادة دور الدولة الوطنية هو الحل لاستعادة الدول من خطر الإرهاب والتدخلات الخارجية في اليمن وسوريا، وكذلك في ليبيا وتوحيد المؤسسة العسكرية لإجراء معالجة شاملة في الدول الثلاث، والحلول السلمية في جنوب السودان وإفريقيا الوسطى ومالي، وإعادة بناء الدول، وتمت الإشارة للقضية الفلسطينية والذي يضمن إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
والإشارة إلى  تعزيز الشراكة بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية، بالإشارة إلى التجربة الناجحة للشراكة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، في ظل اقتراب تولي مصر رئاسة الاتحاد الإفريقي.

وتأتي المشاركة المصرية السادسة خلال أعمال الدورة ال 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة في ظل رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي، وفي ظل تطورات الاوضاع الدولية والاقليمية والتغيرات اقتصادية وتنموية وقارية من ناحية، وتنموية داخل الدولة المصرية من ناحية اخرى؛ مما سيخلق حالة جديدة نحو القضايا التي سيتم تناولها خاصة في ظل العلاقات الجيدة بين مصر والولايات المتحدة والتي ظهرت في اللقاءات الثنايية الرئاسية بين الرئيس السيسي والرئيس ترامب، كما من المتوقع أن تشهد الزيارة لقاءات على هامش أعمال الجلسة لدعم الاستثمار في مصر والقارة الإفريقية، وستشهد الجلسة دعم قيام الدول الوطنية من خلال المؤسسات المنتخبة لدعم اختيارات الشعوب، وجهود الدول في مكافحة الارهاب والحصول على تأييد المجتمع الدولي لوقف النزاعات والعمل على إعادة إعمار الدول، للانتقال من مرحلة مكافحة الإرهاب والنزاعات والذي يمثل خطراً على كافة أعضاء المجتمع الدولي إلى مرحلة التنمية والاستقرار للشعوب من خلال وقف التدخلات الخارجية لدعم الإرهاب خلال الخطة الشاملة التي تدعمها الدولة المصرية.

كاتب

رحمة حسن

باحثة بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى