الصحافة المصرية

المتحف المصري الكبير.. هرم مصر الرابع

بدا “حلما” متعثرًا، منذ 2002، حين تم التخطيط لإنشاء صرح أثري ثقافي علمي يضم فنون الحضارة المصرية القديمة وآثارها وعلومها، فيصبح قبلة الباحثين والمحبين لتلك الحضارة من كل أنحاء العالم، لمعرفة تاريخ وحضارة مصر، إلا أنه لم يتحول إلى “واقع” إلا في خلال الثلاث سنوات الأخيرة، حين قررت مصر أن تهدي الإنسانية والعالم أجمع، أكبر مشروع حضاري وثقافي عالمي يتم تنفيذه في الوقت الراهن ليكون بمثابة “بوابة عبر الزمن” لتتلاقى حضارة ٥۰۰۰ عام مع الحضارة الحديثة.

ليس متحفا فقط.. بل صرح ثقافي وسياحي

في موقع متميز على الهضبة الواقعة بين الأهرامات والقاهرة الحديثة، تم انشاء هذا الصرح العظيم، ليتيح الفرصة لزائريه لمشاهدة أهرامات الجيزة الثلاث، من خلال واجهة زجاجية مبهرة، على مساحة 500.000 متر مربع، سمحت له بضم نحو ۱۰۰ ألف قطعة أثرية، يصل وزن بعضهم إلى 38 طنا، ومنهم ما يُعرض لأول مرة.

ليس هذا كل شيء، فهذا الصرح الكبير يضم أيضًا مركزا للبحث العلمي، ومركزا لصيانة وترميم الآثار، ومركزا للمؤتمرات، ومركزا للأبحاث، ومركزا لتعليم الحرف التراثية والفنون التقليدية، ومكتبة متخصصة في علم المصريات، وسينما حديثة ثلاثية الأبعاد، وعددا من المحال التجارية، ومتحفا للأطفال يضم 250 مقعدا، وفروعا للبنوك، فضلا عن المطاعم والساحات المكشوفة التي تصلح لإقامة الفعاليات الثقافية والترفيهية.

كما يمكن للمتحف أن يستوعب حتى 15 ألف سائح في اليوم، بما يصل 7 ملايين زائر في العام الواحد، ومن المتوقع أن يستقطب 5 ملايين زائر سنوياً.

فرص عمل وإمكانيات متطورة

بحسب تصريحات اللواء عاطف مفتاح المشرف العام على المتحف المصري الكبير، في حواره مع مجلة “الأهرام العربي” ذكر أن حائطا جداريا يحيط بالمبنى أو كما يسمي بـ “حائط الأهرامات”، يتجاوز 22 ألف متر، ويتكون من “سبعة أهرامات”، ورقم سبعة له مدلول نفسي وديني «سبع سماوات – ألوان الطيف السبعة».

فضلا عن تصميم الضلع الشمالي للحائط من الزجاج، ليكون نافذة إلى العالم تؤكد دور مصر الريادي باعتبارها منبع للحضارات، التي بدأت من الجنوب للشمال، ونقلها الغرب وقاموا بتطويرها.

وبحسب تصريحات الدكتور خالد العناني، وزير الاثار، فإن عدد فاترينات العرض الموجودة حاليًا بالمتحف تصل إلى 104 فاترينات، وجاري التعاقد مع إحدى الشركات الإنجليزية لضم 150 إلى 170 فاترينة عرض في القاعات الرئيسية، وأنه سيتم عرض القطع فقط التي تخدم سيناريو العرض المتحفي بأنسب طريقة لعرض الحضارة المصرية القديمة.

بالإضافة لاحتواء المتحف على ستة مخازن مصممة على أحدث التقنيات والطرق الحديثة، تستوعب أكثر من 50 ألف قطعة، كما أن الصرح بالكامل مصمم لمقاومة الزلازل والصواعق.

وبحسب تصريحات اللواء مفتاح، فإن إجمالي عدد المهندسين والعمال المشاركين الذين بدأوا تنفيذ أعمال الإنشاءات بالمتحف تجاوزت 10 ألاف فرصة عمل من عاملين ومهندسين وأسرهم، كما توافرت فرص غير مباشرة تتجاوز هذا الرقم بعشرة أضعاف، وأنه سوف يتوافر بعد الافتتاح فرص عمل لا تقل عن 2000 فرصة داخل المتحف، بالإضافة إلى الفرص التي تبنى على الأنشطة السياحية من خلال البازارات وتوفير فرص للعمالة البسيطة التي تستطيع تقديم الخدمات للزائرين من خلال التاكسيات والأتوبيسات السياحية التي سوف تحقق مكاسب أيضاً.

أبرز القطع الأثرية بالمتحف

يستقبل المتحف زواره من خلال “الدرج العظيم” أو “البهو الرئيسي” المقام بارتفاع 26 متر، أي ما يقارب ارتفاع عقار مكون من 9 أدوار، والذي يحتوي: “تمثال رمسيس الثاني وسنوسرت ورأس بسماتيك الأول، وعامود مرنبتاح، وبقية أكبر القطع الأثرية بالمتحف”.

فيما يبدأ العرض من عصور ما قبل التاريخ إلى العصر اليوناني الروماني، باستخدام أحدث التقنيات والتكنولوجيا الحديثة.

إلى جانب القاعة الخاصة لعرض المجموعة الكاملة لآثار الفرعون الذهبي، الملك توت عنخ آمون، التي ستعرض لأول مرة، كما عثر عليها هوارد كارتر عام ١٩٢٢.

تكلفة المشروع

ذكر اللواء مفتاح أن الهيئة الهندسية استطاعت تصميم دراسة جدوى جديدة، لتخفيض التكلفة التي تم اقتراحها في بداية المشروع من 1.6 مليار دولار إلى ما يقرب من 830 مليون دولار.

فيما تم توقيع بروتوكول تعاون بين الحكومة المصرية والحكومة اليابانية على إنشاء “المتحف المصري الكبير” من خلال قرض طويل الأجل بهامش ربح بسيط بقيمة حوالى 300 مليون دولار، على أن يقوم الجانب المصري باستكمال باقي قيمة المشروع من موازنة وزارة الثقافة، وبعد تكليف الهيئة الهندسية في فبراير 2016 تم التنسيق بين كل من “وزارة التعاون الدولي والخارجية والآثار” والجانب الياباني ممثلا في مؤسسة الجايكا على قرض إضافي قدرة 500 مليون دولار وذلك لعدم تحميل موازنة الدولة أعباء مالية، وقد تمت الموافقة على مبلغ 453 مليون دولار قيمة القرض الثاني، وتعديل نسبة المشاركة لتكون 70٪ تمويل أجنبي مقابل 30٪ تمويل محلى بعد إضافة قيمة الأرض.

ومن المقرر أن يشهد المتحف افتتاحًا تاريخيًا، يحضره أغلب رؤساء وزعماء العالم، في الربع الأخير من 2020، يتم عبرها عرض “أوبرا” لـ “توت عنخ أمون” والتي يتم تصميمها خصيصًا لأجل الحدث.

كاتب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى